استرجاع الهويّة الإسلامية شرط أساس لصنع القوة في مواجهة الأعداء

استرجاع الهويّة الإسلامية شرط أساس لصنع القوة في مواجهة الأعداء

استرجاع الهويّة الإسلامية شرط أساس
لصنع القوة في مواجهة الأعداء

 

ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:

الإيمان يرفد المؤمنين بالقوّة

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم} (الأنفال:60). وقال تعالى وهو يحدّثنا عن نماذج من المؤمنين المجاهدين، الذين عبّروا عن القوة الروحية المعنوية في مواجهة التحدي الكبير من قبل المشركين، ولاسيما في معركة "أُحد"، قال: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً ـ فالمشركون تجمّعوا بكلِّ أحلافهم وأحزابهم من أجل الحرب على الإسلام والمسلمين، وبأعداد كبيرة لا قِبَل لهم بها، وكانوا يريدون للمسلمين قبل بدء المعركة، أن يستشعروا الخوف أمام هذه الحملة، ولكنّ المسلمين تطلّعوا إلى ما يملكون من إيمانٍ بالله تعالى، وهم يعرفون أنّ القوَّة والعزَّة لله جميعاً، وأنهم يتحركون في خطِّ نصرة الله على أساس نصرة دينه ونصرة رسوله، وعلى أساس أنّ الله وعدهم بالنصر إن نصروه.

ولذلك، عندما استحضروا كل هذا الإيمان، وكل هذه الروح التي غرسها الإيمان في نفوسهم، تحوّلوا إلى قوة في الروح وقوة في الموقف، فكان ردّ فعلهم على كل هذا التخويف ـ وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ـ إذا كان الناس قد جمعوا لنا فنحن مع الله، والله هو نعم الوكيل الذي وكلنا إليه كل أمورنا وتوكلنا عليه ووثقنا به وسرنا مع كل خطه في مواجهة الشرك كله والاستكبار كله.

هكذا استمدّوا القوة الروحية عندما تحركوا في خط القوة العسكرية في المعركة، في مواجهة الأعداء الذين جمعوا لهم ـ فانقلبوا بنعمة من الله وفضلٍ ـ انتصروا عندما ثبتوا وواجهوا الموقف بالقوة المعنوية والروحية التي تكاملت مع القوة الجسدية والعسكرية، بحيث أفاض الله عليهم من لطفه، وقذف في قلوب المشركين الرعب ـ لم يمسسهم سوء واتَّبعوا رضوان الله ـ ساروا في الخطِّ المستقيم، وتطلّعوا في كل أفعالهم وأقوالهم وعلاقاتهم إلى ما يرضي الله سبحانه، فلم يُقدّموا رجلاً ولم يؤخّروا أخرى إلاّ بعد علمهم بأنّ في ذلك لله رضا ـ والله ذو فضل عظيم} على الناس كلهم، ولاسيما على الذين يخلصون له، ويتطلبون مرضاته، ويتطلعون إلى مواقع القرب منه.

ثم يؤكِّد الله تعالى أن المؤمن الذي يثق بالله لا يخاف من أحد، لأنه يتطلّع إلى قوة الله التي تفيض على عقله وقلبه وحركته بقوة الموقف: {إنما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه ـ لأنه فرّغ نفوسهم من كل إحساس بالثقة ـ فلا تخافوهم ـ لا تخافوا أولياء الشيطان، لأن كيد الشيطان كان ضعيفاً ـ وخافوني إن كنتم مؤمنين} (آل عمران:175)، لأن المؤمن هو الذي يمتلئ قلبه بمحبة الله والخوف منه.

ويوجِّه الله تعالى المؤمنين، إلى أنّ عليهم أن يشعروا بالقوة عندما يدخلون في المعركة ضد الكافرين والمشركين والمستكبرين، يقول تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون ـ لا علوّ الذات والعنفوان، ولكن علوّ الإيمان والموقع والارتباط بالله ـ إن كنتم مؤمنين ـ وإذا جرحتم في المعركة وأصبتم بالقرح، فالقضية ليست محصورة في حركة المعركة بما يصيبكم، ولكن بما يصيب أعداءكم أيضاً ـ إن يمسسكم قرح فقد مسّ القوم قرحٌ مثله ـ إذا كنتم قد عشتم بعض الجراحات والسلبيات والهزائم في وقعة "أُحد"، فقد مسّ القوم قرح مثله في معركة "بدر"، حيث هُزم المشركون ـ وتلك الأيام نداولها بين الناس ـ لأن موازين القوى وحركة الصراع لا تستمر على شكل واحد، فيوم علينا ويوم لنا، ويوم نُسَاءُ ويوم نُسَرُّ ـ وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحبّ الظالمين* وليمحّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين} (آل عمران:139-141) .

ويقول الله تعالى في آية أخرى: {ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون ـ مما قد تفرضه المعركة من بعض الآلام التي تمسّ الجسد ـ فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون} (النساء:104)، إن الفرق بينكم وبينهم، هو أنهم يستغرقون في آلامهم لأنهم لا ينفتحون على الله، أما أنتم، فإنكم ترجون من الله ما لا يرجونه.

استرجاع الهويّة الإسلامية

وعلى ضوء هذا، نفهم حقيقة إيمانية إسلامية، وهي أن الله تعالى يريد للمؤمنين أن يأخذوا بأسباب القوة، وأن يبتعدوا عن كلِّ أسباب الضعف؛ أن يأخذوا بأسباب القوة من خلال الوحدة التي تجمعهم على القاعدة الواحدة والهدف الواحد، وذلك بالاعتصام بحبل الله تعالى، لأن الوحدة هي أساس القوة؛ أن ننطلق على أساس أننا مسلمون، وأن الإسلام يجمعنا من خلال الالتزام به، وأن الرسول(ص) يجمعنا من خلال الإيمان به، وأن أهل البيت(ع) يجمعوننا من خلال السير على نهجهم. أما إذا شعرنا بالاختلاف في أيّ مجال من مجالات الاختلاف، فإن الله عرّفنا كيف ندير خلافاتنا: {فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول} (النساء:59) .

كما يريدنا الله تعالى أيضاً أن نأخذ بأسباب القوة السياسية، لنكون موقفاً واحداً، من أجل عزة الإسلام وأهله، ولنأخذ بكل ما يمكن من القوة الاقتصادية والأمنية والثقافية والاجتماعية، لأن الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفاً، بحيث ينظر الناس إليهم على أنهم فريق واحد. ولذلك، فإن علينا من خلال ما يريده الله لنا من الأخذ بأسباب القوة، أن نقف ضد كل الذين يعملون من أجل بثّ الفتنة والتفرقة بين المؤمنين، من خلال بعض أهوائهم وأطماعهم وخلفياتهم التي تربطهم بالمستكبرين، وهذا ما نلاحظه في بعض الناس الذين يعملون للخضوع للمخابرات الدولية التي تكيد للإسلام والمسلمين.

إننا نواجه في هذه المرحلة من مراحل التاريخ الإسلامي الكفر كله والاستكبار كله، وهو يخطِّط للإجهاز على الإسلام والمسلمين، ويحاول أن يستفيد من تمزّقاتهم ومذهبياتهم، ويتحرك على أساس أن يحارب بعضهم بعضاً. لذلك علينا أن نعي الواقع الذي نواجهه من خلال التحديات، وإلا ماذا يمثل اليهود أمام المسلمين؟! إنهم لا يزيدون في كل العالم على خمس وعشرين مليون شخص، ولكنهم توزّعوا الأدوار في العالم، حتى تحوّلوا إلى قوة كبيرة يحتاجها كثير من الدول.

لذلك علينا أن نسترجع هويتنا الإسلامية، لنعتبر أن الإسلام هو الهوية التي تربطنا ببعضنا البعض، وعلينا أن نعي تحديات الواقع، وهذا ما نواجهه من خلال التحدي الأمريكي والأوروبي والصهيوني، وكل ما يتحرك به أعداء الله لإسقاط الإسلام والمسلمين، ونحن مسؤولون عن أن نعيد إلى الإسلام قوَّته، وأن نعيد إلى المسلمين وحدتهم، وأن نحرك كل إمكاناتنا وطاقاتنا في خط الأخذ بأسباب القوة: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرَّقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلكم تهتدون} (آل عمران:103) .

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله... اتقوا الله، وانفتحوا على كل مواقع رضاه، واعلموا أن المؤمنين إخوة، وأن علينا أن نصلح بين أخوينا، وأن نعمل لنكون وحدة إسلامية قوية لمواجهة الاستكبار كله، وأن ننطلق على أساس التواصل والتباذل، كما قال عليّ(ع) في آخر وصية له. علينا أن ندرس الواقع كله، ونتعرّف كل نقاط الضعف في واقعنا الإسلامي لنحوّلها إلى مواقع قوة، سواء على مستوى ما نعيشه من الأنظمة الخاضعة للاستكبار، أو من خلال الأوضاع المنحرفة التي تتحرك في الواقع الإسلامي، فماذا هناك؟

الغرب لا يحترم حقوق الإنسان

في فلسطين المحتلة، تستمر حرب الإبادة الإسرائيلية للشعب الفلسطيني، في القتل اليومي المتحرّك بطريقة منظّمة تستهدف المدنيين، وفي تشريد الأهالي من بيوتهم، وتجويعهم من خلال الحصار المتنوّع الذي يمنع عنهم ضرورات الحياة، في ظلّ موقف دولي يتحدَّث عن هذه المجازر الوحشية بطريقة خجولة تدعو إلى ضبط النفس، تماماً كما هي المساواة بين الجلاّد والضحية، وذلك بكلمات مائعة خادعة لا يتجاوز سقفها مسألة القول بتعقيد قضية السلام، وبحيث لا يجرؤ أيّ محور دولي على مطالبة الكيان الصهيوني بالاعتراف بحقوق الفلسطينيين في أرضهم، حتى على مستوى أراضي الـ67، لأن الولايات المتحدة الأمريكية ـ من خلال موقف إدارتها الحالية برئاسة بوش ـ تدعم إسرائيل في كل مجازرها الوحشية في حرب الإبادة المنظّمة للشعب الفلسطيني من دون قيد أو شرط، وترى في ذلك كله دفاعاً عن النفس، في الوقت الذي لا ترى حقاً للفلسطينيين في الدفاع عن حقوقهم الشرعية في الحياة الحرّة الكريمة، وفي دولة مستقلة قابلة للحياة.

ومن اللافت أنّ الاتحاد الأوروبي لا يتحدث إلا عن إطلاق الجندي الإسرائيلي، أما الأسرى الفلسطينيون، ولاسيما النساء والأطفال، فلا يعتبر اعتقالهم أمراً غير إنساني، لأن لإسرائيل الحق عنده في تحويل فلسطين إلى سجن كبير لأهلها، وإلى سجون متنوّعة متحركة بكل وسائل التعذيب للمجاهدين الذين يجاهدون من أجل الحرية، ما يوحي أنّ الغرب ـ بإداراته الحكومية ـ لا يحترم حقوق الإنسان، لخضوعه للسياسة الأمريكية الخاضعة للجماعات اليهودية في أمريكا، وللمحافظين الجدد الذين يمثلون خط المسيحية الصهيونية المعادية للإنسان الفلسطيني وللعروبة وللإسلام.

موقف سويسري متميِّز

وإننا في الوقت الذي نقدّر موقف وزارة الخارجية السويسرية التي اتّخذت وحدها من بين دول الغرب موقفاً مميّزاً في هذه المسألة، عندما أصدرت بياناً أعلنت فيه أن عدداً من ممارسات الجيش الإسرائيلي خلال هجومه على غزّة، "تنتهك مبدأ التناسب، ويُنظَر إليها على أنها شكل من أشكال العقاب الجماعي، وهو محظور في القانون الإنساني"، بحسب ما جاء في البيان، في الوقت الذي نقدِّر هذا الموقف، لم نسمع صوتاً يتحدث عن رفض الاحتلال، في عالم ابتعدت فيه القيم الإنسانية عن رفض احتلال المستكبرين للمستضعفين في شرعة حقوق الإنسان. إنهم يتحدثون عن التفاصيل العسكرية، ولا يتحدثون عن المبدأ في حقوق الشعب الفلسطيني في الاستقلال، ويتفاوضون حول المسألة الإنسانية لا المسألة السياسية.

الحكومات العربية تخاف غضب الشعوب

أما حكومات العرب، فإنها تمنع شعوبها من التظاهر لدعم الشعب الفلسطيني، لأنها تخاف من غضبة هذه الشعوب على استسلامهم للسياسة الأمريكية وللقوة الصهيونية، فلا حول لهم ولا قوة. إنهم يتحدثون عن الجندي الإسرائيلي، ولا يتحدثون عن الأسرى الفلسطينيين، ولا يجدون ضرورة لعقد قمة عربية لاتخاذ موقف حاسم ضد العدوان، ولا يجرؤون على سحب سفرائهم وممثليهم من الكيان الصهيوني، لأنهم يخافون من غضبة الجنون الصهيوني الذي عبّر عنه رئيس حكومة العدو عندما قال: "من غير المجدي استفزاز إسرائيل القادرة على التصرف بطريقة "ربّ البيت قد جُنّ". إنه جنون القوة الطاغية في عالم قد جُنّ فعلاً، ولذلك نجد أنّ جندياً إسرائيلياً يوازي أمَّةً بكاملها في عالم عربي سقطت أنظمته بالضربة القاضية.

إننا ـ من موقع مسؤوليتنا الإسلامية الإنسانية ـ ندعو الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى الوقوف بكلِّ قوة مع هذا الشعب المظلوم، وليرتفع الصوت عالياً: "لا للاحتلال، ولا للعدوان"، كما ندعو الشعب الفلسطيني الصامد إلى الأخذ بأسباب الوحدة الوطنية، على الرغم من الخلافات بين فصائله، أو بين السلطة والحكومة، لأن المرحلة الصعبة لا تسمح بأية اختلافات في الموقف.

التكفيريّون والاحتلال: قمّة الجريمة

وفي العراق، يستمرُّ نزيف الدم الذي يسقط فيه الأبرياء، في نطاق الحرب التي تشن من قِبَل مجموعات تدّعي الانتماء إلى الإسلام، ولكنها تصر على استهداف المسلمين في شوارعهم بطريقة الحقد الأسود، ثم تصر على استخدام اللغة المذهبية في الخطابات والبيانات بعد عمليات التفجير التي لم تكن مجزرة مدينة الصدر ومجزرة الكوفة آخرها.

إن هذا الحقد التكفيري الذي يلتقي بالحقد الأمريكي الأسود الذي يترجمه أحد الجنود الأمريكيين في اغتصاب فتاة عراقية، ثم قتلها وقتل عائلتها، يمثل قمة الجريمة في العدوان على أمن العراق، من خلال الاحتلال والتكفيريين معاً.

إن الوسيلة الفضلى في الخلاص من هذا الواقع، لا بد من أن تأتي من خلال آلية عملية للمصالحة الوطنية العراقية، بحيث لا يُستبعد أيٌّ من أطياف الشعب العراقي التي لا بد من أن تأخذ حقها وموقعها في السلم الوطني العام، وأن يُصار إلى عزل الفئات التكفيرية والمجرمة، وحشر الاحتلال في الزاوية لدفعه إلى الرحيل بعد كل المآسي التي سببها للعراقيين منذ غزا العراق تحت عنوان أسلحة الدمار الشامل؛ تلك الكذبة التي أطلقها ولا تزال أكاذيب أخرى تلحقها في سلسلة الوهم الأمريكي في المنطقة.

لبنان: مَن يعمل على حماية الأمن السياسي؟!

أما في لبنان، فإنَّ الخطاب السياسي ينتقل من مرحلة إلى مرحلة أخرى، في سلسلة الانحدار الأخلاقي والقيمي التي يتناسى فيها الكثيرون في غمرة سكرتهم الداخلية، كل ما يجري حولهم في المنطقة، فلا يبصرون ما هو أبعد من مواقعهم، ولا يحدّقون في المستقبل الضبابي الذي يتهدد البلد اقتصادياً وسياسياً وربما أمنياً.

ولعلّ ما هو عجيب في بلاد العجائب، أن البعض ممن يطلقون الكلمات السياسية المتوازنة بطريقة معينة في لبنان، يتنازلون عن هذا التوازن في الخطاب السياسي، عندما يحطُّ بهم الرِّحال خارجه. إنهم يتبرعون باسم اللبنانيين جميعاً، ليقدّموا للخارج مواقف يعلمون سلفاً أنه لن يعمل بموجبها، كما أنهم يعرفون تماماً أن اللبنانيين ليسوا ضد سلاح المقاومة، أو ضد إيجاد استراتيجية دفاعية لحماية لبنان من إسرائيل الطامحة والطامعة، والتي تتوالى تهديداتها للبنان، وفي هذه الأيام بالذات، حيث تتواصل فيها الاعتداءات على الفلسطينيين.

إنهم يتحدثون في لبنان عن حماية الموسم السياحي، ولكننا نسأل: من يعمل على حماية الأمن السياسي في لبنان؟ وهل يرصد هؤلاء المصلحة الوطنية العليا التي تقتضي ممن يتحركون في هذا الموقع أو ذاك، أن يكونوا حريصين على مصلحة البلد بكلِّ فئاته، لا أن يعملوا لاستدعاء مواقف خارجية لن تأتي لحسابهم أو لحساب لبنان في نهاية المطاف، لأن أمريكا وغيرها لا تنظر إلى لبنان من موقع حفظه وحماية استقلاله، بقدر ما تتطلّع من خلاله إلى تعزيز مواقعها في المنطقة؟! ولا ندري إن كان زوّار الولايات المتحدة الأمريكية يتنبّهون إلى هذه الحقيقة الدامغة التي يظلُّ فيها لبنان هامش الهامش من الحركة الأمريكية في المنطقة.

استرجاع الهويّة الإسلامية شرط أساس
لصنع القوة في مواجهة الأعداء

 

ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:

الإيمان يرفد المؤمنين بالقوّة

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم} (الأنفال:60). وقال تعالى وهو يحدّثنا عن نماذج من المؤمنين المجاهدين، الذين عبّروا عن القوة الروحية المعنوية في مواجهة التحدي الكبير من قبل المشركين، ولاسيما في معركة "أُحد"، قال: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً ـ فالمشركون تجمّعوا بكلِّ أحلافهم وأحزابهم من أجل الحرب على الإسلام والمسلمين، وبأعداد كبيرة لا قِبَل لهم بها، وكانوا يريدون للمسلمين قبل بدء المعركة، أن يستشعروا الخوف أمام هذه الحملة، ولكنّ المسلمين تطلّعوا إلى ما يملكون من إيمانٍ بالله تعالى، وهم يعرفون أنّ القوَّة والعزَّة لله جميعاً، وأنهم يتحركون في خطِّ نصرة الله على أساس نصرة دينه ونصرة رسوله، وعلى أساس أنّ الله وعدهم بالنصر إن نصروه.

ولذلك، عندما استحضروا كل هذا الإيمان، وكل هذه الروح التي غرسها الإيمان في نفوسهم، تحوّلوا إلى قوة في الروح وقوة في الموقف، فكان ردّ فعلهم على كل هذا التخويف ـ وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ـ إذا كان الناس قد جمعوا لنا فنحن مع الله، والله هو نعم الوكيل الذي وكلنا إليه كل أمورنا وتوكلنا عليه ووثقنا به وسرنا مع كل خطه في مواجهة الشرك كله والاستكبار كله.

هكذا استمدّوا القوة الروحية عندما تحركوا في خط القوة العسكرية في المعركة، في مواجهة الأعداء الذين جمعوا لهم ـ فانقلبوا بنعمة من الله وفضلٍ ـ انتصروا عندما ثبتوا وواجهوا الموقف بالقوة المعنوية والروحية التي تكاملت مع القوة الجسدية والعسكرية، بحيث أفاض الله عليهم من لطفه، وقذف في قلوب المشركين الرعب ـ لم يمسسهم سوء واتَّبعوا رضوان الله ـ ساروا في الخطِّ المستقيم، وتطلّعوا في كل أفعالهم وأقوالهم وعلاقاتهم إلى ما يرضي الله سبحانه، فلم يُقدّموا رجلاً ولم يؤخّروا أخرى إلاّ بعد علمهم بأنّ في ذلك لله رضا ـ والله ذو فضل عظيم} على الناس كلهم، ولاسيما على الذين يخلصون له، ويتطلبون مرضاته، ويتطلعون إلى مواقع القرب منه.

ثم يؤكِّد الله تعالى أن المؤمن الذي يثق بالله لا يخاف من أحد، لأنه يتطلّع إلى قوة الله التي تفيض على عقله وقلبه وحركته بقوة الموقف: {إنما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه ـ لأنه فرّغ نفوسهم من كل إحساس بالثقة ـ فلا تخافوهم ـ لا تخافوا أولياء الشيطان، لأن كيد الشيطان كان ضعيفاً ـ وخافوني إن كنتم مؤمنين} (آل عمران:175)، لأن المؤمن هو الذي يمتلئ قلبه بمحبة الله والخوف منه.

ويوجِّه الله تعالى المؤمنين، إلى أنّ عليهم أن يشعروا بالقوة عندما يدخلون في المعركة ضد الكافرين والمشركين والمستكبرين، يقول تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون ـ لا علوّ الذات والعنفوان، ولكن علوّ الإيمان والموقع والارتباط بالله ـ إن كنتم مؤمنين ـ وإذا جرحتم في المعركة وأصبتم بالقرح، فالقضية ليست محصورة في حركة المعركة بما يصيبكم، ولكن بما يصيب أعداءكم أيضاً ـ إن يمسسكم قرح فقد مسّ القوم قرحٌ مثله ـ إذا كنتم قد عشتم بعض الجراحات والسلبيات والهزائم في وقعة "أُحد"، فقد مسّ القوم قرح مثله في معركة "بدر"، حيث هُزم المشركون ـ وتلك الأيام نداولها بين الناس ـ لأن موازين القوى وحركة الصراع لا تستمر على شكل واحد، فيوم علينا ويوم لنا، ويوم نُسَاءُ ويوم نُسَرُّ ـ وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحبّ الظالمين* وليمحّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين} (آل عمران:139-141) .

ويقول الله تعالى في آية أخرى: {ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون ـ مما قد تفرضه المعركة من بعض الآلام التي تمسّ الجسد ـ فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون} (النساء:104)، إن الفرق بينكم وبينهم، هو أنهم يستغرقون في آلامهم لأنهم لا ينفتحون على الله، أما أنتم، فإنكم ترجون من الله ما لا يرجونه.

استرجاع الهويّة الإسلامية

وعلى ضوء هذا، نفهم حقيقة إيمانية إسلامية، وهي أن الله تعالى يريد للمؤمنين أن يأخذوا بأسباب القوة، وأن يبتعدوا عن كلِّ أسباب الضعف؛ أن يأخذوا بأسباب القوة من خلال الوحدة التي تجمعهم على القاعدة الواحدة والهدف الواحد، وذلك بالاعتصام بحبل الله تعالى، لأن الوحدة هي أساس القوة؛ أن ننطلق على أساس أننا مسلمون، وأن الإسلام يجمعنا من خلال الالتزام به، وأن الرسول(ص) يجمعنا من خلال الإيمان به، وأن أهل البيت(ع) يجمعوننا من خلال السير على نهجهم. أما إذا شعرنا بالاختلاف في أيّ مجال من مجالات الاختلاف، فإن الله عرّفنا كيف ندير خلافاتنا: {فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول} (النساء:59) .

كما يريدنا الله تعالى أيضاً أن نأخذ بأسباب القوة السياسية، لنكون موقفاً واحداً، من أجل عزة الإسلام وأهله، ولنأخذ بكل ما يمكن من القوة الاقتصادية والأمنية والثقافية والاجتماعية، لأن الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفاً، بحيث ينظر الناس إليهم على أنهم فريق واحد. ولذلك، فإن علينا من خلال ما يريده الله لنا من الأخذ بأسباب القوة، أن نقف ضد كل الذين يعملون من أجل بثّ الفتنة والتفرقة بين المؤمنين، من خلال بعض أهوائهم وأطماعهم وخلفياتهم التي تربطهم بالمستكبرين، وهذا ما نلاحظه في بعض الناس الذين يعملون للخضوع للمخابرات الدولية التي تكيد للإسلام والمسلمين.

إننا نواجه في هذه المرحلة من مراحل التاريخ الإسلامي الكفر كله والاستكبار كله، وهو يخطِّط للإجهاز على الإسلام والمسلمين، ويحاول أن يستفيد من تمزّقاتهم ومذهبياتهم، ويتحرك على أساس أن يحارب بعضهم بعضاً. لذلك علينا أن نعي الواقع الذي نواجهه من خلال التحديات، وإلا ماذا يمثل اليهود أمام المسلمين؟! إنهم لا يزيدون في كل العالم على خمس وعشرين مليون شخص، ولكنهم توزّعوا الأدوار في العالم، حتى تحوّلوا إلى قوة كبيرة يحتاجها كثير من الدول.

لذلك علينا أن نسترجع هويتنا الإسلامية، لنعتبر أن الإسلام هو الهوية التي تربطنا ببعضنا البعض، وعلينا أن نعي تحديات الواقع، وهذا ما نواجهه من خلال التحدي الأمريكي والأوروبي والصهيوني، وكل ما يتحرك به أعداء الله لإسقاط الإسلام والمسلمين، ونحن مسؤولون عن أن نعيد إلى الإسلام قوَّته، وأن نعيد إلى المسلمين وحدتهم، وأن نحرك كل إمكاناتنا وطاقاتنا في خط الأخذ بأسباب القوة: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرَّقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلكم تهتدون} (آل عمران:103) .

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله... اتقوا الله، وانفتحوا على كل مواقع رضاه، واعلموا أن المؤمنين إخوة، وأن علينا أن نصلح بين أخوينا، وأن نعمل لنكون وحدة إسلامية قوية لمواجهة الاستكبار كله، وأن ننطلق على أساس التواصل والتباذل، كما قال عليّ(ع) في آخر وصية له. علينا أن ندرس الواقع كله، ونتعرّف كل نقاط الضعف في واقعنا الإسلامي لنحوّلها إلى مواقع قوة، سواء على مستوى ما نعيشه من الأنظمة الخاضعة للاستكبار، أو من خلال الأوضاع المنحرفة التي تتحرك في الواقع الإسلامي، فماذا هناك؟

الغرب لا يحترم حقوق الإنسان

في فلسطين المحتلة، تستمر حرب الإبادة الإسرائيلية للشعب الفلسطيني، في القتل اليومي المتحرّك بطريقة منظّمة تستهدف المدنيين، وفي تشريد الأهالي من بيوتهم، وتجويعهم من خلال الحصار المتنوّع الذي يمنع عنهم ضرورات الحياة، في ظلّ موقف دولي يتحدَّث عن هذه المجازر الوحشية بطريقة خجولة تدعو إلى ضبط النفس، تماماً كما هي المساواة بين الجلاّد والضحية، وذلك بكلمات مائعة خادعة لا يتجاوز سقفها مسألة القول بتعقيد قضية السلام، وبحيث لا يجرؤ أيّ محور دولي على مطالبة الكيان الصهيوني بالاعتراف بحقوق الفلسطينيين في أرضهم، حتى على مستوى أراضي الـ67، لأن الولايات المتحدة الأمريكية ـ من خلال موقف إدارتها الحالية برئاسة بوش ـ تدعم إسرائيل في كل مجازرها الوحشية في حرب الإبادة المنظّمة للشعب الفلسطيني من دون قيد أو شرط، وترى في ذلك كله دفاعاً عن النفس، في الوقت الذي لا ترى حقاً للفلسطينيين في الدفاع عن حقوقهم الشرعية في الحياة الحرّة الكريمة، وفي دولة مستقلة قابلة للحياة.

ومن اللافت أنّ الاتحاد الأوروبي لا يتحدث إلا عن إطلاق الجندي الإسرائيلي، أما الأسرى الفلسطينيون، ولاسيما النساء والأطفال، فلا يعتبر اعتقالهم أمراً غير إنساني، لأن لإسرائيل الحق عنده في تحويل فلسطين إلى سجن كبير لأهلها، وإلى سجون متنوّعة متحركة بكل وسائل التعذيب للمجاهدين الذين يجاهدون من أجل الحرية، ما يوحي أنّ الغرب ـ بإداراته الحكومية ـ لا يحترم حقوق الإنسان، لخضوعه للسياسة الأمريكية الخاضعة للجماعات اليهودية في أمريكا، وللمحافظين الجدد الذين يمثلون خط المسيحية الصهيونية المعادية للإنسان الفلسطيني وللعروبة وللإسلام.

موقف سويسري متميِّز

وإننا في الوقت الذي نقدّر موقف وزارة الخارجية السويسرية التي اتّخذت وحدها من بين دول الغرب موقفاً مميّزاً في هذه المسألة، عندما أصدرت بياناً أعلنت فيه أن عدداً من ممارسات الجيش الإسرائيلي خلال هجومه على غزّة، "تنتهك مبدأ التناسب، ويُنظَر إليها على أنها شكل من أشكال العقاب الجماعي، وهو محظور في القانون الإنساني"، بحسب ما جاء في البيان، في الوقت الذي نقدِّر هذا الموقف، لم نسمع صوتاً يتحدث عن رفض الاحتلال، في عالم ابتعدت فيه القيم الإنسانية عن رفض احتلال المستكبرين للمستضعفين في شرعة حقوق الإنسان. إنهم يتحدثون عن التفاصيل العسكرية، ولا يتحدثون عن المبدأ في حقوق الشعب الفلسطيني في الاستقلال، ويتفاوضون حول المسألة الإنسانية لا المسألة السياسية.

الحكومات العربية تخاف غضب الشعوب

أما حكومات العرب، فإنها تمنع شعوبها من التظاهر لدعم الشعب الفلسطيني، لأنها تخاف من غضبة هذه الشعوب على استسلامهم للسياسة الأمريكية وللقوة الصهيونية، فلا حول لهم ولا قوة. إنهم يتحدثون عن الجندي الإسرائيلي، ولا يتحدثون عن الأسرى الفلسطينيين، ولا يجدون ضرورة لعقد قمة عربية لاتخاذ موقف حاسم ضد العدوان، ولا يجرؤون على سحب سفرائهم وممثليهم من الكيان الصهيوني، لأنهم يخافون من غضبة الجنون الصهيوني الذي عبّر عنه رئيس حكومة العدو عندما قال: "من غير المجدي استفزاز إسرائيل القادرة على التصرف بطريقة "ربّ البيت قد جُنّ". إنه جنون القوة الطاغية في عالم قد جُنّ فعلاً، ولذلك نجد أنّ جندياً إسرائيلياً يوازي أمَّةً بكاملها في عالم عربي سقطت أنظمته بالضربة القاضية.

إننا ـ من موقع مسؤوليتنا الإسلامية الإنسانية ـ ندعو الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى الوقوف بكلِّ قوة مع هذا الشعب المظلوم، وليرتفع الصوت عالياً: "لا للاحتلال، ولا للعدوان"، كما ندعو الشعب الفلسطيني الصامد إلى الأخذ بأسباب الوحدة الوطنية، على الرغم من الخلافات بين فصائله، أو بين السلطة والحكومة، لأن المرحلة الصعبة لا تسمح بأية اختلافات في الموقف.

التكفيريّون والاحتلال: قمّة الجريمة

وفي العراق، يستمرُّ نزيف الدم الذي يسقط فيه الأبرياء، في نطاق الحرب التي تشن من قِبَل مجموعات تدّعي الانتماء إلى الإسلام، ولكنها تصر على استهداف المسلمين في شوارعهم بطريقة الحقد الأسود، ثم تصر على استخدام اللغة المذهبية في الخطابات والبيانات بعد عمليات التفجير التي لم تكن مجزرة مدينة الصدر ومجزرة الكوفة آخرها.

إن هذا الحقد التكفيري الذي يلتقي بالحقد الأمريكي الأسود الذي يترجمه أحد الجنود الأمريكيين في اغتصاب فتاة عراقية، ثم قتلها وقتل عائلتها، يمثل قمة الجريمة في العدوان على أمن العراق، من خلال الاحتلال والتكفيريين معاً.

إن الوسيلة الفضلى في الخلاص من هذا الواقع، لا بد من أن تأتي من خلال آلية عملية للمصالحة الوطنية العراقية، بحيث لا يُستبعد أيٌّ من أطياف الشعب العراقي التي لا بد من أن تأخذ حقها وموقعها في السلم الوطني العام، وأن يُصار إلى عزل الفئات التكفيرية والمجرمة، وحشر الاحتلال في الزاوية لدفعه إلى الرحيل بعد كل المآسي التي سببها للعراقيين منذ غزا العراق تحت عنوان أسلحة الدمار الشامل؛ تلك الكذبة التي أطلقها ولا تزال أكاذيب أخرى تلحقها في سلسلة الوهم الأمريكي في المنطقة.

لبنان: مَن يعمل على حماية الأمن السياسي؟!

أما في لبنان، فإنَّ الخطاب السياسي ينتقل من مرحلة إلى مرحلة أخرى، في سلسلة الانحدار الأخلاقي والقيمي التي يتناسى فيها الكثيرون في غمرة سكرتهم الداخلية، كل ما يجري حولهم في المنطقة، فلا يبصرون ما هو أبعد من مواقعهم، ولا يحدّقون في المستقبل الضبابي الذي يتهدد البلد اقتصادياً وسياسياً وربما أمنياً.

ولعلّ ما هو عجيب في بلاد العجائب، أن البعض ممن يطلقون الكلمات السياسية المتوازنة بطريقة معينة في لبنان، يتنازلون عن هذا التوازن في الخطاب السياسي، عندما يحطُّ بهم الرِّحال خارجه. إنهم يتبرعون باسم اللبنانيين جميعاً، ليقدّموا للخارج مواقف يعلمون سلفاً أنه لن يعمل بموجبها، كما أنهم يعرفون تماماً أن اللبنانيين ليسوا ضد سلاح المقاومة، أو ضد إيجاد استراتيجية دفاعية لحماية لبنان من إسرائيل الطامحة والطامعة، والتي تتوالى تهديداتها للبنان، وفي هذه الأيام بالذات، حيث تتواصل فيها الاعتداءات على الفلسطينيين.

إنهم يتحدثون في لبنان عن حماية الموسم السياحي، ولكننا نسأل: من يعمل على حماية الأمن السياسي في لبنان؟ وهل يرصد هؤلاء المصلحة الوطنية العليا التي تقتضي ممن يتحركون في هذا الموقع أو ذاك، أن يكونوا حريصين على مصلحة البلد بكلِّ فئاته، لا أن يعملوا لاستدعاء مواقف خارجية لن تأتي لحسابهم أو لحساب لبنان في نهاية المطاف، لأن أمريكا وغيرها لا تنظر إلى لبنان من موقع حفظه وحماية استقلاله، بقدر ما تتطلّع من خلاله إلى تعزيز مواقعها في المنطقة؟! ولا ندري إن كان زوّار الولايات المتحدة الأمريكية يتنبّهون إلى هذه الحقيقة الدامغة التي يظلُّ فيها لبنان هامش الهامش من الحركة الأمريكية في المنطقة.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية