العبادة لله الواحد

العبادة لله الواحد

في سورة "الكافرون" المباركة تكرار، فقد ورد في الآية الثّانية منها: ﴿لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾، ثمّ كرَّر المضمون ذاته في الآية الرَّابعة: ﴿وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ﴾، وقال في الآية الثّالثة: ﴿وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾، وكرّرها في الخامسة: ﴿وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾. فكيف نفهم معنى هذا التّكرار؟

المفهوم من التكرار في السورةِ المباركة هو التّأكيد، والتأكيدُ مما قد يتعلَّق به غرضُ المُتكلِّم، كما لو كان حريصًا على تكرار الكلام حرصًا منه على تثبيت مقاصدِه في ذهن المخاطَب، أو حتى لا يعتذر المُخاطَب بعد ذلك بالغفلة عن بعض ما أراده المُتكلِّم، فالتّكرارُ يكون لقطع الحُجَّة على المخاطَب.

وورد عند بعض المفسّرين: الظاهر أنَّ إرادة التأكيد هو منشأ التكرار في السورة المباركة، وذلك يَتَّضح من ملاحظة سبب النزول، فقد ورد في سبب نزول السورة، أنَّ جمعاً من أعيان قريش جاؤوا إلى النبيِّ الكريم (ص)، وعرضوا عليه أمراً ادَّعوا انَّه يكون نصَفًا بينهم وبينه، فقالوا: "تعبدُ آلهتنا سنة ونعبد إلهَك سنةً، فإنْ كان الذي جئتَ به خيراً ممَّا بأيدينا، كنَّا قد شركناك فيه وأخذنا بحظِّنا منه، وإنْ كان الذي بأيدينا خيراً مما في يديك، كنتَ قد شركتنا في أمرنا وأخذتَ بحظِّك منه".[الأمالي، الشيخ المفيد، ص247]، [الأمالي، الشيخ الطوسي، ص19]، [تفسير مجمع البيان، الشيخ الطبرسي، ج10، ص463].

وفي تفسيره للآية المباركة، قال العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض)، إنّ الآيات تؤكّد الرفض الكلّي للتنازل للمشركين والمساومة على عبادة الله الواحد الأحد، لافتاً إلى جملة من الدروس التربوية وغيرها التي لا بدّ لنا من تعلمها من فحوى الآية المباركة:

"{قُلْ يا أيّهَا الْكَافِرُونَ} بالله أو بوحدانيّته... {لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}، لأن الله قد أرسلني لأرفض الذي تعبدونه، ولأدعو الناس إلى أن يرفضوه، فكيف تدعونني إلى أن أعبده؟!

{وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ}، لأنّ الذين عاشوا الوثنيّة في عقولهم ومشاعرهم وحياتهم، كيف يقتنعون بعبادة الله الواحد، في الوقت الّذي كانوا يتحركون ضدّ الرّسول الذي جاء بالتوحيد في العقيدة وفي العبادة.

{وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ}، وهذا تأكيدٌ للرفض الأوّل بصيغة الجملة الاسمية الدالة على ثبات الصفة واستمرارها.

{وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ}، لأنكم ـ في موقفكم ضدّي ـ تمثلون الرفض كلّه، فكيف تريدونني أن أقبل منكم ذلك؟...

ولعلنا نستطيع التحرك بعيداً في هذا الموضوع، في القضايا العامّة، من سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، لنميّز في طروحات الوفاق في هذه الأمور بين القضايا الكبرى المرتبطة بالخطّ المستقيم وبالمصير النهائي، وبين القضايا الصغرى المرتبطة بالخطوط التفصيليّة المتحركة في دائرة الأوضاع المتحركة والمراحل المتغيِّرة، فلا نقدّم التنازل عن القضايا الأولى، إلا في ما يتعلق بالأسلوب مما يدخل في دائرة المرونة العمليّة، بينما ندرس بعض التنازلات في القضايا الأخرى، في ما لا يمسّ الجوهر. وتلك هي دائرة الواقعيّة التي يمكن أن يتحرّك فيها الإسلاميّون أمام الطروحات التي تقدَّم إليهم لإنهاء النزاع، أو لإيجاد موقف مشترك مع الآخرين في بعض المراحل السياسيّة في ما يطلب فيه تجميد الصّراع في وقت معين مع بعض الجهات، أو إيجاد حالة من الوفاق السياسي أمام بعض الشعارات أو ما إلى ذلك، مما قد يفيد الحركة الإسلامية في مواقعها السياسية أو الجهادية ولا يضرّ مرتكزاتها ومسلّماتها الأساسية.

ولعلّ من الضروري للإسلاميين أن يدقّقوا في الساحة التي يمكن لهم أن يقدّموا فيها التنازلات للآخرين في القضايا الصغيرة التفصيليّة، فقد لا يكون الظرف ملائماً لذلك، لأنّ الانعكاس الذي يتركه على القاعدة الشعبية قد يكون سلبياً، مما يمكن أن يؤدّي إلى إضعاف المعنويات السياسية من دون ثمن كبير يحصلون عليه في مقابل ذلك. وقد تكون بعض المواقع في دائرة المكان غير ملائمة لذلك، بينما تكون المواقع في دائرة أخرى وفي أمكنة أخرى ملائمةً جدّاً.

إنّ ما نريد تأكيده، هو أن تكون الحسابات دقيقةً، بحيث لا تخضع للحالات العاطفيّة أو الانفعاليّة، حتى لا يكون الخطأ كبيراً أو مميتاً في نتائجه السلبيّة.

وعلى ضوء ذلك، فإنّ على العاملين في حقل التربية الإسلامية، أو الدعوة الإسلامية، أن يضعوا هذه السورة في البرامج التربوية التي يدرسها الجيل المسلم، ليحفظوها وليفهموها وليلتزموا مضمونها الحيّ في أفكارهم وأخلاقهم، لتكون التنشئة التربوية مرتكزةً على قاعدة الإصرار على الالتزام بالخطّ المستقيم، وعدم الانحراف عنه لقاء أيّ عرضٍ للتنازل من أيّة جهةٍ كانت، ولتكون الدعوة الإسلاميّة متحركةً في خطِّ الثّوابت العقيدية والمصيرية بكلّ استقامة وثباتٍ". [تفسير "من وحي القرآن"، ج 24].

إنّ الآيات المباركة تؤكّد لنا أهمية التمسك بالمنهج التوحيدي في حياتنا، وعدم الانكسار والضعف والخضوع لمنطق المساومات على عقديتنا، والذي يريد أصحاب المشاريع المنحرفة والمستكبرة أن يفرضوه على المؤمنين لإسقاطهم. من هنا، علينا أن نؤكِّد قولاً وفعلاً وسلوكاً وموقفاً، السير الحقيقي على خطّ التوحيد الذي لا يمكن أن يلتقي في لحظة من اللحظات مع الشرك أو الانحراف، لأنهما خطان متناقضان في طبيعتهما ومضمونهما وأهدافهما.

في سورة "الكافرون" المباركة تكرار، فقد ورد في الآية الثّانية منها: ﴿لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾، ثمّ كرَّر المضمون ذاته في الآية الرَّابعة: ﴿وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ﴾، وقال في الآية الثّالثة: ﴿وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾، وكرّرها في الخامسة: ﴿وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾. فكيف نفهم معنى هذا التّكرار؟

المفهوم من التكرار في السورةِ المباركة هو التّأكيد، والتأكيدُ مما قد يتعلَّق به غرضُ المُتكلِّم، كما لو كان حريصًا على تكرار الكلام حرصًا منه على تثبيت مقاصدِه في ذهن المخاطَب، أو حتى لا يعتذر المُخاطَب بعد ذلك بالغفلة عن بعض ما أراده المُتكلِّم، فالتّكرارُ يكون لقطع الحُجَّة على المخاطَب.

وورد عند بعض المفسّرين: الظاهر أنَّ إرادة التأكيد هو منشأ التكرار في السورة المباركة، وذلك يَتَّضح من ملاحظة سبب النزول، فقد ورد في سبب نزول السورة، أنَّ جمعاً من أعيان قريش جاؤوا إلى النبيِّ الكريم (ص)، وعرضوا عليه أمراً ادَّعوا انَّه يكون نصَفًا بينهم وبينه، فقالوا: "تعبدُ آلهتنا سنة ونعبد إلهَك سنةً، فإنْ كان الذي جئتَ به خيراً ممَّا بأيدينا، كنَّا قد شركناك فيه وأخذنا بحظِّنا منه، وإنْ كان الذي بأيدينا خيراً مما في يديك، كنتَ قد شركتنا في أمرنا وأخذتَ بحظِّك منه".[الأمالي، الشيخ المفيد، ص247]، [الأمالي، الشيخ الطوسي، ص19]، [تفسير مجمع البيان، الشيخ الطبرسي، ج10، ص463].

وفي تفسيره للآية المباركة، قال العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض)، إنّ الآيات تؤكّد الرفض الكلّي للتنازل للمشركين والمساومة على عبادة الله الواحد الأحد، لافتاً إلى جملة من الدروس التربوية وغيرها التي لا بدّ لنا من تعلمها من فحوى الآية المباركة:

"{قُلْ يا أيّهَا الْكَافِرُونَ} بالله أو بوحدانيّته... {لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}، لأن الله قد أرسلني لأرفض الذي تعبدونه، ولأدعو الناس إلى أن يرفضوه، فكيف تدعونني إلى أن أعبده؟!

{وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ}، لأنّ الذين عاشوا الوثنيّة في عقولهم ومشاعرهم وحياتهم، كيف يقتنعون بعبادة الله الواحد، في الوقت الّذي كانوا يتحركون ضدّ الرّسول الذي جاء بالتوحيد في العقيدة وفي العبادة.

{وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ}، وهذا تأكيدٌ للرفض الأوّل بصيغة الجملة الاسمية الدالة على ثبات الصفة واستمرارها.

{وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ}، لأنكم ـ في موقفكم ضدّي ـ تمثلون الرفض كلّه، فكيف تريدونني أن أقبل منكم ذلك؟...

ولعلنا نستطيع التحرك بعيداً في هذا الموضوع، في القضايا العامّة، من سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، لنميّز في طروحات الوفاق في هذه الأمور بين القضايا الكبرى المرتبطة بالخطّ المستقيم وبالمصير النهائي، وبين القضايا الصغرى المرتبطة بالخطوط التفصيليّة المتحركة في دائرة الأوضاع المتحركة والمراحل المتغيِّرة، فلا نقدّم التنازل عن القضايا الأولى، إلا في ما يتعلق بالأسلوب مما يدخل في دائرة المرونة العمليّة، بينما ندرس بعض التنازلات في القضايا الأخرى، في ما لا يمسّ الجوهر. وتلك هي دائرة الواقعيّة التي يمكن أن يتحرّك فيها الإسلاميّون أمام الطروحات التي تقدَّم إليهم لإنهاء النزاع، أو لإيجاد موقف مشترك مع الآخرين في بعض المراحل السياسيّة في ما يطلب فيه تجميد الصّراع في وقت معين مع بعض الجهات، أو إيجاد حالة من الوفاق السياسي أمام بعض الشعارات أو ما إلى ذلك، مما قد يفيد الحركة الإسلامية في مواقعها السياسية أو الجهادية ولا يضرّ مرتكزاتها ومسلّماتها الأساسية.

ولعلّ من الضروري للإسلاميين أن يدقّقوا في الساحة التي يمكن لهم أن يقدّموا فيها التنازلات للآخرين في القضايا الصغيرة التفصيليّة، فقد لا يكون الظرف ملائماً لذلك، لأنّ الانعكاس الذي يتركه على القاعدة الشعبية قد يكون سلبياً، مما يمكن أن يؤدّي إلى إضعاف المعنويات السياسية من دون ثمن كبير يحصلون عليه في مقابل ذلك. وقد تكون بعض المواقع في دائرة المكان غير ملائمة لذلك، بينما تكون المواقع في دائرة أخرى وفي أمكنة أخرى ملائمةً جدّاً.

إنّ ما نريد تأكيده، هو أن تكون الحسابات دقيقةً، بحيث لا تخضع للحالات العاطفيّة أو الانفعاليّة، حتى لا يكون الخطأ كبيراً أو مميتاً في نتائجه السلبيّة.

وعلى ضوء ذلك، فإنّ على العاملين في حقل التربية الإسلامية، أو الدعوة الإسلامية، أن يضعوا هذه السورة في البرامج التربوية التي يدرسها الجيل المسلم، ليحفظوها وليفهموها وليلتزموا مضمونها الحيّ في أفكارهم وأخلاقهم، لتكون التنشئة التربوية مرتكزةً على قاعدة الإصرار على الالتزام بالخطّ المستقيم، وعدم الانحراف عنه لقاء أيّ عرضٍ للتنازل من أيّة جهةٍ كانت، ولتكون الدعوة الإسلاميّة متحركةً في خطِّ الثّوابت العقيدية والمصيرية بكلّ استقامة وثباتٍ". [تفسير "من وحي القرآن"، ج 24].

إنّ الآيات المباركة تؤكّد لنا أهمية التمسك بالمنهج التوحيدي في حياتنا، وعدم الانكسار والضعف والخضوع لمنطق المساومات على عقديتنا، والذي يريد أصحاب المشاريع المنحرفة والمستكبرة أن يفرضوه على المؤمنين لإسقاطهم. من هنا، علينا أن نؤكِّد قولاً وفعلاً وسلوكاً وموقفاً، السير الحقيقي على خطّ التوحيد الذي لا يمكن أن يلتقي في لحظة من اللحظات مع الشرك أو الانحراف، لأنهما خطان متناقضان في طبيعتهما ومضمونهما وأهدافهما.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية