ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :
مَن هم الذين يحبّهم الله تعالى، والذين إذا حصلوا على هذه المرتبة فإنهم يرتفعون إلى مواقع الرضوان والقرب عنده سبحانه؟ إنَّ القرآن الكريم يحدّثنا عن أنَّ الله تعالى يحبّ الذين يتحركون في مواقع الالتزام بما شرّعه الرسول(ص) الذي {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}(النجم/3-4)، وقد جاء في القرآن الكريم: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}(آل عمران/31)، فإذا سرنا على الخطِّ الذي ركّزه رسول الله(ص) وشرّعه وخطّط له، وأراد للناس أن يسيروا عليه، فإننا نحصل على محبة الله.
الإحسان إلى الناس:
وقد ورد في القرآن الكريم أكثر من عنوان للنَّاس الذين يحصلون على محبة الله، فالله تعالى يقول: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}(البقرة/195)، فالله يريد للإنسان المؤمن في حياته أن يحسن إلى ربّه، بأن يوحّده في العقيدة والعبادة والطاعة، فلا يشرك به غيره، وأن يحسن إلى نفسه بالالتزام بما أمر الله به، وأن يبتعد عمّا نهى عنه، وأن يحسن إلى الناس من حوله في اهتمامه بحاجاتهم وأمورهم، والتخفيف من آلامهم، لأن الله تعالى أراد للإنسان أن يعيش إنسانيته في إنسانية الناس الآخرين.
وفي آية أخرى، يقول تعالى: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}(القصص/222)، فالله أحسن إليك عندما أعطاك وجودك وصحَّتك، فأعطاك العقل والإرادة، وزوّدك بكلِّ الأجهزة في داخل جسمك، وأنعم عليك بكلِّ ما تحتاجه في حياتك، فأحسن إلى النّاس من خلال ما أعطاك الله كما أحسن هو إليك، لأن الله تعالى أعطاك لتُحسن.
التوّابون المتطهّرون:
وفي آية أخرى يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ* وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}(البقرة/222)، فالله تعالى عندما خلقنا، خلق معنا النفس الأمّارة بالسوء، وخلق إلى جانبنا الشيطان الذي يزيدنا ذنباً إلى ذنوبنا، هذا الذي توعَّدنا في قولـه لله: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}(لأعراف/16-17)، فأوقعنا في المعصية، وسوَّلت لنا النفس الأمّارة الوقوع في الخطيئة، ولكن الله تعالى فتح لنا باب التوبة، وقال لنا: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}(الشورى/25)، فأراد لنا إذا تذكَّرنا ذنوبنا، أن نبتهل إليه ونتوب، في عملية ندم على ما أسلفنا، وعملية عزم على ما يستقبلنا، بحيث نُشهد الله على قلوبنا بأننا لن نفعل ما فعلناه في الماضي. والله يحبّ المتطهّرين الذين يتطهّرون في عقولهم، فلا تنتج عقولهم قذارة الباطل، وفي قلوبهم، فلا تنبض قلوبهم بالحقد والعداوة والبغضاء، وفي حياتهم، فلا يأتون بقذارات الأقوال والأفعال، ويحبّ المتطهّرين فيما أراد الله لهم من الطهارة في العبادة، في وضوئهم وأغسالهم وتطهير أجسادهم من القذارات.
المتَّقون... والمقسطون:
ويقول الله تعالى: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}(آل عمران/76)، فالمتَّقون هم الذين يحبّهم الله، ويتحرَّكون في حياتهم على أساس طاعته، في الإتيان بما أمرهم به، والابتعاد عمّا نهاهم عنه، وعدهم الله جزاء ذلك الجنة: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}(آل عمران/133).
ويقول تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ـ وهم الذين يخلصون لربّهم ـ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}(آل عمران/146)، الّذين يصبرون على الطاعة والبلاء، ويصبرون عن المعصية، وقد بشّر الله سبحانه الصّابرين بالأجر العظيم: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}(البقرة/155-157).
ويقول تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ـ لأن الإنسان إذا أراد أن يجمع الناس حوله ويجذبهم إلى دعوته، فإن عليه أن يُنبض قلبه بالحبِّ لهم، ولسانه باللين لهم، لأن الناس لا يحبون قاسي القلب واللسان ـ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ـ حاول في كل الأمور التي تتصل بقيادتك ومسؤوليتك أن تشاورهم، لتشعرهم أن القائد لا يستبدُّ بالرأي أمام أتباعه، وليعتادوا على أن يفكروا في الأمور، ليحصلوا على النتائج الكبرى ـ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(آل عمران/159)، هؤلاء الذين يحبّهم الله هم الذين يتوكَّلون عليه، وهم الذين يتحرَّكون في الأمور بكلِّ الوسائل التي بين أيديهم، ليحقّقوا النتائج من خلال ذلك، فإذا استكملوا النتائج أوكلوا الأمور إلى الله، ليقولوا له: يا ربَّنا، هذا ما نستطيع فعله، فأعنّا على ما لا نستطيع القيام به.
ومن الطبيعي أن هناك فرقاً بين التوكل والاتكالية، فالاتكالية هي أن يجلس الإنسان في بيته ويتكل على الله أن يحقِّق له ما يريد من دون أن يقوم بأي جهد في سبيل الوصول إلى النتائج، أما التوكّل، فهو الذي يقوم فيه الإنسان بتحضير كل النتائج ثم يتوكل على الله تعالى.
ويقول الله تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ـ بالعدل، بأن تعطي لصاحب الحقِّ حقه، ولا تظلم أحداً حقه ـ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}(المائدة/42)، وهذا هو ما يريد الله لكلِّ إنسان أن يأخذ به؛ أن يعدل في نفسه فلا يظلمها، وأن يعدل مع ربه في حق الله عليه، وأن يعدل بين الناس في بيته وفي موقع تجارته وساحة مجتمعه، فيعطي لكلِّ صاحب حق حقه: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}(الأنعام/152).
المقاتلون في سبيل الله:
ونقرأ أيضاً قولـه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}(الصف/4)، فالله يحبُّ الأمة التي تعيش الوحدة في حالات الصراع، فإذا واجه أبناؤها العدوَّ، فعليهم أن يكونوا صفاً واحداً، تماماً كما هو البنيان المرصوص الذي يشدُّ بعضه بعضاً، لأن ذلك هو الذي يحقق لهم العزة والنصر، وبذلك يحصلون على محبة الله تعالى.
ويقول الإمام زين العابدين(ع): «إن الله يحبّ كلَّ قلبٍ حزين ـ القلب الّذي يشعر بالحزن بسبب ذنوبه وخطاياه ـ ويحبّ كلَّ عبد شكور»، يشكر ربه على كل ما أنعم به عليه.
لذا لا بدّ من أن تكون علاقتنا مع الله علاقة الحبّ؛ أن نحب الله تعالى كما لم نحبّ أحداً، لأنه سبحانه هو الذي أعطانا وجودنا وكلَّ ما يتصل بحياتنا، فعلينا أن نحبه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ}(البقرة/165). ونقرأ في بعض الأدعية، «وكيف تعذّبي يا سيّدي وحبّك في قلبي».
تلك هي المسألة؛ أن ننطلق إلى الله لنحبّه، وإذا أحببناه بالعمل بما يحبّ، أحبّنا الله تعالى، وهذا ما عاشه أمير المؤمنين عليّ(ع) عندما قال عنه رسول الله(ص) أثناء بروزه إلى مرحب: «لأعطينَّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، كرَّار غير فرَّار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه». إن علينا أن نحبّ الله، لنحبّ الناس من خلال الله.
الخطبة الثانية
بسم الله الرَّحمن الرحيم
عباد الله... اتّقوا الله تعالى فيما حمّلكم مسؤوليته في كل مواقع حياتكم، لتحبّوا الله في كلِّ ما تعيشون فيه، وليحبّكم الله في ذلك كله، حاولوا أن تكونوا الأمّة التي يوحّدها توحيدها لله، ووحدتها في خط الله، واعتصامها بحبل الله جميعاً.
الاستقلال تذكير بالقيم بالحضارية:
كانت ذكرى الاستقلال مناسبة لتذكير اللبنانيين بالقيمة السياسية الإنسانية الحضارية في الالتزام بالحرية والسيادة في تدبير أمورهم، وتقرير مصيرهم، وتحرير مواقفهم وعلاقاتهم من كلِّ ارتهان لأية قوة خارجية، بالمستوى الذي تصادر فيه أوضاعهم وقراراتهم الحيوية والمصيرية، بحيث يرفضون الخضوع لأيّ وصاية دولية أو إقليمية، لتكون علاقاتهم بالآخرين مرتكزةً على المصالح المتبادلة والاحترام المتقابل، وقائمةً على التفريق بين الخضوع للجهات الأجنبية، وبين التعامل معها في الخطوط العامة على أساس السيادة.
وهذا ما ينبغي لهم أن يدرسوه على مستوى الواقع الحاضر الذي ربَّما يشعر فيه البعض، بأنَّ لبنان يرزح تحت تأثير الضغوط الدولية التي تتحرك باسم الرعاية لمصالحه، وذلك من خلال تحويله إلى ورقة تحرّكها أمريكا للضغط على أكثر من وضع سياسي أو أمني في المنطقة العربية، ولا سيما فلسطين وسوريا والعراق.
وفي هذا الاتجاه، لا يزال الاحتلال الإسرائيلي الذي تدعمه أمريكا ويؤكّده مجلس الأمن الذي يرى أنّ مزارع شبعا غير لبنانية، بحيث لا يعطي الحق للبنان في الدفاع عنها، الأمر الذي يشجّع العدو على الاستمرار في احتلالها. وهذا ما لاحظناه في البيان الذي أصدره مجلس الأمن في تحميل المسؤولية للمقاومة الإسلامية على حركتها في صدّ العدوان الإسرائيلي على المنطقة، من دون أية إشارة إلى الخروقات الإسرائيلية اليومية للبنان.
ضرورة الإعلان عن تقدير المقاومة:
لقد كنا نودُّ أن ينطلق النادي السياسي اللبناني للحديث بقوة ضد العدوان الإسرائيلي، والإعلان عن تقدير موقف المقاومة في صدّه وتقديم الشهداء على مذبح الحرية، ولكن البعض لا يزال يمنح إسرائيل العذر على استمرارها في احتلال المزارع بحجة أنها ليست لبنانية، كما لو كان ذلك يبرر لها احتلالها إذا كانت الأرض عربية، وهذا هو الذي يوحي بأن المسألة الإسرائيلية لا تمثّل لدى البعض خطراً على لبنان وعلى محيطه، بل الخطر عنده من الجانب العربي!!
إنَّ المطلوب في ذكرى الاستقلال، أن يعرف العرب والمسلمون أنَّ أيّ بلد عربي أو مسلم لن يكون مستقلاً ما دام الاحتلال يطبق على البلاد الأخرى، فما دامت فلسطين واقعةً تحت الاحتلال الصهيوني، وبدعم أمريكي، وإقرار من أكثر من دولة في العالم، وما دام العراق واقعاً تحت الاحتلال الأمريكي، إضافةً إلى أفغانستان بشكل مباشر، مع أكثر من دولة عربية وإسلامية محتلة بشكل غير مباشر، فمن الصعب أن تكون هناك أية دولة منفتحة على الاستقلال بشكل مطلق.
بالوحدة الوطنية والحوار نؤكِّد السيادة:
إننا في ذكرى الاستقلال، لا بدَّ من أن نؤكِّد الوحدة الوطنية التي لا تمزّقها العصبيات الطائفية، والأطماع الشخصانية، والخلفيات الحزبية، وأن على الجميع أن يتحاوروا حواراً موضوعيّاً عقلانيّاً ينفتح على التواصل والتعاون والتكامل، ودراسة كل مشاكل الإنسان في هذا البلد، وكل حركية العلاقات مع المنطقة العربية ـ ولا سيما سوريا ـ على أساس الاحترام المتبادل، لنعرف كيف نؤكد السيادة على مستوى الواقع، لا على مستوى الشعار المتحرك في حالات الانفعال.
وفي هذا الجو، فإننا ـ من موقعنا العربي والإسلامي ـ نتابع أوضاع الشعوب المستضعفة من خلال الضغوط القاسية التي تحركها الإدارة الأمريكية ودول العولمة، لاستغلال خيراتها، وتدمير اقتصادها، والعبث بسياستها، واهتزاز أمنها، وهذا ما يتمثّل في منطقة الشرق الأوسط وفي المناطق الإسلامية، كالبوسنة والشيشان وكوسوفو وإفريقيا وغيرها، مما يعاني فيه المسلمون والمستضعفون معاناة شديدة من الفقر والمرض والإذلال والسقوط العام.
ولعلَّ أكثر المواقع قسوةً، هو الاحتلال الصهيوني للقدس المسجد والمدينة وفلسطين كلها، لارتباطها بالمقدّس من جهة، وبالمستقبل المنفتح على حرية الأمة من جهة أخرى، ما يفرض على منظّمة المؤتمر الإسلامي، القيام بدور قويّ وفاعل لمواجهة المشاكل كلِّها، بالتخطيط والإعداد على جميع المستويات، من خلال المسؤوليات التي تتحمّلها المنظمة في موقعها الإسلامي.
العراق: الاحتلال يضغطُ على الحرّيات والاستقلال:
أما العراق، فإنَّ الاحتلال الأمريكي ـ البريطاني لا يزال يضغط على حريته واستقلاله، تحت تأثير الخدعة السياسية في حديث المحتلّ بأنه باقٍ في العراق لحماية أمن هذا البلد، بحجة أن قواه الأمنية غير قادرة على القيام بهذا الدور. ونحن نلاحظ أن الفوضى الأمنية والمجازر الوحشية الإرهابية التي تجتاح المدنيين الأبرياء يومياً، تزداد مع بقاء الاحتلال الذي لم يحاول ـ أو لم يستطع ـ إنقاذ أمن الشعب العراقي من ذلك. ولهذا، فإننا نعتقد أن انسحاب قوات الاحتلال هو الذي يمكن أن يحقق النتائج الكبرى للعراقيين.
ومن جانب آخر، فإنَّنا نتمنى أن يكون مؤتمر الوفاق في القاهرة قد أدّى إلى نتائج إيجابية على صعيد التفاهم واللقاء بين أطياف الشعب العراقي وقواه السياسية، ولا سيما أمام الانتخابات القادمة التي نريد لها أن تنجح في اختيار أفضل الكوادر المخلصة للعراق من قِبَل الشعب كلّه، بعيداً عن الطائفية والعرقية، ليكون الصَّوت واحداً في تحرير البلد من الاحتلال، وفي بناء العراق على أساسٍ من القوّة والوحدة والنظام والانفتاح على المستقبل الإسلامي الحضاريّ الذي يحتفظ للعراق بهويته، لينطلق في دوره الطليعي بالتكامل مع الواقع العربي والإسلامي برسالته، وليعيش كل أفراد شعبه في رخاء وأمن وحرية ووحدة وانفتاح.
حق المقاومة في إبقاء سلاحها:
ونصل إلى لبنان، الذي أصبح في الآونة الأخيرة ساحةً مستباحة لأكثر من موقع من مواقع الوصاية، بحيث رأينا السفير الأمريكي يتدخّل في التفاصيل الداخلية، كما أصبح ساحة مستباحة للخروقات والاعتداءات الإسرائيلية.
لقد كنا ننتظر أن ينطلق صوت دوليّ واحد يدين خطف إسرائيل لمواطن لبناني من عرض البحر، أو يحمّلها مسؤولية كشف أمره، أو أن يندد بالطلعات الجوية المتكررة والغارات الوهمية فوق لبنان لتخويف اللبنانيين من المدنيين الآمنين، وإلقاء المناشير بشكل عدواني واستفزازي لمحاولة التأثير النفسي عليهم، حتى إذا قامت المقاومة الإسلامية بالردّ على الاعتداءات، ارتفعت الأصوات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، لاستنكار العمل الدفاعي المقاوم، لأن هذا الواقع الدولي يمنح الحرية لإسرائيل في العدوان، ولا يجد للمقاومة الحق في ردّ العدوان عن شعبها وبلدها.
إن هذه التطوّرات الأمنية، تؤكّد حق المقاومة في إبقاء سلاحها في حالة جهوزية تامة للدفاع عن لبنان، وندعو اللبنانيين إلى الاستمرار في دعمها، والوقوف صفاً واحداً في مواجهة العدوان، وفي السعي إلى تحقيق الحلول الواقعية العملية للمشاكل اللبنانية المستعصية، والابتعاد عن العصبيات الطائفية والحزبية، ليكون الصوت واحداً من الجميع: ليبقَ لبنان سيداً حراً مستقلاً موحّداً منفتحاً على قضايا الإنسان اللبناني في مناطقه المحرومة، وفي إنسانه المثقل بالجوع والحرمان ومتاهات الضياع السياسي. |