يذكر المؤرّخون أنَّ المتوكّل مرض من خُراج (ما يخرج في البدن من القروح)، خَرَج به فأشرف منه على الموت، فلم يَجْسُرْ أحدٌ أن يمسَّه بحديدةٍ، فنذرت أمُّه إنْ عُوفيَ أن تحمل إلى أبي الحسن عليّ بن محمد (الهادي) مالاً جليلاً من مالها. فلمَّا عُوفِيَ المتوكّل بعد هذا النَّذر، وبُشِّرت أمُّ المتوكِّل بعافيته، حملت إلى أبي الحسن (ع) عشرة آلاف دينار تحت خَتْمِها، واستقلَّ المتوكّل من علّته.
فلمَّا كان بعد أيّام، سعى البطحاني (أحد أعوان السّلطة) بأبي الحسن (ع) إلى المتوكّل وقال: عنده سلاحٌ وأموال، فتقدَّم المتوكِّل إلى سعيد الحاجب أن يهجم ليلاً عليه، ويأخذ ما يجد عنده من الأموال والسِّلاح ويحمله إليه.
وهنا، يحدّث إبراهيم بن محمد بأنَّ سعيد الحاجب قال له: صرتُ إلى دار أبي الحسن (ع) باللَّيل، ومعي سُلَّمٌ، فصعدتُ منه إلى السَّطح، ونزلتُ من الدَّرجة إلى بعضها في الظُّلمة، فلم أدرِ كيف أصل إلى الدّار، فناداني أبو الحسن (ع) من الدَّار: "يا سعيد، مكانك حتى يأتوك بشمعة"، فلم ألبث أن أتوني بشمعةٍ، فنزلت، فوجدتُ عليه جُبّة صوف وقلنسوة منها وسجّادته على حصير بين يديه، وهو مقبلٌ على القِبلة. فقال لي: "دونك البيوت"، فدخلتها وفتَّشتها، فلم أجد فيها شيئاً، ووجدت البدرة مختومةً بخاتم أمِّ المتوكِّل، وكيساً مختوماً معها، فقال لي أبو الحسن (ع): "دونك المصلَّى"، فرفعته، فوجدتُ سيفاً في جفنٍ ملبوس، فأخذتُ ذلك وصرتُ إليه، فلمَّا نظر (المتوكِّل) إلى خاتم أمِّه على البَدْرَةِ، بعث إليها، فخرجت إليه، فسألها عن البدرة، فأخبرني بعضُ خَدَمِ الخاصَّة أنَّها قالت: كنت نذرتُ في علَّتك إنْ عُوفيت أن أحمل إليه من مالي عشرة آلاف دينار، فحملتها إليه، وهذا خاتَمُك على الكيس ما حرّكه (لم يفتح الإمام (ع) الصرّة)، وفتح الكيس الآخر، فإذا فيه أربعمائة دينار، فأمر أن يُضمَّ إلى البدرة بدرةٌ أخرى، وقال لي: احملْ ذلك إلى أبي الحسن، واردُد عليه السَّيف والكيس بما فيه. فحملت ذلك إليه، واستحييت منه، فقلت له: يا سيدي، عزَّ عليَّ دخول دارك بغير إذنك، ولكني مأمور، فقال لي: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}[الشعراء: 227]1.
وهكذا نشاهد أنَّ أمَّ المتوكّل عندما مرض ولدها، لم تجد أحداً في المجتمع الإسلاميّ تتقرَّب وتتشفَّع به إلى الله غير الإمام الهادي (ع)، ما يدلّنا على أنَّ قداسة الإمام الهادي (ع) كانت تعيش في وجدان المسلمين، حتى في داخل بيت الخلافة المناهضة لخطِّ الأئمّة (ع).
كما أننا نستفيد منها كيف كانت حياة الإمام الهادي (ع) في بيته، من حيث خشونة ملبسه، وتواضعه لله في موقع صلاته، وكيف كانت مكتبته مملوءةً بالمصاحف وكتب العلم.
[1]الرّواية واردة في: بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج50، ص 199.
يذكر المؤرّخون أنَّ المتوكّل مرض من خُراج (ما يخرج في البدن من القروح)، خَرَج به فأشرف منه على الموت، فلم يَجْسُرْ أحدٌ أن يمسَّه بحديدةٍ، فنذرت أمُّه إنْ عُوفيَ أن تحمل إلى أبي الحسن عليّ بن محمد (الهادي) مالاً جليلاً من مالها. فلمَّا عُوفِيَ المتوكّل بعد هذا النَّذر، وبُشِّرت أمُّ المتوكِّل بعافيته، حملت إلى أبي الحسن (ع) عشرة آلاف دينار تحت خَتْمِها، واستقلَّ المتوكّل من علّته.
فلمَّا كان بعد أيّام، سعى البطحاني (أحد أعوان السّلطة) بأبي الحسن (ع) إلى المتوكّل وقال: عنده سلاحٌ وأموال، فتقدَّم المتوكِّل إلى سعيد الحاجب أن يهجم ليلاً عليه، ويأخذ ما يجد عنده من الأموال والسِّلاح ويحمله إليه.
وهنا، يحدّث إبراهيم بن محمد بأنَّ سعيد الحاجب قال له: صرتُ إلى دار أبي الحسن (ع) باللَّيل، ومعي سُلَّمٌ، فصعدتُ منه إلى السَّطح، ونزلتُ من الدَّرجة إلى بعضها في الظُّلمة، فلم أدرِ كيف أصل إلى الدّار، فناداني أبو الحسن (ع) من الدَّار: "يا سعيد، مكانك حتى يأتوك بشمعة"، فلم ألبث أن أتوني بشمعةٍ، فنزلت، فوجدتُ عليه جُبّة صوف وقلنسوة منها وسجّادته على حصير بين يديه، وهو مقبلٌ على القِبلة. فقال لي: "دونك البيوت"، فدخلتها وفتَّشتها، فلم أجد فيها شيئاً، ووجدت البدرة مختومةً بخاتم أمِّ المتوكِّل، وكيساً مختوماً معها، فقال لي أبو الحسن (ع): "دونك المصلَّى"، فرفعته، فوجدتُ سيفاً في جفنٍ ملبوس، فأخذتُ ذلك وصرتُ إليه، فلمَّا نظر (المتوكِّل) إلى خاتم أمِّه على البَدْرَةِ، بعث إليها، فخرجت إليه، فسألها عن البدرة، فأخبرني بعضُ خَدَمِ الخاصَّة أنَّها قالت: كنت نذرتُ في علَّتك إنْ عُوفيت أن أحمل إليه من مالي عشرة آلاف دينار، فحملتها إليه، وهذا خاتَمُك على الكيس ما حرّكه (لم يفتح الإمام (ع) الصرّة)، وفتح الكيس الآخر، فإذا فيه أربعمائة دينار، فأمر أن يُضمَّ إلى البدرة بدرةٌ أخرى، وقال لي: احملْ ذلك إلى أبي الحسن، واردُد عليه السَّيف والكيس بما فيه. فحملت ذلك إليه، واستحييت منه، فقلت له: يا سيدي، عزَّ عليَّ دخول دارك بغير إذنك، ولكني مأمور، فقال لي: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}[الشعراء: 227]1.
وهكذا نشاهد أنَّ أمَّ المتوكّل عندما مرض ولدها، لم تجد أحداً في المجتمع الإسلاميّ تتقرَّب وتتشفَّع به إلى الله غير الإمام الهادي (ع)، ما يدلّنا على أنَّ قداسة الإمام الهادي (ع) كانت تعيش في وجدان المسلمين، حتى في داخل بيت الخلافة المناهضة لخطِّ الأئمّة (ع).
كما أننا نستفيد منها كيف كانت حياة الإمام الهادي (ع) في بيته، من حيث خشونة ملبسه، وتواضعه لله في موقع صلاته، وكيف كانت مكتبته مملوءةً بالمصاحف وكتب العلم.
[1]الرّواية واردة في: بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج50، ص 199.