إنَّ الله لا يريد لنا أن نكون الأُمّة التي تسقط تحت التخويف والتهويل. والله حدَّثنا عن مرحلة من مراحل مجتمع النبيّ محمّد (ص) عندما كانوا أقليّة، وكان الأعداء كثراً، وأراد لهم النّاس الذين يوزعون الخوف على المجتمع، أن ينسحبوا من السّاحة، وأن يقفوا موقف الخائف الذي لا يملك أن يتقدَّم؛ كيف صوَّر الله لنا كلام الآخرين الذين أرادوا أن يسقطوا المجتمع الإسلامي؟
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ}. كلّ الناس تعبَّأوا وتهيَّأوا لكم من أجل إسقاطكم وهزيمتكم، ومنطق النّاس السائد يقول بأنَّ على العاقل عندما يتهيَّأ الناس ويتجمَّعون له، أن يخاف. ولكن، كيف صوَّر الله ردّ فعل المسلمين؟
{فَزَادَهُمْ إِيمَاناً}[آل عمران: 173]. فعندما خوَّفهم الناس بالناس، دخلوا رأساً في مقارنة بين قوّة الناس وقوّة الله، ورأوا أنّ القوّة لله جميعاً، وأنَّ العزّة لله جميعاً، وأنَّ الله عندما يتوكَّل عليه عبده فإنَّه يكفيه، {وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً}[الطّلاق: 2-3].
الدخول في مقارنة بين قوّة الله وقوّة الناس منهج قرآني، وهذا ما نلاحظه ـــ مثلاً ـــ في حديث الله عن فرعون، وعن نقاط ضعفه، ثمّ يحدّثنا كيف أغرقه، وكيف نجَّاه الله ببدنه ليكون عبرة: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}[الفجر: 6- 14].
هذه مسألة نحتاج إلى أن نتعبَّأ بها عقلياً وروحياً وشعورياً، وهذا هو معنى الوحدانية عندما تقول: لا إله إلّا الله، وهذا معناه أنّه لا قوّة إلا بالله، وكلّ قوّة مستمدّة من قوّة الله. وعندما نعبّئ أنفسنا بالإحساس بقوّة الله سبحانه وتعالى، فعند ذلك، نستطيع أن نتماسك ونثبت.
وأوّل مرحلة من مراحل الموقف، هو أن تثبت في أعماق نفسك. ولذلك قال الله تعالى وهو يحدِّثنا عن النبيّ (ص) في الغار ليلة الهجرة: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا}[التوبة: 40].
ولذلك، على الإنسان المؤمن في كلّ موقف أن لا يشعر بأنّه وحيد، ألا نقول في الدعاء: "يا عدَّتي في كربتي، ويا صاحبي في شدّتي، ويا وليّي في نعمتي، ويا غياثي في رغبتي"؟!. أن تشعر بأنّك لستَ وحدك، وأنَّ هذه كلمة لا بدَّ أن تعيشها روحاً، لا بالقول فقط..
ولذلك، نجد الحثّ على أن يحشد الإنسان نفسه بالقوّة، فنجد كلمة الإمام عليّ (ع)، عندما دفع بولده محمّد بن الحنفيّة إلى الحرب، وكانت تعليماته عدّة فقرات: "تزول الجبال ولا تَزُلْ... أَعِرْ الله جمجمتك"، فكِّر أنّك لا تملك وجودك، والجمجمة هي رمز للحياة والإنسان، ولذلك أعرها لله، لأنَّ الله هو الذي يملك وجودك كلّه.. "تد في الأرض قدمك"، ضع قدمك على الأرض، وجسّد الثبات كما لو كانت قدمك وتداً مغروساً في الأرض. "اِرم ببصرك أقصى القوم"[1]، لا تنظر إلى القريبين منك، ولكن انظر إلى الجيش كلّه.
والإمام الصادق (ع) يحدّثنا أيضاً عن المؤمن، وعن القوّة الروحيّة التي يملكها المؤمن، فيقول: "إنَّ المؤمن أعزُّ من الجبل؛ إنّ الجبل يستقلّ منه بالمعاول، والمؤمن لا يستقلّ من دينه شيء"[2]، فيبقى صلباً في عقله وقلبه وكيانه، بحيث لا يمكن أن يقتطع منه شيء.
* من كتاب "حديث عاشوراء".
[1] شرح نهج البلاغة، ص 241.
[2] الكافي، الشّيخ الكليني، ج5، ص 63.
إنَّ الله لا يريد لنا أن نكون الأُمّة التي تسقط تحت التخويف والتهويل. والله حدَّثنا عن مرحلة من مراحل مجتمع النبيّ محمّد (ص) عندما كانوا أقليّة، وكان الأعداء كثراً، وأراد لهم النّاس الذين يوزعون الخوف على المجتمع، أن ينسحبوا من السّاحة، وأن يقفوا موقف الخائف الذي لا يملك أن يتقدَّم؛ كيف صوَّر الله لنا كلام الآخرين الذين أرادوا أن يسقطوا المجتمع الإسلامي؟
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ}. كلّ الناس تعبَّأوا وتهيَّأوا لكم من أجل إسقاطكم وهزيمتكم، ومنطق النّاس السائد يقول بأنَّ على العاقل عندما يتهيَّأ الناس ويتجمَّعون له، أن يخاف. ولكن، كيف صوَّر الله ردّ فعل المسلمين؟
{فَزَادَهُمْ إِيمَاناً}[آل عمران: 173]. فعندما خوَّفهم الناس بالناس، دخلوا رأساً في مقارنة بين قوّة الناس وقوّة الله، ورأوا أنّ القوّة لله جميعاً، وأنَّ العزّة لله جميعاً، وأنَّ الله عندما يتوكَّل عليه عبده فإنَّه يكفيه، {وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً}[الطّلاق: 2-3].
الدخول في مقارنة بين قوّة الله وقوّة الناس منهج قرآني، وهذا ما نلاحظه ـــ مثلاً ـــ في حديث الله عن فرعون، وعن نقاط ضعفه، ثمّ يحدّثنا كيف أغرقه، وكيف نجَّاه الله ببدنه ليكون عبرة: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}[الفجر: 6- 14].
هذه مسألة نحتاج إلى أن نتعبَّأ بها عقلياً وروحياً وشعورياً، وهذا هو معنى الوحدانية عندما تقول: لا إله إلّا الله، وهذا معناه أنّه لا قوّة إلا بالله، وكلّ قوّة مستمدّة من قوّة الله. وعندما نعبّئ أنفسنا بالإحساس بقوّة الله سبحانه وتعالى، فعند ذلك، نستطيع أن نتماسك ونثبت.
وأوّل مرحلة من مراحل الموقف، هو أن تثبت في أعماق نفسك. ولذلك قال الله تعالى وهو يحدِّثنا عن النبيّ (ص) في الغار ليلة الهجرة: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا}[التوبة: 40].
ولذلك، على الإنسان المؤمن في كلّ موقف أن لا يشعر بأنّه وحيد، ألا نقول في الدعاء: "يا عدَّتي في كربتي، ويا صاحبي في شدّتي، ويا وليّي في نعمتي، ويا غياثي في رغبتي"؟!. أن تشعر بأنّك لستَ وحدك، وأنَّ هذه كلمة لا بدَّ أن تعيشها روحاً، لا بالقول فقط..
ولذلك، نجد الحثّ على أن يحشد الإنسان نفسه بالقوّة، فنجد كلمة الإمام عليّ (ع)، عندما دفع بولده محمّد بن الحنفيّة إلى الحرب، وكانت تعليماته عدّة فقرات: "تزول الجبال ولا تَزُلْ... أَعِرْ الله جمجمتك"، فكِّر أنّك لا تملك وجودك، والجمجمة هي رمز للحياة والإنسان، ولذلك أعرها لله، لأنَّ الله هو الذي يملك وجودك كلّه.. "تد في الأرض قدمك"، ضع قدمك على الأرض، وجسّد الثبات كما لو كانت قدمك وتداً مغروساً في الأرض. "اِرم ببصرك أقصى القوم"[1]، لا تنظر إلى القريبين منك، ولكن انظر إلى الجيش كلّه.
والإمام الصادق (ع) يحدّثنا أيضاً عن المؤمن، وعن القوّة الروحيّة التي يملكها المؤمن، فيقول: "إنَّ المؤمن أعزُّ من الجبل؛ إنّ الجبل يستقلّ منه بالمعاول، والمؤمن لا يستقلّ من دينه شيء"[2]، فيبقى صلباً في عقله وقلبه وكيانه، بحيث لا يمكن أن يقتطع منه شيء.
* من كتاب "حديث عاشوراء".
[1] شرح نهج البلاغة، ص 241.
[2] الكافي، الشّيخ الكليني، ج5، ص 63.