كتابات
05/10/2023

تأثيرُ البيئةِ الاجتماعيَّةِ في تنميةِ الطّفل

20 ربيع الأوَّل 1445هـ
تأثيرُ البيئةِ الاجتماعيَّةِ في تنميةِ الطّفل

تُشبه البيئة الاجتماعيَّة في مضمونها وتأثيراتها وإيحاءاتها تأثير البيئة الطبيعيّة، فكما أنَّ البيئة الطبيعيّة الملائمة لتربية الإنسان من حيث ما يتنفَّسه أو ما ينظر إليه أو يسمعه أو يلمسه أو يشمّه، تنفتح به على عالَم من الفرح والطّمأنينة والاسترخاء والجمال وما إلى ذلك، والبيئة غير الملائمة تثير في داخله الضّيق والتشنُّج والحزن وما إلى ذلك، فإنّ تأثير البيئة الاجتماعيَّة مشابه لذلك تماماً، ولكن على المستوى المعنوي لا المادّيّ.
فالبيئة الاجتماعية التي تختزن الفرح والتسامح والمحبَّة والقِيَم الروحيَّة والأخلاقيَّة والإيمان، تترك تأثيراً إيجابياً في شخصية الطّفل والكبير أيضاً، بينما البيئة المشحونة بالعداوة والبغضاء والانحراف والّلاإيمان والقسوة وما إلى ذلك، تؤثّر سلباً في الطفل خصوصاً، باعتبار أنَّ مثل هذه المعاني السلبيَّة تقتحم عليه مشاعره، وتحكم أفكاره وانطباعاته عن العالَم.
لذلك، فإنّ تأثير البيئة هو تأثير حتميّ في جانب السَّلب والإيجاب، لأنَّ كيان الإنسان يتنفَّس أجواء البيئة الاجتماعيَّة، كما يتنفَّس أجواء البيئة الطبيعيّة بشكلٍ عفويّ ولا شعوريّ، فهو لا يختار أفكار البيئة ولا هي تختاره، بل إنَّ تأثيراتها تنفذ إلى مسام إحساسه وشعوره ومعقولاته بشكلٍ غير مباشر، لذا، فإنّ تأثير البيئة يتعاظم في حالات الغفلة التي يعيشها كحالة استسلام لا شعوري للمحيط.
وقد أكَّد الإسلام تأثير البيئة القويّ، في الحديث الشَّريف: "كلّ مولود يولَد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه"(1). وفي هذا الحديث تأكيد لدور الوالدين المباشر في التربية قبل أيّ مؤسَّسة أخرى. ولذا، نهى الإسلام عن الزواج من خضراء الدِّمن في الحديث الشَّهير عن الرّسول (ص): "إيَّاكم وخضراءَ الدِّمن. قالوا: وما خضراءُ الدِّمن؟" قال: المرأة الحسناء في منبت السوء"(2)، بلحاظ أنَّ منبت السوء يترك تأثيره السلبيّ على داخل الحسناء، فيجعلها قبيحة الدَّاخل، في الوقت الذي تحمل مظهراً خارجياً جميلاً.
ولذا، وعند حدوث أيّ مشكلة تربوية عند الطفل، على المربّين أن ينفذوا إلى داخله، ليدرسوا مدى تأثير المفردات البيئيّة السلبيَّة في شخصيّته، تماماً كما يدرس الطَّبيب تأثير الجراثيم في وضع الإنسان الصحّي، وعليهم بعد ذلك معالجة المشكلة، إمّا بطريقة العزل عن البيئة، أو بإيجاد دفاعات داخليَّة تقتل تأثيرات البيئة السلبيَّة من الداخل، عن طريق الجرعات التربوية الملائمة من الحنان والاحتضان والنصيحة وما إلى ذلك.
إنّنا نتصوَّر أنَّ للبيئة تأثيراً كبيراً في شخصية الإنسان والطفل والشاب والشيخ والمرأة، لكنَّها مع ذلك، لا تغلق أمام الإنسان كلَّ منافذ التنفّس من الجوّ النظيف.
وعلى المربّين الاستفادة من هذه الثَّغرة التي تتركها البيئة في الشخصيَّة الإنسانيَّة عادةً، لينفذوا منها إلى تهيئة الوسائل العلاجيَّة الملائمة لأيّ مشكلةٍ يعيشها الإنسان. هذا ما تؤكِّده التجربة الإنسانيَّة التي نجحت أحياناً كثيرة في تجاوز مؤثّرات البيئة بطريقةٍ أو بأخرى. وممّا لا شكّ فيه، أنّ المسألة تحتاج إلى دقّة وحكمة ووعي وذكاء في فهم طبيعة المؤثّرات وطبيعة العلاجات.
* من كتاب "دنيا الطّفل".
 

[1]  بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 100، ص 234.
[2]  صحيح البخاري، الحديث 1385.

تُشبه البيئة الاجتماعيَّة في مضمونها وتأثيراتها وإيحاءاتها تأثير البيئة الطبيعيّة، فكما أنَّ البيئة الطبيعيّة الملائمة لتربية الإنسان من حيث ما يتنفَّسه أو ما ينظر إليه أو يسمعه أو يلمسه أو يشمّه، تنفتح به على عالَم من الفرح والطّمأنينة والاسترخاء والجمال وما إلى ذلك، والبيئة غير الملائمة تثير في داخله الضّيق والتشنُّج والحزن وما إلى ذلك، فإنّ تأثير البيئة الاجتماعيَّة مشابه لذلك تماماً، ولكن على المستوى المعنوي لا المادّيّ.
فالبيئة الاجتماعية التي تختزن الفرح والتسامح والمحبَّة والقِيَم الروحيَّة والأخلاقيَّة والإيمان، تترك تأثيراً إيجابياً في شخصية الطّفل والكبير أيضاً، بينما البيئة المشحونة بالعداوة والبغضاء والانحراف والّلاإيمان والقسوة وما إلى ذلك، تؤثّر سلباً في الطفل خصوصاً، باعتبار أنَّ مثل هذه المعاني السلبيَّة تقتحم عليه مشاعره، وتحكم أفكاره وانطباعاته عن العالَم.
لذلك، فإنّ تأثير البيئة هو تأثير حتميّ في جانب السَّلب والإيجاب، لأنَّ كيان الإنسان يتنفَّس أجواء البيئة الاجتماعيَّة، كما يتنفَّس أجواء البيئة الطبيعيّة بشكلٍ عفويّ ولا شعوريّ، فهو لا يختار أفكار البيئة ولا هي تختاره، بل إنَّ تأثيراتها تنفذ إلى مسام إحساسه وشعوره ومعقولاته بشكلٍ غير مباشر، لذا، فإنّ تأثير البيئة يتعاظم في حالات الغفلة التي يعيشها كحالة استسلام لا شعوري للمحيط.
وقد أكَّد الإسلام تأثير البيئة القويّ، في الحديث الشَّريف: "كلّ مولود يولَد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه"(1). وفي هذا الحديث تأكيد لدور الوالدين المباشر في التربية قبل أيّ مؤسَّسة أخرى. ولذا، نهى الإسلام عن الزواج من خضراء الدِّمن في الحديث الشَّهير عن الرّسول (ص): "إيَّاكم وخضراءَ الدِّمن. قالوا: وما خضراءُ الدِّمن؟" قال: المرأة الحسناء في منبت السوء"(2)، بلحاظ أنَّ منبت السوء يترك تأثيره السلبيّ على داخل الحسناء، فيجعلها قبيحة الدَّاخل، في الوقت الذي تحمل مظهراً خارجياً جميلاً.
ولذا، وعند حدوث أيّ مشكلة تربوية عند الطفل، على المربّين أن ينفذوا إلى داخله، ليدرسوا مدى تأثير المفردات البيئيّة السلبيَّة في شخصيّته، تماماً كما يدرس الطَّبيب تأثير الجراثيم في وضع الإنسان الصحّي، وعليهم بعد ذلك معالجة المشكلة، إمّا بطريقة العزل عن البيئة، أو بإيجاد دفاعات داخليَّة تقتل تأثيرات البيئة السلبيَّة من الداخل، عن طريق الجرعات التربوية الملائمة من الحنان والاحتضان والنصيحة وما إلى ذلك.
إنّنا نتصوَّر أنَّ للبيئة تأثيراً كبيراً في شخصية الإنسان والطفل والشاب والشيخ والمرأة، لكنَّها مع ذلك، لا تغلق أمام الإنسان كلَّ منافذ التنفّس من الجوّ النظيف.
وعلى المربّين الاستفادة من هذه الثَّغرة التي تتركها البيئة في الشخصيَّة الإنسانيَّة عادةً، لينفذوا منها إلى تهيئة الوسائل العلاجيَّة الملائمة لأيّ مشكلةٍ يعيشها الإنسان. هذا ما تؤكِّده التجربة الإنسانيَّة التي نجحت أحياناً كثيرة في تجاوز مؤثّرات البيئة بطريقةٍ أو بأخرى. وممّا لا شكّ فيه، أنّ المسألة تحتاج إلى دقّة وحكمة ووعي وذكاء في فهم طبيعة المؤثّرات وطبيعة العلاجات.
* من كتاب "دنيا الطّفل".
 

[1]  بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 100، ص 234.
[2]  صحيح البخاري، الحديث 1385.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية