كيفية تقدير الخمس

كيفية تقدير الخمس

كيفية تقدير الخمس:


إذا تمت شروط الخمس وجبت المبادرة إلى تقديره وإخراجه ودفعه إلى أهله، ولكن المال الذي يجب تخميسه مرة يكون نقداً وأخرى يكون عيناً، وهذه العين مرة يشتريها بمال مجمَّد قد مرّ عليه سنة عنده، وأخرى يشتريها من أرباح السنة، كذلك فإنه مرة يشتريها ديناً وأخرى يشتريها نقداً، وجميع ذلك مرة يكون للمؤنة وأخرى للتجارة، كما إنَّ له في جميع الحالات أن يخرج الخمس من العين وله أن يخرجه بقيمته من مال آخر كما سبقت الإشارة إليه، وعليه فإنَّ تقدير الخمس يختلف أمره بسبب هذه الوجوه التي نذكر تفصيلها على النحو التالي:


أولاً: إذا كان المال الذي يُراد تخميسه من النقد، ليرة أو دولاراً أو نحوهما، أو كان المال من الأعيان التي عنده، زيتاً أو خبزاً، أو ثياباً أو أحذية أو سيارات أو أراضي أو أشجاراً أو نحو ذلك، وأراد المكلّف إخراج الخمس من نفس النقد أو العين التي عنده لا من مال آخر مخالف له، فإنه لا مشكلة حينئذ في التقدير، بل يخرج خمس المال الموجود عنده ويدفعه لأهله، سواء في ذلك ما كان للمؤنة أو للتجارة.


م ـ 1159: إذا كانت أفراد العين التي يُراد إخراج الخمس منها متساوية في قيمتها فلا مشكلة في ذلك، وذلك كمن عنده ألف زوج من الأحذية الوطنية الرجالية، فيكفيه دفع مائتي زوج منها خُمساً ويصح منه ذلك.


وأمّا إذا كانت أفراد العين مختلفة القيمة، كمن عنده خمس دونمات أرض، بعضها أعلى قيمة لأنه واقع على طريق عام دون البعض الآخر، فهنا لا يكفي دفع الأقل قيمة عن غيره، فإن أحبّ أن يدفع الأعلى قيمة فبها وله الأجر، وإن أراد دفع ما عليه فقط من دون زيادة، فإنه لا بُدَّ أن يلحظ اختلاف القيم ويدفع ما يساوي مقدار خمس المجموع من نفس الأرض أو من مال آخر.


ثانياً: إذا لم يرد المكلّف إخراج الخمس من نفس العين رغبة منه في الإحتفاظ بالعين كاملة، أو لأنَّ العين لا يمكن تجزأتها بحسب طبيعتها، كالثوب المخيط أو الكتاب أو الشجرة ونحوها، فالقاعدة في ذلك هي: إنَّ كلّ ما كان قد اشتراه من أرباح السنة لمؤنته وفضل عنه في آخر السنة فلم يستهلكه أو يستعمله في مؤنته فإنه يجب تقدير هذه الأعيان بقيمتها الحالية وإخراج خمسها حتى لو كانت قيمتها الآن أقل من ثمن الشراء، وإن كان الأحوط استحباباً إخراج خمس قيمتها حسب ثمن الشراء.


وكذلك الحكم في الأعيان المعدّة للتجارة إذا تعلّق بها الخمس، وذلك كمثل الأعيان التي اشتراها في سنته فإنه يخمّسها بقيمتها الحالية ولو كانت أنقص من ثمنها الأصلي، سواء ما كان منها لتحصيل الربح منه، كآلات الحرف والصناعة مثلاً، أو ما كان منها للإسترباح ببيعه، فحيث يريد تخميس المال الذي اشتري من أرباح السنة، في رأس سنة الخمس لمن يخمس أو بعد عدّة سنوات لمن لم يخمس، فإنَّ عليه أن يقدّرها بقيمتها الحالية ويخمسها، ثُمَّ بعد ذلك لا يجب عليه تخميسها مرة ثانية إلاَّ في حالة واحدة، وهي ما لو كانت للإسترباح ببيعها وكانت مخمسة وزاد سعرها فإنه يجب عليه تخميس هذه الزيادة بوصفها ربحاً مستجداً في السلعة.


م ـ 1160: ما ذكر آنفاً ـ أي كون التقدير على طبق القيمة الفعلية للمال ـ إنما هو في صورة ما لو دفع ثمن ذلك الشيء نقداً من ماله الذي ربحه في سنة الشراء، أمّا إذا اقترض مقداراً من المال فاشترى به سيارة أو بيتاً أو عقاراً بهدف إقتنائه لإستخدامه في مؤنته أو في تجارته، ثُمَّ صار يسدّده من أرباح السنين اللاحقة، فإنه بعد أن يستكمل ثمنها وتمضي المدّة ويتعلّق بها الخمس يجب عليه خمس الثمن الذي اشتراها به ديناً في السابق حتى لو كان ثمنها الفعلي أزيد من ذلك بكثير.  أمّا إذا كان الشراء من أجل الإسترباح ببيعها، كأنْ يشتري سيارة ديناً ليبيعها، فإنه إذا زادت قيمتها السوقية بعدما سدّد ثمنها لزمه تخميسها بقيمتها الحالية، أي مع الزيادة التي طرأت على الثمن.  وهذا الاختلاف في حكم دين التجارة، بين ما كان منه للإقتناء وما كان منه للاسترباح، قد تعرّضنا له في مبحث أحكام خمس التجارة في فقرة (حكم الديون التي عليه) ص:597.


ولو فرض أنَّ المكلّف دفع جزءاً من الثمن نقداً من أرباح السنة وجزءاً منه مقسَّطاً ووفّاه من ربح السنة الثانية، فإنه عند تقدير الخمس يجب أن يلحظ الأمرين معاً، فإذا كان نصف الثمن نقداً لزمه تخميس هذا النصف بقيمته الفعلية، وتخميس النصف الثاني الذي اشتراه ديناً بقيمته السابقة عند شرائه.

ثالثاً: إذا كانت الأعيان التي عنده قد اشتراها بمال هو من أرباح السنة السابقة التي استحق فيها الخمس ولم يخمسها، وذلك كما لو كان له رصيد مجمَّد قد مرّت عليه السنة ولم يخمسه، فاشترى به منزلاً، فإنَّ الذي يجب تخميسه هنا هو ذلك المال المجمد لا هذا المنزل بشخصه، بلا فرق في ذلك بين لو كان قد اشتراه لسكنه، فسكنه أو لم يسكنه، وبين ما لو كان قد اشتراه من أجل الإنتفاع بإنتاجه في إجارة أو تجارة، فيُغَضُّ النظرُ عن نفس المنزل وعن قيمته الحالية أو السابقة ويتجه وجوب التخميس إلى نفس الثمن الذي اشتري به.  نعم في صورة ما لو كان هدفه بيع المنزل للإسترباح بثمنه فإنَّ عليه هنا أولاً: أن يخمس ثمن المنزل الذي اشتراه به حتى لو كانت قيمته الحالية عند تخميسه أقل من ثمن الشراء، وثانياً: عليه أن يخمس زيادة القيمة إذا كانت قد حدثت فيه بعد شرائه وقبل بيعه، ويعامل من هذه الجهة معاملة أي رأس مال تجاري يُراد الإسترباح ببيعه بالنحو الذي سلف.


م ـ 1161: كنّا قد ذكرنا في أحكام خمس التجارة ما له علاقة بتقدير الخمس، وهي المسائل التي تتحدّث عن كيفية تقدير الخمس عند اختلاف الأسعار، بين  المفرق والجملة، وبين سعر الشراء والبيع، وعند اختلاف أسعار السوق، وكذا ما له علاقة بجَبْر الخسارة ومؤنة الربح، وأمور أخرى، مما لا بُدَّ للمكلّف من ملاحظته عند تقدير ما عليه من خمس.


م ـ 1162: إذا شك المكلّف في أنَّ هذه العين هل اشتراها بمال مجمّد قد مضت عليه سنة عنده حتى يقدّر خمسها على أساس ثمن الشراء، أو أنه قد اشتراها من أرباح سنة الشراء حتى يقدّر خمسها على أساس قيمتها الحالية، لزمه أن يقدر خمسها بسعرها الحالي.


م ـ 1163: إذا اشتبه الأمر على المكلّف فلم يدر ما صرف وما بقي عنده، وأيضاً لم يدر ما وجب عليه الخمس فيه مما لم يجب عليه، أو كان تاجراً في أمور دقيقة لا يمكن إحصاؤها، أو لم يكن قد اتخذ له رأس سنة في الماضي، وأنتج وصرف ولم يحفظ أرقاماً دقيقة لذلك، أو لغير ذلك من دواعي عدم العلم بالمقدار الذي يجب إخراجه خمساً بعد العلم بتعلّقه في ذمته إجمالاً، فإنَّ تقدير الخمس هنا لا بُدَّ أن يكون بمراجعة الحاكم الشرعي وعرض الأمر عليه والإتفاق معه على تسوية تُبرىء ذمته نسميها  مصالحة، فيصالحه الحاكم الشرعي على ما في ذمته بمبلغ معين، وهذا اللفظ مأخوذ من المعاملة الشرعية الموجودة في كتب الفقهاء تحت عنوان (الصلح) والذي يُلجأ إليه عند الأمور الغامضة والمشكلة كنوع من التراضي على حل معين لحسم النزاع بين المتخاصمين.


هذا، وإنه قد يَتوهمُ بعضُ النّاس أنَّ هذه المصالحة هي نوع من التساهل مع من عليه مقدار كبير من الخمس، فيسامحه الحاكم ببعضه تخفيفاً عنه ويأخذ منه البعض الآخر، وهذا الأمر غير صحيح بل إنه غير جائز إذا كان مَنْ عليه الخمسُ غنياً أو ليس مورداً للحقّ الشرعي، فإنَّ الخمس حقّ الفقراء، والفقيه مؤتمن عليه، فإن عُرف مقدار ما على المكلّف من الخمس أخذه جميعه، وإن جُهل ما عليه صالحه على مقدار يظنّ براءة الذمة به، وهو في الواقع قد يكون أكثر مما على المكلّف، وهدف المصالحة ليس التسهيل والتخفيف، بل استنقاذ الحقّ المجهول بالطريقة الممكنة.


م ـ 1164: إذا انكشف للمكلّف بعد المصالحة أنَّ الخمس أزيد من المقدار الذي دفعه وجب عليه تبرأة ذمّته بدفع ذلك المقدار الزائد المعلوم.


كيفية تقدير الخمس:


إذا تمت شروط الخمس وجبت المبادرة إلى تقديره وإخراجه ودفعه إلى أهله، ولكن المال الذي يجب تخميسه مرة يكون نقداً وأخرى يكون عيناً، وهذه العين مرة يشتريها بمال مجمَّد قد مرّ عليه سنة عنده، وأخرى يشتريها من أرباح السنة، كذلك فإنه مرة يشتريها ديناً وأخرى يشتريها نقداً، وجميع ذلك مرة يكون للمؤنة وأخرى للتجارة، كما إنَّ له في جميع الحالات أن يخرج الخمس من العين وله أن يخرجه بقيمته من مال آخر كما سبقت الإشارة إليه، وعليه فإنَّ تقدير الخمس يختلف أمره بسبب هذه الوجوه التي نذكر تفصيلها على النحو التالي:


أولاً: إذا كان المال الذي يُراد تخميسه من النقد، ليرة أو دولاراً أو نحوهما، أو كان المال من الأعيان التي عنده، زيتاً أو خبزاً، أو ثياباً أو أحذية أو سيارات أو أراضي أو أشجاراً أو نحو ذلك، وأراد المكلّف إخراج الخمس من نفس النقد أو العين التي عنده لا من مال آخر مخالف له، فإنه لا مشكلة حينئذ في التقدير، بل يخرج خمس المال الموجود عنده ويدفعه لأهله، سواء في ذلك ما كان للمؤنة أو للتجارة.


م ـ 1159: إذا كانت أفراد العين التي يُراد إخراج الخمس منها متساوية في قيمتها فلا مشكلة في ذلك، وذلك كمن عنده ألف زوج من الأحذية الوطنية الرجالية، فيكفيه دفع مائتي زوج منها خُمساً ويصح منه ذلك.


وأمّا إذا كانت أفراد العين مختلفة القيمة، كمن عنده خمس دونمات أرض، بعضها أعلى قيمة لأنه واقع على طريق عام دون البعض الآخر، فهنا لا يكفي دفع الأقل قيمة عن غيره، فإن أحبّ أن يدفع الأعلى قيمة فبها وله الأجر، وإن أراد دفع ما عليه فقط من دون زيادة، فإنه لا بُدَّ أن يلحظ اختلاف القيم ويدفع ما يساوي مقدار خمس المجموع من نفس الأرض أو من مال آخر.


ثانياً: إذا لم يرد المكلّف إخراج الخمس من نفس العين رغبة منه في الإحتفاظ بالعين كاملة، أو لأنَّ العين لا يمكن تجزأتها بحسب طبيعتها، كالثوب المخيط أو الكتاب أو الشجرة ونحوها، فالقاعدة في ذلك هي: إنَّ كلّ ما كان قد اشتراه من أرباح السنة لمؤنته وفضل عنه في آخر السنة فلم يستهلكه أو يستعمله في مؤنته فإنه يجب تقدير هذه الأعيان بقيمتها الحالية وإخراج خمسها حتى لو كانت قيمتها الآن أقل من ثمن الشراء، وإن كان الأحوط استحباباً إخراج خمس قيمتها حسب ثمن الشراء.


وكذلك الحكم في الأعيان المعدّة للتجارة إذا تعلّق بها الخمس، وذلك كمثل الأعيان التي اشتراها في سنته فإنه يخمّسها بقيمتها الحالية ولو كانت أنقص من ثمنها الأصلي، سواء ما كان منها لتحصيل الربح منه، كآلات الحرف والصناعة مثلاً، أو ما كان منها للإسترباح ببيعه، فحيث يريد تخميس المال الذي اشتري من أرباح السنة، في رأس سنة الخمس لمن يخمس أو بعد عدّة سنوات لمن لم يخمس، فإنَّ عليه أن يقدّرها بقيمتها الحالية ويخمسها، ثُمَّ بعد ذلك لا يجب عليه تخميسها مرة ثانية إلاَّ في حالة واحدة، وهي ما لو كانت للإسترباح ببيعها وكانت مخمسة وزاد سعرها فإنه يجب عليه تخميس هذه الزيادة بوصفها ربحاً مستجداً في السلعة.


م ـ 1160: ما ذكر آنفاً ـ أي كون التقدير على طبق القيمة الفعلية للمال ـ إنما هو في صورة ما لو دفع ثمن ذلك الشيء نقداً من ماله الذي ربحه في سنة الشراء، أمّا إذا اقترض مقداراً من المال فاشترى به سيارة أو بيتاً أو عقاراً بهدف إقتنائه لإستخدامه في مؤنته أو في تجارته، ثُمَّ صار يسدّده من أرباح السنين اللاحقة، فإنه بعد أن يستكمل ثمنها وتمضي المدّة ويتعلّق بها الخمس يجب عليه خمس الثمن الذي اشتراها به ديناً في السابق حتى لو كان ثمنها الفعلي أزيد من ذلك بكثير.  أمّا إذا كان الشراء من أجل الإسترباح ببيعها، كأنْ يشتري سيارة ديناً ليبيعها، فإنه إذا زادت قيمتها السوقية بعدما سدّد ثمنها لزمه تخميسها بقيمتها الحالية، أي مع الزيادة التي طرأت على الثمن.  وهذا الاختلاف في حكم دين التجارة، بين ما كان منه للإقتناء وما كان منه للاسترباح، قد تعرّضنا له في مبحث أحكام خمس التجارة في فقرة (حكم الديون التي عليه) ص:597.


ولو فرض أنَّ المكلّف دفع جزءاً من الثمن نقداً من أرباح السنة وجزءاً منه مقسَّطاً ووفّاه من ربح السنة الثانية، فإنه عند تقدير الخمس يجب أن يلحظ الأمرين معاً، فإذا كان نصف الثمن نقداً لزمه تخميس هذا النصف بقيمته الفعلية، وتخميس النصف الثاني الذي اشتراه ديناً بقيمته السابقة عند شرائه.

ثالثاً: إذا كانت الأعيان التي عنده قد اشتراها بمال هو من أرباح السنة السابقة التي استحق فيها الخمس ولم يخمسها، وذلك كما لو كان له رصيد مجمَّد قد مرّت عليه السنة ولم يخمسه، فاشترى به منزلاً، فإنَّ الذي يجب تخميسه هنا هو ذلك المال المجمد لا هذا المنزل بشخصه، بلا فرق في ذلك بين لو كان قد اشتراه لسكنه، فسكنه أو لم يسكنه، وبين ما لو كان قد اشتراه من أجل الإنتفاع بإنتاجه في إجارة أو تجارة، فيُغَضُّ النظرُ عن نفس المنزل وعن قيمته الحالية أو السابقة ويتجه وجوب التخميس إلى نفس الثمن الذي اشتري به.  نعم في صورة ما لو كان هدفه بيع المنزل للإسترباح بثمنه فإنَّ عليه هنا أولاً: أن يخمس ثمن المنزل الذي اشتراه به حتى لو كانت قيمته الحالية عند تخميسه أقل من ثمن الشراء، وثانياً: عليه أن يخمس زيادة القيمة إذا كانت قد حدثت فيه بعد شرائه وقبل بيعه، ويعامل من هذه الجهة معاملة أي رأس مال تجاري يُراد الإسترباح ببيعه بالنحو الذي سلف.


م ـ 1161: كنّا قد ذكرنا في أحكام خمس التجارة ما له علاقة بتقدير الخمس، وهي المسائل التي تتحدّث عن كيفية تقدير الخمس عند اختلاف الأسعار، بين  المفرق والجملة، وبين سعر الشراء والبيع، وعند اختلاف أسعار السوق، وكذا ما له علاقة بجَبْر الخسارة ومؤنة الربح، وأمور أخرى، مما لا بُدَّ للمكلّف من ملاحظته عند تقدير ما عليه من خمس.


م ـ 1162: إذا شك المكلّف في أنَّ هذه العين هل اشتراها بمال مجمّد قد مضت عليه سنة عنده حتى يقدّر خمسها على أساس ثمن الشراء، أو أنه قد اشتراها من أرباح سنة الشراء حتى يقدّر خمسها على أساس قيمتها الحالية، لزمه أن يقدر خمسها بسعرها الحالي.


م ـ 1163: إذا اشتبه الأمر على المكلّف فلم يدر ما صرف وما بقي عنده، وأيضاً لم يدر ما وجب عليه الخمس فيه مما لم يجب عليه، أو كان تاجراً في أمور دقيقة لا يمكن إحصاؤها، أو لم يكن قد اتخذ له رأس سنة في الماضي، وأنتج وصرف ولم يحفظ أرقاماً دقيقة لذلك، أو لغير ذلك من دواعي عدم العلم بالمقدار الذي يجب إخراجه خمساً بعد العلم بتعلّقه في ذمته إجمالاً، فإنَّ تقدير الخمس هنا لا بُدَّ أن يكون بمراجعة الحاكم الشرعي وعرض الأمر عليه والإتفاق معه على تسوية تُبرىء ذمته نسميها  مصالحة، فيصالحه الحاكم الشرعي على ما في ذمته بمبلغ معين، وهذا اللفظ مأخوذ من المعاملة الشرعية الموجودة في كتب الفقهاء تحت عنوان (الصلح) والذي يُلجأ إليه عند الأمور الغامضة والمشكلة كنوع من التراضي على حل معين لحسم النزاع بين المتخاصمين.


هذا، وإنه قد يَتوهمُ بعضُ النّاس أنَّ هذه المصالحة هي نوع من التساهل مع من عليه مقدار كبير من الخمس، فيسامحه الحاكم ببعضه تخفيفاً عنه ويأخذ منه البعض الآخر، وهذا الأمر غير صحيح بل إنه غير جائز إذا كان مَنْ عليه الخمسُ غنياً أو ليس مورداً للحقّ الشرعي، فإنَّ الخمس حقّ الفقراء، والفقيه مؤتمن عليه، فإن عُرف مقدار ما على المكلّف من الخمس أخذه جميعه، وإن جُهل ما عليه صالحه على مقدار يظنّ براءة الذمة به، وهو في الواقع قد يكون أكثر مما على المكلّف، وهدف المصالحة ليس التسهيل والتخفيف، بل استنقاذ الحقّ المجهول بالطريقة الممكنة.


م ـ 1164: إذا انكشف للمكلّف بعد المصالحة أنَّ الخمس أزيد من المقدار الذي دفعه وجب عليه تبرأة ذمّته بدفع ذلك المقدار الزائد المعلوم.


اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية