هل كان الخضر نبيّاً؟

هل كان الخضر نبيّاً؟

قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا* قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً* قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً* وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً* قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَآءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلاَ أَعْصِى لَكَ أمْراً* قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً}[الكهف: 65 ـ 70].

تتحدَّث الرّوايات عن أنَّ العبد الصّالح هو الخضر، صاحب النبيّ موسى (عليه السَّلام)، الّذي علَّمه من علم الله تعالى الكثير الّذي كان لا يعلمه، ويقال بأنّه حيّ لم يمت، وقد يسأل سائل عن الخضر؛ هل هو نبيّ، أم فقط هو من العباد الصّالحين الذين منحهم الله كرامات معيّنة ولم يُعطَ النبوَّة؟

الروايات في هذا الصدد قد تختلف، فمنها ما يشير إلى أنه عبد صالح ولم يكن نبياً، ومنها ما يشير إلى أنه نبيّ قد وهبه الله نعمة النبوّة.

فمن الروايات التي تدلُّ على انَّ الخضر(ع) لم يكن نبيَّاً، ما رواه الكليني في الكافي بسندٍ صحيح عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وأَبِي عَبْدِ الله(ع) قَالَ: قُلْتُ لَه: مَا مَنْزِلَتُكُمْ ومَنْ تُشْبِهُونَ مِمَّنْ مَضَى؟ قَالَ: "صَاحِبُ مُوسَى وذُو الْقَرْنَيْنِ كَانَا عَالِمَيْنِ ولَمْ يَكُونَا نَبِيَّيْنِ"(الكافي، للكليني، ج 1، ص 269).

ما رواه العياشي في تفسيره عن بريد، عن أحد الأئمّة، قال: قلتُ له: ما منزلتكم في الماضين أو بمن تشبهون منهم؟ قال: "الخضر وذو القرنين، كانا عالمين ولم يكونا نبيّين". (تفسير العياشي، ج2، ص330).

أورد الصفّار في "بصائر الدرجات" روايةً أخرى ظاهرةً في أنَّ الخضر كان عالماً ولم يكن نبيَّاً. قال: حدّثنا أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار قال: قلتُ لأبي عبد الله(ع): ما منزلتهم أنبياؤهم؟ قال: "لا، ولكنَّهم علماء كمنزلة ذي القرنين في علمه، وكمنزلة صاحب موسى، وكمنزلة صاحب سليمان". (بصائر الدّرجات، ص 386).

أمّا من الأحاديث الّتي تشير إلى أنّه كان نبيّاً، فقد ورد في حديث أئمة أهل البيت(ع)، في ما رواه محمد بن عمارة عن الإمام جعفر الصّادق(ع)، "أنَّ الخضر كان نبيّاً مرسلاً، بعثه الله تبارك وتعالى إلى قومه، فدعاهم إلى توحيده والإقرار بأنبيائه ورسله وكتبه". (البحار للمجلسي، م:5، ج:13، ص:435، باب:10، رواية:4).

فالاحتمال أن يكون نبيّاً قائم، كما أنّ كونه عالماً صالحاً له ميزة وكرامات قائم أيضاً ووارد، وليس لتبني أيّ من هذين الاحتمالين كبير أثر، لأن المطلوب هو الاعتبار والتأمل في حياته ومكانته، وما قدمه من دروس في سياق رحلته مع نبيّ الله موسى(ع).

 هذا ما لفت إليه سماحة العلّامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض)، حيث قال:

"... وقد تذكر بعض الأحاديث أنّه (الخضر) حيٌّ لم يمت بعد، وليس هناك دليل قطعيّ يثبت ذلك، كما أنه ليس هناك دليل عقليّ يمنع من ذلك من خلال قدرة الله المطلقة على ذلك وعلى أكثر منه.

ولا نجد هناك كبير فائدة في تحقيق الأمر في شخصيّته وفي خصوصيته، لأنّ ذلك لا يتصل بأيِّ جانبٍ في العقيدة والحياة. {فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا}، ربما كانت هي النبوّة، وربما كانت شيئاً آخر مما يرحم به عباده، ويختصّ بعضهم بميزةٍ خاصّة في موقعه وفي ملكاته. {وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا} مما لم يؤته الله لغيره من عمق الإحاطة بخفايا الأمور وتأويل الأشياء، وهذا ما كان الآخرون ـ ومنهم موسى النبيّ(ع) ـ بحاجة إلى الاطّلاع عليه، مما أراده الله أن يسعى إليه في اللّقاء بهذا العالم الصّالح". [تفسير من وحي القرآن، ج 14، ص363].

سواء كان الخضر نبيّاً أو رجلاً صالحاً، لا بدّ لنا من خلال قصته مع موسى(ع)، من أن نتعلم حبّ المعرفة وحبّ الحوار والصّبر على ذلك، من خلال ما بيّنه من دروس لموسى(ع) في رحلتهما التي أشارت إليها سورة الكهف المباركة.

قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا* قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً* قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً* وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً* قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَآءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلاَ أَعْصِى لَكَ أمْراً* قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً}[الكهف: 65 ـ 70].

تتحدَّث الرّوايات عن أنَّ العبد الصّالح هو الخضر، صاحب النبيّ موسى (عليه السَّلام)، الّذي علَّمه من علم الله تعالى الكثير الّذي كان لا يعلمه، ويقال بأنّه حيّ لم يمت، وقد يسأل سائل عن الخضر؛ هل هو نبيّ، أم فقط هو من العباد الصّالحين الذين منحهم الله كرامات معيّنة ولم يُعطَ النبوَّة؟

الروايات في هذا الصدد قد تختلف، فمنها ما يشير إلى أنه عبد صالح ولم يكن نبياً، ومنها ما يشير إلى أنه نبيّ قد وهبه الله نعمة النبوّة.

فمن الروايات التي تدلُّ على انَّ الخضر(ع) لم يكن نبيَّاً، ما رواه الكليني في الكافي بسندٍ صحيح عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وأَبِي عَبْدِ الله(ع) قَالَ: قُلْتُ لَه: مَا مَنْزِلَتُكُمْ ومَنْ تُشْبِهُونَ مِمَّنْ مَضَى؟ قَالَ: "صَاحِبُ مُوسَى وذُو الْقَرْنَيْنِ كَانَا عَالِمَيْنِ ولَمْ يَكُونَا نَبِيَّيْنِ"(الكافي، للكليني، ج 1، ص 269).

ما رواه العياشي في تفسيره عن بريد، عن أحد الأئمّة، قال: قلتُ له: ما منزلتكم في الماضين أو بمن تشبهون منهم؟ قال: "الخضر وذو القرنين، كانا عالمين ولم يكونا نبيّين". (تفسير العياشي، ج2، ص330).

أورد الصفّار في "بصائر الدرجات" روايةً أخرى ظاهرةً في أنَّ الخضر كان عالماً ولم يكن نبيَّاً. قال: حدّثنا أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار قال: قلتُ لأبي عبد الله(ع): ما منزلتهم أنبياؤهم؟ قال: "لا، ولكنَّهم علماء كمنزلة ذي القرنين في علمه، وكمنزلة صاحب موسى، وكمنزلة صاحب سليمان". (بصائر الدّرجات، ص 386).

أمّا من الأحاديث الّتي تشير إلى أنّه كان نبيّاً، فقد ورد في حديث أئمة أهل البيت(ع)، في ما رواه محمد بن عمارة عن الإمام جعفر الصّادق(ع)، "أنَّ الخضر كان نبيّاً مرسلاً، بعثه الله تبارك وتعالى إلى قومه، فدعاهم إلى توحيده والإقرار بأنبيائه ورسله وكتبه". (البحار للمجلسي، م:5، ج:13، ص:435، باب:10، رواية:4).

فالاحتمال أن يكون نبيّاً قائم، كما أنّ كونه عالماً صالحاً له ميزة وكرامات قائم أيضاً ووارد، وليس لتبني أيّ من هذين الاحتمالين كبير أثر، لأن المطلوب هو الاعتبار والتأمل في حياته ومكانته، وما قدمه من دروس في سياق رحلته مع نبيّ الله موسى(ع).

 هذا ما لفت إليه سماحة العلّامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض)، حيث قال:

"... وقد تذكر بعض الأحاديث أنّه (الخضر) حيٌّ لم يمت بعد، وليس هناك دليل قطعيّ يثبت ذلك، كما أنه ليس هناك دليل عقليّ يمنع من ذلك من خلال قدرة الله المطلقة على ذلك وعلى أكثر منه.

ولا نجد هناك كبير فائدة في تحقيق الأمر في شخصيّته وفي خصوصيته، لأنّ ذلك لا يتصل بأيِّ جانبٍ في العقيدة والحياة. {فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا}، ربما كانت هي النبوّة، وربما كانت شيئاً آخر مما يرحم به عباده، ويختصّ بعضهم بميزةٍ خاصّة في موقعه وفي ملكاته. {وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا} مما لم يؤته الله لغيره من عمق الإحاطة بخفايا الأمور وتأويل الأشياء، وهذا ما كان الآخرون ـ ومنهم موسى النبيّ(ع) ـ بحاجة إلى الاطّلاع عليه، مما أراده الله أن يسعى إليه في اللّقاء بهذا العالم الصّالح". [تفسير من وحي القرآن، ج 14، ص363].

سواء كان الخضر نبيّاً أو رجلاً صالحاً، لا بدّ لنا من خلال قصته مع موسى(ع)، من أن نتعلم حبّ المعرفة وحبّ الحوار والصّبر على ذلك، من خلال ما بيّنه من دروس لموسى(ع) في رحلتهما التي أشارت إليها سورة الكهف المباركة.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية