بيان حول السياسة الأمريكية التفتيتية في المنطقة

بيان حول السياسة الأمريكية التفتيتية في المنطقة

رأى أن تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية إعلان حرب
فضل الله: الإدارة الأمريكية تتحرك بانفعال إمبراطوري لبعثرة الأمور في المنطقة

أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً حذّر فيه من خطورة المشهد السياسي والأمني في المنطقة من خلال الحركة الأمريكية، جاء فيه:

إنّ المتتبّع لحركة السياسة الأمريكية في خطواتها الأخيرة يدرك بوضوح أن إدارة الرئيس الأمريكي، جورج بوش، لم تتخلّى عن طموحاتها الرامية لإدخال المنطقة في مخاض جديد من الحروب والفوضى، وأن الكونغرس الأمريكي الذي يحاول الإيحاء بأنه يعمل لتغيير سلوك هذه الإدارة ينخرط معها سوياً في الخطوط التي رسمها اللوبي الصهيوني لتوسيع دائرة العدوان الأمريكي على المنطقة وإدخال عناصر جديدة في لعبة التجييش الإعلامي، إمعاناً في تضييع الرأي العام الأمريكي والغربي والتعمية عليه.

إن تصنيف الكونغرس الأمريكي للحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، مع كونه يمثل الجيش الإيراني والرديف الأساسي للقوات المسلحة الإيرانية، لا يمكن النظر إليه إلا كإعلان حرب، كما أن إقدام هذا الكونغرس على التصويت على قرارٍ يقضي بتقسيم العراق ـ وإن كان هذا القرار غير ملزم ـ يمثل غاية في الخطورة بالنظر إلى إيحاءاته الخطيرة في طول المنطقة العربية وعرضها، ويمكن النظر إليه كتمهيد أمريكي لحروب متنقلة في دول المنطقة وكإيحاء لتحريك مسألة الأقليات للعبث باستقرار دول المنطقة وفتح نوافذ جديدة للاهتزاز السياسي والأمني فيها.

كما أن الوتيرة التصعيدية التي تدير بها إدارة بوش عجلة المواقف العربية المتصاعدة ضد إيران تحت عنوان مواجهة هيمنتها على المنطقة، على الرغم من الدور الإطفائي الذي تمارسه إيران في ملفات سياسية ودينية عدّة، وعلى الرغم من إعلان استعدادها لوضع خبراتها العلمية في المجال النووي السلمي وغيره بتصرف الدول العربية... إن ذلك يؤكد أن الإدارة الأمريكية تريد للعرب أن يدخلوا في صفقات تسلح جديدة لحساب الخزينة الأمريكية، توضع في خدمة الجيش الأمريكي عندما يقرر بوش ارتكاب آخر حماقاته في المنطقة.

إنّ هذا الرئيس الأمريكي، الذي يواصل الحديث عن قيادته للعالم ويقدّم نفسه كنبي سياسي للبشرية، هذا الرئيس الذي يفشل في تهجئة بعض الكلمات، وتقدّم إليه أسماء الدول وقادة العالم من خلال دليل لفظ كتابي عبر جهاز الكمبيوتر الذي يوضع أمامه، لا يزال يحدث نفسه أن في وسعه القيام بشيء جديد في العالم وإن كان ذلك عن طريق إحراق المنطقة وزجّ العالم بملف سياسي واقتصادي دامٍ.

إن على العرب ألا يستسهلوا الأمور وألا يستهينوا بما قد يحصل إذا قررت الإدارة الأمريكية ـ التي لا تزال تخضع للمجموعة العقيدية المحافظة التي تديرها ـ الذهاب بعيداً في مخططاتها الجهنمية في المنطقة، لأن ما تدرّه العوائد النفطية لهم من أرباح قد يكون المشهد الأخير في لعبة الأمم، التي قد تبدد هذه الثروات وتحطّم اقتصادات بلدانهم في لحظة جنون أمريكية قادمة.

إننا نخشى من أن الإدارة الأمريكية ستعمل في قادم الأيام على إلزام العرب بدفع فاتورتها السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة، بما في ذلك فاتورة أخطائها الكبرى، ونخشى من أنها (الإدارة الأمريكية) إذا لم تتمكن من تحقيق الحلم الإسرائيلي بالتفتيت الجغرافي في المنطقة، ستعمل لتحقيق التفتيت السياسي في مظاهره الخطيرة، التي بدأت علائمه تبرز في العمل لتخريب العلاقات بين الدول، وخصوصاً الدول العربية نفسها، وتسميم هذه العلاقات باختلاق روايات لزيارات لم تكن مطروحة في الأصل لتعقيد العلاقات بين بعض الدول العربية أكثر مما هي معقّدة، أو لقطع الطريق على إمكانات اللقاء، إضافة إلى السعي الدائب للإدارة الأمريكية لإحداث فتن ومشاكل بين المجموعات الطائفية والعرقية في المنطقة العربية والإسلامية، ثم الدخول في تصنيف الدول بين محور خير ومحور شر، وبين "دول الاعتدال" و"الدول المارقة".

إننا نشعر بخطورة المشهد السياسي والأمني في المنطقة من خلال الحركة الأمريكية، لأن أمريكا ـ الإدارة ـ لا تزال تتحرك بانفعال إمبراطوري قاتل يدفعها لبعثرة الأمور في المنطقة أكثر، ويساعدها في ذلك خضوع أوروبي تختفي فيه الشخصية الأوروبية تحت جناح الشخصية الأمريكية الهائجة والمتوترة. ولذلك فإننا نريد لشعوبنا العربية والإسلامية أن ترصد المشهد في أبعاده الاستراتيجية، وألا تتوقف عند العناوين المذهبية التي تطرح أمامها لإرباك ذهنيتها والتشويش على فطرتها في قراءة الأمور.

إننا نخشى من أن يقود هذا التطبيع العربي مع إسرائيل، والذي تبلورت بعض مشاهده في لقاءات حميمة في أروقة الأمم المتحدة، إلى جحيم في العلاقات العربية ـ العربية، والإسلامية ـ الإسلامية، والإسلامية ـ العربية، وعندها تدخل إسرائيل إلى آخر زوايانا كحقيقة ثابتة لا تقبل الجدل لنبدأ من جديد في رحلة البحث عن أنفسنا وقضايانا في متاهات قضايا الآخرين.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

 التاريخ: 18 رمضان   1428هـ  الموافق: 30 / 9 / 2007م

"المكتب الإعلامي"

رأى أن تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية إعلان حرب
فضل الله: الإدارة الأمريكية تتحرك بانفعال إمبراطوري لبعثرة الأمور في المنطقة

أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً حذّر فيه من خطورة المشهد السياسي والأمني في المنطقة من خلال الحركة الأمريكية، جاء فيه:

إنّ المتتبّع لحركة السياسة الأمريكية في خطواتها الأخيرة يدرك بوضوح أن إدارة الرئيس الأمريكي، جورج بوش، لم تتخلّى عن طموحاتها الرامية لإدخال المنطقة في مخاض جديد من الحروب والفوضى، وأن الكونغرس الأمريكي الذي يحاول الإيحاء بأنه يعمل لتغيير سلوك هذه الإدارة ينخرط معها سوياً في الخطوط التي رسمها اللوبي الصهيوني لتوسيع دائرة العدوان الأمريكي على المنطقة وإدخال عناصر جديدة في لعبة التجييش الإعلامي، إمعاناً في تضييع الرأي العام الأمريكي والغربي والتعمية عليه.

إن تصنيف الكونغرس الأمريكي للحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، مع كونه يمثل الجيش الإيراني والرديف الأساسي للقوات المسلحة الإيرانية، لا يمكن النظر إليه إلا كإعلان حرب، كما أن إقدام هذا الكونغرس على التصويت على قرارٍ يقضي بتقسيم العراق ـ وإن كان هذا القرار غير ملزم ـ يمثل غاية في الخطورة بالنظر إلى إيحاءاته الخطيرة في طول المنطقة العربية وعرضها، ويمكن النظر إليه كتمهيد أمريكي لحروب متنقلة في دول المنطقة وكإيحاء لتحريك مسألة الأقليات للعبث باستقرار دول المنطقة وفتح نوافذ جديدة للاهتزاز السياسي والأمني فيها.

كما أن الوتيرة التصعيدية التي تدير بها إدارة بوش عجلة المواقف العربية المتصاعدة ضد إيران تحت عنوان مواجهة هيمنتها على المنطقة، على الرغم من الدور الإطفائي الذي تمارسه إيران في ملفات سياسية ودينية عدّة، وعلى الرغم من إعلان استعدادها لوضع خبراتها العلمية في المجال النووي السلمي وغيره بتصرف الدول العربية... إن ذلك يؤكد أن الإدارة الأمريكية تريد للعرب أن يدخلوا في صفقات تسلح جديدة لحساب الخزينة الأمريكية، توضع في خدمة الجيش الأمريكي عندما يقرر بوش ارتكاب آخر حماقاته في المنطقة.

إنّ هذا الرئيس الأمريكي، الذي يواصل الحديث عن قيادته للعالم ويقدّم نفسه كنبي سياسي للبشرية، هذا الرئيس الذي يفشل في تهجئة بعض الكلمات، وتقدّم إليه أسماء الدول وقادة العالم من خلال دليل لفظ كتابي عبر جهاز الكمبيوتر الذي يوضع أمامه، لا يزال يحدث نفسه أن في وسعه القيام بشيء جديد في العالم وإن كان ذلك عن طريق إحراق المنطقة وزجّ العالم بملف سياسي واقتصادي دامٍ.

إن على العرب ألا يستسهلوا الأمور وألا يستهينوا بما قد يحصل إذا قررت الإدارة الأمريكية ـ التي لا تزال تخضع للمجموعة العقيدية المحافظة التي تديرها ـ الذهاب بعيداً في مخططاتها الجهنمية في المنطقة، لأن ما تدرّه العوائد النفطية لهم من أرباح قد يكون المشهد الأخير في لعبة الأمم، التي قد تبدد هذه الثروات وتحطّم اقتصادات بلدانهم في لحظة جنون أمريكية قادمة.

إننا نخشى من أن الإدارة الأمريكية ستعمل في قادم الأيام على إلزام العرب بدفع فاتورتها السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة، بما في ذلك فاتورة أخطائها الكبرى، ونخشى من أنها (الإدارة الأمريكية) إذا لم تتمكن من تحقيق الحلم الإسرائيلي بالتفتيت الجغرافي في المنطقة، ستعمل لتحقيق التفتيت السياسي في مظاهره الخطيرة، التي بدأت علائمه تبرز في العمل لتخريب العلاقات بين الدول، وخصوصاً الدول العربية نفسها، وتسميم هذه العلاقات باختلاق روايات لزيارات لم تكن مطروحة في الأصل لتعقيد العلاقات بين بعض الدول العربية أكثر مما هي معقّدة، أو لقطع الطريق على إمكانات اللقاء، إضافة إلى السعي الدائب للإدارة الأمريكية لإحداث فتن ومشاكل بين المجموعات الطائفية والعرقية في المنطقة العربية والإسلامية، ثم الدخول في تصنيف الدول بين محور خير ومحور شر، وبين "دول الاعتدال" و"الدول المارقة".

إننا نشعر بخطورة المشهد السياسي والأمني في المنطقة من خلال الحركة الأمريكية، لأن أمريكا ـ الإدارة ـ لا تزال تتحرك بانفعال إمبراطوري قاتل يدفعها لبعثرة الأمور في المنطقة أكثر، ويساعدها في ذلك خضوع أوروبي تختفي فيه الشخصية الأوروبية تحت جناح الشخصية الأمريكية الهائجة والمتوترة. ولذلك فإننا نريد لشعوبنا العربية والإسلامية أن ترصد المشهد في أبعاده الاستراتيجية، وألا تتوقف عند العناوين المذهبية التي تطرح أمامها لإرباك ذهنيتها والتشويش على فطرتها في قراءة الأمور.

إننا نخشى من أن يقود هذا التطبيع العربي مع إسرائيل، والذي تبلورت بعض مشاهده في لقاءات حميمة في أروقة الأمم المتحدة، إلى جحيم في العلاقات العربية ـ العربية، والإسلامية ـ الإسلامية، والإسلامية ـ العربية، وعندها تدخل إسرائيل إلى آخر زوايانا كحقيقة ثابتة لا تقبل الجدل لنبدأ من جديد في رحلة البحث عن أنفسنا وقضايانا في متاهات قضايا الآخرين.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

 التاريخ: 18 رمضان   1428هـ  الموافق: 30 / 9 / 2007م

"المكتب الإعلامي"

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية