من هؤلاء الّذين فرحوا بما أنزل على الرّسول (ص)؟!

من هؤلاء الّذين فرحوا بما أنزل على الرّسول (ص)؟!

{وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ}. وهؤلاء هم الذين ينفتحون على الحقّ الذي عرفوه من الكتاب المنزل على موسى، ووجدوه متطابقاً مع الحقيقة التوراتيّة، فعرفوا ـ من خلال ذلك ـ صدقك في ما تدعوهم إليه، واطمأنّوا لدعوتك ورسالتك التي تجمّعت الشّواهد على تأكيد صدقها.

وهؤلاء هم الّذين لا يتحزّبون للإطار الّذي يتحرّكون في داخله، ولا يتعصّبون لحدوده، اسماً كان أو فئةً أو شعاراً، بل ينفتحون على الحقيقة، ويلاحقونها أينما كانت، ويتنازلون عن كلّ شيءٍ من الماضي أو الحاضر لحسابها. وهذا هو الفرق بين من يؤمن بالفكرة، ومن يتحزّب لشكليات التحرّك في خارجها.

ولكن من هم هؤلاء؟ ربما يذكر البعض أنّ المراد بهم أصحاب النبيّ الّذين آمنوا به وصدَّقوه، أعطوا القرآن وفرحوا بإنزاله، فيكون المراد بالكتاب القرآن. ولكن هذا خلاف المصطلح الذي يستعمله القرآن في أهل الكتاب، فإنّ المراد به ـ في الظاهر ـ هو الكتاب المنزل على موسى وعيسى وغيرهما، وهم اليهود والنّصارى والمجوس.

وقد يكون المراد منهم أهل الكتاب الّذين عاشوا في بداية البعثة، كما يذكر صاحب تفسير الميزان، فيقول: وقد أثبت التّاريخ أنّ اليهود ما كانوا يعاندون النبوّة العربيّة في أوائل البعثة وقبلها، ذاك العناد الذي ساقتهم إليه حوادث ما بعد الهجرة، وقد دخل جمع منهم في الإسلام أوائل الهجرة، وشهدوا على نبوّة النبيّ (ص) وكونه مبشّراً به في كتبهم، كما قال تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ}[الأحقاف: 10].

وأنّه كان من النّصارى قوم على الحقّ من غير أن يعاندوا دعوة الإسلام، كقومٍ من نصارى الحبشة، على ما نقل من قصّة هجرة الحبشة وجمع من غيرهم، وكذا كان المجوس ينتظرون الفرج بظهور مُنجٍ ينشر الحقّ والعدل، وكانوا لا يعاندون الحقّ كما يعانده المشركون، وهو قريب.

{وَمِنَ الأحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ}. ربما كان المقصود بهم هؤلاء الذين ينكرون التّوحيد بمعناه القرآني، ويلتزمون التّثليث، ويختلفون مع الإسلام في بعض مفاهيمه وأحكامه، ويمتنعون عن الإيمان بالإسلام، انطلاقاً من الحالة الحزبيّة التي تغلق عليهم نوافذ التّفكير، وتضع الحواجز الذاتيّة والعصبيّة بينهم وبين معرفة الحقيقة.

ولكنّ الله يريد لنبيّه أن لا يضعف أمام حالة الإنكار، ولا يتراجع عن دعوته، لأنّ القضيّة لديه واضحة وضوح الحقيقة في خطّ الوحدانيّة التي يبدأ فيها كلّ شيء من الله وينتهي إليه، لجهة تأكيد المفاهيم الإيمانيّة، وحلّ الإشكالات، ومواجهة التحدّيات.

إنها الدعوة التي تختصر كلّ شيء بكلمة التوحيد في الحياة كلّها.

*من كتاب "تفسير من وحي القرآن".

{وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ}. وهؤلاء هم الذين ينفتحون على الحقّ الذي عرفوه من الكتاب المنزل على موسى، ووجدوه متطابقاً مع الحقيقة التوراتيّة، فعرفوا ـ من خلال ذلك ـ صدقك في ما تدعوهم إليه، واطمأنّوا لدعوتك ورسالتك التي تجمّعت الشّواهد على تأكيد صدقها.

وهؤلاء هم الّذين لا يتحزّبون للإطار الّذي يتحرّكون في داخله، ولا يتعصّبون لحدوده، اسماً كان أو فئةً أو شعاراً، بل ينفتحون على الحقيقة، ويلاحقونها أينما كانت، ويتنازلون عن كلّ شيءٍ من الماضي أو الحاضر لحسابها. وهذا هو الفرق بين من يؤمن بالفكرة، ومن يتحزّب لشكليات التحرّك في خارجها.

ولكن من هم هؤلاء؟ ربما يذكر البعض أنّ المراد بهم أصحاب النبيّ الّذين آمنوا به وصدَّقوه، أعطوا القرآن وفرحوا بإنزاله، فيكون المراد بالكتاب القرآن. ولكن هذا خلاف المصطلح الذي يستعمله القرآن في أهل الكتاب، فإنّ المراد به ـ في الظاهر ـ هو الكتاب المنزل على موسى وعيسى وغيرهما، وهم اليهود والنّصارى والمجوس.

وقد يكون المراد منهم أهل الكتاب الّذين عاشوا في بداية البعثة، كما يذكر صاحب تفسير الميزان، فيقول: وقد أثبت التّاريخ أنّ اليهود ما كانوا يعاندون النبوّة العربيّة في أوائل البعثة وقبلها، ذاك العناد الذي ساقتهم إليه حوادث ما بعد الهجرة، وقد دخل جمع منهم في الإسلام أوائل الهجرة، وشهدوا على نبوّة النبيّ (ص) وكونه مبشّراً به في كتبهم، كما قال تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ}[الأحقاف: 10].

وأنّه كان من النّصارى قوم على الحقّ من غير أن يعاندوا دعوة الإسلام، كقومٍ من نصارى الحبشة، على ما نقل من قصّة هجرة الحبشة وجمع من غيرهم، وكذا كان المجوس ينتظرون الفرج بظهور مُنجٍ ينشر الحقّ والعدل، وكانوا لا يعاندون الحقّ كما يعانده المشركون، وهو قريب.

{وَمِنَ الأحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ}. ربما كان المقصود بهم هؤلاء الذين ينكرون التّوحيد بمعناه القرآني، ويلتزمون التّثليث، ويختلفون مع الإسلام في بعض مفاهيمه وأحكامه، ويمتنعون عن الإيمان بالإسلام، انطلاقاً من الحالة الحزبيّة التي تغلق عليهم نوافذ التّفكير، وتضع الحواجز الذاتيّة والعصبيّة بينهم وبين معرفة الحقيقة.

ولكنّ الله يريد لنبيّه أن لا يضعف أمام حالة الإنكار، ولا يتراجع عن دعوته، لأنّ القضيّة لديه واضحة وضوح الحقيقة في خطّ الوحدانيّة التي يبدأ فيها كلّ شيء من الله وينتهي إليه، لجهة تأكيد المفاهيم الإيمانيّة، وحلّ الإشكالات، ومواجهة التحدّيات.

إنها الدعوة التي تختصر كلّ شيء بكلمة التوحيد في الحياة كلّها.

*من كتاب "تفسير من وحي القرآن".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية