فائدة اتخاذ رأس السنة وكيفيته:
قد تكرر معنا منذ بداية هذا البحث تعبير (رأس السنة) أو (مرور السنة) أكثر من مرة، فصار من الضروري بيان معنى ذلك وفائدته في عملية الخمس، وقد كنّا أشرنا إلى ذلك في بداية البحث وهنا نزيده تفصيلاً وإيضاحاً فنقول:
أولاً: إنَّ المراد بهذا المصطلح هو مرور سنة منذ بداية ظهور الربح من إنتاج المكلّف وكسبه، وهو أمر مهم من الناحية العملية في حصر وضبط المداخيل والنفقات، سواء ما كان منه للمؤنة أو للتجارة، من أجل معرفة مدى استكمال عملية الخمس لعناصرها وشروطها، وخاصة في خمس فاضل المؤنة التي سوف نركز عليها في هذا الحديث، مُؤجلين الحديث في رأس سنة التجارة إلى محله.
هذا رغم أنَّ الخمس ـ أساساً ـ يتعلّق بالربح بمجرّد ظهوره، ولكنَّه لما كانت مؤنة السنة مستثناة من هذا الربح فإنه لن يظهر مقدار هذا المال المستثنى إلاَّ بعد استهلاك الإنسان لمؤنته على مدار العام لينكشف بعده الربح الباقي ومقدار الخمس الواجب دفعه فيه، فلو فرضنا أنَّ إنساناً علم بأنه لن يصرف شيئاً من هذا الربح في مؤنته فلا يبقى لانتظار نهاية السنة أهمية، وحينئذ فإنَّ الأحوط استحباباً له دفع الخمس فوراً وترك تأجيله إلى آخر السنة؛ كما أنه لو فرض أنه ربح مالاً كثيراً في أول السنة، فإنَّ له أن يعزل منه مقدار مؤنة سنته إذا كانت معروفة عنده تفصيلاً أو إجمالاً ويخمس الباقي.
ثانياً: إنَّ لرأس السنة بداية طبيعية غير متوقفة على نية المكلّف وإرادته له وتحديده من قبله، وهي ظهور الربح عند أول عمل إنتاجي يشرع فيه المكلّف، فيلحظ نهاية السنة عند حلول ذلك التاريخ من السنة التالية. وللمكلّف أن يتدخل بذلك ويحدّد يوماً خاصاً لرأس سنته يجعله في الوقت المناسب له، ولكنَّه لا بُدَّ له حينئذ من تخميس أرباحه التي اكتسبها ما بين بداية سنته الطبيعية وما بين التاريخ الجديد الذي حدّده، ونفس الحكم يثبت فيما لو رغب بعد ذلك في تغييره مرة ثانية.
هذا، والمكلّف مخيّر في اعتماد أي تقويم شاء، الهجري أو الميلادي أو غيرهما.
م ـ 1138: من كان له نوع واحد من الاكتساب، كالموظف الذي يقبض راتبه شهراً بعد شهر، فإنه إذا اتخذ رأس سنة له لم يلحظ في كلّ جزء من أرباحه أن تدور عليه السنة، فلو قبض مرتب الشهر الثاني عشر قبل شهر من حلول آخر سنته اعتبر هذا المرتب داخلاً في سنته وخَمَّس ما يفضل منه رغم أنه لم يمر عليه بذاته سنة كاملة، وكذا لو أهدي له شيء قبيل آخر سنته وبقي عنده من دون استهلاك أو استعمال إلى آخر السنة فإنه يلزمه تخميسه، وعليه فإنه ليس له أن يجعل لكلّ جزء من الربح رأس سنة مستقل.
نعم إذا كانت عنده مصادر إنتاج متعدّدة، كما لو أضاف إلى وظيفته عملاً تجارياً أو زراعياً مثلاً، تخيّر ـ حينئذ ـ بين أن يجعل لكلّ عمل رأس سنة مستقلاً وبين أن يجعل للجميع رأس سنة واحدة.
م ـ 1139: قد تتحقّق أرباح عدّة سنين في سنة واحدة في غير التجارة، وذلك كالأجير أو الحرفي أو المتعهد لأعمال البناء ونحوهم إذا آجر نفسه لعدّة سنين متوالية في عقد واحد وأخذ الأجرة سلفاً عن كلّ السنين المحدّدة في العقد، ففي هذه الحالة لا يعتبر المال الذي أخذه من ربح سنة الاستئجار وحدها بنحو لا يستثنى منها إلاَّ مؤنة سنة واحدة ويخمس ربح سائر السنين، بل إنه يوزع ذلك المال على سنوات العقد، ويجعل لكلّ سنة ربحها، ولا يخمس إلاَّ ما زاد عن مؤنته من المقدار المخصص لتلك السنة، وهكذا سائر المبلغ يوزعه على سائر السنين ويخمس في كلّ سنة ما يخصها من الربح بعد استثناء مؤنتها.
م ـ 1140: إذا كانت أرباح المكلّف غير متوفرة في يده عند حلول رأس سنته، بل كانت كلّها أو بعضها ديوناً له عند النّاس، فهو مخيّر بين تخميسها الآن رغم كونها غير موجودة عنده وبين أن ينتظر حتى تُدفع له في السنة التالية أو السنين التي بعدها، فإذا قبضها خَمَّسها فوراً واعتبرها من أرباح سنة الإقراض لا من ربح السنة التي استوفاها فيها، هذا إذا لم يكن الدين مؤجلاً لوقت محدّد، فإن كان كذلك وحان وقته، أو كان عالماً بأنه لو طلبه قبل وقته لأعطاه إياه، فإنَّ الواجب تخميسه عند القدرة على استيفائه لكونه حينئذ منزّلاً منزلة الموجود.
فائدة اتخاذ رأس السنة وكيفيته:
قد تكرر معنا منذ بداية هذا البحث تعبير (رأس السنة) أو (مرور السنة) أكثر من مرة، فصار من الضروري بيان معنى ذلك وفائدته في عملية الخمس، وقد كنّا أشرنا إلى ذلك في بداية البحث وهنا نزيده تفصيلاً وإيضاحاً فنقول:
أولاً: إنَّ المراد بهذا المصطلح هو مرور سنة منذ بداية ظهور الربح من إنتاج المكلّف وكسبه، وهو أمر مهم من الناحية العملية في حصر وضبط المداخيل والنفقات، سواء ما كان منه للمؤنة أو للتجارة، من أجل معرفة مدى استكمال عملية الخمس لعناصرها وشروطها، وخاصة في خمس فاضل المؤنة التي سوف نركز عليها في هذا الحديث، مُؤجلين الحديث في رأس سنة التجارة إلى محله.
هذا رغم أنَّ الخمس ـ أساساً ـ يتعلّق بالربح بمجرّد ظهوره، ولكنَّه لما كانت مؤنة السنة مستثناة من هذا الربح فإنه لن يظهر مقدار هذا المال المستثنى إلاَّ بعد استهلاك الإنسان لمؤنته على مدار العام لينكشف بعده الربح الباقي ومقدار الخمس الواجب دفعه فيه، فلو فرضنا أنَّ إنساناً علم بأنه لن يصرف شيئاً من هذا الربح في مؤنته فلا يبقى لانتظار نهاية السنة أهمية، وحينئذ فإنَّ الأحوط استحباباً له دفع الخمس فوراً وترك تأجيله إلى آخر السنة؛ كما أنه لو فرض أنه ربح مالاً كثيراً في أول السنة، فإنَّ له أن يعزل منه مقدار مؤنة سنته إذا كانت معروفة عنده تفصيلاً أو إجمالاً ويخمس الباقي.
ثانياً: إنَّ لرأس السنة بداية طبيعية غير متوقفة على نية المكلّف وإرادته له وتحديده من قبله، وهي ظهور الربح عند أول عمل إنتاجي يشرع فيه المكلّف، فيلحظ نهاية السنة عند حلول ذلك التاريخ من السنة التالية. وللمكلّف أن يتدخل بذلك ويحدّد يوماً خاصاً لرأس سنته يجعله في الوقت المناسب له، ولكنَّه لا بُدَّ له حينئذ من تخميس أرباحه التي اكتسبها ما بين بداية سنته الطبيعية وما بين التاريخ الجديد الذي حدّده، ونفس الحكم يثبت فيما لو رغب بعد ذلك في تغييره مرة ثانية.
هذا، والمكلّف مخيّر في اعتماد أي تقويم شاء، الهجري أو الميلادي أو غيرهما.
م ـ 1138: من كان له نوع واحد من الاكتساب، كالموظف الذي يقبض راتبه شهراً بعد شهر، فإنه إذا اتخذ رأس سنة له لم يلحظ في كلّ جزء من أرباحه أن تدور عليه السنة، فلو قبض مرتب الشهر الثاني عشر قبل شهر من حلول آخر سنته اعتبر هذا المرتب داخلاً في سنته وخَمَّس ما يفضل منه رغم أنه لم يمر عليه بذاته سنة كاملة، وكذا لو أهدي له شيء قبيل آخر سنته وبقي عنده من دون استهلاك أو استعمال إلى آخر السنة فإنه يلزمه تخميسه، وعليه فإنه ليس له أن يجعل لكلّ جزء من الربح رأس سنة مستقل.
نعم إذا كانت عنده مصادر إنتاج متعدّدة، كما لو أضاف إلى وظيفته عملاً تجارياً أو زراعياً مثلاً، تخيّر ـ حينئذ ـ بين أن يجعل لكلّ عمل رأس سنة مستقلاً وبين أن يجعل للجميع رأس سنة واحدة.
م ـ 1139: قد تتحقّق أرباح عدّة سنين في سنة واحدة في غير التجارة، وذلك كالأجير أو الحرفي أو المتعهد لأعمال البناء ونحوهم إذا آجر نفسه لعدّة سنين متوالية في عقد واحد وأخذ الأجرة سلفاً عن كلّ السنين المحدّدة في العقد، ففي هذه الحالة لا يعتبر المال الذي أخذه من ربح سنة الاستئجار وحدها بنحو لا يستثنى منها إلاَّ مؤنة سنة واحدة ويخمس ربح سائر السنين، بل إنه يوزع ذلك المال على سنوات العقد، ويجعل لكلّ سنة ربحها، ولا يخمس إلاَّ ما زاد عن مؤنته من المقدار المخصص لتلك السنة، وهكذا سائر المبلغ يوزعه على سائر السنين ويخمس في كلّ سنة ما يخصها من الربح بعد استثناء مؤنتها.
م ـ 1140: إذا كانت أرباح المكلّف غير متوفرة في يده عند حلول رأس سنته، بل كانت كلّها أو بعضها ديوناً له عند النّاس، فهو مخيّر بين تخميسها الآن رغم كونها غير موجودة عنده وبين أن ينتظر حتى تُدفع له في السنة التالية أو السنين التي بعدها، فإذا قبضها خَمَّسها فوراً واعتبرها من أرباح سنة الإقراض لا من ربح السنة التي استوفاها فيها، هذا إذا لم يكن الدين مؤجلاً لوقت محدّد، فإن كان كذلك وحان وقته، أو كان عالماً بأنه لو طلبه قبل وقته لأعطاه إياه، فإنَّ الواجب تخميسه عند القدرة على استيفائه لكونه حينئذ منزّلاً منزلة الموجود.