ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والإجتماعية وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته الأولى:
{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}، من أهل هذا البيت الامام علي بن الحسين زين العابدين السجاد(ع) الذي نلتقي بذكرى وفاته في 25 محرم، ونحن عندما نقف أمام ذكرى هذا الامام، فإننا نقف أمام إمام عاش لله وعلم الناس كيف يجلسون بين يدي الله ويتضرعون ويبتهلون إليه، وكيف يعبرون عن خوفهم منه ومحبتهم له، وكيف ينطلقون مع الله في كل شؤون حياتهم، فقد كان تراث السجاد(ع) في الدعاء تراثاً مميزاً، لا سيما في أدعية الصحيفة السجادية، التي تجعل لكل حالة من حالات الانسان دعاء معيناً يشتمل على كل عناصر تلك الحالة، فنحن عندما نقرأ دعاءه في تحميد الله نخرج منه بمعرفة عميقة لصفات الله ونعمه، وعندما يتحدث عن الملائكة فإنه يقدم لنا ثقافة غنية عن أنواع الملائكة ووظائفهم ومواقعهم وأشكالهم، وهكذا عندما يذكر الرسول(ص) فإنه يختصر كل حياته الرسالية والجهادية وكل آلامه وهمومه، بحيث نستطيع معرفة حياة رسول الله(ص) منذ البعثة إلى وفاته(ص).
وهكذا عندما يدعو لأهل بيته ولولده وجيرانه وأوليائه، كذلك أدعيته في الصباح والمساء وأثناء المهمات والكرب، أو في مكارم الاخلاق وفي المرض والموت، و مع الجار والقريب في دعاء عرفة، حتى أن الصحيفة تملأ كل الايام والظروف والمناسبات بالادعية الكفيلة بتكامل الانسان على المستوى الثقافي وعلى مستوى القرب من الله. وفي الواقع تمثل "الصحيفة السجادية" الكتاب الثقافي الارقى على مستوى المنهج الروحي والاخلاقي والنفسي، بحيث يمكن لنا أن نطلقه ليكون أروع الكتب في الثقافة الاسلامية، دون أن ننسى الدعاء الخالد المعروف بدعاء "أبي حمزة الثمالي" وغيره من الادعية، ونحن ننصح جميع المؤمنين والمؤمنات أن يتابعوا قراءة أدعية الامام السجاد(ع) لأنها تربطهم بالله من موقع متقدم، ولأنها تؤكد الخط الاسلامي المستقيم في كثير من قضاياهم العامة والخاصة في الحياة.
رسالة الحقوق
وإذا تناولنا "رسالة الحقوق" للامام(ع) فإننا نرى أن السجاد(ع) حدد حقوق الجميع على الجميع، فقد حدد حقوق الله على الناس وحق الرسول(ص) على المسلمين، حق الآباء على الابناء وبالعكس، حق المعلم والمتعلم، حق المسؤول وما إلى ذلك من حقوق فردية واجتماعية كثيرة، ولا بد من الالتفات إلى مسألة هامة ذات صلة وثيقة بمشاكلنا، ومفادها أن كل واحد منا يعتقد أن له الحق على الناس وأن ليس للناس من حقوق عليه، فالزوج يطلب من زوجته أن تؤدي له حقوقه ولا يقبل العكس، كذلك الجار أو الاب أو الحاكم، فيما الحقوق متبادلة، والاهم أن يعرف الانسان حق الله في توحيده وطاعته والقيام بواجبه وتأدية ما فرضه من عبادات وطاعات والتزامات هي بمثابة حقوق الله.
لقد ترك الامام(ع) ثروة أخلاقية في سيرته وعمله الكثير، لأنه كان في القمة من الاخلاق والروحية والحركة في خط المسؤولية، وقد ملأ المرحلة التي عاشها علماً، حتى كان أساتذة الفكر في ذلك الزمن من تلامذة الامام، ونحن للأسف لا نذكر السجاد(ع) إلا باكياً، بالرغم من أن بكاءه على أبيه الحسين(ع) لم يكن بكاء الجزع وكان للعبرة والتعليم.
يدخلون الجنة بغير حساب
ونحن في هذا اللقاء نحب أن نقرأ بعض كلمات الامام(ع) التي تتخذ طابع التوجيه القائم على أساس البشارة والحصول على الدرجة العليا عند الله:
عن علي بن الحسين(ع) قال: "إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ ليقم أهل الفضل ـ الذين لهم التميز ـ فيقوم ناس من الناس، فيُقال: انطلقوا إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة وتسألهم إلى أين؟ فيجيبون: إلى الجنة، قالت الملائكة: قبل الحساب؟ قالوا: نعم، قالوا من أنتم؟ قالوا: أهل الفضل، قالوا: وما كان فضلكم؟ قالوا: كنا إذا جُهل علينا حلُمنا، وإذا ظُلمنا صبرنا، وإذا إسيء إلينا غفرنا، قالوا: ادخلوا الجنة بغير حساب. ثم ينادي مناد: ليقم أهل الصبر فتتلقاهم الملائكة، فيقال: انطلقوا إلى الجنة، ويحدث لهم مثل ذلك، فيقال لهم: وما كان صبركم؟ قالوا: صبّرنا أنفسنا على طاعة الله ـ فالتزمنا بكل ما أمرنا الله وكنا نُصبّر أنفسنا رغم ما كانت تعانيه من ضغوط نفسية واجتماعية تدفعها للتخلي عن مسؤولياتها ـ وصبّرناها عن معصية الله عز وجل ـ فإذا اتجهت نفوسنا إلى الشهوات وارتكاب المعاصي كنا نلزم أنفسنا بالامتناع عن كل ذلك ـ قالوا: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين. ثم ينادي منادٍ: ليقم جيران الله في داره، فيقوم ناس من الناس وهم قليل، فيقال لهم انطلقوا إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة، ويقال لهم مثل ذلك، قالوا: بما جاورتم الله في داره؟ قالوا: كنا نتزاور في الله عز وجل ـ كنا نتزاور لا لعلاقة عاطفية أو شخصية بل قربة إلى الله ـ ونتجالس في الله ـ نتجالس على أساس علاقة الايمان ـ ونتباذل في الله ـ يبذل كل منا نفسه في الله ـ قالوا: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين".
ويريد الامام(ع) بذلك أن يبين لنا أن هذه الاخلاق الاسلامية من حلم وصبر ومغفرة وتواصل وبذل تمثل الخط الاسلامي الذي يمنحك الجائزة الكبرى فتدخل إلى الجنة بغير حساب، وأية جائزة أعظم من ذلك. صحيح أن الانسان قد يعيش الشعور بالحرمان إذا ابتعد عن المطامع، لكن إذا كان ثمن ذلك الجنة، فإن كل شيء يهون أمام هذا النعيم.
كفى بالمرء شغلاً لنفسه عن عيوب الناس
وفي حديث آخر للسجاد(ع): "ثلاث من كُنّ فيه كان في كنف الله ـ رعاية الله وحمايته ـ وأظلّه الله يوم القيامة في ظل عرشه ـ من الشمس الملتهبة ـ وآمنه من فزع اليوم الأكبر ـ ذلك اليوم ـ: من أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم لنفسه ـ أي أنه يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به ـ ورجل لم يقدم يداً ولا رِجلاً ـ إلى شهوة أو حرام ـ حتى يعلم أنه في طاعة الله قدمها أو في معصيته، ورجل لم يُعب أخاه بعيب حتى يترك ذلك العيب من نفسه ـ إذا أردت أن تنتقد أخاك، فارجع إلى نفسك، فإذا كنت سالماً من العيوب التي تنتقدها فانتقده وإلا فعلى أي أساس تُعيب أخاك ـ وكفى بالمرء شغلاً لنفسه عن عيوب الناس"، إشغل نفسك بعيوبك قبل انتقاد الناس، وإذا حصل الانسان على هذه الصفات الثلاث كان تحت ظل عرش الله وكان آمناً من الفزع الاكبر.
وفي حديث ثالث يقول الامام(ع): "إن أحبكم إلى الله أحسنكم عملاً، وإن أعظمكم عند الله عملاً أعظمكم فيما عند الله رغبة، وإن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشية لله، وإن أقربكم من الله أوسعكم خلقاً وإن أرضاكم عند الله أسعاكم على عياله ـ أي الذين يتحملون مسؤولية عيالهم، فلا يضيعونهم في الجانب المالي والعملي ـ وإن أكرمكم عند الله أتقاكم".
القوي أمام الطغاة
وفي ختام الحديث أن عبد الملك بن مروان بعث إلى الامام(ع) رسالة وطلب منه أن يهب له سيف رسول الله(ص) ويسأله الحاجة، وعندما رفض الامام(ع) طلب بن مروان وأبى عليه، كتب إليه عبد الملك يهدده بأن يمنع عنه ما يستحق من بيت المال، فأجابه الامام(ع): "أما بعد: فإن الله أمّن للمتقين المخرج من حيث يكرهون والرزق من حيث لا يحتسبون {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وقال جل ذكره: {إن الله لا يحب كل خوانٍ كفور} فانظر أينا أولى بهذه الآية". فالإمام(ع) يرفض تهديده، بل يهدده بالله ولا يخضع له أبداً.
أيها الاحبة، إن الامام زين العابدين(ع) الذي كان يمثل كل الروحانية والزهد والخوف، كان القوي في موقفه أمام جميع الطغاة، كان القوي بالله كما الخاشع بين يديه، وكلما أحب الانسان الله أكثر كلما كان إنساناً أكثر وقوياً أكثر.. إن أهل البيت(ع) هم أئمتنا وقادتنا وسادتنا وهم أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، بهم فتح الله وبهم يختم، فعلينا أن نتولاهم ونسير في خطهم، فإن ذلك هو معنى الولاية والارتباط بالإمامة.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله اتقوا الله في كل أموركم لأن الله سائلكم عن كل ما أمركم به في الصغير والكبير وفي كل ما نهاكم عنه، إن الله سيسألكم عن مواقع طاعته ومعصيته... عليكم أن تكونوا الواعين لما أراده الله منكم في كل قضاياكم الفردية والعائلية والاجتماعية والسياسية، إذ علىكل إنسان أن يعرف نفسه قبل أن يقف بين يدي الله، وأن يحسب حساب عمله قبل أن يقدم إليه كتابه، ليحاسب نفسه يومياً أشد من حساب الشريك لشريكه، فإذا أخطأ الحسابات مع نفسه فقد يخسر نفسه {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها}، ويعيش مسؤولية كل مسلم في الحياة ويتحمل المسؤولية الإسلامية في كل قضايا المسلمين لأن الله فرض على المسلم أن يفكر بمصالح المسلمين كما يفكر بمصالح نفسه.
واشنطن تخدّر الفلسطينيين بالوعود الكاذبة
هل انتهت لعبة إعلان الدولة الفلسطينية بعد 4 أيار برسالة الوعود الأمريكية التي لم تشر الى مسألة قيام الدولة الفلسطينية، ولكنها تحدثت عن حق الفلسطينيين في أن يعيشوا أحراراً اليوم وغداً وإلى الأبد، وعن الوعد بالعمل على تحقيق اتفاق حول الوضع النهائي على المسار الفلسطيني خلال عام واحد على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام، مع التمني على عرفات أن لا يعلن قيام الدولة من طرف واحد ، والسؤال لماذا لم تعمل أمريكا للضغط على إسرائيل التي تقوم بتحريك مشاريع الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية وتهويد القدس من طرف واحد ؟ لماذا أثيرت الضجة الدولية تحت تأثير أمريكا حول إعلان قيام الدولة ولم تثر أية ضجة سياسـية أو دبلوماسية على مشاريع الاستيطان وتهويد القدس ؟ إن الوعود الأمريكية تمثل لوناً من التخدير للفلسطينيين بالكلمات من دون أية آلية واقعية للتنفيذ ، لأن أمريكا مستعدة أن تنفذ قرارات مجلس الأمن في أية دولة في العالم لحساب مصالحها ولكنها ليست مستعدة لتنفيذ قرار واحد يتعلق بفلسطين لحساب الفلسطينيين على حساب تطلعات إسرائيل في مشاريعها العدوانية.
حذار من لعبة الحكم الذاتي
إننا نطلب من الشعب الفلسطيني أن لا يستسلم لهذه الوعود التي تصادر حركته الجهادية نحو المستقبل الحر لأنه لن يحصل منها على شيء تماماً كما هو الحال في الماضي ، وندعو الجميع ولا سيما الإسلاميين أن لا يخضعوا للعبة الحكم الذاتي التي تعمل على إسقاط مواقعهم ومواقفهم الرافضة لاتفاق أوسلو وعلى بث الخلاف بينهم ، فإن وحدتهم هي الأساس لبقاء القوة في ساحة المواجهة وما ضاع حق وراءه مطالب ، وعليهم الانتباه الى الخطة الخفية في الوصول الى الكونفدرالية مع الأردن التي قد تعطي الفلسطينيين بعض المواقع في فلسطين على حساب القضية الكبرى ، من اجل إغلاق الملف الفلسطيني لمصلحة الواقع الإسرائيلي كله.
العلاقات الإيرانية - السعودية تمهّد لإمساك المسلمين بأمن الخليج
وفي الواقع العربي – الإسلامي نتابع تطور العلاقات الإيرانية – العربية ولا سيما مع السعودية ودول الخليج تحت العنوان الإسلامي الكبير، فنرى انه يمهّد لمستقبل سياسي واقتصادي وأمني جديد قد يؤدي الى التنسيق من أجل خطة شاملة لإزالة القواعد العسكرية الأمريكية من الخليج، والوصول الى أن يتحمل الخليجيون – بما فيهم إيران – المسؤولية عن أمن الخليج في مواجهة التحديات بدلاً من الأمريكيين الذين لا يريدون الخير للمنطقة بل يعملون على الاستفادة منها كبقرة حلوب وتأكيد مصالحهم على حساب مصالح شعوبهم.
إن على البلاد العربية والإسلامية ، شعوباً وحكومات أن تدرس حركة السياسة الأمريكية التي تعمل على مصادرة ثرواتهم ومواقعهم الاستراتيجية تحت عناوين سياسية وأمنية لا تنتج إلا الضعف والدمار للواقع كله ، لحساب مصالح إسرائيل في المنطقة.
تركيا : الحرب على الحجاب دليل ضعف النظام
ونصل إلى تركيا في مشهد الحرب على الحجاب الذي يشنه النظام التركي والذي طاول في هذه الأيام إحدى الفائزات في الانتخابات النيابية.
إننا نؤيد موقف العضوة الإسلامية في البرلمان التركي التي رفضت نزع الحجاب في البرلمان في مواجهة الحكومة والنواب العلمانيين كتأكيد لالتزامها الإسلامي، ونجد في الموقف التركي الرسمي دليلاً على ضعفه وخوفه من الامتداد الإسلامي في الشعب التركي، الأمر الذي يدفعه الى اضطهاد الالتزام الإسلامي ولكن الإسلام سوف ينتصر في النهاية.
تعاون الإسلام والمسيحية أساس لبناء مستقبل جديد
لقد قرأنا في هذه الأيام تصريحاً للبابا قال فيه: في عالم اليوم الذي يتسم للأسف بنسيان الله، فإن المسيحيين والمسلمين مدعوون للدفاع عن الكرامة الإنسانية والقيم الأخلاقية والحرية من خلال الصلاة والصوم وفعل الخير وكذلك بالعمل التضامني من أجل السلام والعدالة والسمو بالإنسان وحماية البيئة ، وقال: لنسير معاً على طريق المصالحة ونبذ العنف في حل الخلافات فإن الديانتين تقدمان للعالم بريق أمل ، وأن المسيحيين يعترفون – بفرح – بالقيم الدينية التي يتقاسمونها مع الإسلام برغم الاختلافات الموجودة بين الديانتين".
إننا نرحب بهذه الدعوة ونؤكد على الحوار الإسلامي – المسيحي من اجل خطة شاملة لتركيز الموقف على أساس تعميق الإيمان بالله في مواجهة الكفر وإسقاط الاستكبار العالمي بكل مواقفه السياسية والاقتصادية والأمنية لأنه يمثل الكفر العملي الذي يستهدف كل القيم الدينية والحقوق الإنسانية للمستضعفين.
إن تعاون الديانتين في القضايا المشتركة - على أساس الكلمة السواء - هو الأساس لبناء المستقبل الجديد للإنسان.
تعميق المأزق الصهيوني
ونصل الى الوضع في الجنوب لنلاحظ أن العدو قد قام بالاعتداء على المدنيين في أكثر من موقع رداً على العمليات البطولية للمقاومة الإسلامية التي استطاعت أن تنجح في إثبات أن احتلال "أرنون" لم يمنع من استهداف مواقعه في قلعة "الشقيف" وفي إنزال الخسائر بجنوده وبالعملاء ، ونلاحظ أن ردود فعله لم تتمثل في مواجهة المجاهدين بقدر ما تمثلت في قصف المواقع المدنية من أجل استعراض عضلات القوة أمام الناخبين الصهاينة، وقد كان التحذير الأخير للمجاهدين في قصف المواقع القريبة من الحدود رسالة واضحة بأن مستوطناته لن تكون بعيدة عن القصف إذا استمر في الاعتداء على المدنيين ، إن الخطة المرحلية لا بد أن تتحرك لإبقاء المأزق الإسرائيلي من خلال فرض الحصار على جنوده وعملائه من اجل تسريع انسحابه من البلاد. وعلى الشعب اللبناني كله أن يقف بقوة خلف الجاهدين لتحقيق هذا الهدف الكبير الذي ينقل المسألة السياسية من واقع الاحتلال الى واقع التحرير ، وعلينا أن نعرف بأن التهديدات الإسرائيلية بأي عمل كبير لا تملك أية واقعية سياسية وأمنية.
نأمل بتجسيد كلام المسؤولين في الواقع
وأخيراً ، إننا نرحب بكلام المسؤولين وأملهم بالعودة بلبنان إلى مصاف الدول المتقدمة في المجالات الاقتصادية والثقافية وغيرها وأن الحريات سوف تبقى وأن الذي يعتدي على الحريات سيدفع الثمن.
إن ذلك سوف يعطي دفعة جديدة في مسار بناء الدولة وترميم صورتها السياسية والاقتصادية التي أنهكتها بعض الممارسات التي لم تأخذ مصلحة البلد بعين الاعتبار، ويبقى الأمل الكبير في تجسيد خطة عمل على كافة المستويات السياسية والاقتصادية بما يعطي هذه المواقف المزيد من الصدقية والثبات والتجسيد في أرض الواقع.
(الأحاديث من كتاب :أعيان الشيعة؛ الأمين ،ج1)
ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والإجتماعية وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته الأولى:
{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}، من أهل هذا البيت الامام علي بن الحسين زين العابدين السجاد(ع) الذي نلتقي بذكرى وفاته في 25 محرم، ونحن عندما نقف أمام ذكرى هذا الامام، فإننا نقف أمام إمام عاش لله وعلم الناس كيف يجلسون بين يدي الله ويتضرعون ويبتهلون إليه، وكيف يعبرون عن خوفهم منه ومحبتهم له، وكيف ينطلقون مع الله في كل شؤون حياتهم، فقد كان تراث السجاد(ع) في الدعاء تراثاً مميزاً، لا سيما في أدعية الصحيفة السجادية، التي تجعل لكل حالة من حالات الانسان دعاء معيناً يشتمل على كل عناصر تلك الحالة، فنحن عندما نقرأ دعاءه في تحميد الله نخرج منه بمعرفة عميقة لصفات الله ونعمه، وعندما يتحدث عن الملائكة فإنه يقدم لنا ثقافة غنية عن أنواع الملائكة ووظائفهم ومواقعهم وأشكالهم، وهكذا عندما يذكر الرسول(ص) فإنه يختصر كل حياته الرسالية والجهادية وكل آلامه وهمومه، بحيث نستطيع معرفة حياة رسول الله(ص) منذ البعثة إلى وفاته(ص).
وهكذا عندما يدعو لأهل بيته ولولده وجيرانه وأوليائه، كذلك أدعيته في الصباح والمساء وأثناء المهمات والكرب، أو في مكارم الاخلاق وفي المرض والموت، و مع الجار والقريب في دعاء عرفة، حتى أن الصحيفة تملأ كل الايام والظروف والمناسبات بالادعية الكفيلة بتكامل الانسان على المستوى الثقافي وعلى مستوى القرب من الله. وفي الواقع تمثل "الصحيفة السجادية" الكتاب الثقافي الارقى على مستوى المنهج الروحي والاخلاقي والنفسي، بحيث يمكن لنا أن نطلقه ليكون أروع الكتب في الثقافة الاسلامية، دون أن ننسى الدعاء الخالد المعروف بدعاء "أبي حمزة الثمالي" وغيره من الادعية، ونحن ننصح جميع المؤمنين والمؤمنات أن يتابعوا قراءة أدعية الامام السجاد(ع) لأنها تربطهم بالله من موقع متقدم، ولأنها تؤكد الخط الاسلامي المستقيم في كثير من قضاياهم العامة والخاصة في الحياة.
رسالة الحقوق
وإذا تناولنا "رسالة الحقوق" للامام(ع) فإننا نرى أن السجاد(ع) حدد حقوق الجميع على الجميع، فقد حدد حقوق الله على الناس وحق الرسول(ص) على المسلمين، حق الآباء على الابناء وبالعكس، حق المعلم والمتعلم، حق المسؤول وما إلى ذلك من حقوق فردية واجتماعية كثيرة، ولا بد من الالتفات إلى مسألة هامة ذات صلة وثيقة بمشاكلنا، ومفادها أن كل واحد منا يعتقد أن له الحق على الناس وأن ليس للناس من حقوق عليه، فالزوج يطلب من زوجته أن تؤدي له حقوقه ولا يقبل العكس، كذلك الجار أو الاب أو الحاكم، فيما الحقوق متبادلة، والاهم أن يعرف الانسان حق الله في توحيده وطاعته والقيام بواجبه وتأدية ما فرضه من عبادات وطاعات والتزامات هي بمثابة حقوق الله.
لقد ترك الامام(ع) ثروة أخلاقية في سيرته وعمله الكثير، لأنه كان في القمة من الاخلاق والروحية والحركة في خط المسؤولية، وقد ملأ المرحلة التي عاشها علماً، حتى كان أساتذة الفكر في ذلك الزمن من تلامذة الامام، ونحن للأسف لا نذكر السجاد(ع) إلا باكياً، بالرغم من أن بكاءه على أبيه الحسين(ع) لم يكن بكاء الجزع وكان للعبرة والتعليم.
يدخلون الجنة بغير حساب
ونحن في هذا اللقاء نحب أن نقرأ بعض كلمات الامام(ع) التي تتخذ طابع التوجيه القائم على أساس البشارة والحصول على الدرجة العليا عند الله:
عن علي بن الحسين(ع) قال: "إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ ليقم أهل الفضل ـ الذين لهم التميز ـ فيقوم ناس من الناس، فيُقال: انطلقوا إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة وتسألهم إلى أين؟ فيجيبون: إلى الجنة، قالت الملائكة: قبل الحساب؟ قالوا: نعم، قالوا من أنتم؟ قالوا: أهل الفضل، قالوا: وما كان فضلكم؟ قالوا: كنا إذا جُهل علينا حلُمنا، وإذا ظُلمنا صبرنا، وإذا إسيء إلينا غفرنا، قالوا: ادخلوا الجنة بغير حساب. ثم ينادي مناد: ليقم أهل الصبر فتتلقاهم الملائكة، فيقال: انطلقوا إلى الجنة، ويحدث لهم مثل ذلك، فيقال لهم: وما كان صبركم؟ قالوا: صبّرنا أنفسنا على طاعة الله ـ فالتزمنا بكل ما أمرنا الله وكنا نُصبّر أنفسنا رغم ما كانت تعانيه من ضغوط نفسية واجتماعية تدفعها للتخلي عن مسؤولياتها ـ وصبّرناها عن معصية الله عز وجل ـ فإذا اتجهت نفوسنا إلى الشهوات وارتكاب المعاصي كنا نلزم أنفسنا بالامتناع عن كل ذلك ـ قالوا: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين. ثم ينادي منادٍ: ليقم جيران الله في داره، فيقوم ناس من الناس وهم قليل، فيقال لهم انطلقوا إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة، ويقال لهم مثل ذلك، قالوا: بما جاورتم الله في داره؟ قالوا: كنا نتزاور في الله عز وجل ـ كنا نتزاور لا لعلاقة عاطفية أو شخصية بل قربة إلى الله ـ ونتجالس في الله ـ نتجالس على أساس علاقة الايمان ـ ونتباذل في الله ـ يبذل كل منا نفسه في الله ـ قالوا: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين".
ويريد الامام(ع) بذلك أن يبين لنا أن هذه الاخلاق الاسلامية من حلم وصبر ومغفرة وتواصل وبذل تمثل الخط الاسلامي الذي يمنحك الجائزة الكبرى فتدخل إلى الجنة بغير حساب، وأية جائزة أعظم من ذلك. صحيح أن الانسان قد يعيش الشعور بالحرمان إذا ابتعد عن المطامع، لكن إذا كان ثمن ذلك الجنة، فإن كل شيء يهون أمام هذا النعيم.
كفى بالمرء شغلاً لنفسه عن عيوب الناس
وفي حديث آخر للسجاد(ع): "ثلاث من كُنّ فيه كان في كنف الله ـ رعاية الله وحمايته ـ وأظلّه الله يوم القيامة في ظل عرشه ـ من الشمس الملتهبة ـ وآمنه من فزع اليوم الأكبر ـ ذلك اليوم ـ: من أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم لنفسه ـ أي أنه يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به ـ ورجل لم يقدم يداً ولا رِجلاً ـ إلى شهوة أو حرام ـ حتى يعلم أنه في طاعة الله قدمها أو في معصيته، ورجل لم يُعب أخاه بعيب حتى يترك ذلك العيب من نفسه ـ إذا أردت أن تنتقد أخاك، فارجع إلى نفسك، فإذا كنت سالماً من العيوب التي تنتقدها فانتقده وإلا فعلى أي أساس تُعيب أخاك ـ وكفى بالمرء شغلاً لنفسه عن عيوب الناس"، إشغل نفسك بعيوبك قبل انتقاد الناس، وإذا حصل الانسان على هذه الصفات الثلاث كان تحت ظل عرش الله وكان آمناً من الفزع الاكبر.
وفي حديث ثالث يقول الامام(ع): "إن أحبكم إلى الله أحسنكم عملاً، وإن أعظمكم عند الله عملاً أعظمكم فيما عند الله رغبة، وإن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشية لله، وإن أقربكم من الله أوسعكم خلقاً وإن أرضاكم عند الله أسعاكم على عياله ـ أي الذين يتحملون مسؤولية عيالهم، فلا يضيعونهم في الجانب المالي والعملي ـ وإن أكرمكم عند الله أتقاكم".
القوي أمام الطغاة
وفي ختام الحديث أن عبد الملك بن مروان بعث إلى الامام(ع) رسالة وطلب منه أن يهب له سيف رسول الله(ص) ويسأله الحاجة، وعندما رفض الامام(ع) طلب بن مروان وأبى عليه، كتب إليه عبد الملك يهدده بأن يمنع عنه ما يستحق من بيت المال، فأجابه الامام(ع): "أما بعد: فإن الله أمّن للمتقين المخرج من حيث يكرهون والرزق من حيث لا يحتسبون {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وقال جل ذكره: {إن الله لا يحب كل خوانٍ كفور} فانظر أينا أولى بهذه الآية". فالإمام(ع) يرفض تهديده، بل يهدده بالله ولا يخضع له أبداً.
أيها الاحبة، إن الامام زين العابدين(ع) الذي كان يمثل كل الروحانية والزهد والخوف، كان القوي في موقفه أمام جميع الطغاة، كان القوي بالله كما الخاشع بين يديه، وكلما أحب الانسان الله أكثر كلما كان إنساناً أكثر وقوياً أكثر.. إن أهل البيت(ع) هم أئمتنا وقادتنا وسادتنا وهم أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، بهم فتح الله وبهم يختم، فعلينا أن نتولاهم ونسير في خطهم، فإن ذلك هو معنى الولاية والارتباط بالإمامة.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله اتقوا الله في كل أموركم لأن الله سائلكم عن كل ما أمركم به في الصغير والكبير وفي كل ما نهاكم عنه، إن الله سيسألكم عن مواقع طاعته ومعصيته... عليكم أن تكونوا الواعين لما أراده الله منكم في كل قضاياكم الفردية والعائلية والاجتماعية والسياسية، إذ علىكل إنسان أن يعرف نفسه قبل أن يقف بين يدي الله، وأن يحسب حساب عمله قبل أن يقدم إليه كتابه، ليحاسب نفسه يومياً أشد من حساب الشريك لشريكه، فإذا أخطأ الحسابات مع نفسه فقد يخسر نفسه {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها}، ويعيش مسؤولية كل مسلم في الحياة ويتحمل المسؤولية الإسلامية في كل قضايا المسلمين لأن الله فرض على المسلم أن يفكر بمصالح المسلمين كما يفكر بمصالح نفسه.
واشنطن تخدّر الفلسطينيين بالوعود الكاذبة
هل انتهت لعبة إعلان الدولة الفلسطينية بعد 4 أيار برسالة الوعود الأمريكية التي لم تشر الى مسألة قيام الدولة الفلسطينية، ولكنها تحدثت عن حق الفلسطينيين في أن يعيشوا أحراراً اليوم وغداً وإلى الأبد، وعن الوعد بالعمل على تحقيق اتفاق حول الوضع النهائي على المسار الفلسطيني خلال عام واحد على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام، مع التمني على عرفات أن لا يعلن قيام الدولة من طرف واحد ، والسؤال لماذا لم تعمل أمريكا للضغط على إسرائيل التي تقوم بتحريك مشاريع الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية وتهويد القدس من طرف واحد ؟ لماذا أثيرت الضجة الدولية تحت تأثير أمريكا حول إعلان قيام الدولة ولم تثر أية ضجة سياسـية أو دبلوماسية على مشاريع الاستيطان وتهويد القدس ؟ إن الوعود الأمريكية تمثل لوناً من التخدير للفلسطينيين بالكلمات من دون أية آلية واقعية للتنفيذ ، لأن أمريكا مستعدة أن تنفذ قرارات مجلس الأمن في أية دولة في العالم لحساب مصالحها ولكنها ليست مستعدة لتنفيذ قرار واحد يتعلق بفلسطين لحساب الفلسطينيين على حساب تطلعات إسرائيل في مشاريعها العدوانية.
حذار من لعبة الحكم الذاتي
إننا نطلب من الشعب الفلسطيني أن لا يستسلم لهذه الوعود التي تصادر حركته الجهادية نحو المستقبل الحر لأنه لن يحصل منها على شيء تماماً كما هو الحال في الماضي ، وندعو الجميع ولا سيما الإسلاميين أن لا يخضعوا للعبة الحكم الذاتي التي تعمل على إسقاط مواقعهم ومواقفهم الرافضة لاتفاق أوسلو وعلى بث الخلاف بينهم ، فإن وحدتهم هي الأساس لبقاء القوة في ساحة المواجهة وما ضاع حق وراءه مطالب ، وعليهم الانتباه الى الخطة الخفية في الوصول الى الكونفدرالية مع الأردن التي قد تعطي الفلسطينيين بعض المواقع في فلسطين على حساب القضية الكبرى ، من اجل إغلاق الملف الفلسطيني لمصلحة الواقع الإسرائيلي كله.
العلاقات الإيرانية - السعودية تمهّد لإمساك المسلمين بأمن الخليج
وفي الواقع العربي – الإسلامي نتابع تطور العلاقات الإيرانية – العربية ولا سيما مع السعودية ودول الخليج تحت العنوان الإسلامي الكبير، فنرى انه يمهّد لمستقبل سياسي واقتصادي وأمني جديد قد يؤدي الى التنسيق من أجل خطة شاملة لإزالة القواعد العسكرية الأمريكية من الخليج، والوصول الى أن يتحمل الخليجيون – بما فيهم إيران – المسؤولية عن أمن الخليج في مواجهة التحديات بدلاً من الأمريكيين الذين لا يريدون الخير للمنطقة بل يعملون على الاستفادة منها كبقرة حلوب وتأكيد مصالحهم على حساب مصالح شعوبهم.
إن على البلاد العربية والإسلامية ، شعوباً وحكومات أن تدرس حركة السياسة الأمريكية التي تعمل على مصادرة ثرواتهم ومواقعهم الاستراتيجية تحت عناوين سياسية وأمنية لا تنتج إلا الضعف والدمار للواقع كله ، لحساب مصالح إسرائيل في المنطقة.
تركيا : الحرب على الحجاب دليل ضعف النظام
ونصل إلى تركيا في مشهد الحرب على الحجاب الذي يشنه النظام التركي والذي طاول في هذه الأيام إحدى الفائزات في الانتخابات النيابية.
إننا نؤيد موقف العضوة الإسلامية في البرلمان التركي التي رفضت نزع الحجاب في البرلمان في مواجهة الحكومة والنواب العلمانيين كتأكيد لالتزامها الإسلامي، ونجد في الموقف التركي الرسمي دليلاً على ضعفه وخوفه من الامتداد الإسلامي في الشعب التركي، الأمر الذي يدفعه الى اضطهاد الالتزام الإسلامي ولكن الإسلام سوف ينتصر في النهاية.
تعاون الإسلام والمسيحية أساس لبناء مستقبل جديد
لقد قرأنا في هذه الأيام تصريحاً للبابا قال فيه: في عالم اليوم الذي يتسم للأسف بنسيان الله، فإن المسيحيين والمسلمين مدعوون للدفاع عن الكرامة الإنسانية والقيم الأخلاقية والحرية من خلال الصلاة والصوم وفعل الخير وكذلك بالعمل التضامني من أجل السلام والعدالة والسمو بالإنسان وحماية البيئة ، وقال: لنسير معاً على طريق المصالحة ونبذ العنف في حل الخلافات فإن الديانتين تقدمان للعالم بريق أمل ، وأن المسيحيين يعترفون – بفرح – بالقيم الدينية التي يتقاسمونها مع الإسلام برغم الاختلافات الموجودة بين الديانتين".
إننا نرحب بهذه الدعوة ونؤكد على الحوار الإسلامي – المسيحي من اجل خطة شاملة لتركيز الموقف على أساس تعميق الإيمان بالله في مواجهة الكفر وإسقاط الاستكبار العالمي بكل مواقفه السياسية والاقتصادية والأمنية لأنه يمثل الكفر العملي الذي يستهدف كل القيم الدينية والحقوق الإنسانية للمستضعفين.
إن تعاون الديانتين في القضايا المشتركة - على أساس الكلمة السواء - هو الأساس لبناء المستقبل الجديد للإنسان.
تعميق المأزق الصهيوني
ونصل الى الوضع في الجنوب لنلاحظ أن العدو قد قام بالاعتداء على المدنيين في أكثر من موقع رداً على العمليات البطولية للمقاومة الإسلامية التي استطاعت أن تنجح في إثبات أن احتلال "أرنون" لم يمنع من استهداف مواقعه في قلعة "الشقيف" وفي إنزال الخسائر بجنوده وبالعملاء ، ونلاحظ أن ردود فعله لم تتمثل في مواجهة المجاهدين بقدر ما تمثلت في قصف المواقع المدنية من أجل استعراض عضلات القوة أمام الناخبين الصهاينة، وقد كان التحذير الأخير للمجاهدين في قصف المواقع القريبة من الحدود رسالة واضحة بأن مستوطناته لن تكون بعيدة عن القصف إذا استمر في الاعتداء على المدنيين ، إن الخطة المرحلية لا بد أن تتحرك لإبقاء المأزق الإسرائيلي من خلال فرض الحصار على جنوده وعملائه من اجل تسريع انسحابه من البلاد. وعلى الشعب اللبناني كله أن يقف بقوة خلف الجاهدين لتحقيق هذا الهدف الكبير الذي ينقل المسألة السياسية من واقع الاحتلال الى واقع التحرير ، وعلينا أن نعرف بأن التهديدات الإسرائيلية بأي عمل كبير لا تملك أية واقعية سياسية وأمنية.
نأمل بتجسيد كلام المسؤولين في الواقع
وأخيراً ، إننا نرحب بكلام المسؤولين وأملهم بالعودة بلبنان إلى مصاف الدول المتقدمة في المجالات الاقتصادية والثقافية وغيرها وأن الحريات سوف تبقى وأن الذي يعتدي على الحريات سيدفع الثمن.
إن ذلك سوف يعطي دفعة جديدة في مسار بناء الدولة وترميم صورتها السياسية والاقتصادية التي أنهكتها بعض الممارسات التي لم تأخذ مصلحة البلد بعين الاعتبار، ويبقى الأمل الكبير في تجسيد خطة عمل على كافة المستويات السياسية والاقتصادية بما يعطي هذه المواقف المزيد من الصدقية والثبات والتجسيد في أرض الواقع.
(الأحاديث من كتاب :أعيان الشيعة؛ الأمين ،ج1)