الشيعة يحترمون الأئمة من أهل البيت(ع) ويعظّمونهم، ولاسيما أنهم يعتقدون بعصمتهم

الشيعة يحترمون الأئمة من أهل البيت(ع) ويعظّمونهم، ولاسيما أنهم يعتقدون بعصمتهم

  الشيعة يحترمون الأئمة من أهل البيت(ع) ويعظّمونهم، ولاسيما أنهم يعتقدون بعصمتهم


حوار مع قناة المصرية

هو آية الله، العلاّمة السيد محمد حسين فضل الله، أحد أبرز المراجع والعلماء الشيعة العرب، اقترنت المعرفة بنشاطه السياسي بدايةً من الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وكان قد غُلب على نشاطه الاهتمام بالعمل العلمائي ذي الطابع الفقهي والفكري المتزامن مع التدريس الحوزوي المتأثر بالطابع للعام للحوزة النجفية، خلافاً للحوزة القمية التي تميَّزت بالطابع السياسي الثوري والعملي. وهو داعية للوحدة الإسلامية طرحاً ومنهجاً منذ العام 1952، أي منذ كان عمره ستة عشر عاماً تقريباً، كتب قصيدةً عن فلسطين وكان عمره 12 عاماً يقول فيها:

دافعوا عن حقِّنا المغتصبِ        في فلسطين بحدِّ القُضبِ

واذكروا عهد صلاح حينما      هبَّ فيها طارداً للأجنبي

صاحبُ باعٍ طويل في العمل الدَّعويّ والتربوي والاجتماعي، بدايةً في تأسيسه جمعية أسرة التآخي في منطقة النبعة في بيروت الشرقيَّة، ثم إمامته لمسجد الإمام الرضا(ع) في بئر العبد بعد انتقاله إلى الضّاحية الجنوبيّة لبيروت، إلى تأسيسه جمعية المبرات الخيرية ذات المؤسَّسات المتعددة. وبالرّغم من الانسجام العام مع رؤية حزب الله، إلاّ أنه فضَّل الاستقلالية عن المواقع الحزبية. تعرَّض للعديد من محاولات الاغتيال، كان أخطرها تلك التي دبّرت بتنسيق أمريكي إسرائيلي في عهد الرئيس السابق أمين الجميل في مجزرة بئر العبد التي ذهب ضحيتها حوالي 85 شهيداً وحوالي 200 جريحاً ونجا منها سماحته بأعجوبة.

في برنامج "عيون عربيَّة" على القناة المصرية الفضائية، نلتقي العلاّمة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، في حوار خاصّ وهو الأول في وسيلة إعلامية مصرية مرئية.

شروط الإمامة:

* باعتبار أن الخلاف الأساسي بين الشيعة والسنة يتحدَّد بما سُمِّي مبحث الإمامة، ما هي شروط الإمامة؟

- من شروط الإمام أن يملك المستوى الأعلى في المعرفة الإسلامية وفي الالتزام الإسلامي. وفي النظرية الإسلامية الشيعية، لا بد من أن يكون الإمام معصوماً عن الخطأ في الفكر وفي العمل، والنظرية الإسلامية الشيعية تختلف في ذلك عن النظرية الإسلامية السنية؛ فالإمامة لدى الشيعة انطلقت من خلال النصّ الذي يتحدث عن أنّ الرسول(ص) قد نصَّب علياً للخلافة في يوم الغدير وفي مواقع متعددة، بينما يرى المسلمون السنّة أن الإمامة هي لأبي بكر، من خلال أنَّ النبي(ص) نصَّبه للصلاة، ولأنّ المسلمين انتخبوه للخلافة.

وقد انطلق الجدل الكلامي حول هذه المسألة بين المسلمين. ولكني أسجِّل ملاحظةً أمام هذه الحسابات المعقّدة بين فريق الإمامة وفريق الخلافة، وهي أن الذين اختلفوا في مسألة الخلافة والإمامة في العهد الأول بعد رسول الله(ص)، كانوا يعيشون التواصل والتكامل والتناصح فيما بينهم، بحيث لم تؤثِّر خلافاتهم على أهمّيّة حماية الإسلام من كلِّ الأخطار التي كانت توجه إليه من قبل الآخرين.

وأنا أستذكر في هذا المجال رسالةً أرسلها الإمام علي بن أبي طالب(ع) إلى أهل مصر، وهي موجودة في كتاب نهج البلاغة، يقول فيها: «فما راعني إلا انثيال الناس على أبي بكر يبايعونه، فأمسكت يدي، حتى إذا رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد(ص)، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله، أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم، التي إنما هي متاع أيام قلائل، يزول منها ما كان، كما يزول السراب أو كما يتقشّع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق، واطمأنَّ الدين وتنهنه».وفي كلمة أخرى له يقول(ع): «لأسلمنَّ ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن بها جور إلا عليّ خاصة».

ونقرأ أيضاً في تاريخ تلك الفترة، أنّ الخليفة الثاني عمر بن الخطاب استشار المسلمين في ذهابه إلى موقع الحرب التي كانت دائرة بين المسلمين والفرس، وكان قائد المعركة قد أشار عليه بأن يستشير المسلمين في ذهابه إلى الجبهة، فوافقوا، ولكن علياً(ع) قال: "...ومكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه ويضمّه، فإن انقطع النظام تفرَّق وذهب... فكن قطباً، واستدر الرحى بالعرب، وأصلهم دونك نار الحرب، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها...". فالإمام(ع) كان يعمل على أن يحفظ الخليفة، في الوقت الذي كانت هناك خلافات على مستوى الإمامة أو الخلافة. وفي المقابل، كان الخليفة عمر بن الخطّاب يقول عن عليّ(ع): «لولا عليٌّ لهلك عمر»، «لا كنت لمعضلة ليس لها أبو الحسن».

لذلك نحن كنّا ولا نزال نقول: إنّ على المسلمين من السنَّة والشِّيعة، أن يستوحوا تلك المرحلة التي عاش فيها الخلفاء الراشدون، فقد نختلف في مسألة الإمامة والخلافة، ولكنَّ هذه المسألة تبقى مسألة تاريخيّة، وما ينبغي أن نتساءل حوله، هو كما يقول السيد حسين البروجردي الذي كان مرجعاً في إيران: ما هي الحجة؟ هل الحجة بالأخذ بما جاء عن أئمة أهل البيت(ع) بعد أن نأخذ بكتاب الله وسنة نبيه(ص)، أو أن الحجة هي في ما نأخذه بكلِّ ما ورد عن الصحابة؟ فالمسألة موضع الخلاف إذاً، هي في حجية ما يرد علينا من أحكام الإسلام ومفاهيمه. وهذه مسألة علمية يمكن أن تخضع للبحث العلمي الموضوعي الذي يرتكز إلى قوله وتعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ}(النساء/59).

إنَّ ما يختلف عليه المسلمون السنة والشيعة خارج نطاق الخلافة، هو بعض الأبحاث الكلامية وبعض الأمور الفقهية. ونحن عندما ندرس الخلافات الفقهية بين الفريقين، نجد أن ما يلتقي عليه السنّة والشّيعة في الجوانب الفقهية يصل إلى مستوى الثمانين في المائة، كما أن المسألة الكلامية الخلافية تنطلق من بحث فلسفي إسلامي، وهو قضية الحسن والقبح العقليين الذي لا يراه الأشاعرة ويراه المعتزلة والإمامية. هذه مسائل علمية كلامية يمكن أن تُحلَّ بالبحث العلمي الموضوعي المعمّق، بعيداً عن الحساسيات الذاتية التي يحاول كل فريق من خلالها اتّهام الفريق الآخر بالضلال أو الكفر أو ما إلى ذلك.

* سماحة السيد، ما هي حدود دور الإمام، في حال وجود الإمام بالشّروط الّتي ذكرتها، بينما تكون السّلطة الفعليّة لشخص آخر؟

- إنَّ نظرية الإمامة تقول: إنّ الشرعية هي للإمام الذي تثبت إمامته بالنص، وأما الذين يتولّون السلطة خارج نطاق الإمامة، فهم لا يملكون الشرعية في هذا المجال، ولكن ربما تقتضي الظُّروف الموضوعية التعايش مع هذا الحكم، وأحياناً التعاون معه، إذا كان في ذلك مصلحة الإسلام والمسلمين.

مآخذ للسّنّة على الشيعة:

* يأخذ البعض من السُّنّة على الشيعة، أن حبهم المفرط لآل البيت قادهم إلى نوع من التقديس لهم، حتى قال البعض: إن الشيعة تفضِّل أهل البيت على الأنبياء، بل بلغ الأمر حدَّ القول إنّ الشيعة تقول بخطأ جبريل في تبليغ الرسالة، إذ إنّها كانت مُنـزلة على عليٍّ فنـزَّلها على محمد(ص)، وكذلك يقال إنَّ بعض فرق الشيعة تؤلِّه علياً مثل العلويين، وإن ذلك ربما كان منشأه عبد الله بن سبأ؟

- أما قضية التقديس فلها مظهران: الأوَّل هو تقديس الاحترام، فالشيعة يحترمون الأئمة من أهل البيت(ع) ويعظّمونهم، ولاسيما أنهم يعتقدون بعصمتهم. والمظهر الثاني هو الغلوّ، ونحن نرفض أيّ نوع من الغلوّ لأيِّ إمام من الأئمة، ولأيِّ نبي من الأنبياء، لأننا نؤمن بالتوحيد الخالص، فالله سبحانه وتعالى هو الإله الواحد الذي لا بدَّ من أن نوحِّده في الألوهية ولا إله غيره، ونوحِّده في العبادة فلا معبود سواه، ونوحِّده في الطاعة فلا طاعة لغيره، ونوحِّده في الحب فلا حب لغيره إلى جانب حبه، كما جاء في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ}(البقرة/165)، وقد ورد عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين(ع): «أحبُّونا حبَّ الإسلام». لذلك نحن نرفض أن يعطى أيّ شخص من الأئمة شيئاً مما يقرِّب من منـزلة الله سبحانه وتعالى.

ونحن في بحثنا العلميّ الكلاميّ، ننكر كلَّ ما يُتحدَّث عنه في بعض الأبحاث من القول بالولاية التكوينية للأئمة(ع) أو ما إلى ذلك، فنحن نعظِّمهم ونحترمهم، ولكنّنا نرفض الغلوَّ فيهم، ونعتبر أنَّ الغلوَّ كفر وشرك.

أمَّا الحديث عن أن جبرائيل خان الأمانة، فهو حديثٌ سخيفٌ أقربُ إلى الخرافة منه إلى الحقيقة. نحن نعتقد أنّ الله سبحانه وتعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، وأن الله سبحانه وتعالى أرسل جبرائيل الأمين ليحمل الرسالة إلى رسول الله محمد(ص)، وكل من يعتقد غير ذلك هو منحرف عن الإسلام كلّه. ولعل ما يشبه ذلك، ما كنا نسمعه مما يُروى في بعض أوساط المسلمين السنة عن النبي(ص)، وهو حديث لا يصل إلى الثقة، "ما أبطأ الوحي عني حتى ظننت أنه نـزل في آل الخطّاب". إننا نعتقد أن الحديث عن خيانة جبرائيل هو حديث عن خطِّ من خطوط الكفر، وهو إساءة إلى الله تعالى، لأنّ الله لا يمكن أن يأتمن على وحيه شخصاً خائناً، خصوصاً أن الملائكة معصومون {لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}(الأنبياء/27). لذلك فإنّ هذه المقولة ليس لها أي أساس، لا في أحاديث الشيعة ولا في اعتقاداتهم من قريب أو بعيد.

أما مسألة الغلوّ في عليّ(ع)، فإنّنا نعتبر أن الغلوّ في علي واعتقاد ألوهيته أو ما يقرب من الألوهية، هو كفر، ويعتبر معتقده كافراً كبقية الكفّار الآخرين، لأنّه لا فرق بين أن نشرك بالله تعالى غيره، أو أن نشرك بالله تعالى عليّاً أو غير عليّ، ولكن عليّاً(ع) كان عبد الله، وكان تلميذ رسول الله(ص)، وهو الذي قال: «علَّمني رسول الله ألف باب من العلم، فُتَح لي من كلِّ باب ألف باب»، فهو تلميذ رسول الله وربيبه، وقد كان علمه من علم الرسول(ص). ونحن نعتقد أن رسول الله هو أفضل من علي، وهو أستاذه، وهو الرسول الذي يؤمن به علي(ع)، حتى ورد عندنا في حديث عن أحد أئمة أهل البيت(ع) يقول: «والله ما شيعتنا إلا من اتَّقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون إلاّ بالتواضع والتخشّع والأمانة وكثرة ذكر الله والصّلاة والصّوم، وبرّ الوالدين وتعاهد الجيران والفقراء والمساكين والغارمين والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن النّاس إلاّ من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء ـ ثم قال ـ أحسب الرّجل أن يقول أحبُّ عليّاً وأتولاّه، ثمّ لا يكون فعّالاً، فلو قال: أحبّ رسول الله، ورسول الله خير من علي، ثمَّ لا يتبع سيرته، ولا يعمل بسنّته، ما نفعه حبّه إيّاه شيئاً ـ ثم قال ـ من كان مطيعاً لله فهو لنا ولي، ومن كان عاصياً لله فهو لنا عدو. والله ما تُنال ولايتنا إلا بالورع».

ولذلك فنحن نعتقد أن رسول الله(ص) هو سيد ولد آدم، وهو أستاذ علي، وعلي تلميذه وربيبه، وهكذا بالنسبة إلى الأنبياء(ع)، فنحن لا نعتبر بحسب عقيدتنا، أنّ الأئمة(ع) أفضل من الأنبياء، فللأنبياء(ع) مقام عظيم عند الله سبحانه وتعالى، حيث اختصَّهم برسالته، وللأئمة(ع) أيضاً مقام عظيم عند الله، حيث اختصَّهم حسب عقيدتنا بالإمامة.

شرعية الخروج على الحاكم الظالم:

* السنَّة تقول بعدم جواز الخروج على حكام الجور وإن ظلموا وضربوا الأبتار وجلدوا الظهور واستأثروا بالفيء وقتلوا النفس المحرَّمة، وذلك استناداً إلى الحديث الذي رواه البخاري، والذي جاء فيه شرط: "إلا أن تروا كفراً بوّاحاً عندكم من الله فيه برهان". فكيف ترون إذاً الخروج المتوالي على الحكم، مثل خروج الحسين(ع)، والتّوَّابين، والمختار الثقفي، وزيد بن علي؟

- إننا عندما نناقش المضمون الفكري الثقافي لقضية الحكم مناقشةً علميةً: ونسأل كيف يمكن أن يصدر من الخطِّ الإسلامي أنَّ على الأمة أن توافق على كل ما يقوم به الحاكم الظالم من انتهاك الحرمات، وأكل مال الأمة، وإشاعة كل فساد في الأرض، ونحن نعرف أن مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتحرك في كلِّ مواقع الحياة الإسلامية، ونحن نروي كما يروي الآخرون: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فمن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"؟! إن هذا يدل على أن مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالوسائل التي يمكن فيها أن يقام المعروف وأن يسقط المنكر، لا تستثني أحداً، سواء كان حاكماً أو غير حاكم، ونحن نروي عن الإمام الحسين بن علي(ع)، أنه عندما انطلق في حركته، خاطب الناس، وقال: «أيُّها الناس، إن رسول الله قال: من رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثمَّ لم يغيِّر عليه بقول ولا فعل كان حقاً على الله أن يدخله مدخله. ألا وإنّ هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطَّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلُّوا حرام الله، وحرّموا حلاله، وإنّي أحق من غيَّر».

إنَّ الحسين(ع) ـ والرواية صحيحة عندنا ـ ينقل ذلك عن رسول الله(ص)، وقد ورد عن رسول الله في ما يرويه الجميع: «لتأمرنَّ بالمعروف، ولتنهنّ عن المنكر، أو ليسلّطنّ الله شراركم على خياركم، فيدعو خياركم فلا يُستجاب لهم».

لذلك نحن نعتقد أن على الأمَّة أن تغيِّر الحاكم الظالم، وأن تعمل على أساس إسقاطه بكل الوسائل التي تتحرك في مصلحة الواقع الإسلامي، لكن المسألة ليست عشوائية، بل لا بد من دراستها من خلال الظروف الموضوعية الموجودة في داخل الواقع الإسلامي، ومن خلال ما يحيط بالمسلمين من تحدّيات هنا وهناك، لأنّ مسألة أن يتحرك المسلمون في خطِّ العدل في كلِّ قضايا السلطة، هي مسألة أساسية ومصيرية وحيوية. ونحن نستذكر في هذا المجال، أنَّ الله سبحانه وتعالى تحدَّث في القرآن الكريم، أنَّ الرسالات كلّها انطلقت من أجل إقامة العدل بين الناس: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ}(الحديد/25). فإذا كان أساس الرسالات هو إقامة العدل بين الناس، فكيف يمكن أن يتقبَّل الإسلام الحكم الظالم والحاكم الظالم من دون أن ينطلق المسلمون في مواجهته؟!

* سماحة السيد، حضرتك لم تأتِ على ذكر عبد الله بن سبأ؟

- إنَّ هذه الشخصية هي شخصيَّة مثيرة للجدل ومن حقّ الإنسان أن يسأل: ماذا يملك هذا الشخص من حجمٍ في الواقع الإسلامي حتى يترك تأثيره الذي يُتَحَدَّث عنه في الانحرافات التي حدثت للمسلمين في تلك المرحلة؟! إنه شخصية مغمورة ليس لها أيّ شأن في المواقع الاجتماعية أو السياسية كما نعبِّر في هذه الأيام، وقد كان من أوائل الذين شكَّكوا في أصل وجود هذه الشخصية أو في تأثيرها، الدكتور طه حسين في كتابه "الفتنة الكبرى"، الذي ناقش فيه طبيعة المناخ الذي يثار حول هذا الشخص، ومدى قدرته على التأثير في الواقع الإسلامي مع وجود كبار الصحابة في تلك المرحلة، والذين كانوا يملكون التأثير الفاعل على الواقع الإسلامي بشكل ضاغط. وقد ناقش أحد علماء المسلمين الشيعة، وهو السيد مرتضى العسكري، في هذه الشخصية، وأثبت بطريقة علمية في تحقيقاته حول المصدر الذي أثار مسألة عبد الله بن سبأ، وهو سيف، بأنّه من الأشخاص الذين أثاروا الأكاذيب، ولاسيما في تاريخ الطبري. لذلك فإنّنا لا نعتقد أنّ لهذا الرجل أيّ دور وأي تأثير، بل إن التحقيق العلمي يجعل الإنسان يشعر بالتفاهة العلمية لإعطاء هذا الرجل مثل هذا الدور.

شعائر وطقوس!!

* ما تعليقكم على بعض الأمور المتعلّقة بخروج الحسين، مثل السجود على التربة الحسينية؟

- إن السجود على التربة الحسينية لا يمثِّل أية قداسة لهذه التربة، فالثابت لدى فقهاء أهل البيت(ع)، أنّه لا يجوز السجود إلا على الأرض وما أنبتت مما لا يستعمل بمادته للأكل ولا للّبس، ويقولون إن النبي(ص) يقول: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً»، فالأرض بطبيعتها هي الأساس في المسجد، وأما السجاد والموكيت أو ما أشبه ذلك، أو حتى الأوراق التي يمكن أن تؤكل مثل ورق العنب، فإنّه لا يجوز السجود عليه، ولكن يجوز لنا أن نسجد على العشب أو نسجد على الخشب، ويجوز لنا أن نسجد على الأوراق التي لا تستعمل للأكل من قبل البشر وما إلى ذلك، ولكن لا نسجد على الصوف ولا القطن... لذلك، فمسألة التربة هي مجرَّد تراب يُسجَدُ عليه عندما يفقد الإنسان ما يسجد عليه مما يصحُّ السجود عليه، وليست لها أي قداسة، فبإمكان الإنسان أن يكسر هذه التربة ويرميها في الهواء. ولكن بعض الناس يتبرّكون بالتراب الذي هو من كربلاء، باعتبار استشهاد الإمام الحسين(ع) عليه، ولكن ليس هناك أية خصوصية وأية قداسة لهذا التراب الذي يسجد عليه المسلمون الشيعة، ولا يلتزمونه بالخصوص، بل إننا نستطيع أن نسجد على الورق، أو أيِّ شيء آخر يُسجد عليه. لذلك، فإن النظرة التي يحملها كثير من المسلمين عن الشيعة في مسألة سجودهم على هذا التراب هي نظرة خاطئة.

* ومسألة اللّطم؟

- اللطم هو مجرد تعبير عن حالة تفاعل الحزن مع المأساة، ونحن نقول إنه لا مشكلة في من يريد أن يعبّر عن حزنه بخصوص المأساة الحسينية في عاشوراء، ولكن باللطم الهادئ الذي لا يضرُّ بالجسد ولا يتحوَّل إلى حالة فلكلورية. إنها مسألة إنسانية تختلف حسب اختلاف الناس في تأثّراتهم بالمأساة.

* وإدماء الجباه والظّهور؟

- نحن أطلقنا، كما بعض العلماء الآخرين، ومنهم السيِّد محسن الأمين، حرمة إدماء الرأس في عاشوراء، وأن هذا يمثِّل خطيئةًَ ومعصيةً، كما أنه يحرم إدماء الظهور بواسطة السلاسل، ونحن نرفض كل تقليد جديد يحاول أن يعطي المأساة أبعاداً تؤذي الجسد أو تشوِّه الصورة الإسلامية التي تمثِّلها حركة الإمام الحسين(ع)، لأنّنا نعتقد أن حركة الإمام الحسين(ع) هي حركة إسلامية، ونحن نقرأ في خطاب الإمام الحسين(ع) أنه كان يقول: «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردَّ عليَّ أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم، وهو خير الحاكمين».

ولذلك، فإنّ الحسين(ع) لم يخرج مقاتلاً، ولكنه خرج مصلحاً، ولكن فُرض عليه القتال عندما قيل له انزل على حكم بني عمك دون قيد ولا شرط، عند ذلك قال: «لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقرُّ لكم إقرار العبيد»، «ألا وإن الدعيَّ ابن الدعي قد ركز بين اثنتين؛ بين السِّلَّة والذلَّة، وهيهات منّا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حميّة، ونفوس أبيّة، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام».

* وشدّ الرحال إلى المراقد؟

- هذه المسألة تنطلق من خلال العاطفة تجاه الأئمة(ع)، ولاسيما الإمام الحسين(ع)، حيث يشعرون بأنهم في هذا الجهد وهذا التعب يمثلون نوعاً من إخلاص الحب للحسين(ع)، باعتبار أنهم يعانون جسدياً في سبيله، ولكنه لم يرد فيه أيّ نص من قبل أئمة أهل البيت(ع)، بل هي حالات ولائية عاطفية تتحرك من خلال المسلمين الشيعة.

* ومجالس العزاء؟

- إن مجالس العزاء تمثِّل المجالس التي يراد منها تذكير الأمة بأهداف ثورة الإمام الحسين(ع) وتركيز تعاليمه في النفوس، ومن الطبيعي أن تُذكر المأساة لتثير العاطفة حول هؤلاء الأشخاص الأطهار الذين يحبُّهم الناس، فتتحرَّك العاطفة بشكل تلقائي تجاههم، ونحن نعرف أن العاطفة الإنسانية يمكن أن تنفتح على مآسي التاريخ، كما يمكن أن تنفتح على مآسي الواقع.

* حديث غدير خمّ متَّفق على صحَّته عند الشيعة والسنة: «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه»، ومع ذلك، اختلفوا في تفسير المضمون، مثلما فعل ابن تيمية حين فرَّق بين مولى ووليّ؟

- إن الشيعة يقولون إنَّ هناك قرينةً لفظيةً في خطاب النبي(ص)، حيث قال وهو يخاطب المسلمين: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: اللهمَّ بلى، قال: من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه». قوله هنا: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم» إشارة إلى ما قاله الله سبحانه وتعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}(الأحزاب/6). نحن نعتبر أن هذه الآية هي دليل حاكمية الرسول(ص)، كأنّه يقول إنّ هذا الأمر الذي جعله الله لي أنا جعلته لعليّ، فقوله: «مولاه»، يعني من كنت أولى به من نفسه فعليٌّ أولى به من نفسه. هكذا يفسر المسلمون الشيعة هذا الحديث.

تحريم سبِّ الصحابة:

* يأخذ السنَّة على الشيعة سبَّهم ولعنهم لبعض الصحابة، وتناولهم للسيّدة عائشة. فما هو الموقف الشيعي الشرعي من ذلك؟

- نحن نحرِّم تحريماً مطلقاً، وهذا ما تنطلق به كلُّ فتاوانا التي نجيب بها عن أسئلة المستفتين، نحرِّم الإساءة إلى الصحابة وسبّهم، كما نحرِّم الإساءة إلى السيدة عائشة، بالرغم من أننا نعتقد أنّها أخطأت في مشاركتها الحرب ضد الإمام علي(ع)، وقد أكرمها الإمام علي(ع) عندما أراد لها أن ترجع إلى المدينة محترمةً مكرَّمة. ونحن أيضاً نبرئ السيدة عائشة من قضيَّة الإفك، لأنّ الله برَّأها في ذلك، ولا يجوز لنا اتهامها أو اتهام أية زوجة من زوجات النبي(ص) في هذا الموضوع، لأن هناك روايةً تقول إن القضية حدثت مع ماريَّا زوجة النبي(ص). وعلى كل حال، نحن نرفض أي إساءة إلى الصّحابة، وهناك بيت شعر لأحد شعراء الأئمَّة من أهل البيت(ع)، وهو من علمائنا القدامى، وهو السيد محمد باقر حجة الإسلام يقول:

فيا حميرةُ سبُّكِ محرَّمُ         لأجل عينٍ ألف عين تُكرمُ

* ما هو رأيكم في نظرية ولاية الفقيه؟

- إن نظرية ولاية الفقيه هي نظرية علمية اختلف فيها الفقهاء، ولعل أغلب علماء المسلمين الشيعة لا يقولون بها، فلا يرون للفقيه ولايةً عامة على مستوى ما يقرب من الإمامة والخلافة. وقد كان أستاذنا السيد أبو القاسم الخوئي ينكر شرعية الولاية العامة للفقيه، ونحن نوافقه على ذلك، ولا نرى أنَّ للفقيه ولايةً عامةً على المسلمين، إلا إذا توقَّف حفظ النظام العام للمسلمين على ولايته. ومع ذلك، لا بدَّ للفقيه من أن يستشير أهل الخبرة في كلِّ شؤون السلطة وكلِّ شؤون الحياة، لأنّه لا يجوز له أن يحكم من دون علمٍ ومن دون خبرة.

شروط المرجعية:

* ما هي شروط المرجعية؟ وكيف حزت سماحتك على المرجعية؟

- من شروط المرجعية أن يكون المرجع مجتهداً في الفقه، بحيث يملك القدرة العلمية على استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها الأصلية، وأن يكون مستقيماً في دينه، وهذا ما يُعبرَّ عنه بالعدالة، وأن يكون ممارساً للفقه ممارسةً طويلةً جداً بالبحث والتدريس والإفتاء. وبالنسبة إليّ، هناك الكثيرون من العلماء ممن يعتقدون توفّر هذه الشروط في إمكاناتي الفقهية والإسلامية. ونحن نتصوَّر أنَّ المرجعية في هذه العصور لا بد من أن تنفتح على كل قضايا الواقع الإسلامي، سواء القضايا الثقافية أو السياسية، وأن تملك الجواب عن أسئلتهم في كل ما أشكل عليهم أمره.

* أتمنى من سماحتك أن تشرح كيف يتم اختيار المرجع؟

- إن اختيار المرجع الفقيه لا ينطلق من وضع هندسي، بل إن الفقيه يعيش في داخل الحوزات أو في داخل المجتمع العلمي، فيراقبه الآخرون في أبحاثه العلمية وفي نشاطه البحثي والدرسي وما إلى ذلك، فيحدث أن يثق به جماعة، ويتعاظم هذا النوع من الثقة، حتى يرجع إليه بعض الناس، وقد تمتدُّ مرجعيته في العالم حسب نشاطه العلمي ونشاطه الفتوائي، وحتى نشاطه الثقافي والسياسي.

* هناك بعض الأمور تسبِّب التباساً عند الناس، فهلاّ وضحتموها، مثل زواج المتعة؟

- مسألة زواج المتعة هي من المسائل التي اتَّفق المسلمون على أصل تشريعها، وقد سأل المسلمون النبيَّ محمّداً(ص)، حسب كلِّ الروايات، أنهم في بعض الحروب قد تأخذهم الشهوة، فهل نستخصي؟ بمعنى هل نخصي أنفسنا؟ قال لا، ولكن تمتَّعوا، حسب ما جاء في مضمون الحديث. وقد ورد في القرآن الكريم: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}(النساء/24). حيث فُسِّرت من أكثر من شخصية إسلامية، ومنهم ابن عباس، بزواج المتعة.

وهناك من المسلمين من يعتقدون بأنَّ النبي نسخ هذا الحكم بعد ذلك، ولكن هناك مناقشات علمية في مسألة صحة هذا النسخ، لأنهم يروون ذلك عن علي(ع)، بينما يروي المسلمون الشيعة في أحاديث موثَّقة، أنَّ علياً(ع) كان يقول: «لولا ما نهى عنه عمر من أمر المتعة، ما زنى إلاّ شقي». وقد نُقل عن عبد الله بن عمر أنّه كان يحلِّل المتعة. ويُقال إنَّ الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وقف أمام المسلمين وقال: «متعتان كانتا على عهد رسول الله حلالاً وأنا أحرِّمهما»، وذكر متعة النساء ومتعة الحجّ. ويحاول البعض أن يقول إنَّ هذا التحريم لم يكن تحريماً تشريعياً، لأنّه لا حقَّ لأحد في أن يُشرع بعد رسول الله(ص)، بل هو تحريم ولايتي.

فالمسألة هي من المسائل التي لا تزال موضع خلاف في الشرعية، فالمسلمون الشيعة، وانطلاقاً مما يملكون من أدلة يرونها تامّةً وصحيحةً، يعتقدون بشرعية المتعة، بينما يعتقد المسلمون السنة أنه لا شرعية لها، لأنَّها نُسخت. وهذا بحثٌ علميٌّ اجتهاديٌّ لا يجوز لنا أن نتراشق فيه بالاتّهامات الباطلة، ولاسيما أنّ بعض الذين يجوِّزون زواج المتعة، يفلسفون ذلك بأنّ الزواج الدائم في مدى التاريخ لدى كلِّ الأمم، لم يستطع أن يحلَّ مشكلة الجنس، لأن هناك ظروفاً قد تحدث للناس لا يملكون فيها الحلّ للمسألة الجنسية في بعض الحالات الصعبة القاسية.

وزواج المتعة، كالزّواج الدّائم، يخضع لعقد شرعي، وفيه مهر يُدفع للمرأة، ولكنّه محدَّد بوقت معيّن، وإذا حصل الدخول بين الزّوجين، فإنّ على المرأة أن تعتدّ قبل أن تتزوج إنساناً آخر. ويُعتبر الولد الناشئ من زواج المتعة ولداً شرعياً مئة في المئة، كالولد الذي ينشأ من الزواج الدائم. وفي رأي هؤلاء، فإنّ زواج المتعة الذي لا بد من أن يُنظَّم تحت خطة قانونية تحميه من الانحراف، يمكن أن يشارك في حلّ المشكلة الجنسية إلى جانب الزواج الدائم.

* وماذا عن مصحف فاطمة؟

- إن الالتباس حدث في كلمة مصحف، وكلمة "مصحف" يُراد منها الكتاب الذي يشتمل على صحف. وليس عند الشيعة، ولا واحد في المليون، من يعتقد أنّ هناك قرآناً آخر يسمَّى مصحف فاطمة. إنَّ الروايات التي وردت عن مصحف فاطمة، أنّ فيه وصية فاطمة(ع) وبعض الأحكام الشرعية، وأنّ هناك بعض الأحاديث التي تقول إن الله تعالى أرسل إليها ملكاً يؤانسها بعد وفاة أبيها، وكان عليٌّ(ع) يكتب ذلك. المهم أنَّ مصحف فاطمة ليس قرآناً، وهذا ما نؤكِّده بكلّ معنى الكلمة. وأحبُّ أن أنقل عن صديقنا الداعية الإسلامي الكبير المرحوم الشيخ محمد الغزالي في لقائي به قوله: إنني كنت أتحدث مع الكثيرين من علماء المسلمين الذين ينسبون إلى الشيعة تحريف القرآن، أو ينسبون إلى الشيعة أيضاً "مصحف فاطمة"، وأطلب منهم أن ينطلقوا إلى كل بقاع الأرض، ليبحثوا عن مصحف واحد بين أيدي الشّيعة، يزيد فيه حرف واحد عن المصحف الذي هو بين أيدي المسلمين. ونحن نروي عن أئمة المسلمين(ع) قولهم: «ما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الجدار».

نحن نعتقد أن كتاب الله الذي بين أيدي المسلمين هو الكتاب الذي {لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ}(فصِّلت/42)، وأن الله تكفّل بحفظه في قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(الحجر/9).

* وماذا عن الاختلاف في الأذان؟

- نحن لا نعتبر أن كلمة "أشهد أنّ علياً وليُّ الله" هي جزء من الأذان، وقد كتبنا ذلك في كتاب الفتاوى، وقلنا إنّنا لا نوافق على أن يُزاد في الأذان أي شيء. هناك خلاف آخر في الأذان في كلمة "حيَّ على خير العمل"، فهناك روايات لدى المسلمين الشيعة بأنّها جزء من الأذان، ولكن المسلمين السنة لا يرون ذلك، كما أن السنة يزيدون في أذان الصبح: الصلاة خير من النوم، والشيعة لا يرون ذلك. أما كلمة "أشهد أن علياً ولي الله" فليست جزءاً من الأذان، ولا يجوز اعتقاد كونها جزءاً من الأذان، وإنّما يأتي بها الشيعة للتبرك.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 26 صفر 1428 هـ  الموافق: 15/03/2007 م

  الشيعة يحترمون الأئمة من أهل البيت(ع) ويعظّمونهم، ولاسيما أنهم يعتقدون بعصمتهم


حوار مع قناة المصرية

هو آية الله، العلاّمة السيد محمد حسين فضل الله، أحد أبرز المراجع والعلماء الشيعة العرب، اقترنت المعرفة بنشاطه السياسي بدايةً من الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وكان قد غُلب على نشاطه الاهتمام بالعمل العلمائي ذي الطابع الفقهي والفكري المتزامن مع التدريس الحوزوي المتأثر بالطابع للعام للحوزة النجفية، خلافاً للحوزة القمية التي تميَّزت بالطابع السياسي الثوري والعملي. وهو داعية للوحدة الإسلامية طرحاً ومنهجاً منذ العام 1952، أي منذ كان عمره ستة عشر عاماً تقريباً، كتب قصيدةً عن فلسطين وكان عمره 12 عاماً يقول فيها:

دافعوا عن حقِّنا المغتصبِ        في فلسطين بحدِّ القُضبِ

واذكروا عهد صلاح حينما      هبَّ فيها طارداً للأجنبي

صاحبُ باعٍ طويل في العمل الدَّعويّ والتربوي والاجتماعي، بدايةً في تأسيسه جمعية أسرة التآخي في منطقة النبعة في بيروت الشرقيَّة، ثم إمامته لمسجد الإمام الرضا(ع) في بئر العبد بعد انتقاله إلى الضّاحية الجنوبيّة لبيروت، إلى تأسيسه جمعية المبرات الخيرية ذات المؤسَّسات المتعددة. وبالرّغم من الانسجام العام مع رؤية حزب الله، إلاّ أنه فضَّل الاستقلالية عن المواقع الحزبية. تعرَّض للعديد من محاولات الاغتيال، كان أخطرها تلك التي دبّرت بتنسيق أمريكي إسرائيلي في عهد الرئيس السابق أمين الجميل في مجزرة بئر العبد التي ذهب ضحيتها حوالي 85 شهيداً وحوالي 200 جريحاً ونجا منها سماحته بأعجوبة.

في برنامج "عيون عربيَّة" على القناة المصرية الفضائية، نلتقي العلاّمة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، في حوار خاصّ وهو الأول في وسيلة إعلامية مصرية مرئية.

شروط الإمامة:

* باعتبار أن الخلاف الأساسي بين الشيعة والسنة يتحدَّد بما سُمِّي مبحث الإمامة، ما هي شروط الإمامة؟

- من شروط الإمام أن يملك المستوى الأعلى في المعرفة الإسلامية وفي الالتزام الإسلامي. وفي النظرية الإسلامية الشيعية، لا بد من أن يكون الإمام معصوماً عن الخطأ في الفكر وفي العمل، والنظرية الإسلامية الشيعية تختلف في ذلك عن النظرية الإسلامية السنية؛ فالإمامة لدى الشيعة انطلقت من خلال النصّ الذي يتحدث عن أنّ الرسول(ص) قد نصَّب علياً للخلافة في يوم الغدير وفي مواقع متعددة، بينما يرى المسلمون السنّة أن الإمامة هي لأبي بكر، من خلال أنَّ النبي(ص) نصَّبه للصلاة، ولأنّ المسلمين انتخبوه للخلافة.

وقد انطلق الجدل الكلامي حول هذه المسألة بين المسلمين. ولكني أسجِّل ملاحظةً أمام هذه الحسابات المعقّدة بين فريق الإمامة وفريق الخلافة، وهي أن الذين اختلفوا في مسألة الخلافة والإمامة في العهد الأول بعد رسول الله(ص)، كانوا يعيشون التواصل والتكامل والتناصح فيما بينهم، بحيث لم تؤثِّر خلافاتهم على أهمّيّة حماية الإسلام من كلِّ الأخطار التي كانت توجه إليه من قبل الآخرين.

وأنا أستذكر في هذا المجال رسالةً أرسلها الإمام علي بن أبي طالب(ع) إلى أهل مصر، وهي موجودة في كتاب نهج البلاغة، يقول فيها: «فما راعني إلا انثيال الناس على أبي بكر يبايعونه، فأمسكت يدي، حتى إذا رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد(ص)، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله، أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم، التي إنما هي متاع أيام قلائل، يزول منها ما كان، كما يزول السراب أو كما يتقشّع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق، واطمأنَّ الدين وتنهنه».وفي كلمة أخرى له يقول(ع): «لأسلمنَّ ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن بها جور إلا عليّ خاصة».

ونقرأ أيضاً في تاريخ تلك الفترة، أنّ الخليفة الثاني عمر بن الخطاب استشار المسلمين في ذهابه إلى موقع الحرب التي كانت دائرة بين المسلمين والفرس، وكان قائد المعركة قد أشار عليه بأن يستشير المسلمين في ذهابه إلى الجبهة، فوافقوا، ولكن علياً(ع) قال: "...ومكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه ويضمّه، فإن انقطع النظام تفرَّق وذهب... فكن قطباً، واستدر الرحى بالعرب، وأصلهم دونك نار الحرب، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها...". فالإمام(ع) كان يعمل على أن يحفظ الخليفة، في الوقت الذي كانت هناك خلافات على مستوى الإمامة أو الخلافة. وفي المقابل، كان الخليفة عمر بن الخطّاب يقول عن عليّ(ع): «لولا عليٌّ لهلك عمر»، «لا كنت لمعضلة ليس لها أبو الحسن».

لذلك نحن كنّا ولا نزال نقول: إنّ على المسلمين من السنَّة والشِّيعة، أن يستوحوا تلك المرحلة التي عاش فيها الخلفاء الراشدون، فقد نختلف في مسألة الإمامة والخلافة، ولكنَّ هذه المسألة تبقى مسألة تاريخيّة، وما ينبغي أن نتساءل حوله، هو كما يقول السيد حسين البروجردي الذي كان مرجعاً في إيران: ما هي الحجة؟ هل الحجة بالأخذ بما جاء عن أئمة أهل البيت(ع) بعد أن نأخذ بكتاب الله وسنة نبيه(ص)، أو أن الحجة هي في ما نأخذه بكلِّ ما ورد عن الصحابة؟ فالمسألة موضع الخلاف إذاً، هي في حجية ما يرد علينا من أحكام الإسلام ومفاهيمه. وهذه مسألة علمية يمكن أن تخضع للبحث العلمي الموضوعي الذي يرتكز إلى قوله وتعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ}(النساء/59).

إنَّ ما يختلف عليه المسلمون السنة والشيعة خارج نطاق الخلافة، هو بعض الأبحاث الكلامية وبعض الأمور الفقهية. ونحن عندما ندرس الخلافات الفقهية بين الفريقين، نجد أن ما يلتقي عليه السنّة والشّيعة في الجوانب الفقهية يصل إلى مستوى الثمانين في المائة، كما أن المسألة الكلامية الخلافية تنطلق من بحث فلسفي إسلامي، وهو قضية الحسن والقبح العقليين الذي لا يراه الأشاعرة ويراه المعتزلة والإمامية. هذه مسائل علمية كلامية يمكن أن تُحلَّ بالبحث العلمي الموضوعي المعمّق، بعيداً عن الحساسيات الذاتية التي يحاول كل فريق من خلالها اتّهام الفريق الآخر بالضلال أو الكفر أو ما إلى ذلك.

* سماحة السيد، ما هي حدود دور الإمام، في حال وجود الإمام بالشّروط الّتي ذكرتها، بينما تكون السّلطة الفعليّة لشخص آخر؟

- إنَّ نظرية الإمامة تقول: إنّ الشرعية هي للإمام الذي تثبت إمامته بالنص، وأما الذين يتولّون السلطة خارج نطاق الإمامة، فهم لا يملكون الشرعية في هذا المجال، ولكن ربما تقتضي الظُّروف الموضوعية التعايش مع هذا الحكم، وأحياناً التعاون معه، إذا كان في ذلك مصلحة الإسلام والمسلمين.

مآخذ للسّنّة على الشيعة:

* يأخذ البعض من السُّنّة على الشيعة، أن حبهم المفرط لآل البيت قادهم إلى نوع من التقديس لهم، حتى قال البعض: إن الشيعة تفضِّل أهل البيت على الأنبياء، بل بلغ الأمر حدَّ القول إنّ الشيعة تقول بخطأ جبريل في تبليغ الرسالة، إذ إنّها كانت مُنـزلة على عليٍّ فنـزَّلها على محمد(ص)، وكذلك يقال إنَّ بعض فرق الشيعة تؤلِّه علياً مثل العلويين، وإن ذلك ربما كان منشأه عبد الله بن سبأ؟

- أما قضية التقديس فلها مظهران: الأوَّل هو تقديس الاحترام، فالشيعة يحترمون الأئمة من أهل البيت(ع) ويعظّمونهم، ولاسيما أنهم يعتقدون بعصمتهم. والمظهر الثاني هو الغلوّ، ونحن نرفض أيّ نوع من الغلوّ لأيِّ إمام من الأئمة، ولأيِّ نبي من الأنبياء، لأننا نؤمن بالتوحيد الخالص، فالله سبحانه وتعالى هو الإله الواحد الذي لا بدَّ من أن نوحِّده في الألوهية ولا إله غيره، ونوحِّده في العبادة فلا معبود سواه، ونوحِّده في الطاعة فلا طاعة لغيره، ونوحِّده في الحب فلا حب لغيره إلى جانب حبه، كما جاء في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ}(البقرة/165)، وقد ورد عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين(ع): «أحبُّونا حبَّ الإسلام». لذلك نحن نرفض أن يعطى أيّ شخص من الأئمة شيئاً مما يقرِّب من منـزلة الله سبحانه وتعالى.

ونحن في بحثنا العلميّ الكلاميّ، ننكر كلَّ ما يُتحدَّث عنه في بعض الأبحاث من القول بالولاية التكوينية للأئمة(ع) أو ما إلى ذلك، فنحن نعظِّمهم ونحترمهم، ولكنّنا نرفض الغلوَّ فيهم، ونعتبر أنَّ الغلوَّ كفر وشرك.

أمَّا الحديث عن أن جبرائيل خان الأمانة، فهو حديثٌ سخيفٌ أقربُ إلى الخرافة منه إلى الحقيقة. نحن نعتقد أنّ الله سبحانه وتعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، وأن الله سبحانه وتعالى أرسل جبرائيل الأمين ليحمل الرسالة إلى رسول الله محمد(ص)، وكل من يعتقد غير ذلك هو منحرف عن الإسلام كلّه. ولعل ما يشبه ذلك، ما كنا نسمعه مما يُروى في بعض أوساط المسلمين السنة عن النبي(ص)، وهو حديث لا يصل إلى الثقة، "ما أبطأ الوحي عني حتى ظننت أنه نـزل في آل الخطّاب". إننا نعتقد أن الحديث عن خيانة جبرائيل هو حديث عن خطِّ من خطوط الكفر، وهو إساءة إلى الله تعالى، لأنّ الله لا يمكن أن يأتمن على وحيه شخصاً خائناً، خصوصاً أن الملائكة معصومون {لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}(الأنبياء/27). لذلك فإنّ هذه المقولة ليس لها أي أساس، لا في أحاديث الشيعة ولا في اعتقاداتهم من قريب أو بعيد.

أما مسألة الغلوّ في عليّ(ع)، فإنّنا نعتبر أن الغلوّ في علي واعتقاد ألوهيته أو ما يقرب من الألوهية، هو كفر، ويعتبر معتقده كافراً كبقية الكفّار الآخرين، لأنّه لا فرق بين أن نشرك بالله تعالى غيره، أو أن نشرك بالله تعالى عليّاً أو غير عليّ، ولكن عليّاً(ع) كان عبد الله، وكان تلميذ رسول الله(ص)، وهو الذي قال: «علَّمني رسول الله ألف باب من العلم، فُتَح لي من كلِّ باب ألف باب»، فهو تلميذ رسول الله وربيبه، وقد كان علمه من علم الرسول(ص). ونحن نعتقد أن رسول الله هو أفضل من علي، وهو أستاذه، وهو الرسول الذي يؤمن به علي(ع)، حتى ورد عندنا في حديث عن أحد أئمة أهل البيت(ع) يقول: «والله ما شيعتنا إلا من اتَّقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون إلاّ بالتواضع والتخشّع والأمانة وكثرة ذكر الله والصّلاة والصّوم، وبرّ الوالدين وتعاهد الجيران والفقراء والمساكين والغارمين والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن النّاس إلاّ من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء ـ ثم قال ـ أحسب الرّجل أن يقول أحبُّ عليّاً وأتولاّه، ثمّ لا يكون فعّالاً، فلو قال: أحبّ رسول الله، ورسول الله خير من علي، ثمَّ لا يتبع سيرته، ولا يعمل بسنّته، ما نفعه حبّه إيّاه شيئاً ـ ثم قال ـ من كان مطيعاً لله فهو لنا ولي، ومن كان عاصياً لله فهو لنا عدو. والله ما تُنال ولايتنا إلا بالورع».

ولذلك فنحن نعتقد أن رسول الله(ص) هو سيد ولد آدم، وهو أستاذ علي، وعلي تلميذه وربيبه، وهكذا بالنسبة إلى الأنبياء(ع)، فنحن لا نعتبر بحسب عقيدتنا، أنّ الأئمة(ع) أفضل من الأنبياء، فللأنبياء(ع) مقام عظيم عند الله سبحانه وتعالى، حيث اختصَّهم برسالته، وللأئمة(ع) أيضاً مقام عظيم عند الله، حيث اختصَّهم حسب عقيدتنا بالإمامة.

شرعية الخروج على الحاكم الظالم:

* السنَّة تقول بعدم جواز الخروج على حكام الجور وإن ظلموا وضربوا الأبتار وجلدوا الظهور واستأثروا بالفيء وقتلوا النفس المحرَّمة، وذلك استناداً إلى الحديث الذي رواه البخاري، والذي جاء فيه شرط: "إلا أن تروا كفراً بوّاحاً عندكم من الله فيه برهان". فكيف ترون إذاً الخروج المتوالي على الحكم، مثل خروج الحسين(ع)، والتّوَّابين، والمختار الثقفي، وزيد بن علي؟

- إننا عندما نناقش المضمون الفكري الثقافي لقضية الحكم مناقشةً علميةً: ونسأل كيف يمكن أن يصدر من الخطِّ الإسلامي أنَّ على الأمة أن توافق على كل ما يقوم به الحاكم الظالم من انتهاك الحرمات، وأكل مال الأمة، وإشاعة كل فساد في الأرض، ونحن نعرف أن مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتحرك في كلِّ مواقع الحياة الإسلامية، ونحن نروي كما يروي الآخرون: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فمن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"؟! إن هذا يدل على أن مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالوسائل التي يمكن فيها أن يقام المعروف وأن يسقط المنكر، لا تستثني أحداً، سواء كان حاكماً أو غير حاكم، ونحن نروي عن الإمام الحسين بن علي(ع)، أنه عندما انطلق في حركته، خاطب الناس، وقال: «أيُّها الناس، إن رسول الله قال: من رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثمَّ لم يغيِّر عليه بقول ولا فعل كان حقاً على الله أن يدخله مدخله. ألا وإنّ هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطَّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلُّوا حرام الله، وحرّموا حلاله، وإنّي أحق من غيَّر».

إنَّ الحسين(ع) ـ والرواية صحيحة عندنا ـ ينقل ذلك عن رسول الله(ص)، وقد ورد عن رسول الله في ما يرويه الجميع: «لتأمرنَّ بالمعروف، ولتنهنّ عن المنكر، أو ليسلّطنّ الله شراركم على خياركم، فيدعو خياركم فلا يُستجاب لهم».

لذلك نحن نعتقد أن على الأمَّة أن تغيِّر الحاكم الظالم، وأن تعمل على أساس إسقاطه بكل الوسائل التي تتحرك في مصلحة الواقع الإسلامي، لكن المسألة ليست عشوائية، بل لا بد من دراستها من خلال الظروف الموضوعية الموجودة في داخل الواقع الإسلامي، ومن خلال ما يحيط بالمسلمين من تحدّيات هنا وهناك، لأنّ مسألة أن يتحرك المسلمون في خطِّ العدل في كلِّ قضايا السلطة، هي مسألة أساسية ومصيرية وحيوية. ونحن نستذكر في هذا المجال، أنَّ الله سبحانه وتعالى تحدَّث في القرآن الكريم، أنَّ الرسالات كلّها انطلقت من أجل إقامة العدل بين الناس: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ}(الحديد/25). فإذا كان أساس الرسالات هو إقامة العدل بين الناس، فكيف يمكن أن يتقبَّل الإسلام الحكم الظالم والحاكم الظالم من دون أن ينطلق المسلمون في مواجهته؟!

* سماحة السيد، حضرتك لم تأتِ على ذكر عبد الله بن سبأ؟

- إنَّ هذه الشخصية هي شخصيَّة مثيرة للجدل ومن حقّ الإنسان أن يسأل: ماذا يملك هذا الشخص من حجمٍ في الواقع الإسلامي حتى يترك تأثيره الذي يُتَحَدَّث عنه في الانحرافات التي حدثت للمسلمين في تلك المرحلة؟! إنه شخصية مغمورة ليس لها أيّ شأن في المواقع الاجتماعية أو السياسية كما نعبِّر في هذه الأيام، وقد كان من أوائل الذين شكَّكوا في أصل وجود هذه الشخصية أو في تأثيرها، الدكتور طه حسين في كتابه "الفتنة الكبرى"، الذي ناقش فيه طبيعة المناخ الذي يثار حول هذا الشخص، ومدى قدرته على التأثير في الواقع الإسلامي مع وجود كبار الصحابة في تلك المرحلة، والذين كانوا يملكون التأثير الفاعل على الواقع الإسلامي بشكل ضاغط. وقد ناقش أحد علماء المسلمين الشيعة، وهو السيد مرتضى العسكري، في هذه الشخصية، وأثبت بطريقة علمية في تحقيقاته حول المصدر الذي أثار مسألة عبد الله بن سبأ، وهو سيف، بأنّه من الأشخاص الذين أثاروا الأكاذيب، ولاسيما في تاريخ الطبري. لذلك فإنّنا لا نعتقد أنّ لهذا الرجل أيّ دور وأي تأثير، بل إن التحقيق العلمي يجعل الإنسان يشعر بالتفاهة العلمية لإعطاء هذا الرجل مثل هذا الدور.

شعائر وطقوس!!

* ما تعليقكم على بعض الأمور المتعلّقة بخروج الحسين، مثل السجود على التربة الحسينية؟

- إن السجود على التربة الحسينية لا يمثِّل أية قداسة لهذه التربة، فالثابت لدى فقهاء أهل البيت(ع)، أنّه لا يجوز السجود إلا على الأرض وما أنبتت مما لا يستعمل بمادته للأكل ولا للّبس، ويقولون إن النبي(ص) يقول: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً»، فالأرض بطبيعتها هي الأساس في المسجد، وأما السجاد والموكيت أو ما أشبه ذلك، أو حتى الأوراق التي يمكن أن تؤكل مثل ورق العنب، فإنّه لا يجوز السجود عليه، ولكن يجوز لنا أن نسجد على العشب أو نسجد على الخشب، ويجوز لنا أن نسجد على الأوراق التي لا تستعمل للأكل من قبل البشر وما إلى ذلك، ولكن لا نسجد على الصوف ولا القطن... لذلك، فمسألة التربة هي مجرَّد تراب يُسجَدُ عليه عندما يفقد الإنسان ما يسجد عليه مما يصحُّ السجود عليه، وليست لها أي قداسة، فبإمكان الإنسان أن يكسر هذه التربة ويرميها في الهواء. ولكن بعض الناس يتبرّكون بالتراب الذي هو من كربلاء، باعتبار استشهاد الإمام الحسين(ع) عليه، ولكن ليس هناك أية خصوصية وأية قداسة لهذا التراب الذي يسجد عليه المسلمون الشيعة، ولا يلتزمونه بالخصوص، بل إننا نستطيع أن نسجد على الورق، أو أيِّ شيء آخر يُسجد عليه. لذلك، فإن النظرة التي يحملها كثير من المسلمين عن الشيعة في مسألة سجودهم على هذا التراب هي نظرة خاطئة.

* ومسألة اللّطم؟

- اللطم هو مجرد تعبير عن حالة تفاعل الحزن مع المأساة، ونحن نقول إنه لا مشكلة في من يريد أن يعبّر عن حزنه بخصوص المأساة الحسينية في عاشوراء، ولكن باللطم الهادئ الذي لا يضرُّ بالجسد ولا يتحوَّل إلى حالة فلكلورية. إنها مسألة إنسانية تختلف حسب اختلاف الناس في تأثّراتهم بالمأساة.

* وإدماء الجباه والظّهور؟

- نحن أطلقنا، كما بعض العلماء الآخرين، ومنهم السيِّد محسن الأمين، حرمة إدماء الرأس في عاشوراء، وأن هذا يمثِّل خطيئةًَ ومعصيةً، كما أنه يحرم إدماء الظهور بواسطة السلاسل، ونحن نرفض كل تقليد جديد يحاول أن يعطي المأساة أبعاداً تؤذي الجسد أو تشوِّه الصورة الإسلامية التي تمثِّلها حركة الإمام الحسين(ع)، لأنّنا نعتقد أن حركة الإمام الحسين(ع) هي حركة إسلامية، ونحن نقرأ في خطاب الإمام الحسين(ع) أنه كان يقول: «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردَّ عليَّ أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم، وهو خير الحاكمين».

ولذلك، فإنّ الحسين(ع) لم يخرج مقاتلاً، ولكنه خرج مصلحاً، ولكن فُرض عليه القتال عندما قيل له انزل على حكم بني عمك دون قيد ولا شرط، عند ذلك قال: «لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقرُّ لكم إقرار العبيد»، «ألا وإن الدعيَّ ابن الدعي قد ركز بين اثنتين؛ بين السِّلَّة والذلَّة، وهيهات منّا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حميّة، ونفوس أبيّة، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام».

* وشدّ الرحال إلى المراقد؟

- هذه المسألة تنطلق من خلال العاطفة تجاه الأئمة(ع)، ولاسيما الإمام الحسين(ع)، حيث يشعرون بأنهم في هذا الجهد وهذا التعب يمثلون نوعاً من إخلاص الحب للحسين(ع)، باعتبار أنهم يعانون جسدياً في سبيله، ولكنه لم يرد فيه أيّ نص من قبل أئمة أهل البيت(ع)، بل هي حالات ولائية عاطفية تتحرك من خلال المسلمين الشيعة.

* ومجالس العزاء؟

- إن مجالس العزاء تمثِّل المجالس التي يراد منها تذكير الأمة بأهداف ثورة الإمام الحسين(ع) وتركيز تعاليمه في النفوس، ومن الطبيعي أن تُذكر المأساة لتثير العاطفة حول هؤلاء الأشخاص الأطهار الذين يحبُّهم الناس، فتتحرَّك العاطفة بشكل تلقائي تجاههم، ونحن نعرف أن العاطفة الإنسانية يمكن أن تنفتح على مآسي التاريخ، كما يمكن أن تنفتح على مآسي الواقع.

* حديث غدير خمّ متَّفق على صحَّته عند الشيعة والسنة: «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه»، ومع ذلك، اختلفوا في تفسير المضمون، مثلما فعل ابن تيمية حين فرَّق بين مولى ووليّ؟

- إن الشيعة يقولون إنَّ هناك قرينةً لفظيةً في خطاب النبي(ص)، حيث قال وهو يخاطب المسلمين: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: اللهمَّ بلى، قال: من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه». قوله هنا: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم» إشارة إلى ما قاله الله سبحانه وتعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}(الأحزاب/6). نحن نعتبر أن هذه الآية هي دليل حاكمية الرسول(ص)، كأنّه يقول إنّ هذا الأمر الذي جعله الله لي أنا جعلته لعليّ، فقوله: «مولاه»، يعني من كنت أولى به من نفسه فعليٌّ أولى به من نفسه. هكذا يفسر المسلمون الشيعة هذا الحديث.

تحريم سبِّ الصحابة:

* يأخذ السنَّة على الشيعة سبَّهم ولعنهم لبعض الصحابة، وتناولهم للسيّدة عائشة. فما هو الموقف الشيعي الشرعي من ذلك؟

- نحن نحرِّم تحريماً مطلقاً، وهذا ما تنطلق به كلُّ فتاوانا التي نجيب بها عن أسئلة المستفتين، نحرِّم الإساءة إلى الصحابة وسبّهم، كما نحرِّم الإساءة إلى السيدة عائشة، بالرغم من أننا نعتقد أنّها أخطأت في مشاركتها الحرب ضد الإمام علي(ع)، وقد أكرمها الإمام علي(ع) عندما أراد لها أن ترجع إلى المدينة محترمةً مكرَّمة. ونحن أيضاً نبرئ السيدة عائشة من قضيَّة الإفك، لأنّ الله برَّأها في ذلك، ولا يجوز لنا اتهامها أو اتهام أية زوجة من زوجات النبي(ص) في هذا الموضوع، لأن هناك روايةً تقول إن القضية حدثت مع ماريَّا زوجة النبي(ص). وعلى كل حال، نحن نرفض أي إساءة إلى الصّحابة، وهناك بيت شعر لأحد شعراء الأئمَّة من أهل البيت(ع)، وهو من علمائنا القدامى، وهو السيد محمد باقر حجة الإسلام يقول:

فيا حميرةُ سبُّكِ محرَّمُ         لأجل عينٍ ألف عين تُكرمُ

* ما هو رأيكم في نظرية ولاية الفقيه؟

- إن نظرية ولاية الفقيه هي نظرية علمية اختلف فيها الفقهاء، ولعل أغلب علماء المسلمين الشيعة لا يقولون بها، فلا يرون للفقيه ولايةً عامة على مستوى ما يقرب من الإمامة والخلافة. وقد كان أستاذنا السيد أبو القاسم الخوئي ينكر شرعية الولاية العامة للفقيه، ونحن نوافقه على ذلك، ولا نرى أنَّ للفقيه ولايةً عامةً على المسلمين، إلا إذا توقَّف حفظ النظام العام للمسلمين على ولايته. ومع ذلك، لا بدَّ للفقيه من أن يستشير أهل الخبرة في كلِّ شؤون السلطة وكلِّ شؤون الحياة، لأنّه لا يجوز له أن يحكم من دون علمٍ ومن دون خبرة.

شروط المرجعية:

* ما هي شروط المرجعية؟ وكيف حزت سماحتك على المرجعية؟

- من شروط المرجعية أن يكون المرجع مجتهداً في الفقه، بحيث يملك القدرة العلمية على استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها الأصلية، وأن يكون مستقيماً في دينه، وهذا ما يُعبرَّ عنه بالعدالة، وأن يكون ممارساً للفقه ممارسةً طويلةً جداً بالبحث والتدريس والإفتاء. وبالنسبة إليّ، هناك الكثيرون من العلماء ممن يعتقدون توفّر هذه الشروط في إمكاناتي الفقهية والإسلامية. ونحن نتصوَّر أنَّ المرجعية في هذه العصور لا بد من أن تنفتح على كل قضايا الواقع الإسلامي، سواء القضايا الثقافية أو السياسية، وأن تملك الجواب عن أسئلتهم في كل ما أشكل عليهم أمره.

* أتمنى من سماحتك أن تشرح كيف يتم اختيار المرجع؟

- إن اختيار المرجع الفقيه لا ينطلق من وضع هندسي، بل إن الفقيه يعيش في داخل الحوزات أو في داخل المجتمع العلمي، فيراقبه الآخرون في أبحاثه العلمية وفي نشاطه البحثي والدرسي وما إلى ذلك، فيحدث أن يثق به جماعة، ويتعاظم هذا النوع من الثقة، حتى يرجع إليه بعض الناس، وقد تمتدُّ مرجعيته في العالم حسب نشاطه العلمي ونشاطه الفتوائي، وحتى نشاطه الثقافي والسياسي.

* هناك بعض الأمور تسبِّب التباساً عند الناس، فهلاّ وضحتموها، مثل زواج المتعة؟

- مسألة زواج المتعة هي من المسائل التي اتَّفق المسلمون على أصل تشريعها، وقد سأل المسلمون النبيَّ محمّداً(ص)، حسب كلِّ الروايات، أنهم في بعض الحروب قد تأخذهم الشهوة، فهل نستخصي؟ بمعنى هل نخصي أنفسنا؟ قال لا، ولكن تمتَّعوا، حسب ما جاء في مضمون الحديث. وقد ورد في القرآن الكريم: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}(النساء/24). حيث فُسِّرت من أكثر من شخصية إسلامية، ومنهم ابن عباس، بزواج المتعة.

وهناك من المسلمين من يعتقدون بأنَّ النبي نسخ هذا الحكم بعد ذلك، ولكن هناك مناقشات علمية في مسألة صحة هذا النسخ، لأنهم يروون ذلك عن علي(ع)، بينما يروي المسلمون الشيعة في أحاديث موثَّقة، أنَّ علياً(ع) كان يقول: «لولا ما نهى عنه عمر من أمر المتعة، ما زنى إلاّ شقي». وقد نُقل عن عبد الله بن عمر أنّه كان يحلِّل المتعة. ويُقال إنَّ الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وقف أمام المسلمين وقال: «متعتان كانتا على عهد رسول الله حلالاً وأنا أحرِّمهما»، وذكر متعة النساء ومتعة الحجّ. ويحاول البعض أن يقول إنَّ هذا التحريم لم يكن تحريماً تشريعياً، لأنّه لا حقَّ لأحد في أن يُشرع بعد رسول الله(ص)، بل هو تحريم ولايتي.

فالمسألة هي من المسائل التي لا تزال موضع خلاف في الشرعية، فالمسلمون الشيعة، وانطلاقاً مما يملكون من أدلة يرونها تامّةً وصحيحةً، يعتقدون بشرعية المتعة، بينما يعتقد المسلمون السنة أنه لا شرعية لها، لأنَّها نُسخت. وهذا بحثٌ علميٌّ اجتهاديٌّ لا يجوز لنا أن نتراشق فيه بالاتّهامات الباطلة، ولاسيما أنّ بعض الذين يجوِّزون زواج المتعة، يفلسفون ذلك بأنّ الزواج الدائم في مدى التاريخ لدى كلِّ الأمم، لم يستطع أن يحلَّ مشكلة الجنس، لأن هناك ظروفاً قد تحدث للناس لا يملكون فيها الحلّ للمسألة الجنسية في بعض الحالات الصعبة القاسية.

وزواج المتعة، كالزّواج الدّائم، يخضع لعقد شرعي، وفيه مهر يُدفع للمرأة، ولكنّه محدَّد بوقت معيّن، وإذا حصل الدخول بين الزّوجين، فإنّ على المرأة أن تعتدّ قبل أن تتزوج إنساناً آخر. ويُعتبر الولد الناشئ من زواج المتعة ولداً شرعياً مئة في المئة، كالولد الذي ينشأ من الزواج الدائم. وفي رأي هؤلاء، فإنّ زواج المتعة الذي لا بد من أن يُنظَّم تحت خطة قانونية تحميه من الانحراف، يمكن أن يشارك في حلّ المشكلة الجنسية إلى جانب الزواج الدائم.

* وماذا عن مصحف فاطمة؟

- إن الالتباس حدث في كلمة مصحف، وكلمة "مصحف" يُراد منها الكتاب الذي يشتمل على صحف. وليس عند الشيعة، ولا واحد في المليون، من يعتقد أنّ هناك قرآناً آخر يسمَّى مصحف فاطمة. إنَّ الروايات التي وردت عن مصحف فاطمة، أنّ فيه وصية فاطمة(ع) وبعض الأحكام الشرعية، وأنّ هناك بعض الأحاديث التي تقول إن الله تعالى أرسل إليها ملكاً يؤانسها بعد وفاة أبيها، وكان عليٌّ(ع) يكتب ذلك. المهم أنَّ مصحف فاطمة ليس قرآناً، وهذا ما نؤكِّده بكلّ معنى الكلمة. وأحبُّ أن أنقل عن صديقنا الداعية الإسلامي الكبير المرحوم الشيخ محمد الغزالي في لقائي به قوله: إنني كنت أتحدث مع الكثيرين من علماء المسلمين الذين ينسبون إلى الشيعة تحريف القرآن، أو ينسبون إلى الشيعة أيضاً "مصحف فاطمة"، وأطلب منهم أن ينطلقوا إلى كل بقاع الأرض، ليبحثوا عن مصحف واحد بين أيدي الشّيعة، يزيد فيه حرف واحد عن المصحف الذي هو بين أيدي المسلمين. ونحن نروي عن أئمة المسلمين(ع) قولهم: «ما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الجدار».

نحن نعتقد أن كتاب الله الذي بين أيدي المسلمين هو الكتاب الذي {لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ}(فصِّلت/42)، وأن الله تكفّل بحفظه في قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(الحجر/9).

* وماذا عن الاختلاف في الأذان؟

- نحن لا نعتبر أن كلمة "أشهد أنّ علياً وليُّ الله" هي جزء من الأذان، وقد كتبنا ذلك في كتاب الفتاوى، وقلنا إنّنا لا نوافق على أن يُزاد في الأذان أي شيء. هناك خلاف آخر في الأذان في كلمة "حيَّ على خير العمل"، فهناك روايات لدى المسلمين الشيعة بأنّها جزء من الأذان، ولكن المسلمين السنة لا يرون ذلك، كما أن السنة يزيدون في أذان الصبح: الصلاة خير من النوم، والشيعة لا يرون ذلك. أما كلمة "أشهد أن علياً ولي الله" فليست جزءاً من الأذان، ولا يجوز اعتقاد كونها جزءاً من الأذان، وإنّما يأتي بها الشيعة للتبرك.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 26 صفر 1428 هـ  الموافق: 15/03/2007 م
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية