فضل لله: السّجال المذهبيّ خيانة للأمّة، وأخطاء التّاريخ لا تلزم الأجيال الحاضرة
أكّد العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله في بيان له أنّ السّجال المذهبيّ الذي يخرج فيه الخطاب عن الأدبيات الإسلاميّة، يمثّل إساءةً إلى الواقع الإسلاميّ كلّه، محذّراً من الانكباب على الكتب التّاريخيّة لدى السنّة والشّيعة لالتقاط المغالطات، مشدّداً على رفض أن تكون هذه الأخطاء سيفاً مسلطاً على أجيالنا، مؤكّداً أنّ إثارة الفتن في الأمّة تمثّل خيانةً لها ولوصايا الرّسول الأكرم(ص)، مشيراً إلى أنّ السّجال المذهبيّ الأخير أراح إسرائيل، داعياً الطّلائع الإسلاميّة السنيّة والشيعيّة ـ إلى التصدي لذلك، والعمل لنصرة الشعب الفلسطيني بدلاً من الاستغراق في الهوامش هنا وهناك.
أصدر سماحته بياناً جاء فيه:
إنّ الحال التي وصلت إليها الأمة، من التمزقات السياسية التي تهدّد وحدة أكثر من بلد عربي وإسلامي، وفي السجال المذهبي الذي ينطلق من هنا وهناك ليطاول رموزاً دينيةً أو سياسية، وليصنع شروخاً كبيرة في الأمّة... إنّ هذه الحال تبعث على الأسف والأسى، وتشير إلى جملةٍ من الأخطار والأخطاء التي ارتكبت وترتكب على أكثر من مستوى:
أوّلاً: إنّ خروج الخطاب عن الأسلوب الإسلامي في أدبيّاته وأولويّاته، والانسياق وراء النعوت الحاملة لمعاني التّكفير والتّفسيق والسبّ والشتم، لا يمثّل إساءة إلى من يتحرّكون في خطّها فحسب، بل إلى الواقع الإسلامي العام الذي يتطلع إلى النموذج والقدوة في الوسط العلمائي الديني، فيصطدم بالواقع المر، الأمر الذي قد يدفعه إلى الخروج عن جادة الصواب، أو تقليد هؤلاء، أو فقدان الثقة بالواقع كلّه.
ثانياً: إنّ الانكباب على الكتب التاريخيّة لالتقاط إشارات سنيّة تدين الشيعة، أو إشارات شيعيّة تدين السنّة، هو من المغالطات الكبرى، لأنّ الأخطاء التي اشتملت عليها هذه الكتب لا ينبغي أن تكون سيفاً مسلطاً على الأجيال اللاحقة، أو أن تكون عثرةً في خطّ الوحدة الإسلاميّة، وكل من يسعى لاستحضار أخطاء التاريخ، وإثارة العصبيات من خلالها في حاضر الأجيال الإٍسلاميّة ومستقبلها، يخون الأمّة، ويتنكّر لوصايا الرسول الأكرم(ص) الذي وجّه خطاباً حاسماً إلى الأمة قال فيه: "ألا لا ترجعن بعدي ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض".
ثالثاً: إنّنا في الوقت الّذي لا نرفض منطق النّقد لكافّة القيادات الدّينيّة وغيرها، إلا أنّنا نريد لأيّ نقد أن ينطلق بروح علميّة موضوعيّة خالية من العصبية وعقلية الثأر، فلا تقديس لمن ليس بمقدّس من جهة، ولا إسراف في النقد يخرج فيه مطلقه عن الآداب الإٍسلاميّة العليا، وقد قال تعالى في كتابه الكريم:{ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن}، فكيف يكون الحال بالنّسبة إلى أهل القرآن؟
رابعاً: إنّ ما يجري من سجالات تتوسّع دائرتها في النطاق المذهبي، وتنطلق في الفضاء الإعلاميّ الرحب، وعبر المنتديات السياسية في الفضائيات والإنترنت وغيرها، لهو مما يثير الرّعب في صفوف المخلصين في الأمّة، ويبعث الراحة في صفوف الأعداء، وخصوصاً الكيان الصهيوني الّذي يشعر بالطّمأنينة لدخول المسؤولين والعلماء في الأمّة وسط هذه المعمعة السجاليّة المتصاعدة، في الوقت الذي يُمعن قتلاً واغتيالاً وحصاراً في قطّاع غزّة، والضفّة الغربية، وحيث يواصل تهويده للقدس، ويحكم قبضته على فلسطين المحتلّة، ويخطّط لحروب يجتاح فيها المواقع العربية والإسلامية التي تتلهّى بالهوامش والتفاصيل، وتشرّع الأبواب أمام الغازي الأميركي والمحتل الصهيوني.
إنّنا ندعو الطّلائع الواعية في الأمّة، والنّخب الإسلاميّة المحترمة من السنّة والشّيعة، إلى التحرّك على كافّة المستويات، للدّعوة إلى وقف هذا النـزيف الداخلي في الأمّة، ووقف هذه السّجالات التي لا شُغل لها إلا تعقيد العلاقات بين الجهات الإسلاميّة المتعدّدة، والانطلاق جميعاً لنصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، وكسر حلقة الحصار المطبقة عليه اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وقد قال رسول الله(ص): "لن تقدّس أمّة، لا يؤخذ للضّعيف فيها حقّه من القويّ غير متعتع".
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 25 محرّم 1431 هـ الموافق: 11/01/2010 م
فضل لله: السّجال المذهبيّ خيانة للأمّة، وأخطاء التّاريخ لا تلزم الأجيال الحاضرة
أكّد العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله في بيان له أنّ السّجال المذهبيّ الذي يخرج فيه الخطاب عن الأدبيات الإسلاميّة، يمثّل إساءةً إلى الواقع الإسلاميّ كلّه، محذّراً من الانكباب على الكتب التّاريخيّة لدى السنّة والشّيعة لالتقاط المغالطات، مشدّداً على رفض أن تكون هذه الأخطاء سيفاً مسلطاً على أجيالنا، مؤكّداً أنّ إثارة الفتن في الأمّة تمثّل خيانةً لها ولوصايا الرّسول الأكرم(ص)، مشيراً إلى أنّ السّجال المذهبيّ الأخير أراح إسرائيل، داعياً الطّلائع الإسلاميّة السنيّة والشيعيّة ـ إلى التصدي لذلك، والعمل لنصرة الشعب الفلسطيني بدلاً من الاستغراق في الهوامش هنا وهناك.
أصدر سماحته بياناً جاء فيه:
إنّ الحال التي وصلت إليها الأمة، من التمزقات السياسية التي تهدّد وحدة أكثر من بلد عربي وإسلامي، وفي السجال المذهبي الذي ينطلق من هنا وهناك ليطاول رموزاً دينيةً أو سياسية، وليصنع شروخاً كبيرة في الأمّة... إنّ هذه الحال تبعث على الأسف والأسى، وتشير إلى جملةٍ من الأخطار والأخطاء التي ارتكبت وترتكب على أكثر من مستوى:
أوّلاً: إنّ خروج الخطاب عن الأسلوب الإسلامي في أدبيّاته وأولويّاته، والانسياق وراء النعوت الحاملة لمعاني التّكفير والتّفسيق والسبّ والشتم، لا يمثّل إساءة إلى من يتحرّكون في خطّها فحسب، بل إلى الواقع الإسلامي العام الذي يتطلع إلى النموذج والقدوة في الوسط العلمائي الديني، فيصطدم بالواقع المر، الأمر الذي قد يدفعه إلى الخروج عن جادة الصواب، أو تقليد هؤلاء، أو فقدان الثقة بالواقع كلّه.
ثانياً: إنّ الانكباب على الكتب التاريخيّة لالتقاط إشارات سنيّة تدين الشيعة، أو إشارات شيعيّة تدين السنّة، هو من المغالطات الكبرى، لأنّ الأخطاء التي اشتملت عليها هذه الكتب لا ينبغي أن تكون سيفاً مسلطاً على الأجيال اللاحقة، أو أن تكون عثرةً في خطّ الوحدة الإسلاميّة، وكل من يسعى لاستحضار أخطاء التاريخ، وإثارة العصبيات من خلالها في حاضر الأجيال الإٍسلاميّة ومستقبلها، يخون الأمّة، ويتنكّر لوصايا الرسول الأكرم(ص) الذي وجّه خطاباً حاسماً إلى الأمة قال فيه: "ألا لا ترجعن بعدي ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض".
ثالثاً: إنّنا في الوقت الّذي لا نرفض منطق النّقد لكافّة القيادات الدّينيّة وغيرها، إلا أنّنا نريد لأيّ نقد أن ينطلق بروح علميّة موضوعيّة خالية من العصبية وعقلية الثأر، فلا تقديس لمن ليس بمقدّس من جهة، ولا إسراف في النقد يخرج فيه مطلقه عن الآداب الإٍسلاميّة العليا، وقد قال تعالى في كتابه الكريم:{ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن}، فكيف يكون الحال بالنّسبة إلى أهل القرآن؟
رابعاً: إنّ ما يجري من سجالات تتوسّع دائرتها في النطاق المذهبي، وتنطلق في الفضاء الإعلاميّ الرحب، وعبر المنتديات السياسية في الفضائيات والإنترنت وغيرها، لهو مما يثير الرّعب في صفوف المخلصين في الأمّة، ويبعث الراحة في صفوف الأعداء، وخصوصاً الكيان الصهيوني الّذي يشعر بالطّمأنينة لدخول المسؤولين والعلماء في الأمّة وسط هذه المعمعة السجاليّة المتصاعدة، في الوقت الذي يُمعن قتلاً واغتيالاً وحصاراً في قطّاع غزّة، والضفّة الغربية، وحيث يواصل تهويده للقدس، ويحكم قبضته على فلسطين المحتلّة، ويخطّط لحروب يجتاح فيها المواقع العربية والإسلامية التي تتلهّى بالهوامش والتفاصيل، وتشرّع الأبواب أمام الغازي الأميركي والمحتل الصهيوني.
إنّنا ندعو الطّلائع الواعية في الأمّة، والنّخب الإسلاميّة المحترمة من السنّة والشّيعة، إلى التحرّك على كافّة المستويات، للدّعوة إلى وقف هذا النـزيف الداخلي في الأمّة، ووقف هذه السّجالات التي لا شُغل لها إلا تعقيد العلاقات بين الجهات الإسلاميّة المتعدّدة، والانطلاق جميعاً لنصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، وكسر حلقة الحصار المطبقة عليه اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وقد قال رسول الله(ص): "لن تقدّس أمّة، لا يؤخذ للضّعيف فيها حقّه من القويّ غير متعتع".
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 25 محرّم 1431 هـ الموافق: 11/01/2010 م