في مراتب الأمر والنهي

في مراتب الأمر والنهي


يمكن للمكلّف أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويواجه العصاة والمتمردين بأساليب ثلاثة:


الأول: الإنكار بالقلب، وهو أن يأتي بعمل يُظهر به انزعاجه وكراهته للمعصية، وذلك بمثل الإعراض عنه، وترك الكلام معه، وعدم مصافحته والسلام عليه، ونحو ذلك من الأمور التي تدل على كراهة ما وقع منه.


م ـ 1191: المقاطعة والهجران من الوسائل التي يمكن استخدامها في الردع عن المنكر، وحينئذ يجوز المضي فيهما حتى لو إستلزما ترك الواجب في بعض الأحيان، وهذه بعض الأمثلة:


1 ـ يجوز في حال المقاطعة ترك ردّ السَّلام عليه إذا كان الردّ مشجعاً له على الاستمرار، أو معطلاً لفرصة التأثير، وإلاَّ لم يجز.


2 ـ يجوز ترك صلة الأرحام مع إبقاء الصلة ـ من حيث المبدأ ـ بأمور هامشية لا تضر بفاعلية المقاطعة من الجهات الحيوية.


3 ـ يجوز للزوجة منع نفسها جنسياً عن زوجها العاصي إذا كان المنكر الذي يمارسه والمعروف الذي يتركه من الأهمية بحيث يترك تأثيراً سلبياً كبيراً على واقع الشخص أو المجتمع، وكان الامتناع من قبلها من الأساليب المؤثرة في التزامه بالمعروف وتركه للمنكر.  وهكذا أمثالها من سائر الموارد.

والقاعدة التي تحكم هذه الاستثناءات أنه كلّما كان المنكر الذي يمارس أو المعروف الذي يترك أهم وأكبر في سلبياته ومفسدته، وتوقف دفعه على ارتكاب ما هو دونه في الأهمية جاز دفع الأعظم مفسدة بالأقل مفسدة انطلاقاً من قاعدة التزاحم، وسوف يأتي مزيد ذكر لموارد هذه القاعدة فيما يلي من المباحث.  لكن لما كان المكلّف غير قادر على تشخيص مراتب الأهمية في كثير من الموارد فإنه لا غنى له عن الرجوع إلى الفقيه العادل في ذلك.


الثاني: الإنكار باللسان، وهو الأمر والنهي بالكلمة بالنحو المناسب والمؤثر، وليس من الضروري أن يكون الخطاب بصيغة الأمر والنهي إلاَّ أن يكون هو الأسلوب الأنجع في التأثير، فيصح الخطاب بصيغة البيان والتوضيح وشرح الأهداف، وبصيغة الموعظة والتخويف من العقاب والترغيب في الثواب، كذلك فإنَّ لهجة الخطاب يمكن أن تكون هادئة أخوية منفتحة، أو أبوية مستوعبة وموجهة، أو تكون شديدة قوية حازمة، خالية من التهديد طوراً ومشتملة عليه طوراً آخر.


ولا يخفى أنَّ التأثير يختلف شدّة وضعفاً باختلاف الأشخاص والأزمنة والأمكنة، فقد يتأثر الرّجل بكلام المرأة ولا يتأثر بكلام الرّجل، وبالعكس، وقد يتأثر الشاب بكلام من هو في سنه أكثر من تأثره بكلام أبيه أو الأكبر سناً أو العالم الديني، وقد يكون التأثير في سهرة جماعية أكثر منه في خطاب انفرادي، أو يكون التأثير في شهر رمضان أو مجالس عاشوراء، أو بطريقة الإنشاد والموسيقى، أو في نزهة في البرية، أو بواسطة فيلم أو مسرحية أو إذاعة، ونحو ذلك مما لا يمكن إحصاؤه.  وحينئذ فإنه لا بُدَّ من اختيار ما نعلم تأثيره في العاصي من فنون القول وأساليبه وأزمنته وأمكنته وأشخاصه.  هذاولا يجوز استعمال أية لهجة عنيفة في القول إذا أمكن تحقيق النتائج الإيجابية بالأقل منها.


الثالث: الإنكار باليد، والمراد به إيذاؤه وإيلامه بالضرب الذي تستخدم فيه اليد عادة، ولا بُدَّ من ملاحظة أمور:


أولاً:  لا يلجأ إلى الضرب إلاَّ بعد فشل سائر الأساليب.  كما سيأتي بيانه.


ثانياً: الحدّ الأعلى للضرب أن يبقى ما دون الكَسر والجَرح، فإن توقف الردع على الكسر أو الجرح أو القتل وجب كونه بإذن الإمام المعصوم عليه السلام أو نائبه الخاص، بل لا يبعد شموله لنائبه العام، وهو الفقيه العادل الذي يملك إدارة الموضوع بالنحو الذي لا يسيء للنظام العام، ويوصله بعد الدرس والتأمل إلى النتائج المطلوبة المناسبة للمصلحة الإسلامية العليا التي تفرض التحرّك نحو مواقع الفساد، وذلك كما في حالة الثورة على الحاكم الظالم والنظام الجائر التي يمكن الوصول بها إلى قتله أو جرحه، أو قتل أعوانه أو جرحهم، تمهيداً لإسقاطه.


ثالثاً: يجب الترتب في مراتب الضرب من أدناها خفة إلى أقصاها شدّة، وهذا معناه ضرورة تشخيص الحالة ودرسها بجوانبها المختلفة وتحصيل الاطمئنان بمناسبة هذه المرتبة من الضرب لهذا النوع من المنكر، أو لخصوص فاعل معين للمنكر، أو لخصوص زمان معين أو مكان معين.  لذا فإنه لا يبعد اعتبار هذا الأسلوب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الواجبات المتصلة بالنظام العام الذي تفرضه الدولة الإسلامية العادلة ـ إن وجدت ـ بأمر الولي الشرعي في تخطيطها للواقع العملي للأمّة، أمّا إذا لم تكن هناك حكومة إسلامية، وكان المجتمع الإسلامي خاضعاً لحكومة غير إسلامية، فقد يجوز للمؤمنين، أو يجب عليهم، القيام بهذا الواجب بالمقدار الذي يتوقف عليه دفع المنكر وإقامة المعروف بعد دراسة الموضوع مع أهل الخبرة من جميع النواحي حتى لا يسيء استخدام هذا الأسلوب إلى الواقع الإسلامي العام، أو إلى الصورة الإسلامية المشرقة، أو إلى النظام الاجتماعي العام، وذلك بالنحو الذي يؤدي إلى الفوضى، أو إلى الإضرار بالمسيرة الإسلامية، أو إلى الفتنة، أو غير ذلك من المخاطر.


يمكن للمكلّف أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويواجه العصاة والمتمردين بأساليب ثلاثة:


الأول: الإنكار بالقلب، وهو أن يأتي بعمل يُظهر به انزعاجه وكراهته للمعصية، وذلك بمثل الإعراض عنه، وترك الكلام معه، وعدم مصافحته والسلام عليه، ونحو ذلك من الأمور التي تدل على كراهة ما وقع منه.


م ـ 1191: المقاطعة والهجران من الوسائل التي يمكن استخدامها في الردع عن المنكر، وحينئذ يجوز المضي فيهما حتى لو إستلزما ترك الواجب في بعض الأحيان، وهذه بعض الأمثلة:


1 ـ يجوز في حال المقاطعة ترك ردّ السَّلام عليه إذا كان الردّ مشجعاً له على الاستمرار، أو معطلاً لفرصة التأثير، وإلاَّ لم يجز.


2 ـ يجوز ترك صلة الأرحام مع إبقاء الصلة ـ من حيث المبدأ ـ بأمور هامشية لا تضر بفاعلية المقاطعة من الجهات الحيوية.


3 ـ يجوز للزوجة منع نفسها جنسياً عن زوجها العاصي إذا كان المنكر الذي يمارسه والمعروف الذي يتركه من الأهمية بحيث يترك تأثيراً سلبياً كبيراً على واقع الشخص أو المجتمع، وكان الامتناع من قبلها من الأساليب المؤثرة في التزامه بالمعروف وتركه للمنكر.  وهكذا أمثالها من سائر الموارد.

والقاعدة التي تحكم هذه الاستثناءات أنه كلّما كان المنكر الذي يمارس أو المعروف الذي يترك أهم وأكبر في سلبياته ومفسدته، وتوقف دفعه على ارتكاب ما هو دونه في الأهمية جاز دفع الأعظم مفسدة بالأقل مفسدة انطلاقاً من قاعدة التزاحم، وسوف يأتي مزيد ذكر لموارد هذه القاعدة فيما يلي من المباحث.  لكن لما كان المكلّف غير قادر على تشخيص مراتب الأهمية في كثير من الموارد فإنه لا غنى له عن الرجوع إلى الفقيه العادل في ذلك.


الثاني: الإنكار باللسان، وهو الأمر والنهي بالكلمة بالنحو المناسب والمؤثر، وليس من الضروري أن يكون الخطاب بصيغة الأمر والنهي إلاَّ أن يكون هو الأسلوب الأنجع في التأثير، فيصح الخطاب بصيغة البيان والتوضيح وشرح الأهداف، وبصيغة الموعظة والتخويف من العقاب والترغيب في الثواب، كذلك فإنَّ لهجة الخطاب يمكن أن تكون هادئة أخوية منفتحة، أو أبوية مستوعبة وموجهة، أو تكون شديدة قوية حازمة، خالية من التهديد طوراً ومشتملة عليه طوراً آخر.


ولا يخفى أنَّ التأثير يختلف شدّة وضعفاً باختلاف الأشخاص والأزمنة والأمكنة، فقد يتأثر الرّجل بكلام المرأة ولا يتأثر بكلام الرّجل، وبالعكس، وقد يتأثر الشاب بكلام من هو في سنه أكثر من تأثره بكلام أبيه أو الأكبر سناً أو العالم الديني، وقد يكون التأثير في سهرة جماعية أكثر منه في خطاب انفرادي، أو يكون التأثير في شهر رمضان أو مجالس عاشوراء، أو بطريقة الإنشاد والموسيقى، أو في نزهة في البرية، أو بواسطة فيلم أو مسرحية أو إذاعة، ونحو ذلك مما لا يمكن إحصاؤه.  وحينئذ فإنه لا بُدَّ من اختيار ما نعلم تأثيره في العاصي من فنون القول وأساليبه وأزمنته وأمكنته وأشخاصه.  هذاولا يجوز استعمال أية لهجة عنيفة في القول إذا أمكن تحقيق النتائج الإيجابية بالأقل منها.


الثالث: الإنكار باليد، والمراد به إيذاؤه وإيلامه بالضرب الذي تستخدم فيه اليد عادة، ولا بُدَّ من ملاحظة أمور:


أولاً:  لا يلجأ إلى الضرب إلاَّ بعد فشل سائر الأساليب.  كما سيأتي بيانه.


ثانياً: الحدّ الأعلى للضرب أن يبقى ما دون الكَسر والجَرح، فإن توقف الردع على الكسر أو الجرح أو القتل وجب كونه بإذن الإمام المعصوم عليه السلام أو نائبه الخاص، بل لا يبعد شموله لنائبه العام، وهو الفقيه العادل الذي يملك إدارة الموضوع بالنحو الذي لا يسيء للنظام العام، ويوصله بعد الدرس والتأمل إلى النتائج المطلوبة المناسبة للمصلحة الإسلامية العليا التي تفرض التحرّك نحو مواقع الفساد، وذلك كما في حالة الثورة على الحاكم الظالم والنظام الجائر التي يمكن الوصول بها إلى قتله أو جرحه، أو قتل أعوانه أو جرحهم، تمهيداً لإسقاطه.


ثالثاً: يجب الترتب في مراتب الضرب من أدناها خفة إلى أقصاها شدّة، وهذا معناه ضرورة تشخيص الحالة ودرسها بجوانبها المختلفة وتحصيل الاطمئنان بمناسبة هذه المرتبة من الضرب لهذا النوع من المنكر، أو لخصوص فاعل معين للمنكر، أو لخصوص زمان معين أو مكان معين.  لذا فإنه لا يبعد اعتبار هذا الأسلوب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الواجبات المتصلة بالنظام العام الذي تفرضه الدولة الإسلامية العادلة ـ إن وجدت ـ بأمر الولي الشرعي في تخطيطها للواقع العملي للأمّة، أمّا إذا لم تكن هناك حكومة إسلامية، وكان المجتمع الإسلامي خاضعاً لحكومة غير إسلامية، فقد يجوز للمؤمنين، أو يجب عليهم، القيام بهذا الواجب بالمقدار الذي يتوقف عليه دفع المنكر وإقامة المعروف بعد دراسة الموضوع مع أهل الخبرة من جميع النواحي حتى لا يسيء استخدام هذا الأسلوب إلى الواقع الإسلامي العام، أو إلى الصورة الإسلامية المشرقة، أو إلى النظام الاجتماعي العام، وذلك بالنحو الذي يؤدي إلى الفوضى، أو إلى الإضرار بالمسيرة الإسلامية، أو إلى الفتنة، أو غير ذلك من المخاطر.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية