كلمة في استقبال وفد نادي 'المبرة'

كلمة في استقبال وفد نادي 'المبرة'

السيد فضل الله لفريق نادي المبرة:

الرياضة تمثّل الفنّ الحركي الذي يغني الإنسان ويطوّر حركة جسمه


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، فريق نادي (المبرة) عقب فوزه ببطولة كأس لبنان، وتحدث إليهم بكلمة تكريمية، جاء فيها:


في البداية، أحبّ أن أبارك لكم هذا الإنجاز الرياضي الكبير، فالرياضة تمثّل في نظرنا نوعاً من أنواع الفنّ الحركي الذي يغني الإنسان ويساعده في تطوير حركة جسمه، بحيث يتحكم في حركته بالشكل الذي يتحول فيه الجسد إلى عنصر من العناصر التي يسيطر عليها الإنسان لا العكس، لأنّ الإنسان العقل والروح هو إرادة، أما الجسد، فهو وسيلة من وسائل انطلاقة العقل في تقويم حركة الجسد، وانفتاح الروح على الآفاق التي يتحرك فيها الجسد، والإرادة التي تجعل الإنسان يملك أن يحكم كل تصرفاته بشكل مستقل وفاعل من دون أن يسيطر عليه أحد.


إنّ جمعية المبرات الخيرية انطلقت من أجل رفع مستوى الإنسان، من خلال رفع مستوى العقل والروح والحركة والإرادة القوية التي تجعل الإنسان صاحب شخصية قوية، بحيث يملك أن يريد أو لا يريد، لأننا نعيش في مجتمع يمنعنا من أن نملك إرادتنا، وقيمة الرياضة في حركة الرياضي في الجسم، هي أن يملك الإنسان فيها إرادته، وحركة رجليه، في خطي الدفاع والهجوم، وأن يملك أيضاً أن يحافظ على ما ائْتُمِن عليه، لأنّ الكرة في خط الدفاع تعتبر أمانةً لدى الشخص الذي هو في موقع الدفاع، لأن دفاعه لا يمثل دفاعاً شخصياً، وإنما يمثل كل الموقع الذي ائْتمنه على هذا الخط.


وكما أنكم اغتنيتم بالمبرة، التي انطلقت من أجل صنع الإنسان بعيداً عن الطائفية والعصبية وحتى عن المذهبية في معناها الضيّق، فإنّ المبرة اغتنت بكم، لأنكم أعطيتموها تجربةً غنيةً وعنواناً كبيراً، بحيث استطاعت من خلالكم أن تنتقل من الموقع المحلي إلى الموقع الأوسع، وهذه هي ميزة الإنسان في أي فنّ من الفنون، أنّه لا يبقى في الدائرة الضيقة التي تحصره فيها ظروفه، بل يحاول أن ينطلق من الموقع المحلي إلى الموقع الإقليمي، وإذا استطاع إلى الموقع العالمي، ومثال ذلك محمد علي كلاي، ذاك الشخص الأمريكي الذي انطلق من قرية صغيرة، واستطاع أن يصبح شخصية عالمية. وكذلك الحال في كثير من الأشخاص الذين يملكون الإبداع في العلم، كالطب والهندسة، أو في أي فنّ من الفنون، كالرياضة أو التمثيل، من قبيل الممثلين الذين استطاعوا أن يصبحوا نجوماً عالميين.


ولذا نحن نريد لكم أن تنتقلوا من أفق إلى أفق أوسع، فلا تعيشوا في الأفق الضيّق، وعلى هذا الأساس، أنا أحبّ أن أبيِّن نقطةً أساسيةً جداً نعيشها في لبنان وفي العالم العربي والإسلامي، وهي أن التخلف الموجود في كثير من مواقعنا في العالم العربي والإسلامي، وخصوصاً في لبنان، وبفعل الفتن الداخلية والفوضى التي يزرعها الاستكبار العالمي، قسّم المجتمع الإسلامي إلى عصبيات.


وهذا ما نلاحظه الآن في لبنان، فالقضايا السياسية والخلافات السياسية تحولت إلى قضايا مذهبية، ومع الأسف، فإنّ الشيء الذي يزعج، هو أن الرياضة التي تمثل أرقى عمليات الانفتاح، باعتبار أنه في عالم الرياضة، لا ترى الفريق الخاسر يشعر بعقدة نفسية متأزمة تجاه الفريق الرابح، بل يبقون أخواناً، من دون أن يحمل أحد أي سلبية تجاه الطرف الآخر.. إنّ الرياضة التي تمثّل هذا الانفتاح، لم تعد كذلك في لبنان، إذ أصبحنا، مع الأسف، نقسِّم الرياضيين على أساس أنّ هذا فريق سني، وذاك فريق شيعي، والفريق السني يتعقد من الفريق الشيعي، والفريق الشيعي يتعقد من الفريق السني، ولربما دخل هذا الأمر في حسابات المشرفين على العمل الرياضي، بحيث أصبحنا نقسم الرياضيين إلى مذاهب.


ليس هناك مشكلة في أن ينتمي الإنسان إلى مذهب معيّن، لكن المشكلة في التعصّب للمذهب، لأنّ العصبية تغلق فكر الإنسان وروحه وطموحه وحياته عن الانفتاح على الآخر.


ولذلك أنا أحب لكم، كما هي أهداف المبرة منذ انطلقت، أن تنفتحوا على الإنسان كله، وأنا منذ كنت في النجف الأشرف، لم أكن أشعر بعقدة تجاه أي إنسان أختلف معه، سواء اختلفت معه في الدين أو في المذهب أو في الرأي السياسي، حتى إنّه كان عندنا علاقات مع الشيوعيين والقوميين والديمقراطيين وما إلى ذلك، مع التزامنا بما نؤمن به. لذا عندما ننفتح على الآخر، علينا أن ننسحب مما نؤمن به، ولكن في الوقت نفسه، علينا أن نعتبر أن الحوار هو الأساس الذي يمكن أن يحقق النتائج في الوصول إلى وحدة أو إلى تفاهم.


على كلٍ، أنا أبارك لكم هذا الإنجاز، وأريدكم أن تكونوا رياضيين بالروح والفكر، كما أنتم رياضيون بالفن والحركة، وعلى هذا الأساس، نحب أن يعقب هذا النجاح نجاحات أخرى إلى أن تدخلوا في المهرجانات العالمية، وتكونوا أبطالاً هناك إن شاء الله عز وجل، وتكونوا أبطالاً أمام الله سبحانه وتعالى في تقواه، وأبطالاً في خدمة أمتكم، وأبطالاً في الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية.


وأنا أسأل الله لكم جميعاً التوفيق والحماية والرعاية، ونحن نعتزّ بكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


كلمة سماحته في استقبال (نادي المبرة) الذي قدّم له كأس لبنان بعد فوزه بالبطولة، وذلك بتاريخ: 3-7-2008م


مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)

التاريخ: 29-6-1429 هـ  الموافق: 03/07/2008 م

السيد فضل الله لفريق نادي المبرة:

الرياضة تمثّل الفنّ الحركي الذي يغني الإنسان ويطوّر حركة جسمه


استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، فريق نادي (المبرة) عقب فوزه ببطولة كأس لبنان، وتحدث إليهم بكلمة تكريمية، جاء فيها:


في البداية، أحبّ أن أبارك لكم هذا الإنجاز الرياضي الكبير، فالرياضة تمثّل في نظرنا نوعاً من أنواع الفنّ الحركي الذي يغني الإنسان ويساعده في تطوير حركة جسمه، بحيث يتحكم في حركته بالشكل الذي يتحول فيه الجسد إلى عنصر من العناصر التي يسيطر عليها الإنسان لا العكس، لأنّ الإنسان العقل والروح هو إرادة، أما الجسد، فهو وسيلة من وسائل انطلاقة العقل في تقويم حركة الجسد، وانفتاح الروح على الآفاق التي يتحرك فيها الجسد، والإرادة التي تجعل الإنسان يملك أن يحكم كل تصرفاته بشكل مستقل وفاعل من دون أن يسيطر عليه أحد.


إنّ جمعية المبرات الخيرية انطلقت من أجل رفع مستوى الإنسان، من خلال رفع مستوى العقل والروح والحركة والإرادة القوية التي تجعل الإنسان صاحب شخصية قوية، بحيث يملك أن يريد أو لا يريد، لأننا نعيش في مجتمع يمنعنا من أن نملك إرادتنا، وقيمة الرياضة في حركة الرياضي في الجسم، هي أن يملك الإنسان فيها إرادته، وحركة رجليه، في خطي الدفاع والهجوم، وأن يملك أيضاً أن يحافظ على ما ائْتُمِن عليه، لأنّ الكرة في خط الدفاع تعتبر أمانةً لدى الشخص الذي هو في موقع الدفاع، لأن دفاعه لا يمثل دفاعاً شخصياً، وإنما يمثل كل الموقع الذي ائْتمنه على هذا الخط.


وكما أنكم اغتنيتم بالمبرة، التي انطلقت من أجل صنع الإنسان بعيداً عن الطائفية والعصبية وحتى عن المذهبية في معناها الضيّق، فإنّ المبرة اغتنت بكم، لأنكم أعطيتموها تجربةً غنيةً وعنواناً كبيراً، بحيث استطاعت من خلالكم أن تنتقل من الموقع المحلي إلى الموقع الأوسع، وهذه هي ميزة الإنسان في أي فنّ من الفنون، أنّه لا يبقى في الدائرة الضيقة التي تحصره فيها ظروفه، بل يحاول أن ينطلق من الموقع المحلي إلى الموقع الإقليمي، وإذا استطاع إلى الموقع العالمي، ومثال ذلك محمد علي كلاي، ذاك الشخص الأمريكي الذي انطلق من قرية صغيرة، واستطاع أن يصبح شخصية عالمية. وكذلك الحال في كثير من الأشخاص الذين يملكون الإبداع في العلم، كالطب والهندسة، أو في أي فنّ من الفنون، كالرياضة أو التمثيل، من قبيل الممثلين الذين استطاعوا أن يصبحوا نجوماً عالميين.


ولذا نحن نريد لكم أن تنتقلوا من أفق إلى أفق أوسع، فلا تعيشوا في الأفق الضيّق، وعلى هذا الأساس، أنا أحبّ أن أبيِّن نقطةً أساسيةً جداً نعيشها في لبنان وفي العالم العربي والإسلامي، وهي أن التخلف الموجود في كثير من مواقعنا في العالم العربي والإسلامي، وخصوصاً في لبنان، وبفعل الفتن الداخلية والفوضى التي يزرعها الاستكبار العالمي، قسّم المجتمع الإسلامي إلى عصبيات.


وهذا ما نلاحظه الآن في لبنان، فالقضايا السياسية والخلافات السياسية تحولت إلى قضايا مذهبية، ومع الأسف، فإنّ الشيء الذي يزعج، هو أن الرياضة التي تمثل أرقى عمليات الانفتاح، باعتبار أنه في عالم الرياضة، لا ترى الفريق الخاسر يشعر بعقدة نفسية متأزمة تجاه الفريق الرابح، بل يبقون أخواناً، من دون أن يحمل أحد أي سلبية تجاه الطرف الآخر.. إنّ الرياضة التي تمثّل هذا الانفتاح، لم تعد كذلك في لبنان، إذ أصبحنا، مع الأسف، نقسِّم الرياضيين على أساس أنّ هذا فريق سني، وذاك فريق شيعي، والفريق السني يتعقد من الفريق الشيعي، والفريق الشيعي يتعقد من الفريق السني، ولربما دخل هذا الأمر في حسابات المشرفين على العمل الرياضي، بحيث أصبحنا نقسم الرياضيين إلى مذاهب.


ليس هناك مشكلة في أن ينتمي الإنسان إلى مذهب معيّن، لكن المشكلة في التعصّب للمذهب، لأنّ العصبية تغلق فكر الإنسان وروحه وطموحه وحياته عن الانفتاح على الآخر.


ولذلك أنا أحب لكم، كما هي أهداف المبرة منذ انطلقت، أن تنفتحوا على الإنسان كله، وأنا منذ كنت في النجف الأشرف، لم أكن أشعر بعقدة تجاه أي إنسان أختلف معه، سواء اختلفت معه في الدين أو في المذهب أو في الرأي السياسي، حتى إنّه كان عندنا علاقات مع الشيوعيين والقوميين والديمقراطيين وما إلى ذلك، مع التزامنا بما نؤمن به. لذا عندما ننفتح على الآخر، علينا أن ننسحب مما نؤمن به، ولكن في الوقت نفسه، علينا أن نعتبر أن الحوار هو الأساس الذي يمكن أن يحقق النتائج في الوصول إلى وحدة أو إلى تفاهم.


على كلٍ، أنا أبارك لكم هذا الإنجاز، وأريدكم أن تكونوا رياضيين بالروح والفكر، كما أنتم رياضيون بالفن والحركة، وعلى هذا الأساس، نحب أن يعقب هذا النجاح نجاحات أخرى إلى أن تدخلوا في المهرجانات العالمية، وتكونوا أبطالاً هناك إن شاء الله عز وجل، وتكونوا أبطالاً أمام الله سبحانه وتعالى في تقواه، وأبطالاً في خدمة أمتكم، وأبطالاً في الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية.


وأنا أسأل الله لكم جميعاً التوفيق والحماية والرعاية، ونحن نعتزّ بكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


كلمة سماحته في استقبال (نادي المبرة) الذي قدّم له كأس لبنان بعد فوزه بالبطولة، وذلك بتاريخ: 3-7-2008م


مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)

التاريخ: 29-6-1429 هـ  الموافق: 03/07/2008 م

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية