الطريق النافذ

الطريق النافذ

وفيه مسائل:

م - 46:  يتحقق الطريق النافذ أو الشارع العام بأمور:


1 ـ بكثرة المرور عليه، والاستخدام له في عبور الأفراد والسيارات والمواشي وغيرها في الأرض الموات،  سواء تلك التي في البرية أو تلك التي في داخل المدن والقرى وأطرافهما مما لم يقصد ساكنو تلك المنطقة جعله طريقا .


2 ـ بقيام شخصٍ أو جهةٍ بتخطيط طريق في الأرض الموات وتعبيده وجعله طريقاً لسلوك عامة الناس.


3 ـ بإحياء جماعة من الناس أرضاً مواتاً وجعلها بساتين أو مساكن،  أوهما معاً، وتركهم طريقاً نافذاً بين الدور والبساتين.


4 ـ بجعل الإنسان ملكه شارعاً وتسبيله تسبيلاً دائماً لسلوك عامة الناس، فإنه يصير طريقاً قهراص دون أن يكون للمالك المسبِل حق الرجوع.


م - 47: إذا كان استحداث طريق ضرورياً  لمصالح الناس، واقتضى ذلك تملك أراضي الغير أو اقتضى مروره بين الدور هَدَمَ بعضها، فإذا رضي أصحاب الأراضي والدور بذلك مجاناً  أو بعوض فلا إشكال، وإن لم يرضوا بذلك جاز للحاكم الشرعي إجبارهم على الإخلاء بعوض، ولم يعتبر ذلك غصبا ، فيجوز العبور فيه والصلاة على جانبه والانتفاع به بشتى الانتفاعات، وكذا حكم ما لو كان المستحدث  للطريق غير الحاكم الشرعي من حكام الجور،  فإنه يحكم - أيضاً  - بجواز مثل هذه التصرفات بذلك الطريق، لا سيما إذا عوّض على أصحاب تلك الأملاك، ويكون حكمه من هذه الجهة كحكم المال الذي أعرض عنه أصحابه.


م - 48: لا شك أنّه  يستحسن - عند اتخاذ الطريق - جعل حريم له من جانب واحد أو من الجانبين ليكون ممراً  للمشاة، ومجالاً  لتوسعة الطريق عند الحاجة،  ولأغراض أخرى غير ذلك،  ولكنه - رغم أهميته - غير واجب، دون فرق في ذلك بين ما إذا كان الشارع حين اتخاذه في الأرض الموات واقعاً  بين أملاك سابقة عليه، كأن كانت قطعة الأرض الموات واقعة بين الدور والبساتين واحتاجها الناس واستطرقوها وصاروا يعبرونها،  فإنها إذا كانت على عرض معين لم يجب على أصحاب الأراضي التي على جانبيها أن يوسعوا في عرضها حتى لو تضيقت على المارة؛ وبين ما إذا لم يكن واقعا  بين أملاك سابقة عليه،    بل كان الشارع محدوداً  بالموات من أحد طرفيه أو كليهما،  وكان عرضه أقل من خمسة أذرع،    فإنه لا يجب - أيضا  - على من يرغب في إحياء الأراضي المحاذية له والمتصلة به أن يبتعد عنه بمقدار يصبح عرضه خمسة أذرع أو سبعة أذرع.  وكذلك الأمر في من أسبل طريقاً في ملكه،  فإنه لا يلزم بجعلها أزيد من عرضها الذي يرغب في إسبالها عليه.


وإنما لم نوجب لها حريماً  لأن مثل هذا الأمر يختلف باختلاف ظروف الناس في كل زمان،  وهم أحرار في أن يجعلوه بالنحو الذي يناسب،  ولكن لو حدد ولي المسلمين حداً  لذلك لم يجز تجاوزه.


م - 49: لا يجوز لأحد اقتطاع شيء من الطريق مهما كان واسعا، فإن كان مسبلاً لم يجز لأحد اقتطاع شيء منه وضمه إلى ملكه بمن فيهم المسبل  نفسه؛ وكذا إذا كان غير مسبل وكان الزائد مورداً لاستفادة المستطرقين ولو في بعض الأحيان، بل لا يجوز ذلك على الأظهر حتى لو لم يكن الزائد مورد حاجة المستطرقين.


م - 50: لما كان الانتفاع بالشارع العام حقاً  لعامة الناس فإنه لا يجوز لفرد منهم أو جماعة أن يتصرفوا في ذلك الشارع بأمور يرجع نفعها لهم خاصة، مثل بناء حائط فيه أو حفر بئر، أو نصب دكّة للجلوس أو لعرض البضاعة عليها،  أو ضم جزء منه أو من رصيفه لحانوته ووضع البضاعة فيه،  أو غرس أشجار،  أو نحو ذلك من الأمور التي يتصرفها المالك عادة في ملكه حتى لو لم تكن مضرة بالمارة؛ وكذا لا يجوز الانتفاع بالشارع أو رصيفه بما من شأنه إرباك حركة المرور وإزعاج المارة،    وذلك بمثل الجلوس أو النوم أو الصلاة أو البيع والشراء ونحوها،  فإن لم تزعج المارة ولم تؤثر عليهم جاز فعلها ولم يكن بها بأس؛ وفي مقابل ذلك، فإنه يجوز للأفراد أو للجهات الأهلية أو الحكومية تحسين الشارع بوضع ما من شأنه إصلاح أمره وزيادة انتفاع المارة به،  مثل تشجيره وبناء أرصفة عليه ووضع عمدان إنارة وإشارات سير ونصب مظلات وحاويات لوضع النفايات ونحو ذلك إذا و ضع بطريقة مدروسة لا تضر بالمارة.


م ـ 51:  يجوز لكل فرد - من حيث المبدأ، ما لم ير ولي المسلمين خلاف ذلك، وما لم يعق  حركة المرور فيه - الاستفادة من ذلك الشارع العام بغير المرور فيه،  وذلك بمثل فتح أبواب المنازل والحوانيت عليه، فضلا  عن فتح النوافذ عليه، وبالجلوس فيه للفرجة أو للبيع أو غيره من الأغراض، ويجوز حين الجلوس التظلل بشيء مثل المظلة، لا الخيمة المبنية التي تستلزم تصرفا  زائدا  بالشارع؛ وكذا يجوز جعل قسم من البناء العلوي أو شرفاته متقدمة قليلا  أو كثيرا  في فضاء الشارع العام إذا لم يضر ذلك بالمارة ولم يعق انتقالهم بوسائط النقل المختلفة؛ وكذا يجوز التصرف في باطن أرض الشارع العام بمثل جعل جانب من الملجأ أو من خزان الماء متقدما قليلا في أرض الشارع، بشرط أن يتقن بناءه كي لا ينخسف به الشارع، أما جعل تمام الملجأ أو خزان الماء أو معظمهما في باطن الشارع فهو محل إشكال، لما فيه من احتمال المنافاة للاستطراق ولو في المستقبل، وخاصة مع ملاحظة الاحتياج لباطن الشارع في التخطيط الحديث لمد المجاري وأسلاك الكهرباء والهاتف، مضافاً لاستهجان ذلك من قبل العرف؛ هذا ولا يخفى أن مثل هذه الأمور قد صارت محكومة لعدد من القوانين الحديثة التي تنظمها، فإن كانت مما لوحظ فيها جانب المصلحة العامة وحفظ النظام العام، وجب الالتزام بها وبأمثالها مما سبقها ومما سيأتي في مباحث هذه الخاتمة من القوانين التي يتسبب الإخلال بها باختلال نظام الناس العام.


م ـ 52: الأزقّة  الضيّقة التي ما تزال موجودة في الأحياء القديمة في كثير من المدن تعتبر من نوع الطريق النافذ، وقد جرت العادة فيها على استخدام جزءٍ من فضاء الزقاق لتوسيع مساحة الطابق العلوي ومد جزء منه في فضاء الزقاق،   وهو أمر جائز من حيث المبدأ، ويسمى في كتب الفقه بـ(الجناح)، وجوازه مشروط بعدم منافاته للاستطراق بالنحو المتعارف المرور فيه في مثل هذه الأزقة؛ وهو حق للساكن في هذا الزقاق، فمن سبق جاره المقابل له جاز له وضع جناحه بالمقدار الذي يريد حتى لو استوعب عرض الزقاق، بل حتى لو كانت العادة قد جرت على تقاسم الفضاء بين الجيران المتقابلين، أو أشرف صاحب الجناح على جاره، كذلك فإنه يجوز لجاره المقابل له إحداث جناح مواز لجناحه، لكن يجب على صاحب الجناح الجديد أن يترك فراغا  بينه وبين جاره بالمقدار الذي لا يحرمه من المنافع المرجوة عرفا من بناء مثل هذا الجناح.


م ـ 53: في الحالات  التي يجوز التواجد فيها في الشارع من أجل الجلوس والتفسح،  أو من أجل البيع أو غيره من الأغراض، فإن بقاء حق ذلك المنتفع بشَغْل ذلك المكان يختلف حكمه على أنحاء:


الأول: أن يشغل الإنسان أو سيارته مكاناً  من الطريق أو الرصيف لغرض مؤقت ينتهي بمفارقة ذلك المكان،  ففي هذه الحالة يجوز لغيره أن يشغله بعده.


الثاني:  أن يكون غرض الإنسان من تواجده القيام بعمل يحتاج إلى وقت طويل يمتد على مدى يوم واحد تمام النهار أو الليل،  أو على مدى عدة أيام،  وذلك لممارسة هواية أو لأداء عمل، وكان قد تحقق غرضه وفرغ من عمله، أو لم يفرغ لكنه نوى عدم العودة إليه،    فإنه يجوز لغيره أن يشغله بعده حتى إذا كان من نيته أن يرجع في اليوم الثاني ليشغل نفس المكان،    فإن ذلك لا أثر له، لأن المكان في اليوم الثاني سوف يكون لمن سبق منهما بنفس هذا النحو وحكمه نفس الحكم.


الثالث: نفس النحو الثاني ولكن قيامه عنه كان قبل انتهاء عمله في يومه وكان ناوياً  العودة إليه،    فإن كان له متاع قد تركه في موضع جلوسه لم يجز لغيره مزاحمته فيه وأخذه منه - ما دام رحله باقياً- في يومه ذاك، وكذا في الأيام التالية، وأما إذا لم يكن له رحل فالأحوط استحبابا  ترك مزاحمته في ذلك اليوم دون الأيام التي تلي، فإن مزاحمته فيها جائزة لمن سبقه إليه.


م ـ 54: كما لا تجوز المزاحمة في موضع الجلوس في مواردها وأنحائها الآنفة الذكر فإنه لا تجوز مزاحمته فيما حوله بقدر ما يحتاجه غرضه الذي يتواجد لأجله، من مثل موضع وقوف سيارته ووضع متاعه، بل وموضع مرور ووقوف المتعاملين معه،  وترك مجال له كي ترى بضاعته المعروضة،  ونحو ذلك من الأمور المناسبة لغرض شاغل المكان.


م ـ 55: إذا انقطعت المارة عن الطريق المفتوح في الأرض الموات وهُجِر ولم يُرجَ  الانتفاع به ولو بعد حين جاز لكل أحد إحياؤه وضمه إليه،  وكذا حكم الطريق المسبل، فإنه إذا هجر لا يرجع إلى المالك الذي أسبله،  ويجوز إحياؤه بدون مراجعة الحاكم الشرعي.

وفيه مسائل:

م - 46:  يتحقق الطريق النافذ أو الشارع العام بأمور:


1 ـ بكثرة المرور عليه، والاستخدام له في عبور الأفراد والسيارات والمواشي وغيرها في الأرض الموات،  سواء تلك التي في البرية أو تلك التي في داخل المدن والقرى وأطرافهما مما لم يقصد ساكنو تلك المنطقة جعله طريقا .


2 ـ بقيام شخصٍ أو جهةٍ بتخطيط طريق في الأرض الموات وتعبيده وجعله طريقاً لسلوك عامة الناس.


3 ـ بإحياء جماعة من الناس أرضاً مواتاً وجعلها بساتين أو مساكن،  أوهما معاً، وتركهم طريقاً نافذاً بين الدور والبساتين.


4 ـ بجعل الإنسان ملكه شارعاً وتسبيله تسبيلاً دائماً لسلوك عامة الناس، فإنه يصير طريقاً قهراص دون أن يكون للمالك المسبِل حق الرجوع.


م - 47: إذا كان استحداث طريق ضرورياً  لمصالح الناس، واقتضى ذلك تملك أراضي الغير أو اقتضى مروره بين الدور هَدَمَ بعضها، فإذا رضي أصحاب الأراضي والدور بذلك مجاناً  أو بعوض فلا إشكال، وإن لم يرضوا بذلك جاز للحاكم الشرعي إجبارهم على الإخلاء بعوض، ولم يعتبر ذلك غصبا ، فيجوز العبور فيه والصلاة على جانبه والانتفاع به بشتى الانتفاعات، وكذا حكم ما لو كان المستحدث  للطريق غير الحاكم الشرعي من حكام الجور،  فإنه يحكم - أيضاً  - بجواز مثل هذه التصرفات بذلك الطريق، لا سيما إذا عوّض على أصحاب تلك الأملاك، ويكون حكمه من هذه الجهة كحكم المال الذي أعرض عنه أصحابه.


م - 48: لا شك أنّه  يستحسن - عند اتخاذ الطريق - جعل حريم له من جانب واحد أو من الجانبين ليكون ممراً  للمشاة، ومجالاً  لتوسعة الطريق عند الحاجة،  ولأغراض أخرى غير ذلك،  ولكنه - رغم أهميته - غير واجب، دون فرق في ذلك بين ما إذا كان الشارع حين اتخاذه في الأرض الموات واقعاً  بين أملاك سابقة عليه، كأن كانت قطعة الأرض الموات واقعة بين الدور والبساتين واحتاجها الناس واستطرقوها وصاروا يعبرونها،  فإنها إذا كانت على عرض معين لم يجب على أصحاب الأراضي التي على جانبيها أن يوسعوا في عرضها حتى لو تضيقت على المارة؛ وبين ما إذا لم يكن واقعا  بين أملاك سابقة عليه،    بل كان الشارع محدوداً  بالموات من أحد طرفيه أو كليهما،  وكان عرضه أقل من خمسة أذرع،    فإنه لا يجب - أيضا  - على من يرغب في إحياء الأراضي المحاذية له والمتصلة به أن يبتعد عنه بمقدار يصبح عرضه خمسة أذرع أو سبعة أذرع.  وكذلك الأمر في من أسبل طريقاً في ملكه،  فإنه لا يلزم بجعلها أزيد من عرضها الذي يرغب في إسبالها عليه.


وإنما لم نوجب لها حريماً  لأن مثل هذا الأمر يختلف باختلاف ظروف الناس في كل زمان،  وهم أحرار في أن يجعلوه بالنحو الذي يناسب،  ولكن لو حدد ولي المسلمين حداً  لذلك لم يجز تجاوزه.


م - 49: لا يجوز لأحد اقتطاع شيء من الطريق مهما كان واسعا، فإن كان مسبلاً لم يجز لأحد اقتطاع شيء منه وضمه إلى ملكه بمن فيهم المسبل  نفسه؛ وكذا إذا كان غير مسبل وكان الزائد مورداً لاستفادة المستطرقين ولو في بعض الأحيان، بل لا يجوز ذلك على الأظهر حتى لو لم يكن الزائد مورد حاجة المستطرقين.


م - 50: لما كان الانتفاع بالشارع العام حقاً  لعامة الناس فإنه لا يجوز لفرد منهم أو جماعة أن يتصرفوا في ذلك الشارع بأمور يرجع نفعها لهم خاصة، مثل بناء حائط فيه أو حفر بئر، أو نصب دكّة للجلوس أو لعرض البضاعة عليها،  أو ضم جزء منه أو من رصيفه لحانوته ووضع البضاعة فيه،  أو غرس أشجار،  أو نحو ذلك من الأمور التي يتصرفها المالك عادة في ملكه حتى لو لم تكن مضرة بالمارة؛ وكذا لا يجوز الانتفاع بالشارع أو رصيفه بما من شأنه إرباك حركة المرور وإزعاج المارة،    وذلك بمثل الجلوس أو النوم أو الصلاة أو البيع والشراء ونحوها،  فإن لم تزعج المارة ولم تؤثر عليهم جاز فعلها ولم يكن بها بأس؛ وفي مقابل ذلك، فإنه يجوز للأفراد أو للجهات الأهلية أو الحكومية تحسين الشارع بوضع ما من شأنه إصلاح أمره وزيادة انتفاع المارة به،  مثل تشجيره وبناء أرصفة عليه ووضع عمدان إنارة وإشارات سير ونصب مظلات وحاويات لوضع النفايات ونحو ذلك إذا و ضع بطريقة مدروسة لا تضر بالمارة.


م ـ 51:  يجوز لكل فرد - من حيث المبدأ، ما لم ير ولي المسلمين خلاف ذلك، وما لم يعق  حركة المرور فيه - الاستفادة من ذلك الشارع العام بغير المرور فيه،  وذلك بمثل فتح أبواب المنازل والحوانيت عليه، فضلا  عن فتح النوافذ عليه، وبالجلوس فيه للفرجة أو للبيع أو غيره من الأغراض، ويجوز حين الجلوس التظلل بشيء مثل المظلة، لا الخيمة المبنية التي تستلزم تصرفا  زائدا  بالشارع؛ وكذا يجوز جعل قسم من البناء العلوي أو شرفاته متقدمة قليلا  أو كثيرا  في فضاء الشارع العام إذا لم يضر ذلك بالمارة ولم يعق انتقالهم بوسائط النقل المختلفة؛ وكذا يجوز التصرف في باطن أرض الشارع العام بمثل جعل جانب من الملجأ أو من خزان الماء متقدما قليلا في أرض الشارع، بشرط أن يتقن بناءه كي لا ينخسف به الشارع، أما جعل تمام الملجأ أو خزان الماء أو معظمهما في باطن الشارع فهو محل إشكال، لما فيه من احتمال المنافاة للاستطراق ولو في المستقبل، وخاصة مع ملاحظة الاحتياج لباطن الشارع في التخطيط الحديث لمد المجاري وأسلاك الكهرباء والهاتف، مضافاً لاستهجان ذلك من قبل العرف؛ هذا ولا يخفى أن مثل هذه الأمور قد صارت محكومة لعدد من القوانين الحديثة التي تنظمها، فإن كانت مما لوحظ فيها جانب المصلحة العامة وحفظ النظام العام، وجب الالتزام بها وبأمثالها مما سبقها ومما سيأتي في مباحث هذه الخاتمة من القوانين التي يتسبب الإخلال بها باختلال نظام الناس العام.


م ـ 52: الأزقّة  الضيّقة التي ما تزال موجودة في الأحياء القديمة في كثير من المدن تعتبر من نوع الطريق النافذ، وقد جرت العادة فيها على استخدام جزءٍ من فضاء الزقاق لتوسيع مساحة الطابق العلوي ومد جزء منه في فضاء الزقاق،   وهو أمر جائز من حيث المبدأ، ويسمى في كتب الفقه بـ(الجناح)، وجوازه مشروط بعدم منافاته للاستطراق بالنحو المتعارف المرور فيه في مثل هذه الأزقة؛ وهو حق للساكن في هذا الزقاق، فمن سبق جاره المقابل له جاز له وضع جناحه بالمقدار الذي يريد حتى لو استوعب عرض الزقاق، بل حتى لو كانت العادة قد جرت على تقاسم الفضاء بين الجيران المتقابلين، أو أشرف صاحب الجناح على جاره، كذلك فإنه يجوز لجاره المقابل له إحداث جناح مواز لجناحه، لكن يجب على صاحب الجناح الجديد أن يترك فراغا  بينه وبين جاره بالمقدار الذي لا يحرمه من المنافع المرجوة عرفا من بناء مثل هذا الجناح.


م ـ 53: في الحالات  التي يجوز التواجد فيها في الشارع من أجل الجلوس والتفسح،  أو من أجل البيع أو غيره من الأغراض، فإن بقاء حق ذلك المنتفع بشَغْل ذلك المكان يختلف حكمه على أنحاء:


الأول: أن يشغل الإنسان أو سيارته مكاناً  من الطريق أو الرصيف لغرض مؤقت ينتهي بمفارقة ذلك المكان،  ففي هذه الحالة يجوز لغيره أن يشغله بعده.


الثاني:  أن يكون غرض الإنسان من تواجده القيام بعمل يحتاج إلى وقت طويل يمتد على مدى يوم واحد تمام النهار أو الليل،  أو على مدى عدة أيام،  وذلك لممارسة هواية أو لأداء عمل، وكان قد تحقق غرضه وفرغ من عمله، أو لم يفرغ لكنه نوى عدم العودة إليه،    فإنه يجوز لغيره أن يشغله بعده حتى إذا كان من نيته أن يرجع في اليوم الثاني ليشغل نفس المكان،    فإن ذلك لا أثر له، لأن المكان في اليوم الثاني سوف يكون لمن سبق منهما بنفس هذا النحو وحكمه نفس الحكم.


الثالث: نفس النحو الثاني ولكن قيامه عنه كان قبل انتهاء عمله في يومه وكان ناوياً  العودة إليه،    فإن كان له متاع قد تركه في موضع جلوسه لم يجز لغيره مزاحمته فيه وأخذه منه - ما دام رحله باقياً- في يومه ذاك، وكذا في الأيام التالية، وأما إذا لم يكن له رحل فالأحوط استحبابا  ترك مزاحمته في ذلك اليوم دون الأيام التي تلي، فإن مزاحمته فيها جائزة لمن سبقه إليه.


م ـ 54: كما لا تجوز المزاحمة في موضع الجلوس في مواردها وأنحائها الآنفة الذكر فإنه لا تجوز مزاحمته فيما حوله بقدر ما يحتاجه غرضه الذي يتواجد لأجله، من مثل موضع وقوف سيارته ووضع متاعه، بل وموضع مرور ووقوف المتعاملين معه،  وترك مجال له كي ترى بضاعته المعروضة،  ونحو ذلك من الأمور المناسبة لغرض شاغل المكان.


م ـ 55: إذا انقطعت المارة عن الطريق المفتوح في الأرض الموات وهُجِر ولم يُرجَ  الانتفاع به ولو بعد حين جاز لكل أحد إحياؤه وضمه إليه،  وكذا حكم الطريق المسبل، فإنه إذا هجر لا يرجع إلى المالك الذي أسبله،  ويجوز إحياؤه بدون مراجعة الحاكم الشرعي.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية