القرآن يعلِّمنا كيف ندرس الحقّ ونعيشه

القرآن يعلِّمنا كيف ندرس الحقّ ونعيشه

يخبرنا القرآن الكريم عن الذهنيّة التي كانت موجودة عند الأمم السابقة، ومنها قوم فرعون، الذين رفضوا حتى التّفكير والتأمل بما جاء من عند الله، وما فيه من خير لهم، بل استعلوا وعاشوا عقدة الذات وقمّة الأنانية في الانغلاق عن الحقّ والتعامي عنه، بل أكثر من ذلك، راحوا يطلقون التهم والتبريرات المرفوضة عقلاً، وغير المجدية، والتي لا تصمد أمام قوّة الحقّ ونوره ومعانيه.

إن القرآن الكريم يستحثّنا كبشر أن نقف موقف النّاس الموضوعيّين الذين يستعملون فكرهم وحواسّهم، ويطلقون إمكاناتهم في دراستهم للأمور، فإذا ما سمعوا بدعوة، أو عرضت لهم فكرة، فإنه لا بدّ منطقياً وعلمياً من سماعها والتأمل فيها، ومعرفة فوائدها، وما فيها من عناصر قوة تثبت عقيدة الإنسان، وتخدم مصلحته ومسيرته، لأن منطق التعالي والاستكبار وإغلاق العقل وصمّ الأذان، والتهرب من المسؤوليّات، والإنصات إلى هوى النّفس، وتأكيد النّوازع الذاتيّة المنحرفة ولو على حساب الحقيقة، من المفاسد الكبرى، والانحرافات العظيمة التي تحجب الإنسان عن نور الحقّ والحقيقة والرشاد، وتجعله إنساناً يثقل الحياة بتعقيداته وأمراضه وسلوكياته التي تحرمه من نعمة الهداية والفلاح.

ويخبرنا القرآن الكريم عن الآيات الكثيرة الدالة على صدق النبوّة التي جاء بها موسى(ع) إلى قومه، ولكنّهم استكبروا واتهموه بالسّحر والهرقطة، وحجبوا الحقّ عن أنفسهم وعن الناس، لا لشيء إلا إرضاءً لنزواتهم وعُقدهم، فظلموا الحقّ من أن ينتشر، وظلموا أنفسهم، فاستحقّوا عقاب الله وسخطه، فأغرقهم تعالى جزاءً على جحودهم وظلمهم، هذا الظّلم الذي لا ينفع معه إلا الاستئصال.

العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) يتحدَّث عن قوم فرعون وحالهم ومصيرهم، من خلال بعض الآيات القرآنيَّة. يقول سماحته:

 "{فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آياتُنَا مُبْصِرَةً}، بما تفتحه من حقائق، وما تثيره من أفكار، وتلتقي به من موقع النّور في حقائق الحياة، في علاقة الله بكلِّ ما فيها من قوى ومظاهر وأوضاع، {قَالُواْ هذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ}، لأنَّ هذه الكلمة هي التي يمكن أن تبرّر الموقف المعلن لهم في رفض رسالة موسى ونبوّته أمام الجمهور الّذي قد يطالبهم بالإيمان من خلال قوَّة الحجّة التي تقدّمها لهم الآيات، وقد كان السّحر شائعاً في حياة النّاس الّذين يرتبطون بالسطح في دراسة الأمور، ولا ينفذون إلى العمق ليكتشفوا الفرق بين المعجزة والسّحر.

{وَجَحَدُواْ بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً}، فلم يكن جحودهم الّذي بدر منهم منطلقاً من حالةٍ فكريّة تبرّر لهم ذلك، مما يمكن أن يكونوا قد اكتشفوه في هذه الآيات من نقاط ضعف، وما عرضه موسى في رسالته من مواقع رفض، بل كان منطلقاً من مشاعر الظّلم العدواني الذي يرفض أن يقف فيه الإنسان عند حدِّه وحجمه الطبيعيّ، ومن طبيعة الاستعلاء الذّاتي الّذي يمنع الإنسان من القبول بالحقيقة التي يتحدّث بها الناس الذين هم أقلّ منه قدراً وطبقةً في ما هي الموازين المألوفة لدى المجتمع في تقدير الأفراد تبعاً لقوّة المال والجاه والنّسب. وهذا هو الذي يفسّر جحود الكثيرين من الناس لحقائق الحياة والإيمان، في طبيعة الموقف، في الوقت الّذي نلمح فيه الحقيقة في مواقع اليقين المشرق بالعمق الإيماني المتفجّر بينابيع النور.

وماذا كانت النّتيجة؟ هل استطاعوا أن يطمئنّوا إلى كفرهم وجحودهم وكبريائهم في مواقع السّلطة؟ لم يبق لهم شيءٌ من ذلك، فأغرقهم الله وأسقط كلّ دورهم الكافر والظالم، وتمت كلمة ربّك صدقاً وعدلاً، {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}، الذين أفسدوا حياة الناس بالكفر، وأوضاعهم بالظّلم والعدوان، واعتبرْ بذلك لتصل إلى الفكرة القائلة بأنّ الفساد قد يتحرك ليثبّت أقدامه في الواقع، ولكنه لن يصل إلى الثّبات في مواقعه وحركته مهما طال الزّمن.[تفسير من وحي القرآن، ج 17، ص 190-191].

القرآن الكريم يربّينا على أن ندرس الحقّ، ونتعرَّف نقاط القوَّة فيه، حتى نعيشه إيماناً واعياً، وسلوكاً عن قناعة ووعي وإخلاص، ونتحرّك به في الحياة بكلّ مسؤوليّة. فالقرآن يريد لنا أن نكون أجيالاً للحقّ، تنفتح عليه، وتحمله شعاراً لها بكلّ جوارحها وفكرها ووجدانها وسلوكياتها، فعندما نتعرّف الحقّ جيّداً، نتعرّف أكثر بشاعة الجهل والباطل والظّلم. 

يخبرنا القرآن الكريم عن الذهنيّة التي كانت موجودة عند الأمم السابقة، ومنها قوم فرعون، الذين رفضوا حتى التّفكير والتأمل بما جاء من عند الله، وما فيه من خير لهم، بل استعلوا وعاشوا عقدة الذات وقمّة الأنانية في الانغلاق عن الحقّ والتعامي عنه، بل أكثر من ذلك، راحوا يطلقون التهم والتبريرات المرفوضة عقلاً، وغير المجدية، والتي لا تصمد أمام قوّة الحقّ ونوره ومعانيه.

إن القرآن الكريم يستحثّنا كبشر أن نقف موقف النّاس الموضوعيّين الذين يستعملون فكرهم وحواسّهم، ويطلقون إمكاناتهم في دراستهم للأمور، فإذا ما سمعوا بدعوة، أو عرضت لهم فكرة، فإنه لا بدّ منطقياً وعلمياً من سماعها والتأمل فيها، ومعرفة فوائدها، وما فيها من عناصر قوة تثبت عقيدة الإنسان، وتخدم مصلحته ومسيرته، لأن منطق التعالي والاستكبار وإغلاق العقل وصمّ الأذان، والتهرب من المسؤوليّات، والإنصات إلى هوى النّفس، وتأكيد النّوازع الذاتيّة المنحرفة ولو على حساب الحقيقة، من المفاسد الكبرى، والانحرافات العظيمة التي تحجب الإنسان عن نور الحقّ والحقيقة والرشاد، وتجعله إنساناً يثقل الحياة بتعقيداته وأمراضه وسلوكياته التي تحرمه من نعمة الهداية والفلاح.

ويخبرنا القرآن الكريم عن الآيات الكثيرة الدالة على صدق النبوّة التي جاء بها موسى(ع) إلى قومه، ولكنّهم استكبروا واتهموه بالسّحر والهرقطة، وحجبوا الحقّ عن أنفسهم وعن الناس، لا لشيء إلا إرضاءً لنزواتهم وعُقدهم، فظلموا الحقّ من أن ينتشر، وظلموا أنفسهم، فاستحقّوا عقاب الله وسخطه، فأغرقهم تعالى جزاءً على جحودهم وظلمهم، هذا الظّلم الذي لا ينفع معه إلا الاستئصال.

العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) يتحدَّث عن قوم فرعون وحالهم ومصيرهم، من خلال بعض الآيات القرآنيَّة. يقول سماحته:

 "{فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آياتُنَا مُبْصِرَةً}، بما تفتحه من حقائق، وما تثيره من أفكار، وتلتقي به من موقع النّور في حقائق الحياة، في علاقة الله بكلِّ ما فيها من قوى ومظاهر وأوضاع، {قَالُواْ هذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ}، لأنَّ هذه الكلمة هي التي يمكن أن تبرّر الموقف المعلن لهم في رفض رسالة موسى ونبوّته أمام الجمهور الّذي قد يطالبهم بالإيمان من خلال قوَّة الحجّة التي تقدّمها لهم الآيات، وقد كان السّحر شائعاً في حياة النّاس الّذين يرتبطون بالسطح في دراسة الأمور، ولا ينفذون إلى العمق ليكتشفوا الفرق بين المعجزة والسّحر.

{وَجَحَدُواْ بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً}، فلم يكن جحودهم الّذي بدر منهم منطلقاً من حالةٍ فكريّة تبرّر لهم ذلك، مما يمكن أن يكونوا قد اكتشفوه في هذه الآيات من نقاط ضعف، وما عرضه موسى في رسالته من مواقع رفض، بل كان منطلقاً من مشاعر الظّلم العدواني الذي يرفض أن يقف فيه الإنسان عند حدِّه وحجمه الطبيعيّ، ومن طبيعة الاستعلاء الذّاتي الّذي يمنع الإنسان من القبول بالحقيقة التي يتحدّث بها الناس الذين هم أقلّ منه قدراً وطبقةً في ما هي الموازين المألوفة لدى المجتمع في تقدير الأفراد تبعاً لقوّة المال والجاه والنّسب. وهذا هو الذي يفسّر جحود الكثيرين من الناس لحقائق الحياة والإيمان، في طبيعة الموقف، في الوقت الّذي نلمح فيه الحقيقة في مواقع اليقين المشرق بالعمق الإيماني المتفجّر بينابيع النور.

وماذا كانت النّتيجة؟ هل استطاعوا أن يطمئنّوا إلى كفرهم وجحودهم وكبريائهم في مواقع السّلطة؟ لم يبق لهم شيءٌ من ذلك، فأغرقهم الله وأسقط كلّ دورهم الكافر والظالم، وتمت كلمة ربّك صدقاً وعدلاً، {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}، الذين أفسدوا حياة الناس بالكفر، وأوضاعهم بالظّلم والعدوان، واعتبرْ بذلك لتصل إلى الفكرة القائلة بأنّ الفساد قد يتحرك ليثبّت أقدامه في الواقع، ولكنه لن يصل إلى الثّبات في مواقعه وحركته مهما طال الزّمن.[تفسير من وحي القرآن، ج 17، ص 190-191].

القرآن الكريم يربّينا على أن ندرس الحقّ، ونتعرَّف نقاط القوَّة فيه، حتى نعيشه إيماناً واعياً، وسلوكاً عن قناعة ووعي وإخلاص، ونتحرّك به في الحياة بكلّ مسؤوليّة. فالقرآن يريد لنا أن نكون أجيالاً للحقّ، تنفتح عليه، وتحمله شعاراً لها بكلّ جوارحها وفكرها ووجدانها وسلوكياتها، فعندما نتعرّف الحقّ جيّداً، نتعرّف أكثر بشاعة الجهل والباطل والظّلم. 

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية