لا بدّ في قضية الوعي، سواء كان وعياً ثقافياً، أو وعياً سياسياً أو اجتماعيّاً،
لا بدّ في حركة الوعي هذه أن تواكب حركة الإنسان المعاصر، ليكون لكلِّ واحدٍ منّا
في حركته الثقافيّة حسّ المعاصرة، ولنعيش إحساسنا بالعصر. وليس من الضّروريّ أن
نخضع لكلّ مسلّمات العصر، ولكن علينا أن ننهج لهذا الشّيء الذي قد لا نستطيع أن
نعبّر عنه، ولكنَّنا نحسّه، وهو هذا الإحساس بروح العصر وبجوّه، الذي يجعل منك
إنساناً تعيش في داخله، بدلاً من أن تكون إنساناً تقف لتتفرَّج عليه. وهذه نقطة في
مسألة الوعي.
وهناك نقطة أخرى، وهي أنَّ الوعي قد يحتاج إلى خطّ التزام، لأنَّ مسألة الوعي هي
مسألة أُفق تنفتح عليه، ومسألة أرض تتحرَّك عليها، ومسألة جوٍّ تعيش فيه أو تصنعه،
ولذلك، لا بدّ لك من أن تكون لك في الحياة رسالة ينطلق وعيك من أجل أن يتحرَّك في
داخلها، ومن أجل أن يُحرّكها في واقع الإنسان، لأنّك عندما لا تكون إنساناً صاحب
رسالة، صاحب التزام بمنهجٍ وبخطّ، فإنَّ معنى ذلك أنَّ الوعي سوف يكون مجرّد فِرَقٍ
متناثرة، تلتقط واحداً من هنا، وتلتقط واحداً من هناك، وتلتقط فكرة من هنا، ولا
تعرف كيف تجمع بينهم. إنَّ المنهج، الخطّ، الرّسالة، أيّاً كان، هو الّذي يربط بين
مفردات الوعي، وهو الّذي ينظِّم للإحساس حركته، حتّى يستطيع أن يحتضن كلّ مفردات
الواقع في فكرة رائدة.
لذلك، لا بدّ لنا ونحن نُحرّك هذا الوعي في تجربتنا، في كلّ ما نفكّر فيه ونحسّ به،
لا بدّ لنا من أن نعمل على أن نلتقط منه الخطّ، وأن نحرِّكه في سبيل هذا الخطّ.
وهنا، قد يختلط الالتزام في نفس الإنسان بالغريزة المعاشة، وأقصد بالغريزة المعاشة،
الغريزة التي يمكن أن يعيشها الإنسان من خلال وضع اجتماعيّ معيَّن وبيئة معيَّنة،
لأنَّ غرائزنا على قسمين: هناك غرائز نختزنها في داخل وجودنا باعتبار أنّها تمثّل
في حركتها شريط وجودنا، وهناك غرائز نلتقطها من وجود الجماعة التي نحن جزءٌ منها،
أو من خلال الظّروف التي تفرضُ نفسها علينا. هذه الغرائز اللا شعوريّة قد تُخَيّل
إليك أنّك منسجم مع نفسك، ولكنّ الحقيقة أنّها أبعدَتْك عن نفسك، وجعلتك مجرّد شيءٍ
من هذا الجوّ الذي يُحيط بك، وعندها، لن تتحوَّل إلى ذاتٍ تفكّر، ولكنّك تتحرَّك من
خلال ذلك كشيءٍ من أشياء البيئة، وكشيءٍ من أشياء الظّروف، ليس لك دخلٌ فيما
تتحرَّك فيه.. الظروف تدفعك، وأنتَ تتحرّك، ويُخيّل إليك أنّك أنتَ الذي تتحرّك،
ولكنّ المجتمع هو الذي يُحرّكك، والبيئة هي التي تُحرّكك، وربّما هذا هو ما قصده
علماء النّفس عندما تحدَّثوا عن العقل الجَمْعيّ، فالإنسان في الجماعة يُصفِّق
عندما يُصفِّقون، ويهتف عندما يهتفون، وربّما يبكي عندما يبكون، ولا يدري بعد ذلك،
لماذا صفَّق، ولماذا هتف، ولماذا ضحك، ولماذا بكى، لأنَّ هناك بكاءً اجتماعيّاً،
تصفيقاً اجتماعيّاً، الجزء من الكلّ في ذاته هو الذي تحرَّك، وليس كإنسان في
إنسانيّته هو الّذي تحرَّك.
*من كتاب "للإنسان والحياة".
لا بدّ في قضية الوعي، سواء كان وعياً ثقافياً، أو وعياً سياسياً أو اجتماعيّاً،
لا بدّ في حركة الوعي هذه أن تواكب حركة الإنسان المعاصر، ليكون لكلِّ واحدٍ منّا
في حركته الثقافيّة حسّ المعاصرة، ولنعيش إحساسنا بالعصر. وليس من الضّروريّ أن
نخضع لكلّ مسلّمات العصر، ولكن علينا أن ننهج لهذا الشّيء الذي قد لا نستطيع أن
نعبّر عنه، ولكنَّنا نحسّه، وهو هذا الإحساس بروح العصر وبجوّه، الذي يجعل منك
إنساناً تعيش في داخله، بدلاً من أن تكون إنساناً تقف لتتفرَّج عليه. وهذه نقطة في
مسألة الوعي.
وهناك نقطة أخرى، وهي أنَّ الوعي قد يحتاج إلى خطّ التزام، لأنَّ مسألة الوعي هي
مسألة أُفق تنفتح عليه، ومسألة أرض تتحرَّك عليها، ومسألة جوٍّ تعيش فيه أو تصنعه،
ولذلك، لا بدّ لك من أن تكون لك في الحياة رسالة ينطلق وعيك من أجل أن يتحرَّك في
داخلها، ومن أجل أن يُحرّكها في واقع الإنسان، لأنّك عندما لا تكون إنساناً صاحب
رسالة، صاحب التزام بمنهجٍ وبخطّ، فإنَّ معنى ذلك أنَّ الوعي سوف يكون مجرّد فِرَقٍ
متناثرة، تلتقط واحداً من هنا، وتلتقط واحداً من هناك، وتلتقط فكرة من هنا، ولا
تعرف كيف تجمع بينهم. إنَّ المنهج، الخطّ، الرّسالة، أيّاً كان، هو الّذي يربط بين
مفردات الوعي، وهو الّذي ينظِّم للإحساس حركته، حتّى يستطيع أن يحتضن كلّ مفردات
الواقع في فكرة رائدة.
لذلك، لا بدّ لنا ونحن نُحرّك هذا الوعي في تجربتنا، في كلّ ما نفكّر فيه ونحسّ به،
لا بدّ لنا من أن نعمل على أن نلتقط منه الخطّ، وأن نحرِّكه في سبيل هذا الخطّ.
وهنا، قد يختلط الالتزام في نفس الإنسان بالغريزة المعاشة، وأقصد بالغريزة المعاشة،
الغريزة التي يمكن أن يعيشها الإنسان من خلال وضع اجتماعيّ معيَّن وبيئة معيَّنة،
لأنَّ غرائزنا على قسمين: هناك غرائز نختزنها في داخل وجودنا باعتبار أنّها تمثّل
في حركتها شريط وجودنا، وهناك غرائز نلتقطها من وجود الجماعة التي نحن جزءٌ منها،
أو من خلال الظّروف التي تفرضُ نفسها علينا. هذه الغرائز اللا شعوريّة قد تُخَيّل
إليك أنّك منسجم مع نفسك، ولكنّ الحقيقة أنّها أبعدَتْك عن نفسك، وجعلتك مجرّد شيءٍ
من هذا الجوّ الذي يُحيط بك، وعندها، لن تتحوَّل إلى ذاتٍ تفكّر، ولكنّك تتحرَّك من
خلال ذلك كشيءٍ من أشياء البيئة، وكشيءٍ من أشياء الظّروف، ليس لك دخلٌ فيما
تتحرَّك فيه.. الظروف تدفعك، وأنتَ تتحرّك، ويُخيّل إليك أنّك أنتَ الذي تتحرّك،
ولكنّ المجتمع هو الذي يُحرّكك، والبيئة هي التي تُحرّكك، وربّما هذا هو ما قصده
علماء النّفس عندما تحدَّثوا عن العقل الجَمْعيّ، فالإنسان في الجماعة يُصفِّق
عندما يُصفِّقون، ويهتف عندما يهتفون، وربّما يبكي عندما يبكون، ولا يدري بعد ذلك،
لماذا صفَّق، ولماذا هتف، ولماذا ضحك، ولماذا بكى، لأنَّ هناك بكاءً اجتماعيّاً،
تصفيقاً اجتماعيّاً، الجزء من الكلّ في ذاته هو الذي تحرَّك، وليس كإنسان في
إنسانيّته هو الّذي تحرَّك.
*من كتاب "للإنسان والحياة".