كتابات
08/10/2023

لا سبيلَ لمواجهةِ اسرائيل إلَّا بالمقاومة

24 ربيع الأوَّل 1445هـ
لا سبيلَ لمواجهةِ اسرائيل إلَّا بالمقاومة

إنَّ مشكلتنا مع "إسرائيل" ليست مشكلة إسلاميَّة يهوديَّة بالمعنى الدّيني للمشكلة، بل إنَّ اليهود الَّذين احتلّوا فلسطين هم من الظَّالمين الذين يقول الله عنهم: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ...}[العنكبوت: 46]، لأنَّ الظَّالم لا بدَّ أن تدفَع ظلمَه وتواجهه. من هنا، نحن مع حوار الأديان، ولكن لسنا مع الحوار مع "إسرائيل"، لأنّها لا تتحرَّك بمنطقٍ دينيّ، وإنَّما تتحرّك بمنطق استعماريّ...
عندما تكون القضيَّة قضيَّة شعب يُضْطهد، وقضيَّة أرض تُستلب، وقضيَّة قرارٍ يُصادر، وقضيَّة حُريّة تُخنق، وقضيَّة مستقبلٍ يُرادُ إسقاطه قبل أن يأتي، عند ذلك، لا بدَّ لنا من أن نختار المنهج التّصادميّ، لأنَّ الآخر هو الَّذي صدمنا، ولا بدَّ لنا أن نردّ الصَّدمة.. إنَّنا نعتبر أنَّ "إسرائيل" هي معتدية علينا بمجرَّد احتلالها لأرض فلسطين، حتّى لو لم تُطلق رصاصة، فكيف وهي تُدمِّر لنا كلَّ واقعنا؟!...
إنَّنا ننطلق في هذا المجال من مسؤوليَّاتنا الإسلاميَّة، ونرى أنَّ مواجهة المستكبرين تمثّل صلاتنا وصومنا، ونحن نفهم الصَّلاة حركة في خطِّ حريَّة الإنسان، فنحن عندما نقول "الله أكبر"، إنّنا نقومُ بجولة في العالم ونحن نصلّي، لنرى كلّ هؤلاء الطّغاة، ولنتحسَّس بالكلمة أنّهم صغار، لنوحي إلى أنفسنا بصغرهم يوميّاً، حتّى ننزع هذه الهالة التي تُطبِقُ على كياننا فتحطّمنا نفسيّاً أمامهم.. وهكذا نحنُ عندما نقول "لا إله إلَّا الله"، إنَّنا نستوحي سقوط الآلهة الَّذين يعيشون مواقع الآلهة، وإنْ لم يُعطوا أنفسهم هذا الاسم...
عندما تكون المسألة مسألة صراع فكريّ، أو مسألة حوار حضاريّ، أو عندما تكون المسألة مسألة يمكن للإنسان أن يمارس فيها إنسانيَّته، فنحن مع الإنسان كلِّه، وربّما نتجاوز كلمة الاستيعاب إلى كلمة الاحتضان، نحن نحتضن الفكر الآخر والإحساس الآخر، ونحتضن الواقع الآخر، عندما يحتضنك الآخرون أو تحتضنهم في حركة الواقع وفي حركة الفكر، لكن عندما يصدمك الآخرون، وعندما يقتلك الآخرون، ويحاصرُك الآخرون، عند ذلك تحتاجُ المسألة إلى عمليَّة جراحيَّة، والعنف هو العمليَّة الجراحيَّة التي لا نلجأ إليها إلَّا إذا انطلق المرض ليقتل الحياة.
نحن نحبّ الحياة، ولذلك نحن نعمل ضدَّ الذي يقتل الحياة.. نحن نحبُّ الإنسان، ولذلك فنحن ضدّ مَنْ يضطهد الإنسان ومَنْ يصادر حريّته، ولذلك نحن ضدّ هذا الواقع الذي نعيشه في منطقتنا، لأنّه واقع لا مكان للإنسان فيه، ولا حركة لعظمة الحياة فيه، إنّه الواقع الذي يريد أن يحدِّثنا عن سياسة الأمر الواقع، ونحن نريد أن نحدِّثه عن حركة الواقع في تغيير الواقع، الأمر الَّذي لا يُسقطنا لأنَّنا نغيِّره، وإنْ لم نستطع أن نغيّره الآن، فسنغيّره غداً {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل عمران: 140]، {إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ}[النساء: 104]...
وهنا يحضرني قول عليّ الأكبر في كربلاء لوالده الإمام الحسين (ع) عندما سمعه يقول: "القوم يسيرون والمنايا تسير خلفهم"، قال: "يا أبتِ، ألَسْنا على الحقّ؟"، قال (ع): "بلى والله الَّذي مرجع العباد إليه". قال عليّ الأكبر: "إذاً ما نبالي أن نموت محقّين"(1).
إذاً علينا أن نكون مع الحقّ، ونؤكّد الحقّ في عقولنا وقلوبنا وحركتنا وفي دروبنا، وعند ذلك، عندما يكون الحقّ حياتنا، فالموت لا يمثّل بالنّسبة إلينا موتاً، ولكنَّه يمثِّل حياة جديدة في نهاية المطاف.
قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[آل عمران: 173 – 174]...
* من كتاب "للإنسان والحياة".
 
(1) بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج44، ص 379.
 
إنَّ مشكلتنا مع "إسرائيل" ليست مشكلة إسلاميَّة يهوديَّة بالمعنى الدّيني للمشكلة، بل إنَّ اليهود الَّذين احتلّوا فلسطين هم من الظَّالمين الذين يقول الله عنهم: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ...}[العنكبوت: 46]، لأنَّ الظَّالم لا بدَّ أن تدفَع ظلمَه وتواجهه. من هنا، نحن مع حوار الأديان، ولكن لسنا مع الحوار مع "إسرائيل"، لأنّها لا تتحرَّك بمنطقٍ دينيّ، وإنَّما تتحرّك بمنطق استعماريّ...
عندما تكون القضيَّة قضيَّة شعب يُضْطهد، وقضيَّة أرض تُستلب، وقضيَّة قرارٍ يُصادر، وقضيَّة حُريّة تُخنق، وقضيَّة مستقبلٍ يُرادُ إسقاطه قبل أن يأتي، عند ذلك، لا بدَّ لنا من أن نختار المنهج التّصادميّ، لأنَّ الآخر هو الَّذي صدمنا، ولا بدَّ لنا أن نردّ الصَّدمة.. إنَّنا نعتبر أنَّ "إسرائيل" هي معتدية علينا بمجرَّد احتلالها لأرض فلسطين، حتّى لو لم تُطلق رصاصة، فكيف وهي تُدمِّر لنا كلَّ واقعنا؟!...
إنَّنا ننطلق في هذا المجال من مسؤوليَّاتنا الإسلاميَّة، ونرى أنَّ مواجهة المستكبرين تمثّل صلاتنا وصومنا، ونحن نفهم الصَّلاة حركة في خطِّ حريَّة الإنسان، فنحن عندما نقول "الله أكبر"، إنّنا نقومُ بجولة في العالم ونحن نصلّي، لنرى كلّ هؤلاء الطّغاة، ولنتحسَّس بالكلمة أنّهم صغار، لنوحي إلى أنفسنا بصغرهم يوميّاً، حتّى ننزع هذه الهالة التي تُطبِقُ على كياننا فتحطّمنا نفسيّاً أمامهم.. وهكذا نحنُ عندما نقول "لا إله إلَّا الله"، إنَّنا نستوحي سقوط الآلهة الَّذين يعيشون مواقع الآلهة، وإنْ لم يُعطوا أنفسهم هذا الاسم...
عندما تكون المسألة مسألة صراع فكريّ، أو مسألة حوار حضاريّ، أو عندما تكون المسألة مسألة يمكن للإنسان أن يمارس فيها إنسانيَّته، فنحن مع الإنسان كلِّه، وربّما نتجاوز كلمة الاستيعاب إلى كلمة الاحتضان، نحن نحتضن الفكر الآخر والإحساس الآخر، ونحتضن الواقع الآخر، عندما يحتضنك الآخرون أو تحتضنهم في حركة الواقع وفي حركة الفكر، لكن عندما يصدمك الآخرون، وعندما يقتلك الآخرون، ويحاصرُك الآخرون، عند ذلك تحتاجُ المسألة إلى عمليَّة جراحيَّة، والعنف هو العمليَّة الجراحيَّة التي لا نلجأ إليها إلَّا إذا انطلق المرض ليقتل الحياة.
نحن نحبّ الحياة، ولذلك نحن نعمل ضدَّ الذي يقتل الحياة.. نحن نحبُّ الإنسان، ولذلك فنحن ضدّ مَنْ يضطهد الإنسان ومَنْ يصادر حريّته، ولذلك نحن ضدّ هذا الواقع الذي نعيشه في منطقتنا، لأنّه واقع لا مكان للإنسان فيه، ولا حركة لعظمة الحياة فيه، إنّه الواقع الذي يريد أن يحدِّثنا عن سياسة الأمر الواقع، ونحن نريد أن نحدِّثه عن حركة الواقع في تغيير الواقع، الأمر الَّذي لا يُسقطنا لأنَّنا نغيِّره، وإنْ لم نستطع أن نغيّره الآن، فسنغيّره غداً {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل عمران: 140]، {إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ}[النساء: 104]...
وهنا يحضرني قول عليّ الأكبر في كربلاء لوالده الإمام الحسين (ع) عندما سمعه يقول: "القوم يسيرون والمنايا تسير خلفهم"، قال: "يا أبتِ، ألَسْنا على الحقّ؟"، قال (ع): "بلى والله الَّذي مرجع العباد إليه". قال عليّ الأكبر: "إذاً ما نبالي أن نموت محقّين"(1).
إذاً علينا أن نكون مع الحقّ، ونؤكّد الحقّ في عقولنا وقلوبنا وحركتنا وفي دروبنا، وعند ذلك، عندما يكون الحقّ حياتنا، فالموت لا يمثّل بالنّسبة إلينا موتاً، ولكنَّه يمثِّل حياة جديدة في نهاية المطاف.
قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[آل عمران: 173 – 174]...
* من كتاب "للإنسان والحياة".
 
(1) بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج44، ص 379.
 
اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير