هل من حقّ قارئ السيرة لحسينيَّة أخذ الأجر؟!

هل من حقّ قارئ السيرة لحسينيَّة أخذ الأجر؟!

في جوابه عن سؤال حول الوجهة الشرعيّة لأخذ الأجر على قراءة السيرة الحسينيّة، باعتبار أنّها تبليغ لرسالة واجبة على كلِّ إنسان، يقول سماحة العلّامة المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله (رض):

"إنّنا نتصوَّر أنّ الخطيب بحسب ما هو متعارَف، صاحب مهنة يتعيَّش منها، ولا سيَّما إذا كان متفرِّغاً، بحيث إنَّه يشتغل طوال السنة ليحضِّر تارةً، ويمارس القراءة تارةً أخرى. ولهذا، فإنّ حاله حال أيِّ شخص يقوم بعمل ثقافي للمجتمع، من خلال حاجة المجتمع إليه في تحريك تقاليده وعاداته، باعتبار أنَّ المسألة الحسينيّة قد تحوَّلت إلى نوع من أنواع التقاليد المتجذّرة في واقع النّاس، لا سيّما في الوسط الإسلامي الشيعي.

غاية ما هناك، أنّنا نقول إنَّ على الخطيب الذي يمتهن هذه المهنة، أن لا يعيش تحت تأثير العامّة، بحيث يصادر كلّ رسالته من أجل إرضائهم، ويُبعد القضيّة الحسينيّة عن مسارها الإسلامي الطبيعي، بل إنَّ عليه أن يجعل من مهنته هذه مهنةً منفتحةً على قضايا الرسالة، ومتحرّكةً في خطّ الواقع الإسلاميّ الذي يريد إثراء الإنسانيّة بهذه القضية التاريخيّة التي تُشرِف على حركة الحاضر والمستقبل.

نقول إنّ أخذ الخطيب الأجرة على خطابته أمرٌ شرعيّ مبرَّرٌ، ولا إشكال فيه، كما أنّه يستطيع أن يحصل على الثّواب حتّى مع أخذ الأجرة، إذا كانت اختياراته للمجالس التي يقرأها تتحرّك في أجواء الرّسالة، بحيث تغني تجربة النّاس الذين يستمعون والذين يتحرّكون في أجوائها.

إنّنا نريد أن نقول للنّاس الذين يقيمون المجالس الحسينيَّة، أو الذين يحضرونها، إنَّ عليكم أنْ تحدِّقوا في الحسين (ع) كيف كان يفكِّر، وإنّ عليكم أن تستذكروا كلّ كلماته في كلّ القِيَم التي أطلقها في عاشوراء، وفي كلّ المواقف التي حرّكها، وفي كلّ التضحيات التي بذلها، وفي كلِّ الآلام التي تحمّلها، وفي كلِّ الشعارات التي أطلقها، لتعرفوا من خلال ذلك أنّ المأساة لم تكن مأساة ذات، بل مأساة قضيّة تجسَّدت عنده. ولهذا، فإنّنا نؤكِّد ضرورة أن تبقى العاطفة تتحرَّك في دموعنا وفي أحاسيسنا وفي مشاعرنا، وتنطلق حتّى في مواكبنا، بالأسلوب الذي يمكن أن يعبِّر عن الحزن الذي تختلط فيه المأساة بالقضيّة.

ولهذا، فإنّ الجهد الذي تبذلونه في إقامة المأتم الحسيني، والمال الذي تقدِّمونه من أجل ذلك، والوقت الذي تصرفونه في ذلك، ينبغي أنْ لا يكون جهداً ضائعاً، بحيث يخرج الناس بالدّموع وحدها بعيداً عن القضيّة.

فلتنطلق عاشوراء دمعةً في العين، وحزناً في القلب، ورسالةً في العقل، وثورةً في الحريّة، وحركةً في قضيّة العزّة والكرامة، من أجل أن لا نُعطي بأيدينا إعطاء الذّليل، ولا نقرّ إقرار العبيد.. لننطلق في عاشوراء من حيث عبَّر الإمام الصّادق (ع): "أحيوا أمرنا رَحِمَ الله مَنْ أحيا أمرنا".. ولننطلق في عاشوراء من خلال أنّ الحسين (ع) كان وارث الرّسالات؛ ورث آدم ونوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّداً وعليّاً (عليهم الصلاة والسلام)، لنقول له: أشهد أنّك قد أقمت الصّلاة، وآتيت الزّكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وعبدت الله مخلِصاً حتّى أتاك اليقين.

هذه هي الخطوط التي يبقى الحسين معنا فيها، فعلينا أن نجعل مجالسنا تتحرّك من أجل إقامة الصّلاة وإيتاء الزّكاة والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وعبادة الله، من أجل الوصول إلى اليقين لمعرفة الله.

وعلينا بالعمل الذي تحرَّكت من أجله كلُّ الرسالات؛ رسالات الأنبياء التي تجسَّدت في الحسين، لتتجسَّد فينا من جديد، وعليكم أن تشجِّعوا الخطباء الذين يعتبرون الخطابة دمعةً في عمق الرّسالة، ورسالةً في عمق الحركة، وعقلاً في داخل العاطفة، حتّى ينمو هذا الجيل الذي يعيش الرّسالة مع الحسين (ع) بعيداً عن كلّ الجيل التقليدي الذي لا يعيش الغاية الكبرى في قضيّة الحسين (ع) في ساحة الواقع". [من كتاب "فقه الحياة"].

في جوابه عن سؤال حول الوجهة الشرعيّة لأخذ الأجر على قراءة السيرة الحسينيّة، باعتبار أنّها تبليغ لرسالة واجبة على كلِّ إنسان، يقول سماحة العلّامة المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله (رض):

"إنّنا نتصوَّر أنّ الخطيب بحسب ما هو متعارَف، صاحب مهنة يتعيَّش منها، ولا سيَّما إذا كان متفرِّغاً، بحيث إنَّه يشتغل طوال السنة ليحضِّر تارةً، ويمارس القراءة تارةً أخرى. ولهذا، فإنّ حاله حال أيِّ شخص يقوم بعمل ثقافي للمجتمع، من خلال حاجة المجتمع إليه في تحريك تقاليده وعاداته، باعتبار أنَّ المسألة الحسينيّة قد تحوَّلت إلى نوع من أنواع التقاليد المتجذّرة في واقع النّاس، لا سيّما في الوسط الإسلامي الشيعي.

غاية ما هناك، أنّنا نقول إنَّ على الخطيب الذي يمتهن هذه المهنة، أن لا يعيش تحت تأثير العامّة، بحيث يصادر كلّ رسالته من أجل إرضائهم، ويُبعد القضيّة الحسينيّة عن مسارها الإسلامي الطبيعي، بل إنَّ عليه أن يجعل من مهنته هذه مهنةً منفتحةً على قضايا الرسالة، ومتحرّكةً في خطّ الواقع الإسلاميّ الذي يريد إثراء الإنسانيّة بهذه القضية التاريخيّة التي تُشرِف على حركة الحاضر والمستقبل.

نقول إنّ أخذ الخطيب الأجرة على خطابته أمرٌ شرعيّ مبرَّرٌ، ولا إشكال فيه، كما أنّه يستطيع أن يحصل على الثّواب حتّى مع أخذ الأجرة، إذا كانت اختياراته للمجالس التي يقرأها تتحرّك في أجواء الرّسالة، بحيث تغني تجربة النّاس الذين يستمعون والذين يتحرّكون في أجوائها.

إنّنا نريد أن نقول للنّاس الذين يقيمون المجالس الحسينيَّة، أو الذين يحضرونها، إنَّ عليكم أنْ تحدِّقوا في الحسين (ع) كيف كان يفكِّر، وإنّ عليكم أن تستذكروا كلّ كلماته في كلّ القِيَم التي أطلقها في عاشوراء، وفي كلّ المواقف التي حرّكها، وفي كلّ التضحيات التي بذلها، وفي كلِّ الآلام التي تحمّلها، وفي كلِّ الشعارات التي أطلقها، لتعرفوا من خلال ذلك أنّ المأساة لم تكن مأساة ذات، بل مأساة قضيّة تجسَّدت عنده. ولهذا، فإنّنا نؤكِّد ضرورة أن تبقى العاطفة تتحرَّك في دموعنا وفي أحاسيسنا وفي مشاعرنا، وتنطلق حتّى في مواكبنا، بالأسلوب الذي يمكن أن يعبِّر عن الحزن الذي تختلط فيه المأساة بالقضيّة.

ولهذا، فإنّ الجهد الذي تبذلونه في إقامة المأتم الحسيني، والمال الذي تقدِّمونه من أجل ذلك، والوقت الذي تصرفونه في ذلك، ينبغي أنْ لا يكون جهداً ضائعاً، بحيث يخرج الناس بالدّموع وحدها بعيداً عن القضيّة.

فلتنطلق عاشوراء دمعةً في العين، وحزناً في القلب، ورسالةً في العقل، وثورةً في الحريّة، وحركةً في قضيّة العزّة والكرامة، من أجل أن لا نُعطي بأيدينا إعطاء الذّليل، ولا نقرّ إقرار العبيد.. لننطلق في عاشوراء من حيث عبَّر الإمام الصّادق (ع): "أحيوا أمرنا رَحِمَ الله مَنْ أحيا أمرنا".. ولننطلق في عاشوراء من خلال أنّ الحسين (ع) كان وارث الرّسالات؛ ورث آدم ونوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّداً وعليّاً (عليهم الصلاة والسلام)، لنقول له: أشهد أنّك قد أقمت الصّلاة، وآتيت الزّكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وعبدت الله مخلِصاً حتّى أتاك اليقين.

هذه هي الخطوط التي يبقى الحسين معنا فيها، فعلينا أن نجعل مجالسنا تتحرّك من أجل إقامة الصّلاة وإيتاء الزّكاة والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وعبادة الله، من أجل الوصول إلى اليقين لمعرفة الله.

وعلينا بالعمل الذي تحرَّكت من أجله كلُّ الرسالات؛ رسالات الأنبياء التي تجسَّدت في الحسين، لتتجسَّد فينا من جديد، وعليكم أن تشجِّعوا الخطباء الذين يعتبرون الخطابة دمعةً في عمق الرّسالة، ورسالةً في عمق الحركة، وعقلاً في داخل العاطفة، حتّى ينمو هذا الجيل الذي يعيش الرّسالة مع الحسين (ع) بعيداً عن كلّ الجيل التقليدي الذي لا يعيش الغاية الكبرى في قضيّة الحسين (ع) في ساحة الواقع". [من كتاب "فقه الحياة"].

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية