ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين، ومما جاء في خطبته الأولى:
صناعة البيئة التربوية
في منهج التربية الإسلامية، ينبغي على الإنسان المسلم أن يصنع لنفسه البيئة التي تُنمي عقله وقلبه وسلوكه وعلاقاته بالناس والحياة، لأن للبيئة تأثيراً كبيراً عليه في كل ما تؤثر فيه من أفكار ومشاعر وأحاسيس، وفي كل ما يرتبط به من علاقات، ولذلك فقد اهتم الإسلام ببيئة الإنسان قبل ولادته، فأراد للأب المستقبلي، أي الرجل الذي يريد أن يتزوج، أن يختار أماً لأولاده؛ الأم التي تملك العقل والروح والطهر والعفاف، كما تملك العراقة واللياقة، لأن الولد سوف يدخل في البداية مدرسة أمه، حيث يتأثر حتى وهو في الرحم بمشاعر الأم وأحاسيسها، ولو بشكل بسيط جداً. ثم عندما يولد، فإنه يرضع حليبها الذي تمتزج فيه الكثير من خصائصها الذاتية، وذلك ورد في الحديث، فمن يريد اختيار مرضعة لولده، "قل لا تسترضعوا الحمقاء، فإن اللبن يُعدي ـ أي قد ينتقل الحمق، وهو عدم الوعي والتوازن إلى الطفل ـ كذلك لا تسترضعوا الفاجرة"، لأن اللبن له دور.
ولذلك، فإنه في مسألة الحضانة والتربية، من حق الولد على أبيه أن يختار له أمه، لأن الأم تمثل البيئة التي يتأثر بها الولد، وهكذا لا بد للأم أن تختار أباً لأولادها، باعتبار أن للأب دوره، من خلال قانون الوراثة، بحيث يرث الطفل خصائص أبيه، بل وحتى أجداده، حتى الجد السابع، كما ورد، أي قد يمتلك مزاجاً حاداً أو طباعاً حادة بفعل هذا القانون.
من هنا، لا يجب أن يفكر الزوج أو الزوجة من خلال ذاتياته، أو حاجاته أو مزاجه، بل أن يفكر بالإنسان الآخر، في الولد القادم، هل يكون الزوج أباً صالحاً لأولادها، أو الزوجة الصالحة أماً صالحة لأولاده.
ولعلّ الكثير ممّا نعيشه من بعض التعقيدات العائلية في أولادنا، هو أن الشباب ـ ذكوراً وإناثاً ـ يفكرون في المسألة الزوجية كمسألة شخصية، ولا يتعاطون معها على أنها قرار يتعلق بمصير الأولاد.
كذلك في إطار العائلة، فعندما تريد أن تدخل امرأة إلى عائلتك، فإنها تصبح جزءاً من مجتمعك، كذلك الفتاة التي تدخل رجلاً جديداً إلى مجتمعها، ما يتطلب اختيار عنصر لا يضر بالمجتمع، لأن الزوج أو الزوجة كلاهما يؤثر في المجتمع.. من هنا تتأتى ضرورة التفكير في بناء هذه البيئة، فالعلاقات الإنسانية تختلف عن العلاقات التجارية، فشراء البيت مثلاً لا يترتب عليه أي أثر في المجتمع، أما عندما يدخل شخصٌ ما إلى المجتمع ويقيم علاقات سلوكية تتسم بالسلبية لجهة الخيانة والفجور والسوء، فإن هذه تترك تأثيراتها المدمرة في المناخ العائلي.
أسس المصالحة والمصادقة
في هذا المجال، أكّدت التربية الإسلامية على مسألة الصاحب والصديق، وكيفية اختيارهم، أنختارهم على أساس موافقة المزاج والأجواء؟ أم نختارهم على أساس دراسة عميقة ودقيقة لكل ما يمثله هذا الصاحب أو الصديق؟! ما هي أفكاره لجهة الحق والباطل؟ ما هي عواطفه لجهة الحقد والضغينة والمحبة والتواصل والتقارب؟ ما هي انتماءاته؛ هل هي لجهة الأعداء أم الأصدقاء!!
أن ندرس الموضوع دراسةً وافيةً، لما تترك معاشرة هذا الصديق من نتائج سلبية أو إيجابية على تكوينك الأخلاقي وسلوكك في الحياة، ذلك أن الإنسان أكثر ما يتأثر به بشكل لا شعوري هو عنصر العاطفة. فالعلاقة مع الصاحب والصديق علاقة عاطفية وليست علاقة عقلانية، ربما كانت هذه العاطفة التي تشعر بها تجاه صديقك، تجعلك تنسجم مع ما يفكر فيه ويشعر فيه، ونحن نعرف أن الكثير من الناس ضلوا من خلال أصدقائهم.
ولذا، فإن الأحاديث الشريفة التي جاءت عن الرسول (ص) والأئمة (ع)، ركزت على هذا الموضوع:
عن الإمام الصادق(ع): "كان أمير المؤمنين(ع) إذا صعد المنبر - كان علي (ع) يوجه الناس في حياتهم الاجتماعية لاختيار العلاقات الإنسانية الأفضل - قال: يجب على المسلم أن يتجنب مواخاة ثلاثة: الماجن الفاجر - الذي تكون حياته مجوناً وخلاعةً وفجوراً - والأحمق - الذي لا يملك توازناً في النظرة إلى الأشياء - والكذاب.
ثم يبين الإمام(ع) خصائص هؤلاء ـ فأما الماجن الفاجر، فيزين لك فعله، ويحب أنك مثله، ولا يعين على أمور دينك ومعادك - فهو غائب عن القيم الدينية، ولا ينفتح على الله واليوم الآخر، ليدرس حركته في الحياة لجهة تأثيرها على مستقبله- ومقاربته جفاء وقسوة - لأنه لا قلب له، فلا يهتم إلا برغباته وشهواته، يعيش في سجن ذاته، ولا ينفتح على أحد لشهوته - ومدخله ومخرجه عارٌ عليك.
لذا يجب التنبه إلى عدم الاندفاع إلى إقامة العلاقات في الجامعة والثانوية إلا بعد معرفة الآخرين ومعرفة أخلاقهم وقيمهم.
وأما الأحمق - الذي لا يملك استقراراً في فكره، بحيث يرى السيىء حسناً وبالعكس، فلا ضوابط لديه للتمييز - فإنه لا يشير عليك بخير، وربما أراد منفعتك فضرك - لأنه قد يتصور ما هو ضرر منفعةً وبالعكس - فموته خيرٌ من حياته، وسكوته خيرٌ من نطقه، وبعده خيرٌ من قربه.
وأما الكذّاب فإنه لا يهنئك من عيش - فأنت معه في حالة طوارئ - كلما أفنى أحدوثةً مطّها بأخرى مثلها، حتى إنه يحدِّث بالصدق فما يصدق، ويفرق بين الناس بالعداوة - بما تثيره أكاذيبه، وأجهزة المخابرات الدولية هي أجهزة عالمية للكذب، عمل المخابرات الأساس ليس جمع المعلومات بل صنع المعلومات...
فالجدل اليوم يدور في بريطانيا وأمريكا حول هشاشة الأسس التي ارتكزت عليها الدولتان لشن الحرب على العراق، فأجهزة الاستخبارات قدمت معلومات مضخمة، بحيث يشعر الرأي العام، أن النظام بات على عتبة تدمير العالم، والآن التحقيق قائم حول هذه الأكاذيب ـ حول أسلحة الدمار الشامل ـ التي أشيعت داخل هذه المجتمعات، وفي واقعنا اليوم ينتشر الكذب {إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ـ لا تتعجلوا الحكم ـ أن تصيبوا قوماً بجهالة ـ فقد يكون كاذباً ـ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}...
وهكذا، أيّها الأحبة، نحتاج إلى أن ندرس كل علاقاتنا على مستوى الصحبة والصداقة، مع الحذر من الاستسلام للصاحب والصديق، بل التفكر أن هذا الصديق قد ينقلب "إحذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة ـ الحذر ليس معناه المقاطعة، بل فكّر ولا تستسلم له ـ فلربما انقلب الصديق، فكان أدرى بالمضرة"، لأنه يعرف كلّ عيوبك وأسرارك، ما يجعله قادراً على الإضرار بك.
يقول الحديث الشريف: "أقرب ما يكون الرجل من الكفر أن يؤاخي الرجل الرجل على الدين، فيحصي عليه زلاّته ليعنّفه بها يوماً ـ مثل هذا الإنسان الذي استغلّ علاقته بأخيه ومؤاخاته له لإسقاطه في المجتمع ـ هو أقرب ما يكون إلى الكفر".
وقد حدّثنا الله سبحانه وتعالى عن الموقف يوم القيامة، للشخص الذي يكون له صاحب وقريب {قال قرينه ـ القرين هو الصاحب ـ ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد* قال لا تختصموا لديّ وقد قدمت إليكم بالوعيد* ما يبدّل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد* يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد}.
{كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريءٌ منك إني أخاف الله رب العالمين}.
هذه بعضٌ من الأمور التي تتصل بأمتنا ومجتمعنا وكل قضايانا، المفروض أن نفكر بها بمسؤولية.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله، اتقوا الله في نظم أمركم وصلاح ذات بينكم، فقد جاء عن رسول الله(ص): "صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام"، لا سيما عندما تأتي أمواج الفتن كقطع الليل المظلم يشدّ بعضها بعضاً. لا بد لنا أن نكون واعين، لأن أعداء الله وأعداء الإسلام والمسلمين يعملون على استغلال كل نقاط الضعف فينا، وينفذون إلى الثغرات التي تتحرك في مجتمعنا وفي سياستنا وفي أوضاعنا العامة والخاصة.
الانتفاضة تفشل المشروع الصهيوني ـ الأمريكي
ولذلك لا بد لنا من وعي المرحلة ومن وعي مسؤوليتنا عن صنع مستقبل يرتكز على القوة وعلى الحرية وعلى العدالة وعلى التعاون على البرّ والتقوى، ورفض التعاون على الإثم والعدوان، لا سيما في هذه الظروف الخطرة الصعبة التي يواجه فيها المسلمون في كل العالم الإسلامي الأخطار التي يحرّكها المستكبرون من أجل أن لا يسمحوا للمسلمين أن يأخذوا بأسباب القوة أو أن يعيشوا الحرية في قرارهم في كل أمورهم.
إنّ على الأمة أن تستنفر كل طاقاتها، وأن تجمع كلمتها وتوحّد خطواتها من أجل أن تتجاوز هذه الأخطار التي تتحرك من كل جانب، حيث لا تزال قضايا المسلمين تتحرك في دائرة مؤامرات الاستكبار العالمي، ولا سيما الاستكبار الأمريكي وكل حلفائه، للكيد بالإسلام والمسلمين، فماذا هناك:
لا تزال المسألة الفلسطينية تتقاذفها الرياح الدولية السياسية والأمنية، من أجل إخضاع الفلسطينيين للخطّة الإسرائيلية الباحثة عن نصرٍ معلن على الانتفاضة، لتأكيد أنها الدولة الأقوى التي لا يملك أحد أن يمسّ كبرياءها أو يُسقط عنفوانها.. وهذا هو الذي يفسّر الموقف الأمريكي في الوقوف مع المطالب الإسرائيلية التي تتلخّص في كلمةٍ واحدة، وهي: "الأمن أوّلاً وأخيراً لإسرائيل بالمطلق"، ليكون دور السلطة الفلسطينية هو توفير هذا الأمن وحمايته من كلِّ حالات المواجهة، في الوقت الذي لا تضمن إسرائيل فيه ـ ومعها أمريكا ـ أيّ وعد للامتناع عن العدوان اليومي المتحرّك بكل وحشية ضد الشعب الفلسطيني، أو أيّ ضمانة للانسحاب من الأراضي المحتلة في مقابل وقف إطلاق النار من قِبَل فصائل المنظمات الجهادية الفلسطينية.. حتى إن الدولة الفلسطينية الموعودة من قِبَل "بوش" لا بد أن تكون ـ بحسب المطالب الأمريكية والإسرائيلية ـ على هامش إسرائيل في سياستها واقتصادها وأمنها، ليكون استقلالها شكلياً بدون مضمون..
ويتحرك المبعوثون الأمريكيون الذين أبعدوا أعضاء اللجنة الرباعية الدولية عن الفاعلية، إلاّ بمقدار ما يخدمون به المشروع الأمريكي.. ويستمر الضغط الأمريكي الذي يستخدم كلّ نفوذه على السلطة الفلسطينية الخاضعة له، من أجل الدخول في صراع مع فصائل الانتفاضة الرافضة للتسليم بدون قيد أو شرط، والمؤكِّدة على الحوار في إطار الوحدة الوطنية على قاعدة التوافق على ما يحقِّق المصلحة الفلسطينية العليا في حرية تقرير المصير..
ولا تزال الدوّامة تفرض نفسها على حركة الواقع السياسي والأمني هناك، من دون أن يبرز أي ضوء في نهاية النفق، لأن المطلوب لدى أمريكا ـ كما صرّح وزير خارجيتها ـ هو أن تثق إسرائيل بأن السلطة الفلسطينية قادرة على الوفاء بالتزاماتها، من دون أن يُطلب من إسرائيل الوفاء بالتزاماتها في الانسحاب والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين؟!
وهذا ما يفرض علينا كشعوب عربية وإسلامية، وكشعب فلسطيني بشكل خاص، أن نتابع التطورات في نطاق الضغوط الهائلة التي تتحرك ضدّ الفلسطينيين محلياً وإقليمياً ودولياً، لأن المرحلة الحالية هي من أخطر المراحل التي تمرّ بها القضية الفلسطينية، مما لا يجوز فيه لأي شخص أو جهة أن يقدّم التنازلات الحيوية للعدوّ الصهيوني بفعل الضغط الأمريكي.
العراق: قوات الاحتلال تعيش الإرباك والغرق
أمّا في العراق، فإنّ قوات الاحتلال لا تزال تعيش الإرباك والغرق في الرمال المتحرّكة هناك، لأنها لم تستطع تحقيق وعودها للشعب العراقي، ولم تحدد لاحتلالها أيّ مهلة زمنية، بل إنها بدأت تصرّح بأنها قد تبقى سنين طويلة حسب الحاجة، لأنها لا تملك في الوقت الحاضر أي خطة سياسية لمنح العراقيين حق تقرير المصير في إدارة بلدهم بشكل مستقلّ، لأن المطلوب ـ أمريكياً ـ هو أن تحقِّق أمريكا كل استراتيجيتها في تنفيذ مصالحها الاقتصادية والسياسية والأمنية.. وعلى أهلنا في العراق أن يملكوا وعي هذه الخطة، وخطورة المرحلة، وأن يأخذوا بأسباب الوحدة الوطنية، وأن لا يسمحوا للأصوات التي تحاول إثارة القضية المذهبية بطريقة طائفية عصبية معقّدة، لأن ذلك سوف يؤدي إلى السقوط والانهيار للجميع.
إيران: تضامن وطني ضد التدخل الأجنبي
أما إيران، فقد بدأت أمريكا ضدّها حرباً إعلامية سياسية، حشدت لها الكثير من حلفائها الذين خافوا من خلاف جديد معها كالخلاف في حرب العراق، مما لا يتفق مع مصالحهم في علاقاتهم معاً.. كما أنها ضغطت على وكالة الطاقة النووية لفرض شروط قاسية مهينة على إيران بما يتصل بمشاريعها النووية السلمية، وبدأت الحديث عن الخطر الذي يتهدد العالم من السلاح النووي الإيراني في المستقبل القريب؟!
ولكن أمريكا ـ في الوقت نفسه ـ لم تتحدث عن السلاح النووي الإسرائيلي الذي يهدد المنطقة، ولم تسمح للأمم المتحدة ولا لحلفائها بالحديث عنه، لأنه يمثل احتياط القوّة المدمّرة للتحالف الاستراتيجي بينها وبين إسرائيل، كما لو كان هذا السلاح من الترسانة الأمريكية النووية.. وقد واجهت إيران الموقف بالمزيد من الصمود والثبات على مواقفها الاستقلالية في حماية أمنها ومصالحها، مع الانفتاح على الواقعية أمام المتغيرات الدولية في المنطقة والعالم..
ومن جهة أخرى، فقد قامت أمريكا باستغلال المظاهرات الطالبية أو المطلبية الاحتجاجية في إيران، من خلال ما يملكه الشعب من الحرية في ذلك، مما يمكن للدولة الإسلامية أن تعالجه في نطاقه الخاص بقدر ما يتعلّق بحقوق الطلاب والناس.. وقد قام الرئيس "بوش" ومعه رجال إدارته ووسائل إعلامه بمحاولة تضخيم حجم التظاهرات للإيحاء بأن هناك ثورة ضد النظام.. ولكن السحر انقلب على الساحر، فقد أدّى التدخل الأمريكي إلى تضامن وطني أكبر ضدّ التدخل الأجنبي، لأن الشعب الإيراني لا يسمح بالسقوط تحت تأثير الاستكبار الأمريكي، وقد رأى بحسّه الإسلامي ما حدث في أفغانستان والعراق..
إننا ندعو الشعب الإيراني إلى وعي خطورة التحدّي الاستكباري الذي يخطط لإسقاط استقلال إيران ونشر الفوضى فيها، وإسقاط النظام الإسلامي ومحاصرة الجمهورية الإسلامية اقتصادياً وإعلامياً وسياسياً.. كما ندعو السلطة الإسلامية إلى دراسة الحاجات المطلبية، وتأكيد الحريات العامة على أساس حماية النظام الإسلامي ومنع الفوضى والاستغلال من قِبَل الفئات المضادة، لأن التحدي الكبير للنظام الإسلامي أن ينجح في تقديم تجربة إسلامية حضارية تكفل للأمة حرياتها المشروعة، وتؤكد لها الحلول الواقعية لمشاكلها الاقتصادية والسياسية على قاعدة العدل الذي هو أساس الرسالات، وقاعدة القوة.
لبنان: الطائفية بديل المواطنية
أما في لبنان فقد اهتزّت ذهنية المؤسسة، لتبرز بدلاً منها ذهنية الطائفة في شخصانياتها السياسية، وتحركت معها الطائفية بديلاً عن المواطنية، مما جعل الناس يلجأون إلى مواقع الطائفة للحصول على امتيازاتها، بدلاً من مواقع الوطن لتأكيد استقلاله.. لبنان هذا الذي عاش الشعب فيه وفاقه الوطني، تحاول اللعبة السياسية أن تفرّقه في تعقيدات المكاسب والحصص، ليتحدث البعض هنا وهناك عن فقدان الوفاق، وهم الذين يمنعون تحقيقه من خلال علاقاتهم الخارجية، ومكاسبهم الذاتية والطائفية..
وهذا هو سرّ فقدان روحية الحوار، الذي تحوّل ـ بفعل الإصرار على الموقف الضيّق ـ إلى حوار الطرشان.. والسؤال: متى يستمع الجميع إلى صوت العقل في حركة الواقع؟؟ |