ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :
الزهراء المعصومة(ع):
{إنما يريد الله ليُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويُطهركم تطهيراً}، من أهل هذا البيت السيدة الطاهرة المعصومة بعصمة الله تعالى ورسوله، سيدة نساء أهل الجنة وسيدة نساء العالمين، السيدة فاطمة الزهراء(ع)، التي تصادف ذكرى ولادتها في العشرين من شهر جمادى الثانية، الذي يصادف غداً.
والسيدة الزهراء(ع)، هي الإنسان التي انطبعت بطابع رسول الله(ص)، فكان عقله يربي عقلها، فعقلها من عقل رسول الله (ص)، وكان قلبه يخاطب قلبها، فكان قلبها يتسع لكل الناس كما اتّسع قلب رسول الله لكل الناس، وكان علمها من علم رسول الله، فكانت وهي في السنّ التي لم تتجاوز فيه بدايات الشباب، العالمة التي عاشت العلم مع عليّ (ع) في مدرسة رسول الله، وكانت تعلّم الناس، وتهتم بالعلم اهتماماً كبيراً.
وارثة علم رسول الله(ص):
ويروي بعض الرواة عنها انه جاء رجل إليها وقال لها: يا فاطمة، ما الذي تركه رسول الله عندك من العلم فتعطيني إياه، فقالت لخادمتها "فضة": "ابحثي لي عن هذه الوريقات التي تركتها"، فقالت لها: إنها ضاعت عندي، فقالت لها: "ابحثي عنها فإنها تعدل عندي حسناً وحسيناً"، وعندما نعرف كم هي قيمة الحسن والحسين(ع) عند الزهراء(ع)، نعرف عندها كم هي قيمة العلم الذي أخذته من رسول الله، فبحثت عنها "فضة" ووجدتها في القمامة، فجاءت بها إلى الزهراء(ع)، وإذا فيها: "مما كتبته الزهراء ـ كما تقول الرواية ـ عن رسول الله(ص) قالت:
"قال محمد النبي(ص): ليس من المؤمنين من لم يأمن جاره بوائقه ـ يعني أن الإنسان الذي لا يأمن جاره من أذاه ومشاكله فليس من المؤمنين حتى لو صام وصلى وحجّ واعتمر ـ ومن كان يؤمن باليوم الآخر فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو يسكت ـ الإنسان المؤمن لا بد له من أن يقول ما يقوله مما يكون خيراً في الدين والدنيا، بحيث إن كلامه يملأ عقول الناس بالحق، وقلوبهم بالمحبة، وحياتهم بالعدل، وإلا فلا يتحدثن بالشر بل لا بدّ أن يسكت، لأن سكوته يعفيه مما يمكن أن يقوله من الشر مما يغضب ربه ويسيء إلى واقعه في المجتمع ـ إن الله يحب الخيّر ـ الذي يعيش الخير ويربي نفسه عليه حتى يتحوّل الخير عنده إلى طبيعة فيه، بحيث يكون كيانه في كل حركته مع الناس خيراً ـ الحليم ـ الواسع الصدر الذي لا يبادر بالتوتر عندما يثير الناس التوتر في أعصابه، بل يحلم عن الناس ـ المتعفِّف ـ الذي لا يمد يده إلى ما يُسقط نفسه وما حرّم الله عليه ـ ويبغض الفاحش المتفحّش البذّاء السائل الملحف، إن الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، وإن الفحش من البذاء والبذاء في النار". هذا ما روي أن الزهراء (ع) كتبته عن رسول الله (ص)، وكانت تحتفظ به لما ترى له من قيمة كبرى عندها، ولا سيما وأن مضمون هذا الحديث يدخل في نسيج المجتمع وسلامته.
مكانتها عند الرسول(ص):
ولأن للزهراء(ع) مكانة عظيمة، نورد بعض الشهادات التي تتحدث عنها: يروي "الحاكم" في "المستدرك" بسنده عن أمِّ المؤمنين "عائشة" أنها قالت: ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً من فاطمة برسول الله، وكانت إذا دخلت عليه رحّب بها وقام إليها وأخذ بيدها وقبّلها ـ وهذا يدل على مدى التقدير والاحترام والمحبة التي كان يشعر بها رسول الله تجاهها، لما يعرفه من العظمة الروحية والنفسية والاستقامة والعصمة العملية التي كانت تتميّز بها فاطمة، لأن المسألة مسألة غير عادية، فليس من المألوف عند الناس أن يتعامل الأب مع ابنته بهذه الطريقة، لولا أنه كان ينظر إلى ابنته في موقع الملكات القدسية التي كانت تتميّز بها والتي كان رسول الله(ص) قد صنعها في نفسها بالإضافة إلى ما أمدّها الله به من لطف ـ وكانت هي إذا دخل عليها رسول الله قامت إليه مستقبلة وقبّلت يده ـ وبذلك نعرف طبيعة العلاقة بينهما كيف كانت ترتكز على الاحترام والحب والإعزاز.
وتنقل بعض الروايات أن فاطمة (ع) أقبلت تمشي "ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله شيئاً"، ما يجعلنا نعرف أنها كانت تقتدي به وتتبع أثره في كل ما يفعله حتى في طريقة كلامه ومشيه، لأنها لم تتربَّ إلا على يده، وهي التي لم تعش مع أمها ـ وأمها في الدرجة العليا من الفضل ـ إلا سنين قليلة، فكان رسول الله أمها وأباها، كما أنها كانت بالعاطفة والحنان أم رسول الله، وقد قال فيها رسول الله (ص) وهو يجد هذا الدفق من الحنان والرعاية، إنها "أم أبيها". وعن أم المؤمنين "أم سلمة" تقول: "كانت فاطمة بنت رسول الله أشبه الناس وجهاً برسول الله".
وعن عائشة كما ورد في كتاب "الاستيعاب" ـ وهو ليس من كتب الشيعة ـ: "ما رأيت أحداً كان أصدق لهجةً من فاطمة إلا الذي ولدها"، يعني رسول الله.. وشهادة عائشة مهمة جداً، لأن فاطمة هي بنت ضرّتها، وكانت تغار ـ كما ينقل التاريخ ـ حتى بعد وفاة خديجة من تعظيم رسول الله(ص) لزوجته خديجة(ع). وفي "الاستيعاب" أن "عائشة" سئلت: أيّ الناس كان أحبّ إلى رسول الله من النساء، قالت: فاطمة، قلت من الرجال؟ قالت زوجها، إن كان ما علمته صوّاماً قوّاماً.
وقد تحدَّث رسول الله (ص) عن الزهراء(ع) وكأنه يتصوّر ما كان في مستقبل حياتها من الأذى والظلامات، فقد ورد في "البخاري" أن رسول الله (ص) قال: "فاطمة بضعةٌ منّي مَنْ أغضبها فقد أغضبني"، وفي حديث آخر في كتاب "الإصابة" عن "المسوّر بن مخزمة": سمعت رسول الله (ص) يقول على المنبر: "فاطمة بضعة مني يؤذيني ما أذاها ويريبني ما رابها"، ومن الطبيعي أنّ النبي(ص) لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، والنبي(ص) لا يتحرّك من ناحيةٍ عاطفيةٍ شخصية ولا يعطي قيمةً لابنته على أساس الجانب العاطفي، ولكنّه كان يعرف أنّ فاطمة كانت مثالاً للعصمة، والإنسانة التي عاش الإسلام في كل وجودها، فلم يكن فيها شيء لغير الإسلام، كانت العصمة في عقلها وقلبها وكلامها وحياتها. ولذلك، عندما عرف رسول الله(ص) أنّ الزهراء يرضيها ما يرضي الله ويغضبها ما يغضب الله قال: "من أغضبها فقد أغضبني".
كانت الزهراء(ع) الإنسان الكامل المعصوم بآية التطهير التي نزلت في بيت "أم سلمة"، وكان رسول الله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين تحت الكساء، فنزلت هذه الآية لكي تركّز عصمة هؤلاء الخمسة، وكان رسول الله يذكّر الناس بأن هذه الآية نزلت في هؤلاء، فكان عند صلاة الفجر يمر على بيت فاطمة ويقول: "السلام عليكم يا أهل البيت، الصلاة الصلاة، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً. ولذلك، علينا أن نعرف فاطمة في أخلاقها وسيرتها وعصمتها، وأن تكون النموذج الأعلى والمرأة المسلمة والإنسان المسلم، لأنها الصورة الكاملة عن رسول الله(ص).
دعاؤها لله:
وفي ختام الحديث، نقف مع الزهراء (ع) وهي تدعو الله: "اللهم قنّعني بما رزقتني، واسترني بسترك الجميل، وعافني أبداً ما أبقيتني، واغفر لي وارحمني إذا توفّيتني، اللهم لا تعنّني ـ تتعبني ـ في طلب ما لم تقدّر لي وما قدّرته عليّ فاجعله ميسّراً سهلاً، اللهم كافِ عني والديّ وكل من له نعمة عليّ خير مكافأتك، اللهم فرّغني لما خلقتني له ـ {وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون}، وعبادة الله هي الخضوع له في كل ما أمر به ونهى عنه ـ ولا تشغلني بما تكفّلت لي به، ولا تعذّبني وأنا أستغفرك، ولا تحرمني وأنا أسألك، اللهمّ ذلِّل نفسي في نفسي، وعظّم شأنك في نفسي، وألهمني طاعتك والعمل بما يرضيك والتجنّب لما يسخطك يا أرحم الراحمين".
هذا دعاء فاطمة (ع) لله، وهو يوجّهنا إلى أن نطلب من الله ما طلبته، والى أن نتوجه إلى الله من أجل أن نسير على الخط المستقيم ليرضى عنا ولا شيء إلا رضاه، وذلك هو خطّ أهل البيت(ع)، رضاهم رضى الله، يصبرون على بلائه ويوفّيهم أجور الصابرين.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله.. اتقوا الله والتزموا خط رسول الله (ص) وخط أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وقد كانت فاطمة صوتاً صارخاً من أجل الحق لتواجه القضايا الكبرى التي تمسّ قضايا الإسلام والمسلمين، ولذا وقفت مع زوجها وابن عمها وإمامها عليّ(ع)، لأنها رأت أنّ الحق معه وأنه مع الحق، ولذلك لم تتحدث مع المسلمين عن آلامها، بل تحدثت عن قضية الإسلام الكبرى، وأرادت للمسلمين أن ينهجوا نهج الإسلام في صفائه ونقائه وخط استقامته.
وعلينا أن نتعلّم من الزهراء (ع) أن نواجه القضايا الإسلامية الكبرى، لتكون اهتماماتنا اهتمامات الإسلام، وهذا ما نحتاجه في الواقع الذي نعيش فيه، والذي نواجه فيه ـ كمسلمين وكمستضعفين ـ الاستكبار كله والكفر كله، أن نعيش الاهتمامات الكبرى والروح الرسالية التي تتسع للواقع الإسلامي في العالم كله، فماذا هناك؟
إسرائيل تعيش هاجس أيلول الأسود:
الانتفاضة مستمرة، والعمليات الاستشهادية ـ لا سيما في القدس ـ تتوالى، والإسرائيليون يعيشون هاجس أيلول الأسود في حالة استنفار، والعمليات الوحشية الصهيونية في القصف والتدمير والاغتيال متواصلة.. وأمريكا ترى في استخدام العدو الأسلحة الأمريكية ضد الفلسطينيين أمراً مبرراً لم تخرق فيه إسرائيل القانون الأمريكي في استعمال السلاح، لأن من حق إسرائيل ـ بحسب المنطق الأمريكي ـ إبادة الفلسطينيين بحجة الدفاع عن النفس ومواجهة ما تعتبره إرهاباً، لأن شرعة حقوق الإنسان في حق تقرير المصير للشعوب عند أمريكا، لا يشمل الفلسطينيين إذا كان المحتلٌّ إسرائيلياً؟؟
ثم إن أمريكا انسحبت من مؤتمر "دربان" في جنوب إفريقيا احتجاجاً على إدانة إسرائيل في أعمالها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، وفي احتلال أرضه، لأنها شريكة إسرائيل في ذلك كله، ما يجعل إدانتها إدانةً لأمريكا نفسها..
إن أمريكا ـ ومعها الدول الأوروبية ـ وقفت ضد طلب دول إفريقيا الاعتذار منها على ممارستها للاستعباد واسترقاق الإفريقيين، وفي التعويض عليهم، في الوقت الذي قامت فيه بعملية استنفار ضد ألمانيا للتعويض على اليهود في ممارسات "هتلر" ضدهم، وذلك باسم الدفاع عن حقوق الشعب اليهودي، ولكنهم لا يحترمون الشعوب الإفريقية، بل لا يزالون ينظرون إليها كما ينظر السيد لعبيده، ويعملون على ممارسة الاسترقاق السياسي والاقتصادي والأمني للسيطرة على ثروات القارة الإفريقية كلها.. وبهذا تبرز الكذبة الكبرى التي تتاجر بها أمريكا في المطالبة بحقوق الإنسان.
إن أمريكا تمنح الغطاء السياسي والدعم العسكري لإسرائيل ولكل الدول المتحالفة معها، حتى لو كانت ضد قضايا الحرية في داخل حدودها أو في خارجها.. ولذلك، فإننا ندعو إلى فهم معنى السياسة الأمريكية في العالم، ومعاقبتها اقتصادياً، وعزلها سياسياً، وإرباك مصالحها في المنطقة بطريقة وبأخرى، لأن بقاء هذا الاستهتار الاستكباري بقضايا الشعوب، ومصادرة حرياتها، ونهب ثرواتها، ليس في مصلحة الإنسان كله، ولا سيما المستضعفين.
التخطيط لدعم الانتفاضة:
وإننا في هذه المرحلة التي تتنادى فيها الشخصيات العربية والإسلامية والحركات السياسية إلى الاحتفال بمرور سنة على الانتفاضة، نشعر بالحاجة إلى التخطيط لدعم الانتفاضة سياسياً ومادياً وعسكرياً على مستوى الشعوب ـ بحسب إمكاناتها المحدودة ـ والضغط على القائمين على شؤون القرار في العالمين العربي والإسلامي، لأن ذلك هو وحده الذي يمثِّل الموقف الضاغط على موقع الاستكبار العالمي، والموقف العملي لدعم الانتفاضة.
الدهشة من الموقف الروسي:
وفي هذا الاتجاه، وبمناسبة زيارة "شارون" إلى موسكو، فإننا نتساءل عن الموقف الروسي الذي انتقد العمليات الاستشهادية تحت عنوان إدانته للإرهاب، وتشكيل لجنة لمكافحة "الإرهاب" مع إسرائيل، والتأكيد على الالتزام الروسي بنظام حظر انتشار الأسلحة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تصدير التكنولوجيا العسكرية إلى الخارج، في الوقت الذي لم تنتقد فيه روسيا العمليات الوحشية الإسرائيلية، ولم تتحدث عن السلاح النووي الذي تملكه إسرائيل وتهدد به دول المنطقة.. إن هذا الموقف الروسي يبعث على الدهشة وعلى التساؤل: هل نحن أمام هدية روسية جديدة لأمريكا؟! وبهذه المناسبة، فإننا نشكر موقف البطريرك الأكبر للكنيسة الأرثوذوكسية في روسيا الذي رفض استقبال شارون لجرائمه ضدَّ الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة.
التعقيدات تعيق الحوار:
أما في الداخل اللبناني، فقد كنا ـ ولا نزال ـ نتمنى أن يكون العقل الهادئ، والصوت العاقل، والمحبة السياسية، هي التي تسيطر على الواقع، وأن لا ينطق أيّ فريق ـ لا سيما إذا كان ذا صبغة طائفية ـ باسم المواطنين جميعاً مع وجود فئات تختلف معه في الرأي، وأن لا نتحدث بأسلوب التعميم للحديث عن خنق الحريات وغياب الممارسة الشعبية الحرة بالمطلق، والإصرار على أن عدم الاستجابة لمطالبه يمثّل سقوط المؤسسات وارتهانها للخارج، واختصار كل مشاكل لبنان، بما في ذلك الاحتلال الإسرائيلي وتدمير البنية التحتية من قِبَل إسرائيل، والحرب اللبنانية، والأزمات الناشئة من تعقيدات الواقع السياسي والاقتصادي في المنطقة، اختصار ذلك كله بالوجود السوري!!
إننا نتصوّر أنَّ التعقيدات الطائفية والسياسية، والأزمات الاقتصادية في لبنان، بحاجة إلى وقت طويل للحوار حول الآراء المختلفة، لا سيما أن العواصف والزلازل الأمنية والسياسية تهز المنطقة إقليمياً ودولياً، وبخاصة حركة الصراع في فلسطين بين الانتفاضة واليهود، ومن الصعب حلّ ذلك في لحظة واحدة، في الوقت الذي تتنوّع فيه المواقف بين مسألة وأخرى.
لقد عاش اللبنانيون بعض المناخ الهادئ في الجوِّ السياسي، والمطلوب من الجميع، سواء كانوا مسؤولين في الدولة أو في الواقع السياسي، أو كانوا مسؤولين دينيين، أن يحافظوا على أعصاب الناس، لا سيما أن البيانات لم تأتِ بجديد، فقد استهلكها الناس وحفظوها عن ظهر قلب.. والسؤال: هل تُصنع الحلول بالصراخ أو بالتفكير والحوار؟
حذار من الفتنة وإثارة الأحقاد:
وأخيراً، إنني أدعو كل أبنائي وأخواني في المنطقة الحدودية المحرّرة، بمناسبة الانتخابات البلدية والاختيارية، أن يحسنوا الاختيار، فيختاروا أهل الخبرة والصدق والأمانة والشعور بالمسؤولية أمام الله والناس، فإنّ الله تعالى سيسألهم عن ذلك كله، لأن المسألة لا ترتبط بعصبية عائلية أو حزبية أو سياسية أو شخصية أو طائفية، بل ترتبط بمصالح الناس في قضاياهم العامة..
كما أوصيهم جميعاً بأن لا يفسحوا المجال لأية جهة تريد أن تعيد الفتنة إلى صفوفهم، وتثير الحقد في قلوبهم، فإن المرحلة التي نواجهها من أشد المراحل قسوةً وصعوبةً على مستوى قضايا المصير، لا سيما أن العدوّ لا يزال في مواقع الاحتلال في أرضنا، وعلى مرمى حجر من حدودنا، ولا يزال بقايا العملاء يتحركون من أجل إرباك الأوضاع عندنا، وتذكّروا قول الإمام عليّ (ع): "اتقوا الله في عباده وبلاده، فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم". |