أذيّة أولياء الله من الكبائر

أذيّة أولياء الله من الكبائر

هناك كبائر باطنة يظنّها البعض من الأمور الهيّنة التي يمكن تجاهلها، مع أنها عند الله تُعدّ من الكبائر الّتي يعاقب عليها صاحبها عقاباً أليماً، ومن ذلك، التسبُّب بالأذى لأولياء الله تعالى. فمن هم أولياء الله أوّلاً؟

أولياء الله هم البشر جميعاً، بلا فرق من حيث الجاه والمال والسلطة والقرار والعشيرة والعائلة، فكلّ هذه الأمور لا تقدِّم شيئاً ولا تؤخِّر. وأن تكون وليّاً لله، يعني أن تمارس التقوى فعلاً وسلوكاً في العلانية والسّرّ، وأن تلتزم حدود الله في كلّ العلاقات والأوضاع، فلا تظلم أحداً، كبيراً كان أو صغيراً، ولا تسيء بالكلام أو المؤامرات إلى أحد المؤمنين، ومنهم العلماء الربّانيّون، الذين يكتبون بسيرتهم المشرقة وجهادهم وصبرهم وتضحياتهم أروع الصفحات، من حيث التقوى والإيمان وتبيان دين الله وأحكامه.

وللأسف، نرى اليوم ونسمع كثيراً ممّن يسلكون طريق الزيغ والانحراف، ويلهثون وراء أطماعهم الشخصية ومنافعهم الذاتية، ويقبلون على شهواتهم بكلّ قوّة، ويعتمدون أساليب الكذب والتزوير والافتراء، وكلّ وسائل الشيطان، بغية إشباع هذه الرّغبات القاتلة التي تفقد الإنسان أصالته وهويته الحقيقيّة. فأن تكون من أولياء الله، معنى ذلك أن تكون نيّتك مخلصةً لله، فلا يحضر في قلبك وعقلك الشّيطان، ويدفعك إلى قول الزّور، وإلى ارتكاب المحرّمات على أنواعها، ويجعل هدفك وهمّك في الدّنيا هو كيف تؤذي أولياء الله الأتقياء، وصولاً إلى غضب الله ومعصيته وخسران رحمته ورضوانه.

وأن تكون من أولياء الله، يعني أن تكون مخلصاً في عملك، فلا يتحرّك جسدك، ولا تتحرّك جوارحك في التسبُّب بأذيّة النّاس والتعدّي على حقوقهم ومشاعرهم، فلا تأكل حقّهم، ولا تعتدي على حرماتهم وأعراضهم، ولا تتعمّد غيبتهم. وأن تكون من أولياء الله، معنى ذلك أيضاً، أن تمشي في طريق الرّحمة، وأن ترحم الصّغير والمحتاج، وتُحسن إلى النّاس بأخلاقك الحسنة، وتُحسن إلى الجاهل بأن تعطيه من علمك علماً.

أولياء الله ليسوا عبئاً على الحياة والنّاس، وليسوا ممّن نافقوا في أقوالهم وأفعالهم، لأنَّ هؤلاء يستحقّون أن يكونوا من أولياء الشّيطان، لأنّهم يفسدون علاقات النّاس وأوضاعهم ويعقّدونها، ويثيرون لذلك الفوضى والحساسيّات والعصبيّات. أولياء الله يبثّون كل شعور طيّب، فيخفّفون عن الذي يعيش حالة الضيق النفسي والمادي، ويبثّون السعادة والطمأنينة في علاقاتهم مع عائلاتهم وأرحامهم وجيرانهم ومحيطهم، ويبثّون الكلام الطيّب النافع الذي يقرّب ويوحّد ويجمع كلمة الناس على الخير والمحبة والتسامح، ويواجهون كلّ الأحقاد والضغائن، وكل العصبية والبغضاء، بكل وعي ومسؤوليّة وحكمة، بما يحفظ أمن المجتمع وسلامته.

وإلى كلّ هذه المعاني والدّلالات، يشير سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) في معرض تفسيره للآية المباركة: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[يونس: 62 ـ 64]، فيقول: "{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ} الذين اطّلع الله عليهم في خفاياهم وأسرارهم، فرأى منهم صدق النيّة، وإخلاص العمل، واستقامة الطّريق، وسلامة الهدف، فرضي عنهم وأمنهم في مصيرهم.

{لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}، وكيف يخاف المؤمنون بالله المخلصون له؟ وكيف يحزن المتّقون الطّائعون في سبيله؟

{الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} الله في كلّ أعمالهم وأقوالهم وعلاقاتهم.

{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا} في ما يلهمهم الله من الشّعور بالرّضا والطّمأنينة والسّعادة، مما يعيشون معه البشرى، كما لو كانت وحياً منزلاً منه.

{وَفِي الآخِرَةِ} في ما تستقبلهم به الملائكة بالبشارة بالجنّة الّتي كانوا يوعدون...".[من وحي القرآن، ج 11، ص 334].

الدّعوة مفتوحة للإنسان في كلّ لحظة، لأن يكون مصداقاً حياً لولي الله الذي يتّقيه في كلّ أوضاعه وعلاقاته، ليكون المؤمن المخلص الّذي يتحرك من أجل خدمة كلّ الناس، وإصلاح الحياة ونفعها...

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .



هناك كبائر باطنة يظنّها البعض من الأمور الهيّنة التي يمكن تجاهلها، مع أنها عند الله تُعدّ من الكبائر الّتي يعاقب عليها صاحبها عقاباً أليماً، ومن ذلك، التسبُّب بالأذى لأولياء الله تعالى. فمن هم أولياء الله أوّلاً؟

أولياء الله هم البشر جميعاً، بلا فرق من حيث الجاه والمال والسلطة والقرار والعشيرة والعائلة، فكلّ هذه الأمور لا تقدِّم شيئاً ولا تؤخِّر. وأن تكون وليّاً لله، يعني أن تمارس التقوى فعلاً وسلوكاً في العلانية والسّرّ، وأن تلتزم حدود الله في كلّ العلاقات والأوضاع، فلا تظلم أحداً، كبيراً كان أو صغيراً، ولا تسيء بالكلام أو المؤامرات إلى أحد المؤمنين، ومنهم العلماء الربّانيّون، الذين يكتبون بسيرتهم المشرقة وجهادهم وصبرهم وتضحياتهم أروع الصفحات، من حيث التقوى والإيمان وتبيان دين الله وأحكامه.

وللأسف، نرى اليوم ونسمع كثيراً ممّن يسلكون طريق الزيغ والانحراف، ويلهثون وراء أطماعهم الشخصية ومنافعهم الذاتية، ويقبلون على شهواتهم بكلّ قوّة، ويعتمدون أساليب الكذب والتزوير والافتراء، وكلّ وسائل الشيطان، بغية إشباع هذه الرّغبات القاتلة التي تفقد الإنسان أصالته وهويته الحقيقيّة. فأن تكون من أولياء الله، معنى ذلك أن تكون نيّتك مخلصةً لله، فلا يحضر في قلبك وعقلك الشّيطان، ويدفعك إلى قول الزّور، وإلى ارتكاب المحرّمات على أنواعها، ويجعل هدفك وهمّك في الدّنيا هو كيف تؤذي أولياء الله الأتقياء، وصولاً إلى غضب الله ومعصيته وخسران رحمته ورضوانه.

وأن تكون من أولياء الله، يعني أن تكون مخلصاً في عملك، فلا يتحرّك جسدك، ولا تتحرّك جوارحك في التسبُّب بأذيّة النّاس والتعدّي على حقوقهم ومشاعرهم، فلا تأكل حقّهم، ولا تعتدي على حرماتهم وأعراضهم، ولا تتعمّد غيبتهم. وأن تكون من أولياء الله، معنى ذلك أيضاً، أن تمشي في طريق الرّحمة، وأن ترحم الصّغير والمحتاج، وتُحسن إلى النّاس بأخلاقك الحسنة، وتُحسن إلى الجاهل بأن تعطيه من علمك علماً.

أولياء الله ليسوا عبئاً على الحياة والنّاس، وليسوا ممّن نافقوا في أقوالهم وأفعالهم، لأنَّ هؤلاء يستحقّون أن يكونوا من أولياء الشّيطان، لأنّهم يفسدون علاقات النّاس وأوضاعهم ويعقّدونها، ويثيرون لذلك الفوضى والحساسيّات والعصبيّات. أولياء الله يبثّون كل شعور طيّب، فيخفّفون عن الذي يعيش حالة الضيق النفسي والمادي، ويبثّون السعادة والطمأنينة في علاقاتهم مع عائلاتهم وأرحامهم وجيرانهم ومحيطهم، ويبثّون الكلام الطيّب النافع الذي يقرّب ويوحّد ويجمع كلمة الناس على الخير والمحبة والتسامح، ويواجهون كلّ الأحقاد والضغائن، وكل العصبية والبغضاء، بكل وعي ومسؤوليّة وحكمة، بما يحفظ أمن المجتمع وسلامته.

وإلى كلّ هذه المعاني والدّلالات، يشير سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) في معرض تفسيره للآية المباركة: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[يونس: 62 ـ 64]، فيقول: "{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ} الذين اطّلع الله عليهم في خفاياهم وأسرارهم، فرأى منهم صدق النيّة، وإخلاص العمل، واستقامة الطّريق، وسلامة الهدف، فرضي عنهم وأمنهم في مصيرهم.

{لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}، وكيف يخاف المؤمنون بالله المخلصون له؟ وكيف يحزن المتّقون الطّائعون في سبيله؟

{الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} الله في كلّ أعمالهم وأقوالهم وعلاقاتهم.

{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا} في ما يلهمهم الله من الشّعور بالرّضا والطّمأنينة والسّعادة، مما يعيشون معه البشرى، كما لو كانت وحياً منزلاً منه.

{وَفِي الآخِرَةِ} في ما تستقبلهم به الملائكة بالبشارة بالجنّة الّتي كانوا يوعدون...".[من وحي القرآن، ج 11، ص 334].

الدّعوة مفتوحة للإنسان في كلّ لحظة، لأن يكون مصداقاً حياً لولي الله الذي يتّقيه في كلّ أوضاعه وعلاقاته، ليكون المؤمن المخلص الّذي يتحرك من أجل خدمة كلّ الناس، وإصلاح الحياة ونفعها...

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .


اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية