محاضرات
11/10/2023

أهميَّةُ السَّعيِ للإصلاحِ في المجتمع

27 ربيع الأوَّل 1445هـ
أهميَّةُ السَّعيِ للإصلاحِ في المجتمع

يقول تعالى: {لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ - مما يمكن أن يرفع من مستوى المجتمع - أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}[النِّساء: 114].
وفي الحديث عن رسول الله (ص): "أَلَا أَدُلُّكُم على أَفْضَلَ من درجةِ الصَّلاةِ والصّيامِ والصَّدقةِ؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ. قال: إصلاحُ ذاتِ البَيْنِ". ويعلِّل رسول الله هذه الدَّرجة للإصلاح، "فإنَّ فسادَ ذاتِ البَيْنِ هي الحالِقَةُ". وفي حديث آخر يقول: "لا أقولُ إنَّها تَحْلِقُ الشَّعْرَ ولكن تَحْلِقُ الدِّينَ"(1)، لأنَّ الخلافات تؤدِّي إلى الغيبة والقتل والتَّدمير، فيطير الدّين كلّه.
وفي حديثٍ عن رسول الله (ص) يخاطب "أبا أيّوب": "يا أبا أيّوب، ألا أخبرك وأدلّك على صدقة يحبّها الله ورسوله؟ تُصلح بين النَّاس إذا تفاسدوا وتباعدوا"(2).
وفي حديثٍ عن عليّ (ع): "ثابروا على صلاح المؤمنين والمتَّقين"(3). وفي حديثٍ آخر: "من كمال السَّعادة، السَّعي في صلاح الجمهور"(4). وبعض النَّاس يحلفون الأيمان بأن لا يدخلوا في الصّلح، وقد أنزل الله تعالى في ذلك قرآناً: {وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ}[البقرة: 224]، ويفسِّرها الإمام الصَّادق (ع): "إذا دُعيت لصلح بين اثنين، فلا تقل عليَّ يمين أن لا أفعل"(5). حتَّى لو حلفت اليمين، فاحنث به من أجل الإصلاح، والله يعطيك الأجر على ذلك، لأنَّ اليمين لا بدَّ أن تكون في خير، أمَّا إذا كانت لمنع الخير فلا قيمة لها. وحتى إن الإنسان إذا اضطرَّ في عالم الصّلح أن يكذب فله ذلك... وقد ورد عن الإمام الصَّادق (ع): "لئن أُصلح بين اثنين، أحبّ إليّ من أن أتصدّق بدينارين"(6)...
عندما نواجه التمزقات الاجتماعية في داخل الواقع الإسلاميّ، فإن علينا أن نبذل كل جهدنا من أجل أن ندرس خلافات النَّاس فيما بينهم، وما يتفقون عليه، ونحاول أن نستفيد مما اتَّفق عليه النَّاس في حلّ ما أشكل عليهم، لأنَّ الخلافات، ولا سيَّما إذا تحوّلت إلى عصبيَّات، تفسد ديننا وسياستنا ومجتمعنا، وتُذهب ريحنا وتُضعف قوَّتنا، وهذا ما نلاحظه في واقعنا كلِّه. لذلك، فلينطلق المجتمع، وليتقرَّب إلى الله تعالى بأن يهيِّئ من أفراده جماعات ممن يملكون الدّين والوعي والخبرة، ليعينوا الناس للّقاء على أن يلتقوا على ما اتفقوا عليه، وأن يتحاوروا في ما اختلفوا فيه، حتى تنتشر المحبة فيما بيننا، ليكون هذا الحبّ هو الوسيلة التي يمكن أن يقنع فيها الإنسان الإنسان الآخر، إنَّ المحبَّة تبني إنسانيَّتنا ومجتمعنا ووطننا وأمَّتنا، أمَّا الحقد، فإنه لا يبني شيئاً، فلنبتعد عن الحقد الشخصي والعشائري والمذهبي والطائفي والسياسي والاجتماعي، أحبّوا الذين تختلفون معهم من أجل أن تهدوهم إلى سواء السبيل، وأحبوا الذين تتفقون معهم حتى تلتقوا معهم على طاعة الله، فالذين تحاقدوا ماتوا وتحوّل حقدهم إلى تراب، عندما تحوّلوا إلى تراب وأورثوا حقدهم مَنْ بعدهم، والَّذين تحابوا على أساس الله ورسوله وصلوا إلى الله تعالى وأعطاهم جزاء ذلك روحاً وريحاناً وجنَّة نعيم، {وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطفّفين: 26].
* من خطبة الجمعة لسماحته، بتاريخ: 1 ذو القعدة 1421هـ/ الموافق ٢٦ كانون الثّاني ٢٠٠٠ م.

[1]  غاية المرام، الآمدي، ص 414.

[2]  ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج2، ص 1622.

[3]  ميزان الحكمة، ج2، ص 1622.

[4]  ميزان الحكمة، ج2، ص 1360.

[5]  ميزان الحكمة، ج2، ص 1622.

[6]  وسائل الشّيعة، الحرّ العاملي، ج18، ص 439
يقول تعالى: {لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ - مما يمكن أن يرفع من مستوى المجتمع - أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}[النِّساء: 114].
وفي الحديث عن رسول الله (ص): "أَلَا أَدُلُّكُم على أَفْضَلَ من درجةِ الصَّلاةِ والصّيامِ والصَّدقةِ؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ. قال: إصلاحُ ذاتِ البَيْنِ". ويعلِّل رسول الله هذه الدَّرجة للإصلاح، "فإنَّ فسادَ ذاتِ البَيْنِ هي الحالِقَةُ". وفي حديث آخر يقول: "لا أقولُ إنَّها تَحْلِقُ الشَّعْرَ ولكن تَحْلِقُ الدِّينَ"(1)، لأنَّ الخلافات تؤدِّي إلى الغيبة والقتل والتَّدمير، فيطير الدّين كلّه.
وفي حديثٍ عن رسول الله (ص) يخاطب "أبا أيّوب": "يا أبا أيّوب، ألا أخبرك وأدلّك على صدقة يحبّها الله ورسوله؟ تُصلح بين النَّاس إذا تفاسدوا وتباعدوا"(2).
وفي حديثٍ عن عليّ (ع): "ثابروا على صلاح المؤمنين والمتَّقين"(3). وفي حديثٍ آخر: "من كمال السَّعادة، السَّعي في صلاح الجمهور"(4). وبعض النَّاس يحلفون الأيمان بأن لا يدخلوا في الصّلح، وقد أنزل الله تعالى في ذلك قرآناً: {وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ}[البقرة: 224]، ويفسِّرها الإمام الصَّادق (ع): "إذا دُعيت لصلح بين اثنين، فلا تقل عليَّ يمين أن لا أفعل"(5). حتَّى لو حلفت اليمين، فاحنث به من أجل الإصلاح، والله يعطيك الأجر على ذلك، لأنَّ اليمين لا بدَّ أن تكون في خير، أمَّا إذا كانت لمنع الخير فلا قيمة لها. وحتى إن الإنسان إذا اضطرَّ في عالم الصّلح أن يكذب فله ذلك... وقد ورد عن الإمام الصَّادق (ع): "لئن أُصلح بين اثنين، أحبّ إليّ من أن أتصدّق بدينارين"(6)...
عندما نواجه التمزقات الاجتماعية في داخل الواقع الإسلاميّ، فإن علينا أن نبذل كل جهدنا من أجل أن ندرس خلافات النَّاس فيما بينهم، وما يتفقون عليه، ونحاول أن نستفيد مما اتَّفق عليه النَّاس في حلّ ما أشكل عليهم، لأنَّ الخلافات، ولا سيَّما إذا تحوّلت إلى عصبيَّات، تفسد ديننا وسياستنا ومجتمعنا، وتُذهب ريحنا وتُضعف قوَّتنا، وهذا ما نلاحظه في واقعنا كلِّه. لذلك، فلينطلق المجتمع، وليتقرَّب إلى الله تعالى بأن يهيِّئ من أفراده جماعات ممن يملكون الدّين والوعي والخبرة، ليعينوا الناس للّقاء على أن يلتقوا على ما اتفقوا عليه، وأن يتحاوروا في ما اختلفوا فيه، حتى تنتشر المحبة فيما بيننا، ليكون هذا الحبّ هو الوسيلة التي يمكن أن يقنع فيها الإنسان الإنسان الآخر، إنَّ المحبَّة تبني إنسانيَّتنا ومجتمعنا ووطننا وأمَّتنا، أمَّا الحقد، فإنه لا يبني شيئاً، فلنبتعد عن الحقد الشخصي والعشائري والمذهبي والطائفي والسياسي والاجتماعي، أحبّوا الذين تختلفون معهم من أجل أن تهدوهم إلى سواء السبيل، وأحبوا الذين تتفقون معهم حتى تلتقوا معهم على طاعة الله، فالذين تحاقدوا ماتوا وتحوّل حقدهم إلى تراب، عندما تحوّلوا إلى تراب وأورثوا حقدهم مَنْ بعدهم، والَّذين تحابوا على أساس الله ورسوله وصلوا إلى الله تعالى وأعطاهم جزاء ذلك روحاً وريحاناً وجنَّة نعيم، {وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطفّفين: 26].
* من خطبة الجمعة لسماحته، بتاريخ: 1 ذو القعدة 1421هـ/ الموافق ٢٦ كانون الثّاني ٢٠٠٠ م.

[1]  غاية المرام، الآمدي، ص 414.

[2]  ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج2، ص 1622.

[3]  ميزان الحكمة، ج2، ص 1622.

[4]  ميزان الحكمة، ج2، ص 1360.

[5]  ميزان الحكمة، ج2، ص 1622.

[6]  وسائل الشّيعة، الحرّ العاملي، ج18، ص 439
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية