لقد صار لزاماً علينا - بعدما أتممنا الكلام في "الصيد" كسبب أول ومستقلّ في التذكية - أن نستعرض في هذا المطلب أحكام الذباحة كسببٍ ثان ومستقلّ -أيضاً - في التذكية؛ وحقيقة الذباحة - ومعها النحر - أنها: (إماتة الحيوان بإسالة دمه واستنـزافه حتى تزهق روحه)، وذلك بطريقتين:
الأولى: الذبح: وهو قطع ما يصطلح عليه بـ"الأوداج الأربعة"، وهي: عرقا الدم الرئيسان الأيمن والأيسر الموجودان في الرقبة، والحلقوم، وهو مجرى الهواء، والمريء، وهو مجرى الطعام، وهي التي تتجمع في أعلى الرقبة عند نقطة الاتصال بالرأس؛ فإذا قطعت هذه الأوداج بشروط معينة صار الحيوان بها مذكى، وحكم بطهارته وجواز أكله إن كان مأكول اللحم، وهذه الطريقة يذكى بها كل حيوان غير الجمل من حيوانات البر الأهلية أو الوحشية ومن الطيور. أما الأسماك والحشرات والزواحف فلا يتحقق فيها الذبح ولا النحر لاختلافها تكويناً وخلقاً عن سائر الحيوانات القابلة لذلك.
الثانية: النحر: وهو طعن الجمل خاصة في لُبّته، و(الُلبّة) هي: (نقطة التقاء رقبته بصدره)، فإذا طعن فيها الجمل بشروط معينة صار مذكى وحكم بطهارته وجواز أكله.
ويجب أن يعلم أن ذبح الجمل لا يغني عن نحره ولا تتحقق ذكاته بالذبح وحده، كذلك فإن غير الجمل لا يغني نحره ولا يصير مذكى بمجرد النحر من دون ذبح، نعم لا يضر ذبح الجمل بقطع أوداجه ثم إتباع ذلك، فوراً وقبل موته، بنحره في لبته، وكذا فإنه لا يضر نحر غير الجمل ثم إتباع ذلك فوراً بذبحه.
ولما كانت شروط الذبح والنحر وأحكامهما واحدة، فإننا سنذكر ذلك في فروع: