عندما تكون أحد الوالدين لطفل صغير في سن المدرسة، فيجب أن تكون أكثر قلقاً إزاء مدى تقدّمه في مهارة القراءة، مقارنةً بأي موضوع آخر يدرسه في المدرسة، لأن الطفل بحاجة إلى امتلاك هذه المهارة كي يحرز بعد ذلك تقدماً في كل المواد الأخرى، كالرياضيات والعلوم والتاريخ وغيرها. ولهذا، فمن المهم أن تتطور مهارة القراءة عند الطفل إلى النقطة التي تصبح عندها معظم هذه المهارات تلقائية، فهو لا يمكنه أن يكافح للتعرف إلى الكلمات في الكتاب المدرسي لمادة العلوم مثلاً، عندما يحاول القراءة بسرعة لكي يفهم معنى النص ككل.
يدرك الكثير من الآباء والأمهات قيمة القراءة وأهميتها بالنسبة إلى أطفالهم، ولكنَّ الأغلبية منهم لا يعرفون الكيفية التي يمكنهم من خلالها مساعدة أطفالهم على القراءة بشكل أفضل. ولهذا، فإنَّ على الآباء والأمهات أن يتعلموا كيف يقومون بذلك، وقد أوضحت الدراسات الاجتماعية، أن الأطفال يصبحون أكثر إيجابية وقرباً من القراءة إذا عاشوا نوعاً من التواصل الإيجابي مع والديهم أثناء القراءة.
ومن أهم النصائح التي يمكن أن نوجهها على صعيد كيفية مساعدة الوالدين أبناءهم على القراءة، أن القراءة ينبغي أن تكون تجربة ممتعة، وليس فرضاً أو التزاماً روتينياً، وكل الأنشطة التي ستصب في هذا المجال، يجب أن تنبع من هذه النَّصيحة دائماً.
أولاً، إن القيام بالتحدث إلى الطفل حتى قبل أن يتحدث بطلاقة، سيساعده على اكتساب الكثير من المهارات اللغوية المهمة، وذلك لأن معظم الأطفال يحتاجون إلى مهارات لغوية شفوية قوية كي يطوروا مهاراتهم في القراءة والكتابة بعد ذلك.. لهذا، يمكن للوالدين الحديث إلى الطفل عن أنشطتهم اليومية، على سبيل المثال، وذلك باستخدام جمل قصيرة وبسيطة، بهدف بناء ذخيرة لغوية من المفردات الجديدة عند هذا الطفل شيئاً فشيئاً.
ثانياً، لا بد من الجلوس مع الطفل والقراءة له بمعدل 30 دقيقة يومياً، حيث سيكتسب الطفل من خلال هذه الطريقة الوعي بتقاليد القراءة، وأنها تسير من اليمين إلى اليسار، ومن الأعلى إلى الأسفل، وكذلك سيكتسب المزيد من المفردات بهذه الطريقة، كما أن قيام الأب أو الأم بتمرير السبابة تحت الجمل المطبوعة تعرّف الطفل إلى أن كل منها على حدة تحمل معنى مختلفاً، وأنها ليست مجرد صور.
وكذلك، على الوالدين التأكد من أن الشخص الذي يرعى الطفل، سواء كان معلمة الحضانة أو معلمة الروضة، يقرأ له بصوت مرتفع يومياً، ويعطيه كتباً لكي ينظر إليها، وذلك لبناء علاقة من الألفة بين الطفل والكتب.
ثالثاً، من المهم أن يقدم الوالدان قدوة جيدة لطفلهما، حيث سيدرك الطفل أن القراءة شيء مهم في حياة الإنسان عندما يرى أباه وأمه يقرآن بشكل مستمر في المنزل، وعلى الوالدين أن يقترحا القراءة كنشاط يمكن أن يقوم به الطفل أثناء وقت الفراغ، وأن يوفرا له الكتب الجيدة في مكتبة منزلية قريبة من متناول يده، وكذلك أن يأخذاه، وبشكل مستمر، لزيارة المكتبات وشراء ما يروق له من الكتب تحت إشرافهما.
بعد هذه المرحلة العمرية، وبمجرد أن يدخل الطفل إلى المرحلة الدراسية، ابتداءً من الروضة أو الحضانة فما بعد، فإن من واجب الوالدين أن يتعاونا مع المعلمين على تحسين مهاراته في القراءة، والكثير من المعلمين في هذه المراحل الدراسية يقومون بإرسال الأفكار المنزلية العملية للوالدين لاستخدامها مع الأطفال، لمساعدتهم على تطوير المهارات وتشجيع عادات القراءة الجيدة، وتعزيز هذه المهارات سيكون مكملاً لما يتعلمه الطفل عن القراءة خلال اليوم الدراسي، وهناك بعض الطرق التي من شأنها مساعدة هذا الطفل على القراءة وذلك كما يلي:
يجب الاستمرار في تقديم القدوة الجيدة، بأن يرى الطفل أبويه وهما يقرآن في أوقات الفراغ، وكذلك تشجيع الطفل على القراءة بنفسه دائماً في المنزل، فالقراءة في المنزل ستساعده على الأداء بشكل أفضل في المدرسة.
ومن المهم كذلك الاحتفاظ بأنواع مختلفة من مواد القراءة في مكتبة المنزل، والتأكد من تنوعها ما بين المراجع والكتب المسلية، وجعلها في متناول يد الطفل، وتشجيعه في هذه المرحلة على ممارسة القراءة بصوت مرتفع والاستماع له باستمرار وهو يقرأ، وتشجيعه عندما يقوم بذلك، ومن المفيد أيضاً أن يقوم الوالدان بمناقشة الطفل بما يقرأ، وتشجيعه على الأنشطة التي تتطلب قراءة أدلة التعليمات، أو أن يُعطى أسئلة مكتوبة ويطلب منه البحث عن إجاباتها في كتابٍ ما.
ومن المفيد أن يُخصَّص للطفل وقت محدد للقراءة في كل يوم، حتى ولو كان عشر دقائق فقط، والتأكد من أن مكان القراءة مجهز ومضاء بشكل جيد، كما أن تحديد وقت مشاهدة التلفاز لساعات بعينها مهم جداً، فكلما قضى الطفل وقتاً أقل في مشاهدة التلفاز، كان لديه المزيد من الوقت لممارسة الأنشطة المتعلقة بالقراءة.
يُضاف إلى ما سبق ضرورة أن يبقى الوالدان على تواصل بشكل مستمر مع مدرسة الطفل، فكلما كانت لديهما دراية أكبر ببرنامج القراءة الذي تتبعه مدرسته، تمكنا بشكل أكبر من المساعدة في استكمال البرنامج المدرسي في المنزل.
[المصدر: كتاب اقرأ، كيف تجعل القراءة جزءاً من حياتك].
إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .