تعتبر المرأة مستحاضة في كلّ حالة لا يكون الدم فيها حيضاً ولا نفاساً بسبب فقدان الشروط المعتبرة في كلّ منهما، فالدم الذي تراه المرأة قبل البلوغ أو بعد سن اليأس أو قبل الثلاثة أو بعد العشرة، ولا يكون دم جرح أو قرح أو بكارة، وكذا في حالة النفاس عندما ترى الدم قبل الولادة أو بعد العشرة، فإنه حيث لا يعتبر حيضاً ولا نفاساً يعتبر استحاضة.
أمّا في حالة إمكان كون الدم حيضاً أو استحاضة، لكون المورد من موارد التمييز بالصفات، فإنَّ صفات دم الاستحاضة هي على خلاف ما ذكرناه من صفات دم الحيض، فهو أصفر بارد رقيق يخرج بدون لذع ولا حرقة، وبها يتميّز عن دم الحيض. ولما كنا قد قلنا إنَّ دم النفاس ليس له صفة خاصة تميزه، فهو يعني أنَّ التمييز بين النفاس والاستحاضة لا يكون بالصفات بل بتوفر شروط النفاس وعدمها.
ثُمَّ إنه ليس لدم الاستحاضة حدّ من حيث القلة ولا من حيث الكثرة، ولا لأقل الطهر، كما ليس فيه عادة وقتية أو عددية، بل يمكن اعتبار الدم دم استحاضة في أي وقت وجد ولو للحظات، وسواء استمر في الجريان أو تقطع، بالغة ما بلغت فترة الانقطاع أو الاستمرار.
م ـ 360: لا بُدَّ من أجل اعتبار المرأة في حدث الاستحاضة من خروج الدم من الموضع المعتاد خروجه منه، إمّا بحسب أصل الخلقة بخروجه من الفرج، أو بحسب ما طرأ على المرأة من تشويه أو سبب صحي فصار يعتاد خروجه من موضع آخر غير الفرج، أمّا إذا خرج من موضع لا يعتاد خروجه منه، كما لو اعتادت خروجه من الفرج فصار يخرج من غيره، أو اعتادت خروجه من غير الفرج فصار يخرج من موضع ثالث، ففي هذه الحالة يشكل اعتباره استحاضة، وإن كان الأقرب اعتباره استحاضة إذا لم يكن من دم الجروح والقروح، بل كان حاله بحسب طبيعته حال دم الاستحاضة الخارج من الموضع المعتاد.
هذا ولا يعتبر الدم استحاضة إلاَّ بعد خروجه إلى الخارج ولو مرة واحدة بمثل القطنة، ثُمَّ إذا ظلّ محبوساً في الداخل لم يضر في اعتبار المرأة مستحاضة، فإنَّ حَدثَ الاستحاضة باق ما دام الدم باقياً في باطن الفرج، كما تقدّم في الحيض، حتى تنقى المرأة تماماً.