أحَسَّتْ الزّهراء (ع) بمسؤوليَّتها تجاه أبيها وهو ينهض بعبء قيادة الدَّعوة
الجديدة إلى النَّصر، فمضت تعطيه كلّ ما تملك من حنان الأمومة والبنوَّة، وترعى
حياته بروحها وقلبها ومشاعرها الرّقيقة الفيّاضة.
وإضافةً إلى هذا الدّور الصّامت الذي قامت به فاطمة في رعايتها لأبيها وهو في أشدّ
الأوقات حَرَجاً وأعظمها قسوةً، كانت أيضاً تشعر بأنّ أباها يمثّل كلّ شيء في
حياتها، ولذا أحَسَّت بأنّ عليها أن تبذل له كلّ شيء من حياتها ووجودها.
كانت، وهي الطفلة، تتابع أباها وهو يتحرّك في دعوته، تشعر بمسؤوليّتها عنه كما هي
مسؤوليّة الأُمّ عن أولادها، وقد جاء في السّيرة أنّه عندما "ألقت قريش سلا الجزور
على ظهر النبيّ وهو ساجد، فجاءت فاطمة وطرحته عنه"[1].
وما نستوحيه من هذه القصّة ـــ مضافاً إلى ما استوحيناه منها سابقاً، من أنّ
الزهراء كانت تحتضن أباها وتخفّف عنه الأعباء والآلام وهي ما تزال طفلة ـــ أنّها
كانت تتحرّك معه وتلاحقه عندما كان يذهب إلى المسجد، وقد تكون هذه قصّة صغيرة،
ولكنَّها توحي بالاهتمام البالغ الذي كانت توليه لأبيها، بحيث كانت تتابع وضعه وكلّ
ما يقوم به المشركون ضدّه.
وكانت أيضاً تراقب انفعالات وجهه وخلجات نظراته، وتفهم منها كلّ ما يريده وما لا
يريده، دون أنْ يقول لها شيئاً أو ينهاها عن شيء، فتبادر إلى امتثال ما استوحته من
أوامره ونواهيه دون إبطاء أو تردّد، مدفوعة إلى ذلك بعامل المحبّة له كأب،
والتّقديس لشخصه كنبيّ ورسول.
* من كتاب "الزّهراء القدوة".
[1]أعيان الشيعة: ج:1، ص:310. وفي صحيح مسلم كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبيّ من أذى المشركين، روى بسنده عن ابن مسعود قال: "بينما رسول الله (ص) يصلّي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، وقد نحرت جزور بالأمس، فقال أبو جهل: أيّكم يقوم إلى سلا جزور بني فلان، فيأخذه فيضعه في كتفي محمّد إذا سجد؟ قال: فاستضحكوا، وجعل بعضهم يميل على بعض، وأنا قائم أنظر لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله (ص)، والنبيّ (ص) ساجد ما يرفع رأسه، حتّى انطلق إنسان، فأخبر فاطمة (ع)، فجاءت وهي جويرة، فطرحته عنه، ثمّ أقبلت عليهم تشتمهم". ورواه البخاري أيضاً في صحيحه في كتاب بدء الخلق، باب ما لقي النبيّ وأصحابه من أذى المشركين، ونقله عنهما في فضائل الخمسة. ج:3، ص:130.
أحَسَّتْ الزّهراء (ع) بمسؤوليَّتها تجاه أبيها وهو ينهض بعبء قيادة الدَّعوة
الجديدة إلى النَّصر، فمضت تعطيه كلّ ما تملك من حنان الأمومة والبنوَّة، وترعى
حياته بروحها وقلبها ومشاعرها الرّقيقة الفيّاضة.
وإضافةً إلى هذا الدّور الصّامت الذي قامت به فاطمة في رعايتها لأبيها وهو في أشدّ
الأوقات حَرَجاً وأعظمها قسوةً، كانت أيضاً تشعر بأنّ أباها يمثّل كلّ شيء في
حياتها، ولذا أحَسَّت بأنّ عليها أن تبذل له كلّ شيء من حياتها ووجودها.
كانت، وهي الطفلة، تتابع أباها وهو يتحرّك في دعوته، تشعر بمسؤوليّتها عنه كما هي
مسؤوليّة الأُمّ عن أولادها، وقد جاء في السّيرة أنّه عندما "ألقت قريش سلا الجزور
على ظهر النبيّ وهو ساجد، فجاءت فاطمة وطرحته عنه"[1].
وما نستوحيه من هذه القصّة ـــ مضافاً إلى ما استوحيناه منها سابقاً، من أنّ
الزهراء كانت تحتضن أباها وتخفّف عنه الأعباء والآلام وهي ما تزال طفلة ـــ أنّها
كانت تتحرّك معه وتلاحقه عندما كان يذهب إلى المسجد، وقد تكون هذه قصّة صغيرة،
ولكنَّها توحي بالاهتمام البالغ الذي كانت توليه لأبيها، بحيث كانت تتابع وضعه وكلّ
ما يقوم به المشركون ضدّه.
وكانت أيضاً تراقب انفعالات وجهه وخلجات نظراته، وتفهم منها كلّ ما يريده وما لا
يريده، دون أنْ يقول لها شيئاً أو ينهاها عن شيء، فتبادر إلى امتثال ما استوحته من
أوامره ونواهيه دون إبطاء أو تردّد، مدفوعة إلى ذلك بعامل المحبّة له كأب،
والتّقديس لشخصه كنبيّ ورسول.
* من كتاب "الزّهراء القدوة".
[1]أعيان الشيعة: ج:1، ص:310. وفي صحيح مسلم كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبيّ من أذى المشركين، روى بسنده عن ابن مسعود قال: "بينما رسول الله (ص) يصلّي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، وقد نحرت جزور بالأمس، فقال أبو جهل: أيّكم يقوم إلى سلا جزور بني فلان، فيأخذه فيضعه في كتفي محمّد إذا سجد؟ قال: فاستضحكوا، وجعل بعضهم يميل على بعض، وأنا قائم أنظر لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله (ص)، والنبيّ (ص) ساجد ما يرفع رأسه، حتّى انطلق إنسان، فأخبر فاطمة (ع)، فجاءت وهي جويرة، فطرحته عنه، ثمّ أقبلت عليهم تشتمهم". ورواه البخاري أيضاً في صحيحه في كتاب بدء الخلق، باب ما لقي النبيّ وأصحابه من أذى المشركين، ونقله عنهما في فضائل الخمسة. ج:3، ص:130.