ما المقصود بـ "فمن شهد منكم الشّهر"؟

ما المقصود بـ "فمن شهد منكم الشّهر"؟

قال تعالى في كتابه العزيز: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى للنّاس وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون}[البقرة: 185].

ما المقصود من عبارة "فمن شهد منكم الشَّهر"؛ هل المراد رؤية الهلال والاستهلال، أم قدوم شهر الصّيام على المكلَّف وهو حاضر في بلده؟

بإطلالة مختصرة على ما ورد في التّعليق على عبارة "فمن شهد..."، نتبيَّن مجمل ما تمّ الإشارة إليه من معان قد تحتملها.

العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله (رض) رأى أنَّ معنى الآية الكريمة هو أنَّ من حضره شهر رمضان، بأن لم يكن مسافراً، وهو جامع لشرائط صحَّة الصّوم، أي غير مريض ولا مسافر، فيجب عليه الصّوم. [استفتاءات – علوم قرآن وتفسير].

وتابع بأن قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} لا دليل فيها على أنّ شهود الشهر متعلّق برؤية هلاله، ويدعم ذلك المعنى بعض الرّوايات.

قال: "فإنَّ المراد من الشهود الحضور في مقابل السّفر. أمّا المريض والمسافر، فيجب عليهما الصّوم في أيام أخر في غير شهر رمضان، ولا يجب عليهما في هذا الشّهر، ولا يشرَّع لهما.

وقد ذكر البعض أنَّ المراد بشهود الشّهر رؤية الهلال، لتكون الآية دالّة على أنَّ الصوم مشروط بالرؤية، كما جاء في الحديث الشّريف عن النبيّ محمَّد (ص): «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته».

ولكن لا دليل في الآية على ذلك، بل ربما كان ذكر السّفر في مقابل ذلك دليلاً على أنَّ المراد به الحضور في البلد. وقد جاء في رواية زرارة عن الإمام أبي جعفر محمَّد الباقر (ع)، أنه قال لما سئل عن هذه: ما أبينها لمن عقلها! قال: «من شهد رمضان فليصمه، ومن سافر فيه فليفطر».

وقد روي أيضاً ـ كما في مجمع البيان ـ «عن عليّ وابن عباس ومجاهد وجماعة من المفسّرين أنهم قالوا: «من شهد الشهر بأن دخل عليه الشّهر وهو حاضر، فعليه أن يصوم الشّهر كلّه»، وهذا دليل على أنَّ المراد به الحضور في البلد". [تفسير من وحي القرآن، ج 5].

العلامة الشّيخ محمد جواد مغنيَّة (رض) يذهب مذهب السيّد فضل الله نفسه في الاستدلال والعرض، فيقول بأنَّ شهود الشَّهر معناه "الحضور في البلد"، وبالتّالي وجوب الصوم لغير عذر. قال (ره): "{فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، أي حضر في بلده، ولم يسافر في شهر رمضان، فعليه أن يصوم أيّامه ، ولا يجوز له أن يفطر من غير عذر. ويدلّ على أنّ المراد من "شهد" حضر، قوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، وأعاد ذكر المرض والسفر للتّأكيد بأنّ شهر رمضان يجوز فيه الإفطار في حالات معيّنة، ردّاً على المتزمّتين الذين يظنون أن الإفطار لا يجوز بحال". [التّفسير الكاشف، ج 2].

وقال القطب الرّاوندي حول الآية إنَّ في معناها قولين: "أحدهما: من شاهد منكم الشّهر مقيماً فليصمه، وثانيهما: من شهده بأن حضره ولم يغب، لأنّه يقال شاهِد بمعنى حاضر، ويقال بمعنى مشاهد". [فقه القرآن/ القطب الراوندي، ج 1، ص 178].

وجاء في تفسير الميزان الإشارة إلى الحضور مع تشخيص دخول الشّهر والعلم به: "قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، الشّهادة هي الحضور، مع تحمّل العلم من جهته، وشهادة الشّهر إنما هو ببلوغه والعلم به". [تفسير الميزان/السيّد الطباطبائي، ج 2، ص24].

وهناك رأي يقول بأنّ "شهد" قد تحتمل معنى الحضور، وقد تحتمل معنى متّصلاً برؤية الهلال. قال ابن عاشور في تفسيره: و"شهد" يجوز أن يكون بمعنى حضر، كما يقال: إنّ فلاناً شهد بدراً وشهد أحداً وشهد العقبة أو شهد المشاهد كلّها مع رسول الله (ص)؛ أي: حضرها، فنصب الشّهر على أنّه مفعول فيه لفعل شهد؛ أي: حضر في الشّهر؛ أي: لم يكن مسافراً، وهو المناسب لقوله بعده: {ومن كان مريضاً أو على سفر...}.

أي: فمن حضر في الشهر فليصمه كلّه. ويفهم أن من حضر بعضه يصوم أيّام حضوره. ويجوز أن يكون شهد بمعنى علم كقوله تعالى : شهد الله أنه لا إله إلا هو فيكون انتصاب الشهر على المفعول به بتقدير مضاف؛ أي: علم بحلول الشّهر، وليس شهد بمعنى رأى؛ لأنه لا يقال: شهد بمعنى رأى، وإنما يقال شاهد، ولا الشّهر هنا بمعنى هلاله، بناءً على أنّ الشهر يطلق على الهلال، كما حكوه عن الزّجاج، وأنشد في الأساس قول ذي الرمّة:

فأصبح أجلى الطّرف ما يستزيده يرى الشّهر قبل الناس وهو نحيل

أي: يرى هلال الشّهر؛ لأنَّ الهلال لا يصحّ أن يتعدّى إليه فعل "شهد" بمعنى حضر. ومن يفهم الآية على ذلك، فقد أخطأ خطأً بيّناً، وهو يفضي إلى أنَّ كلّ فرد من الأمّة معلّق وجوب صومه على مشاهدته هلال رمضان، فمن لم ير الهلال، لا يجب عليه الصّوم، وهذا باطل. ولهذا، فليس في الآية تصريح على طريق ثبوت الشَّهر، وإنما بيّنته السنّة بحديث "لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غمّ عليكم فاقدروا له"، وفي معنى الإقدار له محامل ليست من تفسير الآية". [تفسير القرآن/ التحرير والتنوير لابن عاشور].

هذه نبذة مختصرة عمّا قيل بالنّسبة إلى معنى "شهد"، وما استبطنته من دلالات، وما فهمه بعض العلماء منها، والتي تبقى نتيجة الاجتهاد والبحث العلمي، وما أفضى إليه الذّوق اللّغويّ.

قال تعالى في كتابه العزيز: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى للنّاس وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون}[البقرة: 185].

ما المقصود من عبارة "فمن شهد منكم الشَّهر"؛ هل المراد رؤية الهلال والاستهلال، أم قدوم شهر الصّيام على المكلَّف وهو حاضر في بلده؟

بإطلالة مختصرة على ما ورد في التّعليق على عبارة "فمن شهد..."، نتبيَّن مجمل ما تمّ الإشارة إليه من معان قد تحتملها.

العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله (رض) رأى أنَّ معنى الآية الكريمة هو أنَّ من حضره شهر رمضان، بأن لم يكن مسافراً، وهو جامع لشرائط صحَّة الصّوم، أي غير مريض ولا مسافر، فيجب عليه الصّوم. [استفتاءات – علوم قرآن وتفسير].

وتابع بأن قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} لا دليل فيها على أنّ شهود الشهر متعلّق برؤية هلاله، ويدعم ذلك المعنى بعض الرّوايات.

قال: "فإنَّ المراد من الشهود الحضور في مقابل السّفر. أمّا المريض والمسافر، فيجب عليهما الصّوم في أيام أخر في غير شهر رمضان، ولا يجب عليهما في هذا الشّهر، ولا يشرَّع لهما.

وقد ذكر البعض أنَّ المراد بشهود الشّهر رؤية الهلال، لتكون الآية دالّة على أنَّ الصوم مشروط بالرؤية، كما جاء في الحديث الشّريف عن النبيّ محمَّد (ص): «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته».

ولكن لا دليل في الآية على ذلك، بل ربما كان ذكر السّفر في مقابل ذلك دليلاً على أنَّ المراد به الحضور في البلد. وقد جاء في رواية زرارة عن الإمام أبي جعفر محمَّد الباقر (ع)، أنه قال لما سئل عن هذه: ما أبينها لمن عقلها! قال: «من شهد رمضان فليصمه، ومن سافر فيه فليفطر».

وقد روي أيضاً ـ كما في مجمع البيان ـ «عن عليّ وابن عباس ومجاهد وجماعة من المفسّرين أنهم قالوا: «من شهد الشهر بأن دخل عليه الشّهر وهو حاضر، فعليه أن يصوم الشّهر كلّه»، وهذا دليل على أنَّ المراد به الحضور في البلد". [تفسير من وحي القرآن، ج 5].

العلامة الشّيخ محمد جواد مغنيَّة (رض) يذهب مذهب السيّد فضل الله نفسه في الاستدلال والعرض، فيقول بأنَّ شهود الشَّهر معناه "الحضور في البلد"، وبالتّالي وجوب الصوم لغير عذر. قال (ره): "{فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، أي حضر في بلده، ولم يسافر في شهر رمضان، فعليه أن يصوم أيّامه ، ولا يجوز له أن يفطر من غير عذر. ويدلّ على أنّ المراد من "شهد" حضر، قوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، وأعاد ذكر المرض والسفر للتّأكيد بأنّ شهر رمضان يجوز فيه الإفطار في حالات معيّنة، ردّاً على المتزمّتين الذين يظنون أن الإفطار لا يجوز بحال". [التّفسير الكاشف، ج 2].

وقال القطب الرّاوندي حول الآية إنَّ في معناها قولين: "أحدهما: من شاهد منكم الشّهر مقيماً فليصمه، وثانيهما: من شهده بأن حضره ولم يغب، لأنّه يقال شاهِد بمعنى حاضر، ويقال بمعنى مشاهد". [فقه القرآن/ القطب الراوندي، ج 1، ص 178].

وجاء في تفسير الميزان الإشارة إلى الحضور مع تشخيص دخول الشّهر والعلم به: "قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، الشّهادة هي الحضور، مع تحمّل العلم من جهته، وشهادة الشّهر إنما هو ببلوغه والعلم به". [تفسير الميزان/السيّد الطباطبائي، ج 2، ص24].

وهناك رأي يقول بأنّ "شهد" قد تحتمل معنى الحضور، وقد تحتمل معنى متّصلاً برؤية الهلال. قال ابن عاشور في تفسيره: و"شهد" يجوز أن يكون بمعنى حضر، كما يقال: إنّ فلاناً شهد بدراً وشهد أحداً وشهد العقبة أو شهد المشاهد كلّها مع رسول الله (ص)؛ أي: حضرها، فنصب الشّهر على أنّه مفعول فيه لفعل شهد؛ أي: حضر في الشّهر؛ أي: لم يكن مسافراً، وهو المناسب لقوله بعده: {ومن كان مريضاً أو على سفر...}.

أي: فمن حضر في الشهر فليصمه كلّه. ويفهم أن من حضر بعضه يصوم أيّام حضوره. ويجوز أن يكون شهد بمعنى علم كقوله تعالى : شهد الله أنه لا إله إلا هو فيكون انتصاب الشهر على المفعول به بتقدير مضاف؛ أي: علم بحلول الشّهر، وليس شهد بمعنى رأى؛ لأنه لا يقال: شهد بمعنى رأى، وإنما يقال شاهد، ولا الشّهر هنا بمعنى هلاله، بناءً على أنّ الشهر يطلق على الهلال، كما حكوه عن الزّجاج، وأنشد في الأساس قول ذي الرمّة:

فأصبح أجلى الطّرف ما يستزيده يرى الشّهر قبل الناس وهو نحيل

أي: يرى هلال الشّهر؛ لأنَّ الهلال لا يصحّ أن يتعدّى إليه فعل "شهد" بمعنى حضر. ومن يفهم الآية على ذلك، فقد أخطأ خطأً بيّناً، وهو يفضي إلى أنَّ كلّ فرد من الأمّة معلّق وجوب صومه على مشاهدته هلال رمضان، فمن لم ير الهلال، لا يجب عليه الصّوم، وهذا باطل. ولهذا، فليس في الآية تصريح على طريق ثبوت الشَّهر، وإنما بيّنته السنّة بحديث "لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غمّ عليكم فاقدروا له"، وفي معنى الإقدار له محامل ليست من تفسير الآية". [تفسير القرآن/ التحرير والتنوير لابن عاشور].

هذه نبذة مختصرة عمّا قيل بالنّسبة إلى معنى "شهد"، وما استبطنته من دلالات، وما فهمه بعض العلماء منها، والتي تبقى نتيجة الاجتهاد والبحث العلمي، وما أفضى إليه الذّوق اللّغويّ.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية