مختارات
03/09/2013

حلاقة اللحية بين الحظر والإباحة

حلاقة اللحية بين الحظر والإباحة

نشرت جريدة النهار اللبنانية مقالاً لهالة حمصي، تضمَّن جولة تاريخيّة حولها، وأجوبة لعدد من علماء الدين المسلمين والمسيحيين حول جواز إطلاق اللحية أو حلقها، ومما جاء في مقالها:

 "إنها نذير تطرف وإرهاب في نظر كثيرين، ولا سيما منذ حوادث 11 أيلول 2001. غير أن اللحية في الإسلام "لا علاقة لها بالتطرف أو الإرهاب. ومن السخافة ربطها بهما أو إلصاق صورة سيئة بمطلقيها المسلمين. فهي موجودة من 1400 عام، وستبقى"، يقول عضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، الشيخ الدكتور محمد أنيس الأروادي. وفي حديث نبوي، يقول النبي محمد: "وفِّروا اللِّحَى، وأَحْفُوا الشَّوارب". و"وفِّروا" من التوفير، وهو الإبقاء، أي "اتركوها وافرة". واقتداءً بالنبي، "يوفّر" المسلمون لحاهم.

يحدّد "القاموس المحيط" اللحية بأنها "شعر الخدين والذَّقن". وفي شرح علماء، "كل شعر الوجه، مما ينبت على الذقن وتحت اللحيين وما على الخدين والعارضين، يقال له لحية، ما عدا الشارب". وما تقوله "سنّة النّبي" في شأنها، أنَّ طولها عادة هو "قبضة يد من تحت الذقن"، يشرح الأروادي. وإذا تجاوز القبضة، فذلك "ليس محرّماً أو حراماً، إنما هناك جماعات سلفيَّة تحب إطالة اللحى، لاعتقادها بأنَّ تلك هي السنَّة الأصلية، غير أنَّ هذا الاعتقاد خاطئ".

وحتى لو كانت "اللحية سنّة والنبي قال بها"، وحتى لو حرّم شيوخ وعلماء من بعده حلقها أو نتفها أو قصّها، فإنها ليست واجبة لغير الملتزمين من المسلمين. ووفقاً للأروادي، "لم يثبت في الإسلام أنَّ عدم إطلاقها يوجب جهنم. لا حساب على ذلك. ولا حديث أو آية تقول إنَّ من يحلق لحيته يكون ملعوناً أو مصيره جهنم".

في المقلب الشّيعي، يُستدلُّ فقهياً أن "لا نصّ حاسماً وصريحاً بأنه يجب إطلاق اللحية. لكنَّ النّصوص تحضّ وتشجّع على إطلاقها باعتدال، وبما يتناسب مع الزمان، لجهة كونها مظهر جمال للرجل، وليس لأنَّ فيها خصوصيَّة عبادية". ويقول عضو المكتب الشرعي في مؤسسة العلامة السيد محمد حسين فضل الله، الشيخ محسن عطوي: "لا أدلة ـ عند الفقهاء ـ في النّصوص الشرعيَّة على الحكم بوجوب اللحية، بما يجعلها على نحو الاستحباب". وبين هؤلاء، العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله، الَّذي كان يرى "جواز حلقها، وجواز إطلاقها، وكان يحضّ المؤمنين على إطلاقها، لأنها صارت عرفاً بينهم"، يفيد عطوي.

غير أنَّ الإفراط في الطول "ليس محموداً، بمعنى أنَّ الإسلام اعتبر اللحية من الهندام، والمفروض أن يأخذ كل أهل زمان بما هو متعارف به في زمانهم. لذلك، كثر من المؤمنين لا يطلقونها كثيراً، وفي الوقت عينه، لا يحلقونها نهائياً، وهذا هو الأساس"".

وتتحدَّث حمصي عن تاريخ اللحية، فتكتب: "قبل الإسلام بكثير، كانت اللحية علامة رجولة وفحولة في العصور القديمة، وأيضاً مظهر سلطة، وغالباً ما لازمت الآلهة والأبطال، فالملك سنحريب الأشوري صًوِّر بلحية منسّقة، كذلك ملكة مصر هتشبسوت، لإظهار قوتها وسلطتها. اليونان القدماء ربوا لحاهم، ووصف هوميروس أبطاله بأنهم كانوا ملتحين. حتى الفلاسفة اليونان القدماء تميَّزوا بلحاهم الطويلة، كعلامة حكمة.

في الصين القديمة، اللحية الحمراء تعني الشجاعة والقوة. وفي حضارات الإنديز، جعلت لتماثيل الآلهة لحى طويلة. كذلك ربى الرومان لحاهم حتى 454 ق.م، يوم جاء تيسينيوس بالحلاقين من سيسيليا. ووفقاً لبلينيوس، لم يكن مسموحاً لرجل تجاوز الـ49 عاماً إلا يكون ملتحياً. اللحى الأولى المحلوقة كانت تحفظ وتكرّس للآلهة. وفي بلاد فارس، كانت رمزاً للقوة والحرية، ومنعت على العبيد".

وتتكلَّم الحمصي عن اللحية عند الدروز، "فتسمى "الكريمة"، وترمز إلى الوقار والتديّن، ويطلقها العقال والمشايخ. وفي اليهودية، يشدّد التقليد التلمودي على إطلاقها، وتهذيبها له شروط. أما في الكابالا، فتُنسَب لها قوى صوفية. وعند السيخ، لا تحلق ولا تشجب إطلاقاً، لكون الشعر مقدّساً، وتبقى ملفوفة. وفي الهندوسية، يبقيها كهنة كثيرون، باعتبارها علامة نقاء".

أما "في الكنائس الأرثوذكسية والأرثوذكسية الشرقية، يلتزم الكهنة والرهبان لحى طويلة، علامة تكرس لله، دليلاً على "التقشّف والتكفير عن الذنوب". وفي وقتٍ لم تحد تلك الكنائس عن هذا التقليد، شهد تاريخ الكنيسة الكاثوليكية تارة سماحاً باللحية، وطوراً حظراً لها أو السماح بها باعتدال وبطول مناسب، وذلك باختلاف الظروف وتطور التشريعات في شأنها، مع الميل حالياً إلى التخلي عنها، مع استثناءات.

اللحية الطويلة للكاهن قد "تبعد عنه الآخرين، وخصوصاً الشباب"، على ما يخشى أستاذ مادة الكتاب المقدس في كليات اللاهوت الكاثوليكية، الأب أنطوان عوكر الأنطوني. فهو غير ملتح، ويعتمد في شكله الخارجي "ما يجده مناسباً أكثر للجماعة". والمغالاة في الشيء تستدعي التنبه، وخصوصاً إذا كانت سبباً لتشكيك الآخرين أو إبعادهم".

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

نشرت جريدة النهار اللبنانية مقالاً لهالة حمصي، تضمَّن جولة تاريخيّة حولها، وأجوبة لعدد من علماء الدين المسلمين والمسيحيين حول جواز إطلاق اللحية أو حلقها، ومما جاء في مقالها:

 "إنها نذير تطرف وإرهاب في نظر كثيرين، ولا سيما منذ حوادث 11 أيلول 2001. غير أن اللحية في الإسلام "لا علاقة لها بالتطرف أو الإرهاب. ومن السخافة ربطها بهما أو إلصاق صورة سيئة بمطلقيها المسلمين. فهي موجودة من 1400 عام، وستبقى"، يقول عضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، الشيخ الدكتور محمد أنيس الأروادي. وفي حديث نبوي، يقول النبي محمد: "وفِّروا اللِّحَى، وأَحْفُوا الشَّوارب". و"وفِّروا" من التوفير، وهو الإبقاء، أي "اتركوها وافرة". واقتداءً بالنبي، "يوفّر" المسلمون لحاهم.

يحدّد "القاموس المحيط" اللحية بأنها "شعر الخدين والذَّقن". وفي شرح علماء، "كل شعر الوجه، مما ينبت على الذقن وتحت اللحيين وما على الخدين والعارضين، يقال له لحية، ما عدا الشارب". وما تقوله "سنّة النّبي" في شأنها، أنَّ طولها عادة هو "قبضة يد من تحت الذقن"، يشرح الأروادي. وإذا تجاوز القبضة، فذلك "ليس محرّماً أو حراماً، إنما هناك جماعات سلفيَّة تحب إطالة اللحى، لاعتقادها بأنَّ تلك هي السنَّة الأصلية، غير أنَّ هذا الاعتقاد خاطئ".

وحتى لو كانت "اللحية سنّة والنبي قال بها"، وحتى لو حرّم شيوخ وعلماء من بعده حلقها أو نتفها أو قصّها، فإنها ليست واجبة لغير الملتزمين من المسلمين. ووفقاً للأروادي، "لم يثبت في الإسلام أنَّ عدم إطلاقها يوجب جهنم. لا حساب على ذلك. ولا حديث أو آية تقول إنَّ من يحلق لحيته يكون ملعوناً أو مصيره جهنم".

في المقلب الشّيعي، يُستدلُّ فقهياً أن "لا نصّ حاسماً وصريحاً بأنه يجب إطلاق اللحية. لكنَّ النّصوص تحضّ وتشجّع على إطلاقها باعتدال، وبما يتناسب مع الزمان، لجهة كونها مظهر جمال للرجل، وليس لأنَّ فيها خصوصيَّة عبادية". ويقول عضو المكتب الشرعي في مؤسسة العلامة السيد محمد حسين فضل الله، الشيخ محسن عطوي: "لا أدلة ـ عند الفقهاء ـ في النّصوص الشرعيَّة على الحكم بوجوب اللحية، بما يجعلها على نحو الاستحباب". وبين هؤلاء، العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله، الَّذي كان يرى "جواز حلقها، وجواز إطلاقها، وكان يحضّ المؤمنين على إطلاقها، لأنها صارت عرفاً بينهم"، يفيد عطوي.

غير أنَّ الإفراط في الطول "ليس محموداً، بمعنى أنَّ الإسلام اعتبر اللحية من الهندام، والمفروض أن يأخذ كل أهل زمان بما هو متعارف به في زمانهم. لذلك، كثر من المؤمنين لا يطلقونها كثيراً، وفي الوقت عينه، لا يحلقونها نهائياً، وهذا هو الأساس"".

وتتحدَّث حمصي عن تاريخ اللحية، فتكتب: "قبل الإسلام بكثير، كانت اللحية علامة رجولة وفحولة في العصور القديمة، وأيضاً مظهر سلطة، وغالباً ما لازمت الآلهة والأبطال، فالملك سنحريب الأشوري صًوِّر بلحية منسّقة، كذلك ملكة مصر هتشبسوت، لإظهار قوتها وسلطتها. اليونان القدماء ربوا لحاهم، ووصف هوميروس أبطاله بأنهم كانوا ملتحين. حتى الفلاسفة اليونان القدماء تميَّزوا بلحاهم الطويلة، كعلامة حكمة.

في الصين القديمة، اللحية الحمراء تعني الشجاعة والقوة. وفي حضارات الإنديز، جعلت لتماثيل الآلهة لحى طويلة. كذلك ربى الرومان لحاهم حتى 454 ق.م، يوم جاء تيسينيوس بالحلاقين من سيسيليا. ووفقاً لبلينيوس، لم يكن مسموحاً لرجل تجاوز الـ49 عاماً إلا يكون ملتحياً. اللحى الأولى المحلوقة كانت تحفظ وتكرّس للآلهة. وفي بلاد فارس، كانت رمزاً للقوة والحرية، ومنعت على العبيد".

وتتكلَّم الحمصي عن اللحية عند الدروز، "فتسمى "الكريمة"، وترمز إلى الوقار والتديّن، ويطلقها العقال والمشايخ. وفي اليهودية، يشدّد التقليد التلمودي على إطلاقها، وتهذيبها له شروط. أما في الكابالا، فتُنسَب لها قوى صوفية. وعند السيخ، لا تحلق ولا تشجب إطلاقاً، لكون الشعر مقدّساً، وتبقى ملفوفة. وفي الهندوسية، يبقيها كهنة كثيرون، باعتبارها علامة نقاء".

أما "في الكنائس الأرثوذكسية والأرثوذكسية الشرقية، يلتزم الكهنة والرهبان لحى طويلة، علامة تكرس لله، دليلاً على "التقشّف والتكفير عن الذنوب". وفي وقتٍ لم تحد تلك الكنائس عن هذا التقليد، شهد تاريخ الكنيسة الكاثوليكية تارة سماحاً باللحية، وطوراً حظراً لها أو السماح بها باعتدال وبطول مناسب، وذلك باختلاف الظروف وتطور التشريعات في شأنها، مع الميل حالياً إلى التخلي عنها، مع استثناءات.

اللحية الطويلة للكاهن قد "تبعد عنه الآخرين، وخصوصاً الشباب"، على ما يخشى أستاذ مادة الكتاب المقدس في كليات اللاهوت الكاثوليكية، الأب أنطوان عوكر الأنطوني. فهو غير ملتح، ويعتمد في شكله الخارجي "ما يجده مناسباً أكثر للجماعة". والمغالاة في الشيء تستدعي التنبه، وخصوصاً إذا كانت سبباً لتشكيك الآخرين أو إبعادهم".

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية