"في الواقع، في الذهنيَّة الشيعيّة المنطلقة من الخطّ الذي يبتدئ من النبوّة مروراً
بالإمامة، ليطلّ على المرجعيّة، إنَّ فهمنا لهذا، هو أنّ المرجع يمثّل القائد
للأمَّة، الّذي لا بدَّ له من أن يختزن في شخصيّته الكفاءات الثقافيّة والروحيّة
والعلميّة، الّتي تمكِّنه من أن يكون أميناً على سلامة حياة الأمَّة في كلّ هذه
الجوانب.
أنا لا أدَّعي أن يكون أعلم النّاس في كلّ شيء، وأكثر النّاس خبرةً في كلّ شيء،
ولكنّني أقول إنّ المفروض أن يكون للمرجع الرشد الفقهي، والرشد الاجتماعي، والرشد
الحركي، مع الاستقامة الأخلاقيّة في الخطّ، والقوّة الروحيّة التي يستطيع من خلالها
أن يطلّ على قضايا الأمّة، وأن ينفتح على كلّ الخبرات والطّاقات، من موقع الإنسان
الذي يستطيع أن يستفيد من هذه الخبرات، باعتبار أنّه يمثّل حركية تلك الطاقة.
وأن يكون الإنسان الّذي يحمل اهتمامات الأمّة في اهتماماته، ويتحرّك مع الأمّة
ليعطيها غنى في التجربة، كما يأخذ غنى التجربة، ليكون معلّماً وتلميذاً في آن واحد.
إنّني أتصوّر أن المرجعية لا بدَّ من أن يكون لها حضور شامل في كل قضايا الأمّة،
وفي كلّ قضايا العالم التي تتّصل بمصير الأمّة الإسلاميّة، فلا يجوز أن يكون المرجع
غائباً عن أيّة قضية من قضايا المستضعفين، أو أية قضية من قضايا المسلمين في العالم،
حتى تلك التي لا تتّصل بالواقع الشيعي أو الإسلامي، لأنّ المرجع الذي يحمل رسالة
الإسلام، لا بدَّ من أن يطلّ على الواقع العالميّ في كلّ اهتزازاته وتياراته، وفي
كلّ مواقعه، لأنّ ذلك من مسؤوليّته في ما هي مسؤوليّة الإسلام في العالم، ولأنّ ذلك
يتّصل بالمسلمين بشكل عام، وبالشّيعة بشكل خاصّ.
إننا نتصوّر أنّ مسألة الحضور السياسي والثقافي والروحيّ، عنصر حيويّ من عناصر
المرجعيّة، التي تكون في مستوى العصر والإسلام والتحدّيات الكبيرة التي يواجهها
الإسلام في هذا العصر".
من حوارٍ مع مجلَّة البلاد اللّبنانيَّة العام 1992م .