خراب الوقف وموارد جواز بيعه

خراب الوقف وموارد جواز بيعه
حكم خراب الوقف وموارد جواز بيعه:

لا غروّ أنّ الوقف يعرض عليه الخراب ونحوه من موانع الانتفاع، سواء من جهة نفس العين الموقوفة، بحرق أو غرق أو نحوهما، أو من جهة الموقوف عليه، فينقرض أو يزول عنوانه، كما أن الخراب العارض يتسبب تارة: بزوال العين كلياً وانعدام الانتفاع بها وزوال عنوانها، وأخرى: بخراب بعض أجزائها وأثاثها؛ وهذه الأمور وغيرها مما يناسبها نستعرضها في مسائل:

م ـ570:  إذا عرض الخراب على العين الموقوفة فعطّلها وألغى العنوان الذي وقفت من أجله، كالبناء الذي يوقف مسجداً أو ميتماً أو مكتبة عامة أو شققاً سكنية لطلبة العلوم الدينية مثلاً أو نحو ذلك، فيعرض عليه الخراب فيهدمه ويلغي هيأته ويُبطِلُ الانتفاع به كلياً فيما وقف له، فإن حكمه يختلف على نحوين:
الأول: أن يكون الواقف قد اعتبر ذلك الهدف وذلك العنوان مقوِّماً للوقفية، بحيث تدور مداره وجوداً وعدماً، فهو قد عزم في نفسه على أن هذا البناء موقوف ما دام مكتبة فحسب، أو أن هذا العقار موقوف ما دام بستاناً فحسب، وهو ما يصطلح عليه الفقهاء بـ (وحدة المطلوب)، فإذا تهدم البناء أو يبست الأشجار تزول الوقفية، وحينئذ يرجع الموقوف إلى الواقف إن كان حياً، وإلا فإلى ورثته، حتى كأنه لم يكن موقوفاً؛ وذلك دون فرق بين المسجد وغيره.
الثاني: أن يكون الواقف راغباً بإخراج هذه العين عن ملكه وجعلها وقفاً بالدرجة الأولى، كذلك فإنه راغب بجعلها ميتماً مثلاً بالدرجة الثانية، بحيث لم يُعلِّق أصل الوقفية على بقاء هذا العنوان، وهو ما يعبر عنه الفقهاء بـ (تعدد المطلوب)؛ هذا النحو من الوقف يختلف حكمه عند عروض الخراب عليه باختلاف حالاته التالية:
الأولى: أن تكون العين في وضع يمكن فيه إعادتها إلى وضعها السابق،فإن لم يوجد متبرع وأمكن إيجار بقايا البناء أو الأرض المبني عليها مدة من الزمن، وتجميع الأجرة وترميم البناء أو تجديده بها وجب ذلك وتعين، وإن لم يمكن إيجاره ولكن أمكن بيع بعض العقار مع شي‏ء من البناء، إن لزم الأمر، أو بدونه من أجل تعمير الباقي بثمنه، وجب ذلك وكان متعيناً ومقدماً على بيع الكل.
وهنا أيضاً لا فرق بين المسجد وغيره، ولكنه إذا كان مسجداً لزم في إجارته مراعاة عدم هتك حرمته.
الثانية: أن تكون العين في وضع لا يسمح بإعادة العنوان إليها أبداً، فهنا طريقان لعلاجها:
1 ـ أن يكون بقايا البناء والعقار مما يمكن  الانتفاع به بأي وجه من الوجوه في حالته التي هو عليها، وذلك بمثل الزراعة فيه أو جعله مصنعاً أو نحوهما مما يمكن انتفاع الموقوف عليه به مباشرة أو بمثل تأجيره والانتفاع بأجرته أو بغير ذلك من أنحاء الاستثمار لما بقي من هذه العين، فإذا أمكن ذلك وجب وتعين.
2 ـ أن لا يمكن استثمار الأرض أو ما بقي من البناء بالنحو السابق، فهنا يجوز بيعها، أما الثمن فيجب تقديم صرفه  على الأحوط  في شراء عين أخرى به ووقفها على نفس العنوان الأول، فإن تعذر وَقْفُها على نفس العنوان الأول وجب وقفها على عنوان آخر قريب منه مراعياً للأقرب إليه فالأقرب؛ فإن لم يمكن شراء عين أخرى بالثمن لزم صرفه على الجهة الموقوف عليها، أي على مسجد آخر إن كان مسجداً أو ميتم آخر إن كان ميتماً، وهكذا.
نعم إذا كان موقوفاً على الذرية وُزِّع الثمن على البطن الذي حصل البيع في زمانه وجاز لهم أن يصرفوه على أنفسهم كيف يشاؤون. (أنظر في المسألة: 568 ما له علاقة بهذا الفرع من هذه المسألة).

م ـ571: إذا عرض الخراب على شي‏ءٍ من أجزاء الموقوف أو أثاثه فخرج عن الانتفاع الذي كان عليه كلياً، وذلك كالشجرة من البستان الموقوف تنقلع وتيبس، أو شي‏ء من الأثاث يبلى ويتهالك، أو غير ذلك من أجزاء الموقوف، فإن كان الواقف قد وقف تلك العين للانتفاع بها في جهة خاصة، كالشجرة الموقوفة للانتفاع من ثمرها خاصة، وكان الخراب قد ألغى جهة الانتفاع المرادة للواقف وعطلها، جاز بيعها حينئذ ووجب صرف ثمنها في مصلحة سائر الأجزاء إن كانت بحاجة، وإلا صُرف على الجهة الموقوف عليها، أي على مسجد آخر إن كان الموقوف مسجداً، أو نحوه من المرافق العامة التي ينتفع بها الموقوف عليه مباشرة، فإن لم يكن كذلك، بل كان من نوع الموقوفات التي لها عنوان عام أو خاص، كالبستان الموقوف نماؤه على الفقراء أو على ذرية زيد، فإنه يصرف الثمن عليهم؛ وكذلك الحكم فيما إذا لم يخص الواقف العين بجهة انتفاع خاصة، وتلف جزء منها، فإنه إن كان مما يمكن الانتفاع به في أمر آخر من شؤون العين الموقوفة، كالشجرة اليابسة  تجعل عموداً أو سقفاً في البستان وجب ذلك، وإلا جاز  بيعها وصرف ثمنها بالنحو السابق على البستان إن احتاجه، وإلا صرف في الجهة الموقوفة عليها.

م ـ572: إذا عرض على شي‏ء من أجزاء العين الموقوفة أو أثاثها ما يوجب  الاستغناء عنها مع بقائها صالحة للاستعمال، كسجاد المسجد أو المكتبة العامة أو نحوهما إذا استبدل به سجاد جديد أفضل منه، فإن كان مما يمكن الانتفاع به مع بقائه على حاله، وأمكن استعماله في المكان الذي وقف فيه، ولو بنحو آخر من أنحاء الانتفاع، كجعل السجاد ستاراً من الحر أو البرد مثلاً، وجب إبقاؤه على وقفيته والانتفاع به في مكانه، وإن استغني عنه تماماً في مكانه الموقوف عليه، وخيف عليه من التلف والضياع إن بقي معطّلاً وجب جعله في محلٍ آخر مماثل له إن كان من نوع الأوقاف المبذولة للانتفاع المباشر بها، كالمساجد والمدارس الداخلية والحسينيات ونحوها؛ وإن كان من نوع ما يصرف نماؤه على الموقوف عليه بيع وصرف الثمن على العين الموقوفة إن احتاجت، وإلا فعلى الموقوف عليهم، كالفقراء أو ذرية فلان، وذلك بالنحو الذي ذكر في المسألة السابقة.
وأما إذا لم يمكن الانتفاع به مع بقائه على حاله، وكان بحيث لو بقي على حاله لضاع وتلف، وجب بيعه وصرف ثمنه في ذلك المحل إن احتاج إليه، وإلا ففي مكان آخر مماثل له إن كان للانتفاع المباشر العام، فإن لم يكن ثمة مماثل له صُرِفَ في وجوه الخير، وأما إذا لم يكن للانتفاع العام فإنه يصرف  حينئذ  على الموقوف عليهم.

م ـ573: إذا وقف داره ليسكن فيه شخص بعينه  أو أشخاص كذلك  فانقرضوا، أو وقفها لسكن طلاب العلوم الدينية وتدريسهم فلم يوجد منهم أحد، أو وجد وتعذر انتفاعهم بها، أو نحو ذلك من الغايات التي يتعذر تحقيقها واستخدام العين الموقوفة فيها، فإن كان الواقف قد قصد تعليق الوقف وتحديده بهذه الغاية كان ذلك تحبيساً، فإذا  انقرض الموقوف عليه أو زالت الجهة الموقوف عليها رجع المال إلى الواقف أو ورثته؛ وإن لم يكن الواقف قد قصد التحبيس بل صادف انقراضه أو زوال عنوانه خرج عن ملكه وصار صدقة جارية تصرف في وجوه البر.

م ـ574: إذا وقف داره مثلاً ليصرف نماؤه في المسجد الفلاني فخرب ذلك المسجد وزال ولم يمكن تعميره، أو أنه لم يعد بحاجة إلى مصرف لانقطاع من يصلي فيه مثلاً، فإن كان الواقف قد لحظ ذلك المسجد على نحو وحدة المطلوب، بحيث يدور الوقف مداره وجوداً وعدماً كان ذلك تحبيساً، فإذا زال العنوان بطل الوقف ورجعت العين إلى الواقف أو ورثته؛ وإن كان قد لحظه على نحو تعدد المطلوب لزم صرف نماء الدار على مسجد آخر إن أمكن، وإلا صرف في وجوه البر.

م ـ575: لقد صار معلوماً من خلال بعض ما مر من مسائل في هذا المبحث أن العين الموقوفة لا يجوز نقلها عن الشخص أو الجهة الموقوفة عليها بمثل البيع ونحوه، وإضافة إلى ما ذكرناه في هذا المطلب من موارد جواز البيع عند خراب الوقف، فإن من المناسب التأكيد على ما سبق وذكر ما بقي من الموارد في هذه المسألة، فنقول: لا يجوز بيع الوقف إلا في موارد:
الأول: ما إذا عرض عليه الخراب فمنع من الانتفاع به بالنحو الذي وقف له، كالحيوان المذبوح، والجذع البالي، والبناء المهدم، ونحو ذلك؛ أو بقيت له منفعة قليلة لا يُعتَد بها؛ أو طرأ عليه من أسباب الفساد ما يؤدي بقاؤه عليه إلى الخراب المسقط له عن الانتفاع المعتد به، فيجوز بيعه، ولكن يجب تأخير البيع إلى الوقت الذي تستنفد فيه منافعه قبل طروء الفساد عليه، كالبناء الذي يعرض عليه التصدع، أو البستان الذي تتملح تربته، أو نحو ذلك، وجميع هذه الحالات في هذا المورد يجوز فيها البيع بالنحو الذي سبق ذكره في المسألة: (570 وما بعدها).
الثاني: ما إذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم، وهو إنما يحدث في صورة ما لو كان الوقف على نحو التمليك، للذرية أو غيرهم، لا في صورة ما لو كان بنحو الصرف عليهم، أو غير ذلك من أنواع الوقف؛ فإذا وقع الاختلاف بينهم وخيف معه من النزاع المؤدي إلى تلف النفوس والأموال، ولم يمكن الإصلاح فيما بينهم ولا تسوية النزاع إلا بالبيع، جاز البيع بل قد يجب؛ وإذا أمكن بعد البيع شراء عين مماثلة للعين المباعة ووقفها على نهج الوقف الأول دون أن تتسبب بنزاع جديد وجب ذلك على الأحوط.
الثالث: ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر معين، من قلة المنفعة، أو كون بيعه أنفع، أو عند احتياج الموقوف عليه إلى ثمنه، أو نحو ذلك من الأمور التي يلاحظها الواقف في شرطه.

م ـ576:إذا جاز  بيع الوقف، فإن كان من نوع الوقف الخاص التمليكي الذي يتولاه نفس الموقوف عليه فإنه لا يحتاج في بيعه إلى إجازة أحد، وإلا فإن كان للوقف ولي خاص جاز له بيعه في موارده، ووجب على غيره استئذانه في البيع؛ وإلا وجب استئذان الحاكم الشرعي ومراجعته في البيع على الأحوط وجوباً.

م ـ577: يضمن المتلف ما يقع على الوقف بجميع أقسامه من التلف عند توفر شروطه، سواء في ذلك الوقف الخاص أو العام، والتمليكي وغيره، فكما يجب الضمان على من أتلف شيئاً من بستان أو دار موقوف وقفاً خاصاً، كذلك يجب عليه ضمان ما يتلفه من العين الموقوفة وقفاً عاماًً، كالمسجد والمقبرة ونحوهما.

حكم خراب الوقف وموارد جواز بيعه:

لا غروّ أنّ الوقف يعرض عليه الخراب ونحوه من موانع الانتفاع، سواء من جهة نفس العين الموقوفة، بحرق أو غرق أو نحوهما، أو من جهة الموقوف عليه، فينقرض أو يزول عنوانه، كما أن الخراب العارض يتسبب تارة: بزوال العين كلياً وانعدام الانتفاع بها وزوال عنوانها، وأخرى: بخراب بعض أجزائها وأثاثها؛ وهذه الأمور وغيرها مما يناسبها نستعرضها في مسائل:

م ـ570:  إذا عرض الخراب على العين الموقوفة فعطّلها وألغى العنوان الذي وقفت من أجله، كالبناء الذي يوقف مسجداً أو ميتماً أو مكتبة عامة أو شققاً سكنية لطلبة العلوم الدينية مثلاً أو نحو ذلك، فيعرض عليه الخراب فيهدمه ويلغي هيأته ويُبطِلُ الانتفاع به كلياً فيما وقف له، فإن حكمه يختلف على نحوين:
الأول: أن يكون الواقف قد اعتبر ذلك الهدف وذلك العنوان مقوِّماً للوقفية، بحيث تدور مداره وجوداً وعدماً، فهو قد عزم في نفسه على أن هذا البناء موقوف ما دام مكتبة فحسب، أو أن هذا العقار موقوف ما دام بستاناً فحسب، وهو ما يصطلح عليه الفقهاء بـ (وحدة المطلوب)، فإذا تهدم البناء أو يبست الأشجار تزول الوقفية، وحينئذ يرجع الموقوف إلى الواقف إن كان حياً، وإلا فإلى ورثته، حتى كأنه لم يكن موقوفاً؛ وذلك دون فرق بين المسجد وغيره.
الثاني: أن يكون الواقف راغباً بإخراج هذه العين عن ملكه وجعلها وقفاً بالدرجة الأولى، كذلك فإنه راغب بجعلها ميتماً مثلاً بالدرجة الثانية، بحيث لم يُعلِّق أصل الوقفية على بقاء هذا العنوان، وهو ما يعبر عنه الفقهاء بـ (تعدد المطلوب)؛ هذا النحو من الوقف يختلف حكمه عند عروض الخراب عليه باختلاف حالاته التالية:
الأولى: أن تكون العين في وضع يمكن فيه إعادتها إلى وضعها السابق،فإن لم يوجد متبرع وأمكن إيجار بقايا البناء أو الأرض المبني عليها مدة من الزمن، وتجميع الأجرة وترميم البناء أو تجديده بها وجب ذلك وتعين، وإن لم يمكن إيجاره ولكن أمكن بيع بعض العقار مع شي‏ء من البناء، إن لزم الأمر، أو بدونه من أجل تعمير الباقي بثمنه، وجب ذلك وكان متعيناً ومقدماً على بيع الكل.
وهنا أيضاً لا فرق بين المسجد وغيره، ولكنه إذا كان مسجداً لزم في إجارته مراعاة عدم هتك حرمته.
الثانية: أن تكون العين في وضع لا يسمح بإعادة العنوان إليها أبداً، فهنا طريقان لعلاجها:
1 ـ أن يكون بقايا البناء والعقار مما يمكن  الانتفاع به بأي وجه من الوجوه في حالته التي هو عليها، وذلك بمثل الزراعة فيه أو جعله مصنعاً أو نحوهما مما يمكن انتفاع الموقوف عليه به مباشرة أو بمثل تأجيره والانتفاع بأجرته أو بغير ذلك من أنحاء الاستثمار لما بقي من هذه العين، فإذا أمكن ذلك وجب وتعين.
2 ـ أن لا يمكن استثمار الأرض أو ما بقي من البناء بالنحو السابق، فهنا يجوز بيعها، أما الثمن فيجب تقديم صرفه  على الأحوط  في شراء عين أخرى به ووقفها على نفس العنوان الأول، فإن تعذر وَقْفُها على نفس العنوان الأول وجب وقفها على عنوان آخر قريب منه مراعياً للأقرب إليه فالأقرب؛ فإن لم يمكن شراء عين أخرى بالثمن لزم صرفه على الجهة الموقوف عليها، أي على مسجد آخر إن كان مسجداً أو ميتم آخر إن كان ميتماً، وهكذا.
نعم إذا كان موقوفاً على الذرية وُزِّع الثمن على البطن الذي حصل البيع في زمانه وجاز لهم أن يصرفوه على أنفسهم كيف يشاؤون. (أنظر في المسألة: 568 ما له علاقة بهذا الفرع من هذه المسألة).

م ـ571: إذا عرض الخراب على شي‏ءٍ من أجزاء الموقوف أو أثاثه فخرج عن الانتفاع الذي كان عليه كلياً، وذلك كالشجرة من البستان الموقوف تنقلع وتيبس، أو شي‏ء من الأثاث يبلى ويتهالك، أو غير ذلك من أجزاء الموقوف، فإن كان الواقف قد وقف تلك العين للانتفاع بها في جهة خاصة، كالشجرة الموقوفة للانتفاع من ثمرها خاصة، وكان الخراب قد ألغى جهة الانتفاع المرادة للواقف وعطلها، جاز بيعها حينئذ ووجب صرف ثمنها في مصلحة سائر الأجزاء إن كانت بحاجة، وإلا صُرف على الجهة الموقوف عليها، أي على مسجد آخر إن كان الموقوف مسجداً، أو نحوه من المرافق العامة التي ينتفع بها الموقوف عليه مباشرة، فإن لم يكن كذلك، بل كان من نوع الموقوفات التي لها عنوان عام أو خاص، كالبستان الموقوف نماؤه على الفقراء أو على ذرية زيد، فإنه يصرف الثمن عليهم؛ وكذلك الحكم فيما إذا لم يخص الواقف العين بجهة انتفاع خاصة، وتلف جزء منها، فإنه إن كان مما يمكن الانتفاع به في أمر آخر من شؤون العين الموقوفة، كالشجرة اليابسة  تجعل عموداً أو سقفاً في البستان وجب ذلك، وإلا جاز  بيعها وصرف ثمنها بالنحو السابق على البستان إن احتاجه، وإلا صرف في الجهة الموقوفة عليها.

م ـ572: إذا عرض على شي‏ء من أجزاء العين الموقوفة أو أثاثها ما يوجب  الاستغناء عنها مع بقائها صالحة للاستعمال، كسجاد المسجد أو المكتبة العامة أو نحوهما إذا استبدل به سجاد جديد أفضل منه، فإن كان مما يمكن الانتفاع به مع بقائه على حاله، وأمكن استعماله في المكان الذي وقف فيه، ولو بنحو آخر من أنحاء الانتفاع، كجعل السجاد ستاراً من الحر أو البرد مثلاً، وجب إبقاؤه على وقفيته والانتفاع به في مكانه، وإن استغني عنه تماماً في مكانه الموقوف عليه، وخيف عليه من التلف والضياع إن بقي معطّلاً وجب جعله في محلٍ آخر مماثل له إن كان من نوع الأوقاف المبذولة للانتفاع المباشر بها، كالمساجد والمدارس الداخلية والحسينيات ونحوها؛ وإن كان من نوع ما يصرف نماؤه على الموقوف عليه بيع وصرف الثمن على العين الموقوفة إن احتاجت، وإلا فعلى الموقوف عليهم، كالفقراء أو ذرية فلان، وذلك بالنحو الذي ذكر في المسألة السابقة.
وأما إذا لم يمكن الانتفاع به مع بقائه على حاله، وكان بحيث لو بقي على حاله لضاع وتلف، وجب بيعه وصرف ثمنه في ذلك المحل إن احتاج إليه، وإلا ففي مكان آخر مماثل له إن كان للانتفاع المباشر العام، فإن لم يكن ثمة مماثل له صُرِفَ في وجوه الخير، وأما إذا لم يكن للانتفاع العام فإنه يصرف  حينئذ  على الموقوف عليهم.

م ـ573: إذا وقف داره ليسكن فيه شخص بعينه  أو أشخاص كذلك  فانقرضوا، أو وقفها لسكن طلاب العلوم الدينية وتدريسهم فلم يوجد منهم أحد، أو وجد وتعذر انتفاعهم بها، أو نحو ذلك من الغايات التي يتعذر تحقيقها واستخدام العين الموقوفة فيها، فإن كان الواقف قد قصد تعليق الوقف وتحديده بهذه الغاية كان ذلك تحبيساً، فإذا  انقرض الموقوف عليه أو زالت الجهة الموقوف عليها رجع المال إلى الواقف أو ورثته؛ وإن لم يكن الواقف قد قصد التحبيس بل صادف انقراضه أو زوال عنوانه خرج عن ملكه وصار صدقة جارية تصرف في وجوه البر.

م ـ574: إذا وقف داره مثلاً ليصرف نماؤه في المسجد الفلاني فخرب ذلك المسجد وزال ولم يمكن تعميره، أو أنه لم يعد بحاجة إلى مصرف لانقطاع من يصلي فيه مثلاً، فإن كان الواقف قد لحظ ذلك المسجد على نحو وحدة المطلوب، بحيث يدور الوقف مداره وجوداً وعدماً كان ذلك تحبيساً، فإذا زال العنوان بطل الوقف ورجعت العين إلى الواقف أو ورثته؛ وإن كان قد لحظه على نحو تعدد المطلوب لزم صرف نماء الدار على مسجد آخر إن أمكن، وإلا صرف في وجوه البر.

م ـ575: لقد صار معلوماً من خلال بعض ما مر من مسائل في هذا المبحث أن العين الموقوفة لا يجوز نقلها عن الشخص أو الجهة الموقوفة عليها بمثل البيع ونحوه، وإضافة إلى ما ذكرناه في هذا المطلب من موارد جواز البيع عند خراب الوقف، فإن من المناسب التأكيد على ما سبق وذكر ما بقي من الموارد في هذه المسألة، فنقول: لا يجوز بيع الوقف إلا في موارد:
الأول: ما إذا عرض عليه الخراب فمنع من الانتفاع به بالنحو الذي وقف له، كالحيوان المذبوح، والجذع البالي، والبناء المهدم، ونحو ذلك؛ أو بقيت له منفعة قليلة لا يُعتَد بها؛ أو طرأ عليه من أسباب الفساد ما يؤدي بقاؤه عليه إلى الخراب المسقط له عن الانتفاع المعتد به، فيجوز بيعه، ولكن يجب تأخير البيع إلى الوقت الذي تستنفد فيه منافعه قبل طروء الفساد عليه، كالبناء الذي يعرض عليه التصدع، أو البستان الذي تتملح تربته، أو نحو ذلك، وجميع هذه الحالات في هذا المورد يجوز فيها البيع بالنحو الذي سبق ذكره في المسألة: (570 وما بعدها).
الثاني: ما إذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم، وهو إنما يحدث في صورة ما لو كان الوقف على نحو التمليك، للذرية أو غيرهم، لا في صورة ما لو كان بنحو الصرف عليهم، أو غير ذلك من أنواع الوقف؛ فإذا وقع الاختلاف بينهم وخيف معه من النزاع المؤدي إلى تلف النفوس والأموال، ولم يمكن الإصلاح فيما بينهم ولا تسوية النزاع إلا بالبيع، جاز البيع بل قد يجب؛ وإذا أمكن بعد البيع شراء عين مماثلة للعين المباعة ووقفها على نهج الوقف الأول دون أن تتسبب بنزاع جديد وجب ذلك على الأحوط.
الثالث: ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر معين، من قلة المنفعة، أو كون بيعه أنفع، أو عند احتياج الموقوف عليه إلى ثمنه، أو نحو ذلك من الأمور التي يلاحظها الواقف في شرطه.

م ـ576:إذا جاز  بيع الوقف، فإن كان من نوع الوقف الخاص التمليكي الذي يتولاه نفس الموقوف عليه فإنه لا يحتاج في بيعه إلى إجازة أحد، وإلا فإن كان للوقف ولي خاص جاز له بيعه في موارده، ووجب على غيره استئذانه في البيع؛ وإلا وجب استئذان الحاكم الشرعي ومراجعته في البيع على الأحوط وجوباً.

م ـ577: يضمن المتلف ما يقع على الوقف بجميع أقسامه من التلف عند توفر شروطه، سواء في ذلك الوقف الخاص أو العام، والتمليكي وغيره، فكما يجب الضمان على من أتلف شيئاً من بستان أو دار موقوف وقفاً خاصاً، كذلك يجب عليه ضمان ما يتلفه من العين الموقوفة وقفاً عاماًً، كالمسجد والمقبرة ونحوهما.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية