{فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ}، وهذه هي الحالة الطبيعيّة التي يعيشها الإنسان في حياته، في حجم الظاهرة المتكرّرة مع الكثيرين من أفراده، فقد يلاحظ المتتبّع للسّلوك الإنساني، أنه قد يختلف في علاقته بالله ونظرته إليه وإلى نفسه بين حالةٍ وحالةٍ، فإذا عرض له المرض أو الفقر أو الخوف، أو غير ذلك من الأوضاع التي تمثل جانباً من جوانب النقص المادي والمعنوي في حياته الخاصّة، أو غرق في أزماته النفسية من الداخل والخارج، فإنّه يلجأ إلى الله، ليعيش مع الوجدان الإيماني الّذي يبحث فيه الإنسان عن ربّه ليبتهل إليه ويخضع له، ويتوسّل إليه في إنقاذه من الواقع السيّئ القلق المهتزّ الذي يعيش فيه.
وتبقى العلاقة بالله مرتبطة بالحاجة إليه، في الجانب الحسي المباشر في حركة الشّعور. ويبقى الشعور بالعبوديّة المنسحقة أمام الربوبيّة المطلقة محدوداً في هذه الدّائرة، فإذا تبدّل الوضع إلى وضعٍ أفضل، وجاءت النعم الإلهيّة لتغمر كلّ حياته، وابتعدت الأزمات عن الداخل النفسي، وعن الواقع الخارجي، واستراح للغنى بعد الفقر، وللصحّة بعد المرض، وللأمن بعد الخوف، وللعلوّ بعد الانحطاط، نسي ربّه وفضله عليه، وحركة نعمته في وجوده وفي امتداد حياته، واستغرق في ذاته، في العنصر المباشر من حركتها، وفي الطاقات البارزة في حركته، فأصبح يتحدّث عن هذه النعم الكثيرة التي تملأ كلّ وجوده، من خلال الميزة الشخصيّة التي يملكها، فيعيد الفضل إلى ما يملكه من علمٍ وخبرةٍ وقوّةٍ وحسن إدارةٍ وذكاءٍ وشطارةٍ ونحو ذلك، فلا دخل لله بنظره في ذلك، ولا حاجة به إليه، بل هو التفوّق الذاتي في كلّ شيء.
ولكنّها الغفلة عن الحقيقة الكامنة في عمق الأشياء، فإنّه لا يملك شيئاً إلا ما أعطاه الله إيّاه بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر، ولم تكن هذه العطايا امتيازاً من الله له، {بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ} في ما يفتن الله به عباده، ويمتحنهم ويختبر إيمانهم، وهو العالم به، ليظهر جوهره في أنفسهم وأمام الناس.
إنّ ما يجدونه من السعة والجاه والقوّة، يخيّل إليهم أنهم يملكونه بأنفسهم ولا يحتاجون إلى الله، إلا من عصمه الله منهم، فكان واعياً للمسألة في عمقها الواقعي، وفي معناها الإلهي، ما يجعل من الإنسان عارفاً بحاجته إلى الله في كلّ شيءٍ، وأنّه لا يقدر على أيّ أمر إلا ما أقدره الله عليه في كلّ قضاياه وقدراته الخاصّة والعامّة، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}، لأنهم يرتبطون بالجانب الحسّي المباشر بالأمور، ولا يلتفتون إلى ما تحت السّطح، أو في آفاق الغيب، ليعرفوا أنّ الله وراء ذلك كلّه.
*من كتاب "تفسير من وحي القرآن".
{فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ}، وهذه هي الحالة الطبيعيّة التي يعيشها الإنسان في حياته، في حجم الظاهرة المتكرّرة مع الكثيرين من أفراده، فقد يلاحظ المتتبّع للسّلوك الإنساني، أنه قد يختلف في علاقته بالله ونظرته إليه وإلى نفسه بين حالةٍ وحالةٍ، فإذا عرض له المرض أو الفقر أو الخوف، أو غير ذلك من الأوضاع التي تمثل جانباً من جوانب النقص المادي والمعنوي في حياته الخاصّة، أو غرق في أزماته النفسية من الداخل والخارج، فإنّه يلجأ إلى الله، ليعيش مع الوجدان الإيماني الّذي يبحث فيه الإنسان عن ربّه ليبتهل إليه ويخضع له، ويتوسّل إليه في إنقاذه من الواقع السيّئ القلق المهتزّ الذي يعيش فيه.
وتبقى العلاقة بالله مرتبطة بالحاجة إليه، في الجانب الحسي المباشر في حركة الشّعور. ويبقى الشعور بالعبوديّة المنسحقة أمام الربوبيّة المطلقة محدوداً في هذه الدّائرة، فإذا تبدّل الوضع إلى وضعٍ أفضل، وجاءت النعم الإلهيّة لتغمر كلّ حياته، وابتعدت الأزمات عن الداخل النفسي، وعن الواقع الخارجي، واستراح للغنى بعد الفقر، وللصحّة بعد المرض، وللأمن بعد الخوف، وللعلوّ بعد الانحطاط، نسي ربّه وفضله عليه، وحركة نعمته في وجوده وفي امتداد حياته، واستغرق في ذاته، في العنصر المباشر من حركتها، وفي الطاقات البارزة في حركته، فأصبح يتحدّث عن هذه النعم الكثيرة التي تملأ كلّ وجوده، من خلال الميزة الشخصيّة التي يملكها، فيعيد الفضل إلى ما يملكه من علمٍ وخبرةٍ وقوّةٍ وحسن إدارةٍ وذكاءٍ وشطارةٍ ونحو ذلك، فلا دخل لله بنظره في ذلك، ولا حاجة به إليه، بل هو التفوّق الذاتي في كلّ شيء.
ولكنّها الغفلة عن الحقيقة الكامنة في عمق الأشياء، فإنّه لا يملك شيئاً إلا ما أعطاه الله إيّاه بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر، ولم تكن هذه العطايا امتيازاً من الله له، {بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ} في ما يفتن الله به عباده، ويمتحنهم ويختبر إيمانهم، وهو العالم به، ليظهر جوهره في أنفسهم وأمام الناس.
إنّ ما يجدونه من السعة والجاه والقوّة، يخيّل إليهم أنهم يملكونه بأنفسهم ولا يحتاجون إلى الله، إلا من عصمه الله منهم، فكان واعياً للمسألة في عمقها الواقعي، وفي معناها الإلهي، ما يجعل من الإنسان عارفاً بحاجته إلى الله في كلّ شيءٍ، وأنّه لا يقدر على أيّ أمر إلا ما أقدره الله عليه في كلّ قضاياه وقدراته الخاصّة والعامّة، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}، لأنهم يرتبطون بالجانب الحسّي المباشر بالأمور، ولا يلتفتون إلى ما تحت السّطح، أو في آفاق الغيب، ليعرفوا أنّ الله وراء ذلك كلّه.
*من كتاب "تفسير من وحي القرآن".