من وحي ذكرى ولادة نبيّ الأمّة محمّد(ص)

من وحي ذكرى ولادة نبيّ الأمّة محمّد(ص)

سأحدّثكم عن ولادةٍ غيَّرت مجرى التّاريخ؛ إنّها قصَّة رجل ظهر من غير موعد..

البيئة قبل ولادة الرّسول(ص)

هذا الرجل وُلد في منطقة ولد فيها نبيّ من الأنبياء وهو إسماعيل، وفيها انطلقت دعوة إبراهيم الخليل، وبني بيت الله ليكون قبلةً وحجًّا للموحِّدين، وعندما حان موعد ولادته، كان مبدأ المحبَّة والتسامح ومغفرة الخطأ ليس له رواج وتربة خصبة حتى يجد له مساحة من الوجود، بل كان الجوّ الذي يسود البيئة التي وُلد فيها، هو وأد الأولاد عندما يكونون عبئًا، أو قد يكونون سببًا لضياع الشرف، وعادة الثّأر ولغة العين بالعين والسنّ بالسنّ... كان السلوك لا يصنع من الإنسان إلا متعصّبًا للقبيلة، ولا ينظر إلى الآخر – المختلف - نظرة ودّ ورحمة، إلا بما تقتضيه المصلحة.

ومع أجواء هذه المنطقة الّتي تعتبر مركزًا دينيَّا وتجاريًّا مهمًّا تُقصد من كلّ مكان، ما الذي كان يجري، بينما محمّد بن عبدالله قد أصبح جزءاً من هذا المجتمع والمنطقة؟!

لقد كان نمط العيش السائد هناك نمطًا وحشيًّا بدويًّا، قد امتلأ بالوثنيّة وعبادة الأصنام، حتى بات لكلّ قبيلة صنمًا يوضع بجانب الكعبة، وصراعات دينيّة بين أصحاب اليهودية والمسيحية، والتاريخ يذكر لنا كيف كان اليهود يضطهدون المسيحيّين، ويعتبرونهم هرطقة يهودية منحرفة وأصحاب المسيح الدجّال.

اليتيم.. والصّادق الأمين

وعاش محمّد (ص) أربعين عامًا من حياته بصفته محمّد الأمين الذي لا يكذب، فهو مواطن صالح مؤتمن من قبل الجميع، وهو ينتمي إلى أهمّ القبائل العربيّة آنذاك، وقبل أن يولد، مات والده بشهرين من ولادته، وحتى والدته لم تعش كثيرًا، فقد رحلت بعد ست سنوات من ولادته.

وهكذا أصبح محمد يتيمًا وهو ابن السادسة من عمره، محرومًا من حنان الأب والأمّ، وقد تولّى تربيته ورعايته جدُّه عبدالمطلب، وبعد وفاة جدِّه، صار مع عمِّه أبي طالب، فهذا التغير الذي عاشه هذا الولد، أعطاه قوة الشخصية وأخلاق الأنبياء، وهذا ما نجده في سيرته العظيمة، لم يتأثر بموت والديه وجدّه من الناحية التربوية، وكأنّ الله أراد له أن يعيش هذه التجربة الطفولية كما كان يعيشها.

الفطنة والاجتهاد

عُرف بالفطنة والاجتهاد وفهم الحياة ووعي العلم والمعرفة، فمنذ أن كان صبيًّا، كان يرافق القوافل التجارية إلى بلدان مختلفة، وهذا التنقّل والاحتكاك بشعوب مختلفة وأصحاب ديانات ومعتقدات ومذاهب متعدّدة، جعله يعي الوجود أكثر، ويبني فكره أكثر، وكذلك من كان يقابله من الناس بمختلف معتقداتهم، كانوا يَرَوْن فيه الإنسان المميَّز، الفطن المهذَّب، والتاريخ يحدّثنا عن إحدى سفراته إلى الشّام، عندما التقى بالراهب النسطوري بحيرى في بصرى، وكان يعده بمستقبل عظيم.

فقد جعلته الحياة النشطة، والرّحلات ورعاية الأغنام والتجارة، والتعاطي مع الناس مع اختلاف تنوّعاتهم واهتماماتهم، ينمو ويتتطوَّر عقليًا وأخلاقيًّا بشكل سريع وملحوظ، كان الناجح في حياته، وكان يعطي من ذاته للآخر بكلّ محبّة ورحمة، لم يحدّثنا التاريخ عنه إلا بما فيه محبة ورحمة.

نعم، وهو في بداية العشرين من عمره، صار القوم يلقّبونه بالأمين تارة، وبالصّادق تارة أخرى، لم يعد لمسمّى اليتم محلاًّ مقابل ألمعيته وشرفيّته، حتى قامت امرأة من أعظم نساء مجتمعها ومن أكثرهم ثراءً، بتأمينه على كلّ ما تملكه من تجارة، ألا وهي خديجة بنت خويلد، فكان الرائع والناجح كعادته في إدارة تجارتها واستثمارها، حتى كتب الله بينهما الزواج، فأصبحا أسرةً يشار إليها بالبنان، كيف وهما محمّد وخديجة؟ وهي التي كانت سببًا بإعطائه الكوثر، والتي كانت نموذجًا للزّوجة العظيمة.

العارف المتأمّل

إنّني على يقين بأنَّ محمدًا قبل أن يكون نبيًّا، كان على اطّلاع تامٍّ بكلّ ما حوله من معتقدات وأديان، وعلى الوجه الأخصّ اليهودية والمسيحية، وكان في حالة فكر دائمة في مسائل الكوْن والخلق والمعاد، وكان يرى كيف يعيش الإنسان حالة العبوديّة للأصنام الّتي لا تنفع، وحالة عبادة أكثر من إله!

لعلّ كلّ ذلك هو الّذي جعله يذهب إلى غار حراء لينشغل بالعبادة ما يقارب الأربعين يومًا في كلّ سنة، وهو يعيش حالة الصفاء الذهني والتأمّل والتفكّر في كلّ هذا الكون وخالقة ومدبّره، وكيف كانت دعوة إبراهيم وحركته التوحيديّة التي قد انحرفت، وأصبحت الوثنيَّة تغزو كلّ مَن حوله، كان الإنسان الذي يعيش هَمَّ التّغيير والإصلاح، وكأنّه معدّ من قبل الله عزّ وجلّ لمهمّة عظيمة وكبيرة، أن يكون هو النبيّ الموعود وخاتم الرّسل والمبشّر من قبل الأنبياء.

جاءه نداء الله: يا محمّد، اقرأ... وماذا أقرأ!!؟؟ ... {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}. نعم، هي قراءة العقل والروح، لتفكّر في حقيقة هذا الكون، أن تنطلق في قراءتك من ربّك الذي خلق كلّ ذلك، وقد خلق الإنسان من علقة فجعله بأحسن صورة، فربّك هو الأكرم صاحب الكرامة والعزّة، فدونه ذُلّ وعدم، فهو الذي يعلّمك أيّها الإنسان مالم تكن تعلمه من قبل، فاجتهد بالعلم والمعرفة، فأوّل خطوة من خطوات وجودك الإيماني هو المعرفة.

فهل من الممكن أن نولد مع كلّ ذكرى لولادة هذا النبيّ الكريم؟!

سأحدّثكم عن ولادةٍ غيَّرت مجرى التّاريخ؛ إنّها قصَّة رجل ظهر من غير موعد..

البيئة قبل ولادة الرّسول(ص)

هذا الرجل وُلد في منطقة ولد فيها نبيّ من الأنبياء وهو إسماعيل، وفيها انطلقت دعوة إبراهيم الخليل، وبني بيت الله ليكون قبلةً وحجًّا للموحِّدين، وعندما حان موعد ولادته، كان مبدأ المحبَّة والتسامح ومغفرة الخطأ ليس له رواج وتربة خصبة حتى يجد له مساحة من الوجود، بل كان الجوّ الذي يسود البيئة التي وُلد فيها، هو وأد الأولاد عندما يكونون عبئًا، أو قد يكونون سببًا لضياع الشرف، وعادة الثّأر ولغة العين بالعين والسنّ بالسنّ... كان السلوك لا يصنع من الإنسان إلا متعصّبًا للقبيلة، ولا ينظر إلى الآخر – المختلف - نظرة ودّ ورحمة، إلا بما تقتضيه المصلحة.

ومع أجواء هذه المنطقة الّتي تعتبر مركزًا دينيَّا وتجاريًّا مهمًّا تُقصد من كلّ مكان، ما الذي كان يجري، بينما محمّد بن عبدالله قد أصبح جزءاً من هذا المجتمع والمنطقة؟!

لقد كان نمط العيش السائد هناك نمطًا وحشيًّا بدويًّا، قد امتلأ بالوثنيّة وعبادة الأصنام، حتى بات لكلّ قبيلة صنمًا يوضع بجانب الكعبة، وصراعات دينيّة بين أصحاب اليهودية والمسيحية، والتاريخ يذكر لنا كيف كان اليهود يضطهدون المسيحيّين، ويعتبرونهم هرطقة يهودية منحرفة وأصحاب المسيح الدجّال.

اليتيم.. والصّادق الأمين

وعاش محمّد (ص) أربعين عامًا من حياته بصفته محمّد الأمين الذي لا يكذب، فهو مواطن صالح مؤتمن من قبل الجميع، وهو ينتمي إلى أهمّ القبائل العربيّة آنذاك، وقبل أن يولد، مات والده بشهرين من ولادته، وحتى والدته لم تعش كثيرًا، فقد رحلت بعد ست سنوات من ولادته.

وهكذا أصبح محمد يتيمًا وهو ابن السادسة من عمره، محرومًا من حنان الأب والأمّ، وقد تولّى تربيته ورعايته جدُّه عبدالمطلب، وبعد وفاة جدِّه، صار مع عمِّه أبي طالب، فهذا التغير الذي عاشه هذا الولد، أعطاه قوة الشخصية وأخلاق الأنبياء، وهذا ما نجده في سيرته العظيمة، لم يتأثر بموت والديه وجدّه من الناحية التربوية، وكأنّ الله أراد له أن يعيش هذه التجربة الطفولية كما كان يعيشها.

الفطنة والاجتهاد

عُرف بالفطنة والاجتهاد وفهم الحياة ووعي العلم والمعرفة، فمنذ أن كان صبيًّا، كان يرافق القوافل التجارية إلى بلدان مختلفة، وهذا التنقّل والاحتكاك بشعوب مختلفة وأصحاب ديانات ومعتقدات ومذاهب متعدّدة، جعله يعي الوجود أكثر، ويبني فكره أكثر، وكذلك من كان يقابله من الناس بمختلف معتقداتهم، كانوا يَرَوْن فيه الإنسان المميَّز، الفطن المهذَّب، والتاريخ يحدّثنا عن إحدى سفراته إلى الشّام، عندما التقى بالراهب النسطوري بحيرى في بصرى، وكان يعده بمستقبل عظيم.

فقد جعلته الحياة النشطة، والرّحلات ورعاية الأغنام والتجارة، والتعاطي مع الناس مع اختلاف تنوّعاتهم واهتماماتهم، ينمو ويتتطوَّر عقليًا وأخلاقيًّا بشكل سريع وملحوظ، كان الناجح في حياته، وكان يعطي من ذاته للآخر بكلّ محبّة ورحمة، لم يحدّثنا التاريخ عنه إلا بما فيه محبة ورحمة.

نعم، وهو في بداية العشرين من عمره، صار القوم يلقّبونه بالأمين تارة، وبالصّادق تارة أخرى، لم يعد لمسمّى اليتم محلاًّ مقابل ألمعيته وشرفيّته، حتى قامت امرأة من أعظم نساء مجتمعها ومن أكثرهم ثراءً، بتأمينه على كلّ ما تملكه من تجارة، ألا وهي خديجة بنت خويلد، فكان الرائع والناجح كعادته في إدارة تجارتها واستثمارها، حتى كتب الله بينهما الزواج، فأصبحا أسرةً يشار إليها بالبنان، كيف وهما محمّد وخديجة؟ وهي التي كانت سببًا بإعطائه الكوثر، والتي كانت نموذجًا للزّوجة العظيمة.

العارف المتأمّل

إنّني على يقين بأنَّ محمدًا قبل أن يكون نبيًّا، كان على اطّلاع تامٍّ بكلّ ما حوله من معتقدات وأديان، وعلى الوجه الأخصّ اليهودية والمسيحية، وكان في حالة فكر دائمة في مسائل الكوْن والخلق والمعاد، وكان يرى كيف يعيش الإنسان حالة العبوديّة للأصنام الّتي لا تنفع، وحالة عبادة أكثر من إله!

لعلّ كلّ ذلك هو الّذي جعله يذهب إلى غار حراء لينشغل بالعبادة ما يقارب الأربعين يومًا في كلّ سنة، وهو يعيش حالة الصفاء الذهني والتأمّل والتفكّر في كلّ هذا الكون وخالقة ومدبّره، وكيف كانت دعوة إبراهيم وحركته التوحيديّة التي قد انحرفت، وأصبحت الوثنيَّة تغزو كلّ مَن حوله، كان الإنسان الذي يعيش هَمَّ التّغيير والإصلاح، وكأنّه معدّ من قبل الله عزّ وجلّ لمهمّة عظيمة وكبيرة، أن يكون هو النبيّ الموعود وخاتم الرّسل والمبشّر من قبل الأنبياء.

جاءه نداء الله: يا محمّد، اقرأ... وماذا أقرأ!!؟؟ ... {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}. نعم، هي قراءة العقل والروح، لتفكّر في حقيقة هذا الكون، أن تنطلق في قراءتك من ربّك الذي خلق كلّ ذلك، وقد خلق الإنسان من علقة فجعله بأحسن صورة، فربّك هو الأكرم صاحب الكرامة والعزّة، فدونه ذُلّ وعدم، فهو الذي يعلّمك أيّها الإنسان مالم تكن تعلمه من قبل، فاجتهد بالعلم والمعرفة، فأوّل خطوة من خطوات وجودك الإيماني هو المعرفة.

فهل من الممكن أن نولد مع كلّ ذكرى لولادة هذا النبيّ الكريم؟!

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية