رأى أنّ أوباما قد يغطّي ركونه لإسرائيل وفشله أمامها بحروبٍ قادمة في العالم العربيّ والإسلاميّ
فضل الله: المطلوب الاستعداد على كافّة المستويات لمواجهة أيّ عدوان على المنطقة
حذّر العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، من أنّ الرّئيس الأميركيّ خلع بزّة التّغيير الرّسميّة ولبس بزّة بوش العسكريّة، مشيراً إلى أنّ "أوباما" قد يذهب ـ من خلال انهزامه أمام الصهاينة ـ إلى حيث ذهب سلفه، بإشعال المزيد من الحروب في العالم العربيّ والإسلاميّ.
ورأى سماحته أنّ لذلك تداعياتٍ على مستوى المنطقة، محذّراً من أنّ الحرب الاقتصاديّة العالميّة على إيران قد بدأت معالمها بالظّهور، مشيراً إلى أنّ الوفود الأميركيّة إلى لبنان تسعى لتغيير عقيدة الجيش اللّبناني، وأنّ الأميركيّين مستمرّون بإعطاء الضّوء الأخضر للعدوّ لخروقاته المتكرّرة وتحضيراته لشنّ عدوان جديد، داعياً الشّعوب العربيّة والإسلاميّة إلى الاستعداد لأيّة مواجهة في المستقبل. وفيما يلي نص البيان:
يتأكّد يوماً بعد يوم أنّ الوجه الذي حاول أوباما أن يظهر به للعالم الإسلامي مع بداية رئاسته لم يكن إلا مجرّد كلماتٍ تستهدف إحداث جوّ من الاسترضاء والاطمئنان في السّاحة العربيّة والإسلاميّة، ريثما تستكمل الإدارة الأميركيّة مشروعها الاقتصاديّ السّاعي لإخراج الولايات المتّحدة الأميركيّة من أزمتها المالية والاقتصادية، وإعادة التموضع بالنسبة لخططها العسكريّة في المنطقة، ولا سيّما في العراق وأفغانستان وتجاه إيران.
وربّما يكون من الواضح أيضاً أنّ مقاربة أوباما للقضيّة الفلسطينيّة أمّنت للعدوّ الصهيوني هامشاً كبيراً من الوقت ليحاول ترتيب أولويّاته وأوضاعه، بما أدّى إلى تسارع وتيرة محاولة القضاء الجغرافي على القضيّة الفلسطينيّة، بحيثُ يدفع الاستيطان واقعيّاً إلى إلغاء أيّة إمكانيّة لقيام الدولة الفلسطينيّة المستقلّة.
إنّنا نخشى من أن يكون الإعلان عن فشل الرّئيس الأميركيّ في مسألة التّسوية يعكس فشلاً مدبّراً، قد جرى التّنسيق الكامل فيه مع كيان العدوّ، وأن تكون الخلافات التي قيل عنها بين "أوباما" و"نتنياهو" هي خلافات شكليّة وصوريّة، للضّحك على الكثيرين ممن هم في مواقع السّلطة والنّفوذ في العالم العربي، وصولاً إلى المرحلة الرّاهنة التي بدأت معالمها بالبروز، وخصوصاً مع خطاب الرّئيس الأميركّي حول حال "الاتحاد"، الذي نفض فيه اليد من أيّة التزامات بالمسألة الفلسطينيّة، ولم يتطرّق إلى هذه القضيّة حتّى على مستوى بعض الكلمات التي يتحدّث بها عادةً عن مأساة الفلسطينيّين، والتي لا ينسى أن يُتبعها دائماً بالحديث عن أمن كيان العدوّ والتزامه الذي لا يتزعزع تجاهه.. وقد كان لافتاً أن يحمل مبعوثه إلى المنطقة معالم المشروع الاقتصاديّ "لنتنياهو" الذي يختصر فيه المسألة الفلسطينيّة، لتبدو مسألة مجموعة بشريّة تحتاج إلى بعض التحسينات الاقتصادية، بدلاً من أن تكون قضيّة شعبٍ يستبدّ به الاحتلال الظّالم منذ عشرات السّنين.
ولذلك، فقد بات من غير المجدي أن يُراهن العرب والمسلمون على تغيّر السياسات الاستكباريّة التي تتحرّك بها الولايات المتّحدة الأمريكية مع تغيّر أسماء الرؤساء الأمريكيّين؛ إذ بات واضحاً أنّ ثمّة ثابتاً أساسياً في السياسة الأمريكيّة، مهما تبدّلت الأسماء والخطابات، وهو أنّ على العرب والمسلمين أن يتغيّروا لمصلحة ما يريده العدوّ الصهيوني، وأن يستسلموا لحركة الفوضى الداخليّة التي يُراد من خلالها إبقاء الواقع العربي والإسلامي في حالة اهتزاز دائم بما يتيح للاستكبار الأمريكي وغيره السيطرة على مقدّرات المسلمين وثرواتهم، والضغط على واقعهم ومستقبلهم.
لقد سقط الرّئيس الأميركيّ في الفخّ الإسرائيليّ والصهيوني الذي سقط فيه الرؤساء الأميركيّون الذين سبقوه، وأفرغ من محتواه بسقوط شعاراته، ليبرز كمن يواجه المزيد من الفشل في الخطّة بالمزيد من الخطابة... ونخشى من أنّ "أوباما" الذي خلع بزّة التّغيير الرسميّة ولبس بزّة بوش الحربيّة، سيذهب إلى حيث ذهب سلفه في معالجة فشله الدّاخلي وانهزامه أمام الصّهاينة أو ركونه لهم، بالمزيد من الحروب التي يشنّها على العالم العربي والإسلامي، بدءًا من أفغانستان إلى اليمن، وصولاً إلى إيران التي بدأت معالم الحرب الاقتصاديّة عليها بالبروز، وحيث يُراد لهذه الحرب أن تكون عالميّةً وأن تمهّد لمستويات أخرى من الصّراع، ولا نعتقد أنّ لبنان المستهدف من العدوّ الصهيوني سيكون بمنأى عن الإستراتيجية الأميركيّة، سواء لجهة الضّغوط المتصاعدة حول ما تطلبه الوفود الأميركيّة من تغيير عقيدة الجيش اللّبنانيّ أو تغيير رؤيته الشّاملة، أو لجهة الضّوء الأخضر المعطى للعدوّ بالاستمرار في خروقاته وعدوانه وتحضيراته لشنّ عدوانٍ واسعٍ في المستقبل.
إنّنا نقول لشعوبنا: إنّ علينا أن نعدّ العدّة على كافّة المستويات لمواجهة أيّ عدوان جديد على المنطقة، وإن كنّا نعرف أنّ الذي يهدّد ويتوعّد باتت بيوته من زجاج، ولم يعد قادراً على تحقيق ما يتطلّع إليه من أهداف، وأنّه سيدفع الأثمان باهظةً إذا قرّر أن يُدخل المنطقة والعالم في متاهات مغامرة جديدة، قد تتعدّى أصداؤها المنطقة لتصل نتائجها إلى زوايا العالم الأوسع.
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 16 صفر 1431 هـ الموافق: 31/01/2010 م
رأى أنّ أوباما قد يغطّي ركونه لإسرائيل وفشله أمامها بحروبٍ قادمة في العالم العربيّ والإسلاميّ
فضل الله: المطلوب الاستعداد على كافّة المستويات لمواجهة أيّ عدوان على المنطقة
حذّر العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، من أنّ الرّئيس الأميركيّ خلع بزّة التّغيير الرّسميّة ولبس بزّة بوش العسكريّة، مشيراً إلى أنّ "أوباما" قد يذهب ـ من خلال انهزامه أمام الصهاينة ـ إلى حيث ذهب سلفه، بإشعال المزيد من الحروب في العالم العربيّ والإسلاميّ.
ورأى سماحته أنّ لذلك تداعياتٍ على مستوى المنطقة، محذّراً من أنّ الحرب الاقتصاديّة العالميّة على إيران قد بدأت معالمها بالظّهور، مشيراً إلى أنّ الوفود الأميركيّة إلى لبنان تسعى لتغيير عقيدة الجيش اللّبناني، وأنّ الأميركيّين مستمرّون بإعطاء الضّوء الأخضر للعدوّ لخروقاته المتكرّرة وتحضيراته لشنّ عدوان جديد، داعياً الشّعوب العربيّة والإسلاميّة إلى الاستعداد لأيّة مواجهة في المستقبل. وفيما يلي نص البيان:
يتأكّد يوماً بعد يوم أنّ الوجه الذي حاول أوباما أن يظهر به للعالم الإسلامي مع بداية رئاسته لم يكن إلا مجرّد كلماتٍ تستهدف إحداث جوّ من الاسترضاء والاطمئنان في السّاحة العربيّة والإسلاميّة، ريثما تستكمل الإدارة الأميركيّة مشروعها الاقتصاديّ السّاعي لإخراج الولايات المتّحدة الأميركيّة من أزمتها المالية والاقتصادية، وإعادة التموضع بالنسبة لخططها العسكريّة في المنطقة، ولا سيّما في العراق وأفغانستان وتجاه إيران.
وربّما يكون من الواضح أيضاً أنّ مقاربة أوباما للقضيّة الفلسطينيّة أمّنت للعدوّ الصهيوني هامشاً كبيراً من الوقت ليحاول ترتيب أولويّاته وأوضاعه، بما أدّى إلى تسارع وتيرة محاولة القضاء الجغرافي على القضيّة الفلسطينيّة، بحيثُ يدفع الاستيطان واقعيّاً إلى إلغاء أيّة إمكانيّة لقيام الدولة الفلسطينيّة المستقلّة.
إنّنا نخشى من أن يكون الإعلان عن فشل الرّئيس الأميركيّ في مسألة التّسوية يعكس فشلاً مدبّراً، قد جرى التّنسيق الكامل فيه مع كيان العدوّ، وأن تكون الخلافات التي قيل عنها بين "أوباما" و"نتنياهو" هي خلافات شكليّة وصوريّة، للضّحك على الكثيرين ممن هم في مواقع السّلطة والنّفوذ في العالم العربي، وصولاً إلى المرحلة الرّاهنة التي بدأت معالمها بالبروز، وخصوصاً مع خطاب الرّئيس الأميركّي حول حال "الاتحاد"، الذي نفض فيه اليد من أيّة التزامات بالمسألة الفلسطينيّة، ولم يتطرّق إلى هذه القضيّة حتّى على مستوى بعض الكلمات التي يتحدّث بها عادةً عن مأساة الفلسطينيّين، والتي لا ينسى أن يُتبعها دائماً بالحديث عن أمن كيان العدوّ والتزامه الذي لا يتزعزع تجاهه.. وقد كان لافتاً أن يحمل مبعوثه إلى المنطقة معالم المشروع الاقتصاديّ "لنتنياهو" الذي يختصر فيه المسألة الفلسطينيّة، لتبدو مسألة مجموعة بشريّة تحتاج إلى بعض التحسينات الاقتصادية، بدلاً من أن تكون قضيّة شعبٍ يستبدّ به الاحتلال الظّالم منذ عشرات السّنين.
ولذلك، فقد بات من غير المجدي أن يُراهن العرب والمسلمون على تغيّر السياسات الاستكباريّة التي تتحرّك بها الولايات المتّحدة الأمريكية مع تغيّر أسماء الرؤساء الأمريكيّين؛ إذ بات واضحاً أنّ ثمّة ثابتاً أساسياً في السياسة الأمريكيّة، مهما تبدّلت الأسماء والخطابات، وهو أنّ على العرب والمسلمين أن يتغيّروا لمصلحة ما يريده العدوّ الصهيوني، وأن يستسلموا لحركة الفوضى الداخليّة التي يُراد من خلالها إبقاء الواقع العربي والإسلامي في حالة اهتزاز دائم بما يتيح للاستكبار الأمريكي وغيره السيطرة على مقدّرات المسلمين وثرواتهم، والضغط على واقعهم ومستقبلهم.
لقد سقط الرّئيس الأميركيّ في الفخّ الإسرائيليّ والصهيوني الذي سقط فيه الرؤساء الأميركيّون الذين سبقوه، وأفرغ من محتواه بسقوط شعاراته، ليبرز كمن يواجه المزيد من الفشل في الخطّة بالمزيد من الخطابة... ونخشى من أنّ "أوباما" الذي خلع بزّة التّغيير الرسميّة ولبس بزّة بوش الحربيّة، سيذهب إلى حيث ذهب سلفه في معالجة فشله الدّاخلي وانهزامه أمام الصّهاينة أو ركونه لهم، بالمزيد من الحروب التي يشنّها على العالم العربي والإسلامي، بدءًا من أفغانستان إلى اليمن، وصولاً إلى إيران التي بدأت معالم الحرب الاقتصاديّة عليها بالبروز، وحيث يُراد لهذه الحرب أن تكون عالميّةً وأن تمهّد لمستويات أخرى من الصّراع، ولا نعتقد أنّ لبنان المستهدف من العدوّ الصهيوني سيكون بمنأى عن الإستراتيجية الأميركيّة، سواء لجهة الضّغوط المتصاعدة حول ما تطلبه الوفود الأميركيّة من تغيير عقيدة الجيش اللّبنانيّ أو تغيير رؤيته الشّاملة، أو لجهة الضّوء الأخضر المعطى للعدوّ بالاستمرار في خروقاته وعدوانه وتحضيراته لشنّ عدوانٍ واسعٍ في المستقبل.
إنّنا نقول لشعوبنا: إنّ علينا أن نعدّ العدّة على كافّة المستويات لمواجهة أيّ عدوان جديد على المنطقة، وإن كنّا نعرف أنّ الذي يهدّد ويتوعّد باتت بيوته من زجاج، ولم يعد قادراً على تحقيق ما يتطلّع إليه من أهداف، وأنّه سيدفع الأثمان باهظةً إذا قرّر أن يُدخل المنطقة والعالم في متاهات مغامرة جديدة، قد تتعدّى أصداؤها المنطقة لتصل نتائجها إلى زوايا العالم الأوسع.
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 16 صفر 1431 هـ الموافق: 31/01/2010 م