ها هُنا خَيْبَرٌ.. وأصغَيْتُ سَمعِي لِنِداءِ التَّاريـخِ في أعْمـاقي
وتَلَفَّتُّ مُرْهَقاً، في خُطى الحاضِرِ أُصْغي إلى النَّـذيرِ البـاقي
خَيْبَرٌ تِلْكَ.. مَوْعِدُ الحقِّ والقُوّةِ، إن حَمْحَمتْ خُيُولُ السِّباقِ
وَهُنا.. نَحْنُ سائِرونَ إلى التَّيْهِ، على كُلِّ صَهْـوَةٍ لِلنِّفـاقِ
* * * *
ها هُنا خَيْبرٌ.. وَأوقَفْتُ تاريخي، وأطْلَقْت للرِّيـاح خَيالـي
ها هُنا كانَتِ الطَّليعَةُ.. كانَ النَّصْرُ عهْداً على ضمير الرِّجالِ
والحُصُونُ الشَمَّاءُ تَشْمَخُ في القِمَّةِ رَمْزاً لِكِبْرياءِ الضَّـلالِ
والنَبـِيُّ العَظِيمُ يَدْعُو، إلى خَيْرِ جِهادٍ، طَلِيعـةَ الأبْطـالِ
* * * *
ها هُنا.. كَانَتِ اليَهُودِيَّةُ الرَّعْناءُ تَلْهُو في كبْريـاءِ العِنـادِ
تَتَحدَّى وَحْيَ النُبُوَّةِ بالباطِلِ، بالبَغْي في جُنُـونِ الفَسـادِ
حَسَدٌ يَأكُلُ الحيَاةَ، وحِقْدٌ يتَغَذَّى بالشـرِّ بَيْـنَ العِبـادِ
وَضَلالٌ مُلَوَّنٌ بالشِّعاراتِ، كجَمْرٍ يَعيـشُ بَيْنَ الرَّمّـادِ
* * * *
ها هُنا كانَتِ اليَهودِيّةُ العَمْياءُ حرْباً على هُدى المُسْلِمين
تَتَهادى باللَّفِّ واللَّعْبِ في كلِّ طَريقٍ يَمُـرُّ بالمـُرْجِفِين
حَسْبُها مِنْ ضَلالةِ الرّوحِ أنْ تُرْهِقَ بِالغَيِّ مُلتَقى المؤمِنين
وتَبيعَ الكِتاب بالثَّمَنِ البَخْسِ وتَحْيَـا الهُدى ضَلالاً مُبينا
* * * *
ها هُنا كانَ لليَهُوديّةِ السَّوداءِ ثِقْلُ المواقِـفِ السَّـوْداءِ
جُنَّ تاريخُها المُخَضَّبُ، في هَولِ الخَطايا، بِقانِياتِ الدِّمـاءِ
يَقْتُلُ الأنْبياءَ، يَحْطِمُ أسْوارَ الرِّسالاتِ بِاليـدِ الشَلاّءِ
يَرْهِقُ الحَقَّ بِالأضاليلِ إمّا أطْلَقَ الحَـقُّ دَعْـوَةَ الأنْبِيَـاءِ
* * * *
جُنَّ تاريخُها، فلَمْ يَبْتَسِمْ لِلفَجْرِ، لَمْ يحْتَفِلْ بوَحْي السَّماءِ
لَمْ يُلوِّنْ عَيْنَيْهِ بالنُّورِ، لَمْ يكْتُبْ هُداهُ بالأحرُفِ البيْضاءِ
لَمْ يُهَدْهِدْ بِالحُبِّ رُوحَ النُّبوّاتِ بِرفْقِ النَّوازِعِ السَمْحاءِ
لَمْ يُفَتَّحْ قَلْباً على خَطَراتِ الرُّوحِ، تَهْمِي بِنَفحَةِ الأشذاءِ
* * * *
وأفاقَتْ على تَهاويلِهِ السُّودِ، ومَدَّتْ إلى الجَريمـةِ كَفّ
ومَضَتْ تَسْتَثِيرُ كُلَّ جنُود الشّرِّ ـ في ملتقى الشَّياطين ـ حِلْـف
كلُّ أحلامِها ـ إذا جُنّتِ الحَرْبُ لَدَيْها ـ أنْ تشربَ الدّمَ صِرف
أن يَموتَ الإسلامُ، في رحلَةِ الإنسانِ، فِكْراً ـ على الطَّريق ـ وصُحفا
* * * *
ها هُنا خيْبَرٌ.. وأصْغَيْتُ لِلنَّخْلِ.. أُناجِي شُمُوخَهُ واخْضِرارَه
أيْنَ كانَ الأبْطالُ، أينَ انْتَخى الكُفْرُ، وألْقى- على الهدى- أوزارَه
كيْف كان النَّبيُّ يَهْتِفُ بالجَمْعِ ليَحْمِيَ - عِبر الجهاد - انتصارَه
وتَظَلُّ الهَزائمُ السُّودُ تَتْرى حامِلاتٍ ذُلَّ الأسى وشِعـارَه
* * * *
ويَطوفُ النَّبيُّ بالرُّوحِ، في وحيِ النُبوّاتِ، مُشْرِقَ البَسَماتِ
لنْ تكونَ الرّاياتُ إلا لِكَفٍّ تحْمِلُ العبءَ في خطى الأزماتِ
وتَهُزُّ السّيْفَ الّذي يُورِقُ الفَتْحُ عليْهِ، بِكبريـاءِ الحَيـاةِ
وتُحِبُّ الرِّسالة السّمْحَة المِعْطاءَ، طُهْراً، في مَوْعِدِ الدَّعواتِ
* * * *
هَـذِهِ رايَةُ الجِهـادِ الّتي تفْتَحُ كلَّ الـدّروبِ للإسْـلامِ
يَسْتَريحُ الفَتْحُ المبينُ على خفْقاتِها الخُضْرِ في انطلاقِ السَّلامِ
هيَ للفاتِحِ الّذي يتحدّى الموتَ بالوعْيِ في اشْتدادِ الصِّدامِ
هي للمُسْلمِ الّذي يتخطَّى كلَّ هَوْلٍ في داجياتِ الظَّـلامِ
* * * *
هيَ للرّائدِ الّذي عاشَ للهِ، جهـاداً وفِكْـرةً وابْتِهـال
وأحَبَّ الرّسُولَ حُبَّ الرِّسالاتِ، سَماحاً ودَعْوةً وامْتثال
ورَعَتْه محبَّةُ اللهِ بالحُسْنـى فشدّتْـه للـذُّرى إجْـلال
ومعَ المصطَفى، يعيشُ ظِلالَ الحُبِّ طُهراً ورَوْعَةً وجَمال
* * * *
هِيَ للصّامِدِ الّذي يُرسِلُ الكرّةَ في الحَربِ قُوَّةً وصُمود
لا تَفِرُّ الخُطى لَدَيْهِ، إذا اشْتدّتْ خُطى الحَرْبِ عُدَّةً وعَديد
قَلبُهُ صخرةُ العَقيدةِ، لا يَهْتزُّ لِلهَوْلِ، لا يَهابُ الجُنود
يَفْتَحُ اللهُ للحياةِ على كفَّيْهِ، للنّعمياتِ، فتْحاً جديـداً
* * * *
مَنْ يكونُ الفَتى الّذي يحلُمُ الفَتْحُ بخُطواتِهِ، ويأسو الجراح
مَنْ هو المسْلِمُ الّذي عاش للإسلام وعياً وقُوّةً وانفتاح
والنّجاوى، والوَشْوَشاتُ، وأحلامُ السَّرايا، تُؤرّق الأرْواح
كلُّ فرْدٍ، في السَّاحِ، يستنْزِفُ اللّيْلَ، بأحْلامِه، ليلقى الصّباحا
* * * *
..ويجيءُ الصّباحُ.. والحرْبُ تشْتَدُّ وتضْرى ما بين كرٍّ وفرِّ
ويَطوفُ الصوْتُ الرِّساليُّ ملْهوفاً رحيماً ينْسابُ في كلِّ صدْرِ
أيْنَ حامِي الفَتْحِ الكَبيرِ الّذي يحْمِي جهادَ الإسْلامِ من كلّ غدرِ
أيْنَ صقْرُ الإسْلامِ، أينَ عليٌّ، إنَّه بسْمةٌ على كلّ ثَغْـرِ
* * * *
وتنادَوْا: هلْ يَفْتَحُ الأرْمَدُ العَيْنَ بحَمْلاتِهِ حُصُونَ اليهودِ
إنَّه لا يَرَى الطَّريقَ، ولا يبصِرُ- في ساحِها- حُشُودَ الجُنودِ
كيْفَ تَجْري خُطاهُ، كيْفَ تثيرُ الحَرْبَ يُمْنَاهُ بالجِهادِ العنيدِ
إنَّهُ الموْقِفُ الّذي يبْعَثُ الحَيْرةَ والرَّيْبَ في حَديثِ الشُّهودِ
* * * *
وتهادَى إلى النبيِّ، وفي عَيْنَيْهِ شوقٌ مُؤرِّق لِـلْجهادِ
فأفاضَتْ يدُ الرِّسالةِ سِرَّ النُّورِ في جَفْنِهِ بِدونِ ضَمادِ
فإذا بالشُّعاعِ ينْهَلُّ كالفجْرِ نَدِيّاً.. في عَزْمِهِ الوَقّـادِ
وإذا بالخُطى، الّتي ثَقُلَ اللّيْلُ عليها، أقوى مِنَ الأوتادِ
* * * *
وتَعالى الغُبارُ، وامتدَّ للحربِ لَهِيبٌ، وجُنَّتِ الأهْـوالُ
وتَنادى الرِّجالُ، يا لِلْوجوهِ السُّمْرِ يضْرى على خُطاها، القِتالُ
..وتحدّى.. وقال: إنّي أنا الفارسُ تَرْتاعُ لاسْمِيَ الأبطالُ
إنّني مَرْحَبٌ، فمن ذا تشُدُّ الحَرْبُ يُمْناهُ إذ تَزولُ الجِبالُ
* * * *
إنّني حيْدرٌ.. وأُرْعِدَتِ السّاحةُ.. دَوَّتْ بِصَرخةِ التَّكبيرِ
إنَّني حيْدرٌ.. أتَعْرِفُ معْنى أنْ يَشُقَّ الدُّجى صُراخَ النَّذيرِ
إنَّني حيْدرٌ.. وجَلْجَلَ صوْتُ الحَقِّ.. أهوى بدمدماتِ الهديرِ
إنّه حيْدرٌ.. فيا قاصِفاتِ الرّعْدِ ثُوري بِكبرياءِ العُصـورِ
* * * *
وتعالى الغُبارُ.. وانْقصَفَ الفارسُ.. أهْوى على التُّرابِ جَديل
ضَرْبَةٌ حرَّةٌ.. كما يقْصِفُ الرّعدُ، ويطغى على الجِبالِ سيُول
ضرْبَةٌ حرّةٌ.. وزُلْزِلَتِ الأرضُ، وأهوى الحُصن المنيعُ ذَليل
ومضى حيْدرٌ لِيَرْفَعَ بالحَقِّ الفُتوحاتِ مَنْهجـاً وسَبيـلا
* * * *
..واستَراحَ الإسْلامُ لِلْفَتْحِ يوحي لِلهُدى أن يَسيرَ شوطاً طويل
أنْ يشُدَّ الخُطى إلى كلّ أُفْقٍ ترْصُدُ الشَّمْسُ وحْيَه المجهـول
أن تُناجي الحياةُ كلَّ شِعاراتِ الغدِ الحُرِّ فِكْـرَةً ورَسُـول
أنْ تشُدَّ الأجْيالُ، بالعَزْمِ رُوحَ الحـقِّ حتّى تُحَطِّمَ المستحيلا
* * * *
وَحْدَهُ في الجَزيرةِ الرّحْبةِ السَّمْراءِ، لا دينَ غيْرَهُ، فهو حرُّ
يَرْسِمُ الخطَّةَ الحَكيمةَ بالوَحْيِ الإلهيِّ في المـدى.. ويَمـرُّ
وَحْدَهُ امْتدَّ، حرَّكَ العَزماتِ الحُمْرَ يُذْكي لَهيبَها فهو جَمْرُ
وَحْدَهُ امْتدَّ لا لِيحْلُمَ بالمُلْك غُروراً لكنْ لِيُقْهَـر كفْـرُ
* * * *
وَحْدَهُ يَحْمِلُ الرِّسالةَ تَوحِيداً يُنَدِّي بِهِ جَفـافَ العُقُـولِ
لَمْ يُحَطِّمْ فكراً بِدمْدَمَةِ القوَّة، لكنْ بِفِكْـرِهِ المسـؤولِ
.. وتَمرُّ السُّنُونُ تطْوي الحُصُونَ الشُمَّ في قُوَّةِ الصِّراعِ الطَّويـلِ
ثُمَّ عادَ الزَّمانُ، في غَفْلَةِ الحَقِّ، وعُدْنا لِلْعالَـمِ المَجْهُـولِ
* * * *
ثُمّ عادَ اليَهودُ في خُطوَةِ الشَّيطانِ، في هجْمةِ القِوى السَّوداءِ
يَحْمِلونَ الحِقْدَ الدَّفينَ على العالَمِ في كُلِّ لُعْبَـةٍ للْفنـاءِ
.. وَمَضَتْ خَيْبَرٌ.. وعاشَتْ فِلِسْطِينُ بُحوراً مِن ظُلمةٍ ودماءِ
تُرْهِقُ العُمْرَ أرْيَحِيّاً لِيَطْغى في ظَلامِ التَّاريخ "شَعبُ السَّماءِ"
* * * *
وَوقَفْنا هُنا أمامَ طُلولِ الأمسِ نَسْتَلْهِمُ الطُّلولَ الجَديدهْ
أتُرانا نحْيا على ذِمَّةِ التَّاريخِ في ظُلْمَةِ اللّيـالي الشَّهيدهْ
أمْ تُرانا نَهْفُو إلى التَّضْحيات الحُمْرِ في لَهْفةِ الذّرى المنشودَهْ
خَيْبَرٌ ها هُنا.. بِكُلِّ مَكانٍ أرْهَقَ الظُّلمُ بِالعذابِ وجودَهْ
* * * *
وَوَقَفْنا هُنا.. نحَدِّقُ بالسّاحاتِ.. والحرْبُ تَلْتَظي ونَثُورُ
والأفاعي تنْسابُ، تنْفُثُ سُمَّ الحِقْدِ في جَمْرِها فَيذكو السَّعيرُ
ويَدورُ الأبطالُ في كُلِّ ساحٍ يسْألونَ الجِهادَ أينَ يَسيرُ
ويَموتُ الشَّبابُ في ساحةِ الحَقِّ.. وتَنْقَضُّ في السَّماءِ النُّسورُ
* * * *
فُجأةً.. ثُمَّ يسْتَثيرُ البُطولاتِ صَراعٌ مُدَمِّـرٌ مسْعُـورُ
فَهُنا خائِنٌ يَشُدُّ إلى القِمَّةِ خُطواتِه، لِيَرْضـى كَفُـورُ
وهُنا ثائِرٌ يَثُورُ، لأنَّ العَزْمَ يَجْتاحُ رُوحَـهُ الزَّمْهـريرُ
وهُنا طامِحٌ، يَجُرُّ طُموحَ الغَدِ في ذاتِه شعـورٌ مُثيـرُ
* * * *
وهُناكَ اليَدُ الخَفِيَّةُ، خلْفَ السّتْرِ، تَلهو بوَعْيِنا، وتُشيرُ
تمْلأُ الجَوَّ بالصِّراعاتِ، في كُلِّ طَريقٍ يَسِيرُ فِيهِ المَصِيرُ
وتَدُور الطَّريقُ.. تبْتَعِدُ الأهْدافُ عَنَّا ويُسْتثارُ الشُّعورُ
ويَظَلُّ "الرُوَّاد" في قِمَمِ الحُكمِ.. وتُطوى على الجِهاد السُّتورُ
* * * *
مَرْحَبٌ ها هُنا، وفي روحِهِ زَهْوُ الفُتوحاتِ، يَزدَهيهِ الغرورُ
وَحَّدَتْ عزْمَه رؤاهُ، وأشْباحُ خَيالٍ، تَطُوفُ، ثُمَّ تُثِيـرُ
كُلُّ طاقاتِهِ، على كُلِّ ساحٍ تَسْتَثيرُ الحَمامَ فِيهِ الصُّقُـورُ
وعلى مَوْعِد السياسةِ في الآفاقِ يحلـو التَّطبيلُ والتَّزمِيرُ
* * * *
مَرْحَبٌ ها هُنا.. وهذي حُصُونُ الخَيْبَرِيّينَ.. عالَمٌ مغرورُ
لم تَعُدْ قِصَّةُ الحُصُونِ حجاراتٍ كباراً تَرْتاعُ مِنْها العُصُورُ
إنَّما الحِصْنُ، أنْ يَعيشَ لَكَ الكونُ برُوحٍ تَرعاكَ كيفَ تَسيرُ
أنْ تُثِيرَ الدُّنيا أمامَ قَضاياكَ، إذا حَدَّقَـتْ بهنَّ الشُّـرورُ
* * * *
مَرْحَبٌ ها هُنا يعيشُ مَعَ التَّاريخِ يَسْتَنْزِفُ الأساطيرَ فِيهِ
يَسْتَثيرُ النَّوازِعَ السُّودَ في كُلِّ ضَمِيـرٍ مُلوَّنٍ يَصْطَفِيـهِ
ويَرُشُّ الأحْلامَ في كُلِّ أُفْقٍ يَعْبَثُ اليَأْسُ في نُفُوسِ بَنِيـهِ
وهُنا نَحْنُ نَطْعَنُ الحَقَّ في التَّاريخِ.. نَلْهو بكُلِّ فِكرٍ نَزيـهِ
* * * *
مَوْقِفٌ واحِدٌ هناكَ، على دَرْبٍ طويلٍ يَسِير باسْم الجميعِ
قَدْ تَثورُ الشَّحْناءُ، قَدْ يَجمحُ الفارسُ، قد يسبحُ الأسى في الدّموعِ
غَيْرَ أنَّ الخُطى تَظَلُّ مَعَ الدَّرْب على وِحْدَةِ الكيانِ المَنِيـعِ
وهُنا نَحْنُ ألْفُ رأيٍ ورَأيٍ في دُرُوبٍ مجْهولـةٍ للْجُمـوعِ
* * * *
مَرْحَبٌ ها هُنا.. فأينَ عليٌّ في شُموخِ الذُّرى، وطُهرِ البُطولَهْ
أيْنَ ذاكَ الَّذي يَعيشُ رِضـا اللهِ بأعْماقِـهِ بِـروحٍ بَتُولَـهْ
أيْنَ ذاكَ الَّذي يُحِبُّ رَسُولَ الله في كلّ مَوْقِـفٍ لِلرّجولَـهْ
أيْنَ حامِي الحِمى، تَعالَوا إلى السَّاحِ نُناجِي آفاقَهُ المَجْهولَـهْ
* * * *
هُوَ وَحْيُ التَّارِيخِ.. لَسْنا معَ التَّارِيخِ نَلهو بِقِصَّةِ الغابريـن
إنَّما نحْنُ ها هُنا في هُداهُ الرّحْبِ نَسْتَشْرِفُ الجهادَ المُبين
نَلْتَقي فيهِ بالبُطولاتِ في رُوحٍ تحُوطُ الهُدى وتَحْمي العَرين
..وتمُرُّ الدُّنيا على مَوْعِد الذّكرى لِتَحيا لَدَيْهِ فِكراً ودِين
ها هُنا خَيْبَرٌ.. وأصغَيْتُ سَمعِي لِنِداءِ التَّاريـخِ في أعْمـاقي
وتَلَفَّتُّ مُرْهَقاً، في خُطى الحاضِرِ أُصْغي إلى النَّـذيرِ البـاقي
خَيْبَرٌ تِلْكَ.. مَوْعِدُ الحقِّ والقُوّةِ، إن حَمْحَمتْ خُيُولُ السِّباقِ
وَهُنا.. نَحْنُ سائِرونَ إلى التَّيْهِ، على كُلِّ صَهْـوَةٍ لِلنِّفـاقِ
* * * *
ها هُنا خَيْبرٌ.. وَأوقَفْتُ تاريخي، وأطْلَقْت للرِّيـاح خَيالـي
ها هُنا كانَتِ الطَّليعَةُ.. كانَ النَّصْرُ عهْداً على ضمير الرِّجالِ
والحُصُونُ الشَمَّاءُ تَشْمَخُ في القِمَّةِ رَمْزاً لِكِبْرياءِ الضَّـلالِ
والنَبـِيُّ العَظِيمُ يَدْعُو، إلى خَيْرِ جِهادٍ، طَلِيعـةَ الأبْطـالِ
* * * *
ها هُنا.. كَانَتِ اليَهُودِيَّةُ الرَّعْناءُ تَلْهُو في كبْريـاءِ العِنـادِ
تَتَحدَّى وَحْيَ النُبُوَّةِ بالباطِلِ، بالبَغْي في جُنُـونِ الفَسـادِ
حَسَدٌ يَأكُلُ الحيَاةَ، وحِقْدٌ يتَغَذَّى بالشـرِّ بَيْـنَ العِبـادِ
وَضَلالٌ مُلَوَّنٌ بالشِّعاراتِ، كجَمْرٍ يَعيـشُ بَيْنَ الرَّمّـادِ
* * * *
ها هُنا كانَتِ اليَهودِيّةُ العَمْياءُ حرْباً على هُدى المُسْلِمين
تَتَهادى باللَّفِّ واللَّعْبِ في كلِّ طَريقٍ يَمُـرُّ بالمـُرْجِفِين
حَسْبُها مِنْ ضَلالةِ الرّوحِ أنْ تُرْهِقَ بِالغَيِّ مُلتَقى المؤمِنين
وتَبيعَ الكِتاب بالثَّمَنِ البَخْسِ وتَحْيَـا الهُدى ضَلالاً مُبينا
* * * *
ها هُنا كانَ لليَهُوديّةِ السَّوداءِ ثِقْلُ المواقِـفِ السَّـوْداءِ
جُنَّ تاريخُها المُخَضَّبُ، في هَولِ الخَطايا، بِقانِياتِ الدِّمـاءِ
يَقْتُلُ الأنْبياءَ، يَحْطِمُ أسْوارَ الرِّسالاتِ بِاليـدِ الشَلاّءِ
يَرْهِقُ الحَقَّ بِالأضاليلِ إمّا أطْلَقَ الحَـقُّ دَعْـوَةَ الأنْبِيَـاءِ
* * * *
جُنَّ تاريخُها، فلَمْ يَبْتَسِمْ لِلفَجْرِ، لَمْ يحْتَفِلْ بوَحْي السَّماءِ
لَمْ يُلوِّنْ عَيْنَيْهِ بالنُّورِ، لَمْ يكْتُبْ هُداهُ بالأحرُفِ البيْضاءِ
لَمْ يُهَدْهِدْ بِالحُبِّ رُوحَ النُّبوّاتِ بِرفْقِ النَّوازِعِ السَمْحاءِ
لَمْ يُفَتَّحْ قَلْباً على خَطَراتِ الرُّوحِ، تَهْمِي بِنَفحَةِ الأشذاءِ
* * * *
وأفاقَتْ على تَهاويلِهِ السُّودِ، ومَدَّتْ إلى الجَريمـةِ كَفّ
ومَضَتْ تَسْتَثِيرُ كُلَّ جنُود الشّرِّ ـ في ملتقى الشَّياطين ـ حِلْـف
كلُّ أحلامِها ـ إذا جُنّتِ الحَرْبُ لَدَيْها ـ أنْ تشربَ الدّمَ صِرف
أن يَموتَ الإسلامُ، في رحلَةِ الإنسانِ، فِكْراً ـ على الطَّريق ـ وصُحفا
* * * *
ها هُنا خيْبَرٌ.. وأصْغَيْتُ لِلنَّخْلِ.. أُناجِي شُمُوخَهُ واخْضِرارَه
أيْنَ كانَ الأبْطالُ، أينَ انْتَخى الكُفْرُ، وألْقى- على الهدى- أوزارَه
كيْف كان النَّبيُّ يَهْتِفُ بالجَمْعِ ليَحْمِيَ - عِبر الجهاد - انتصارَه
وتَظَلُّ الهَزائمُ السُّودُ تَتْرى حامِلاتٍ ذُلَّ الأسى وشِعـارَه
* * * *
ويَطوفُ النَّبيُّ بالرُّوحِ، في وحيِ النُبوّاتِ، مُشْرِقَ البَسَماتِ
لنْ تكونَ الرّاياتُ إلا لِكَفٍّ تحْمِلُ العبءَ في خطى الأزماتِ
وتَهُزُّ السّيْفَ الّذي يُورِقُ الفَتْحُ عليْهِ، بِكبريـاءِ الحَيـاةِ
وتُحِبُّ الرِّسالة السّمْحَة المِعْطاءَ، طُهْراً، في مَوْعِدِ الدَّعواتِ
* * * *
هَـذِهِ رايَةُ الجِهـادِ الّتي تفْتَحُ كلَّ الـدّروبِ للإسْـلامِ
يَسْتَريحُ الفَتْحُ المبينُ على خفْقاتِها الخُضْرِ في انطلاقِ السَّلامِ
هيَ للفاتِحِ الّذي يتحدّى الموتَ بالوعْيِ في اشْتدادِ الصِّدامِ
هي للمُسْلمِ الّذي يتخطَّى كلَّ هَوْلٍ في داجياتِ الظَّـلامِ
* * * *
هيَ للرّائدِ الّذي عاشَ للهِ، جهـاداً وفِكْـرةً وابْتِهـال
وأحَبَّ الرّسُولَ حُبَّ الرِّسالاتِ، سَماحاً ودَعْوةً وامْتثال
ورَعَتْه محبَّةُ اللهِ بالحُسْنـى فشدّتْـه للـذُّرى إجْـلال
ومعَ المصطَفى، يعيشُ ظِلالَ الحُبِّ طُهراً ورَوْعَةً وجَمال
* * * *
هِيَ للصّامِدِ الّذي يُرسِلُ الكرّةَ في الحَربِ قُوَّةً وصُمود
لا تَفِرُّ الخُطى لَدَيْهِ، إذا اشْتدّتْ خُطى الحَرْبِ عُدَّةً وعَديد
قَلبُهُ صخرةُ العَقيدةِ، لا يَهْتزُّ لِلهَوْلِ، لا يَهابُ الجُنود
يَفْتَحُ اللهُ للحياةِ على كفَّيْهِ، للنّعمياتِ، فتْحاً جديـداً
* * * *
مَنْ يكونُ الفَتى الّذي يحلُمُ الفَتْحُ بخُطواتِهِ، ويأسو الجراح
مَنْ هو المسْلِمُ الّذي عاش للإسلام وعياً وقُوّةً وانفتاح
والنّجاوى، والوَشْوَشاتُ، وأحلامُ السَّرايا، تُؤرّق الأرْواح
كلُّ فرْدٍ، في السَّاحِ، يستنْزِفُ اللّيْلَ، بأحْلامِه، ليلقى الصّباحا
* * * *
..ويجيءُ الصّباحُ.. والحرْبُ تشْتَدُّ وتضْرى ما بين كرٍّ وفرِّ
ويَطوفُ الصوْتُ الرِّساليُّ ملْهوفاً رحيماً ينْسابُ في كلِّ صدْرِ
أيْنَ حامِي الفَتْحِ الكَبيرِ الّذي يحْمِي جهادَ الإسْلامِ من كلّ غدرِ
أيْنَ صقْرُ الإسْلامِ، أينَ عليٌّ، إنَّه بسْمةٌ على كلّ ثَغْـرِ
* * * *
وتنادَوْا: هلْ يَفْتَحُ الأرْمَدُ العَيْنَ بحَمْلاتِهِ حُصُونَ اليهودِ
إنَّه لا يَرَى الطَّريقَ، ولا يبصِرُ- في ساحِها- حُشُودَ الجُنودِ
كيْفَ تَجْري خُطاهُ، كيْفَ تثيرُ الحَرْبَ يُمْنَاهُ بالجِهادِ العنيدِ
إنَّهُ الموْقِفُ الّذي يبْعَثُ الحَيْرةَ والرَّيْبَ في حَديثِ الشُّهودِ
* * * *
وتهادَى إلى النبيِّ، وفي عَيْنَيْهِ شوقٌ مُؤرِّق لِـلْجهادِ
فأفاضَتْ يدُ الرِّسالةِ سِرَّ النُّورِ في جَفْنِهِ بِدونِ ضَمادِ
فإذا بالشُّعاعِ ينْهَلُّ كالفجْرِ نَدِيّاً.. في عَزْمِهِ الوَقّـادِ
وإذا بالخُطى، الّتي ثَقُلَ اللّيْلُ عليها، أقوى مِنَ الأوتادِ
* * * *
وتَعالى الغُبارُ، وامتدَّ للحربِ لَهِيبٌ، وجُنَّتِ الأهْـوالُ
وتَنادى الرِّجالُ، يا لِلْوجوهِ السُّمْرِ يضْرى على خُطاها، القِتالُ
..وتحدّى.. وقال: إنّي أنا الفارسُ تَرْتاعُ لاسْمِيَ الأبطالُ
إنّني مَرْحَبٌ، فمن ذا تشُدُّ الحَرْبُ يُمْناهُ إذ تَزولُ الجِبالُ
* * * *
إنّني حيْدرٌ.. وأُرْعِدَتِ السّاحةُ.. دَوَّتْ بِصَرخةِ التَّكبيرِ
إنَّني حيْدرٌ.. أتَعْرِفُ معْنى أنْ يَشُقَّ الدُّجى صُراخَ النَّذيرِ
إنَّني حيْدرٌ.. وجَلْجَلَ صوْتُ الحَقِّ.. أهوى بدمدماتِ الهديرِ
إنّه حيْدرٌ.. فيا قاصِفاتِ الرّعْدِ ثُوري بِكبرياءِ العُصـورِ
* * * *
وتعالى الغُبارُ.. وانْقصَفَ الفارسُ.. أهْوى على التُّرابِ جَديل
ضَرْبَةٌ حرَّةٌ.. كما يقْصِفُ الرّعدُ، ويطغى على الجِبالِ سيُول
ضرْبَةٌ حرّةٌ.. وزُلْزِلَتِ الأرضُ، وأهوى الحُصن المنيعُ ذَليل
ومضى حيْدرٌ لِيَرْفَعَ بالحَقِّ الفُتوحاتِ مَنْهجـاً وسَبيـلا
* * * *
..واستَراحَ الإسْلامُ لِلْفَتْحِ يوحي لِلهُدى أن يَسيرَ شوطاً طويل
أنْ يشُدَّ الخُطى إلى كلّ أُفْقٍ ترْصُدُ الشَّمْسُ وحْيَه المجهـول
أن تُناجي الحياةُ كلَّ شِعاراتِ الغدِ الحُرِّ فِكْـرَةً ورَسُـول
أنْ تشُدَّ الأجْيالُ، بالعَزْمِ رُوحَ الحـقِّ حتّى تُحَطِّمَ المستحيلا
* * * *
وَحْدَهُ في الجَزيرةِ الرّحْبةِ السَّمْراءِ، لا دينَ غيْرَهُ، فهو حرُّ
يَرْسِمُ الخطَّةَ الحَكيمةَ بالوَحْيِ الإلهيِّ في المـدى.. ويَمـرُّ
وَحْدَهُ امْتدَّ، حرَّكَ العَزماتِ الحُمْرَ يُذْكي لَهيبَها فهو جَمْرُ
وَحْدَهُ امْتدَّ لا لِيحْلُمَ بالمُلْك غُروراً لكنْ لِيُقْهَـر كفْـرُ
* * * *
وَحْدَهُ يَحْمِلُ الرِّسالةَ تَوحِيداً يُنَدِّي بِهِ جَفـافَ العُقُـولِ
لَمْ يُحَطِّمْ فكراً بِدمْدَمَةِ القوَّة، لكنْ بِفِكْـرِهِ المسـؤولِ
.. وتَمرُّ السُّنُونُ تطْوي الحُصُونَ الشُمَّ في قُوَّةِ الصِّراعِ الطَّويـلِ
ثُمَّ عادَ الزَّمانُ، في غَفْلَةِ الحَقِّ، وعُدْنا لِلْعالَـمِ المَجْهُـولِ
* * * *
ثُمّ عادَ اليَهودُ في خُطوَةِ الشَّيطانِ، في هجْمةِ القِوى السَّوداءِ
يَحْمِلونَ الحِقْدَ الدَّفينَ على العالَمِ في كُلِّ لُعْبَـةٍ للْفنـاءِ
.. وَمَضَتْ خَيْبَرٌ.. وعاشَتْ فِلِسْطِينُ بُحوراً مِن ظُلمةٍ ودماءِ
تُرْهِقُ العُمْرَ أرْيَحِيّاً لِيَطْغى في ظَلامِ التَّاريخ "شَعبُ السَّماءِ"
* * * *
وَوقَفْنا هُنا أمامَ طُلولِ الأمسِ نَسْتَلْهِمُ الطُّلولَ الجَديدهْ
أتُرانا نحْيا على ذِمَّةِ التَّاريخِ في ظُلْمَةِ اللّيـالي الشَّهيدهْ
أمْ تُرانا نَهْفُو إلى التَّضْحيات الحُمْرِ في لَهْفةِ الذّرى المنشودَهْ
خَيْبَرٌ ها هُنا.. بِكُلِّ مَكانٍ أرْهَقَ الظُّلمُ بِالعذابِ وجودَهْ
* * * *
وَوَقَفْنا هُنا.. نحَدِّقُ بالسّاحاتِ.. والحرْبُ تَلْتَظي ونَثُورُ
والأفاعي تنْسابُ، تنْفُثُ سُمَّ الحِقْدِ في جَمْرِها فَيذكو السَّعيرُ
ويَدورُ الأبطالُ في كُلِّ ساحٍ يسْألونَ الجِهادَ أينَ يَسيرُ
ويَموتُ الشَّبابُ في ساحةِ الحَقِّ.. وتَنْقَضُّ في السَّماءِ النُّسورُ
* * * *
فُجأةً.. ثُمَّ يسْتَثيرُ البُطولاتِ صَراعٌ مُدَمِّـرٌ مسْعُـورُ
فَهُنا خائِنٌ يَشُدُّ إلى القِمَّةِ خُطواتِه، لِيَرْضـى كَفُـورُ
وهُنا ثائِرٌ يَثُورُ، لأنَّ العَزْمَ يَجْتاحُ رُوحَـهُ الزَّمْهـريرُ
وهُنا طامِحٌ، يَجُرُّ طُموحَ الغَدِ في ذاتِه شعـورٌ مُثيـرُ
* * * *
وهُناكَ اليَدُ الخَفِيَّةُ، خلْفَ السّتْرِ، تَلهو بوَعْيِنا، وتُشيرُ
تمْلأُ الجَوَّ بالصِّراعاتِ، في كُلِّ طَريقٍ يَسِيرُ فِيهِ المَصِيرُ
وتَدُور الطَّريقُ.. تبْتَعِدُ الأهْدافُ عَنَّا ويُسْتثارُ الشُّعورُ
ويَظَلُّ "الرُوَّاد" في قِمَمِ الحُكمِ.. وتُطوى على الجِهاد السُّتورُ
* * * *
مَرْحَبٌ ها هُنا، وفي روحِهِ زَهْوُ الفُتوحاتِ، يَزدَهيهِ الغرورُ
وَحَّدَتْ عزْمَه رؤاهُ، وأشْباحُ خَيالٍ، تَطُوفُ، ثُمَّ تُثِيـرُ
كُلُّ طاقاتِهِ، على كُلِّ ساحٍ تَسْتَثيرُ الحَمامَ فِيهِ الصُّقُـورُ
وعلى مَوْعِد السياسةِ في الآفاقِ يحلـو التَّطبيلُ والتَّزمِيرُ
* * * *
مَرْحَبٌ ها هُنا.. وهذي حُصُونُ الخَيْبَرِيّينَ.. عالَمٌ مغرورُ
لم تَعُدْ قِصَّةُ الحُصُونِ حجاراتٍ كباراً تَرْتاعُ مِنْها العُصُورُ
إنَّما الحِصْنُ، أنْ يَعيشَ لَكَ الكونُ برُوحٍ تَرعاكَ كيفَ تَسيرُ
أنْ تُثِيرَ الدُّنيا أمامَ قَضاياكَ، إذا حَدَّقَـتْ بهنَّ الشُّـرورُ
* * * *
مَرْحَبٌ ها هُنا يعيشُ مَعَ التَّاريخِ يَسْتَنْزِفُ الأساطيرَ فِيهِ
يَسْتَثيرُ النَّوازِعَ السُّودَ في كُلِّ ضَمِيـرٍ مُلوَّنٍ يَصْطَفِيـهِ
ويَرُشُّ الأحْلامَ في كُلِّ أُفْقٍ يَعْبَثُ اليَأْسُ في نُفُوسِ بَنِيـهِ
وهُنا نَحْنُ نَطْعَنُ الحَقَّ في التَّاريخِ.. نَلْهو بكُلِّ فِكرٍ نَزيـهِ
* * * *
مَوْقِفٌ واحِدٌ هناكَ، على دَرْبٍ طويلٍ يَسِير باسْم الجميعِ
قَدْ تَثورُ الشَّحْناءُ، قَدْ يَجمحُ الفارسُ، قد يسبحُ الأسى في الدّموعِ
غَيْرَ أنَّ الخُطى تَظَلُّ مَعَ الدَّرْب على وِحْدَةِ الكيانِ المَنِيـعِ
وهُنا نَحْنُ ألْفُ رأيٍ ورَأيٍ في دُرُوبٍ مجْهولـةٍ للْجُمـوعِ
* * * *
مَرْحَبٌ ها هُنا.. فأينَ عليٌّ في شُموخِ الذُّرى، وطُهرِ البُطولَهْ
أيْنَ ذاكَ الَّذي يَعيشُ رِضـا اللهِ بأعْماقِـهِ بِـروحٍ بَتُولَـهْ
أيْنَ ذاكَ الَّذي يُحِبُّ رَسُولَ الله في كلّ مَوْقِـفٍ لِلرّجولَـهْ
أيْنَ حامِي الحِمى، تَعالَوا إلى السَّاحِ نُناجِي آفاقَهُ المَجْهولَـهْ
* * * *
هُوَ وَحْيُ التَّارِيخِ.. لَسْنا معَ التَّارِيخِ نَلهو بِقِصَّةِ الغابريـن
إنَّما نحْنُ ها هُنا في هُداهُ الرّحْبِ نَسْتَشْرِفُ الجهادَ المُبين
نَلْتَقي فيهِ بالبُطولاتِ في رُوحٍ تحُوطُ الهُدى وتَحْمي العَرين
..وتمُرُّ الدُّنيا على مَوْعِد الذّكرى لِتَحيا لَدَيْهِ فِكراً ودِين