تعديل السهام وتوزيعها

تعديل السهام وتوزيعها

وذلك أنـه ـ بعدمـا بيّنـا أنـواع القسمـة ـ لا بد لإنجاز عملية القسمة واستكمالها من قطع مرحلتين، الأولى: تجزأة العين المشتركة إلى سهام مناسبة لعدد الشركاء وصالحة للتوزيع عليهم، وهي ما يصطلح عليه بـ (تعديل السهام)، أي: تسويتها وفرزها على قدر حصص الشركاء. الثانية: توزيع السهام على الشركاء واختصاص كل شريك بحصته منها، وهي المرحلة الأخيرة والنهائية، وهو ما سوف نبحثه في هذا المطلب تحت هذين العنوانين:


المرحلة الأولى: تعديل السهام

ـ تعديل السهام هو: (قيام المشرف على القسمة بتجزأة العين بأحد أنحاء القسمة وطرقها الآنفة الذكر بما يتناسب مع طبيعة العين، بالإفراز أو التعديل أو الرد؛ وذلك لجهة انحصار القسمة بواحدة منها أو صلاحها لأكثر من واحدة، ولجهة تحديد وجه معين من كل طريقة إذا تعددت الوجوه التي يمكن تجزأة العين بها في كل نحو من أنحاء القسمة، ثم اعتبار كل جزء منها سهماً، والقيام بتمييزه عن سائر الأجزاء، وذلك مقدمة لتسَلُّم كل شريك حُصته).

وهو ما يتم في خطوات نفصلها على النحو التالي:

أولاً: إذا كانت الطريقة منحصرة بأحد أنحاء القسمة، وكانت وجوه الطريقة منحصرة بوجه واحد منها، وكانت القسمة بالإجبار أو التراضي، فلا إشكال.

ثانياً: إذا كان كل شيء واضحاً، غير أن القسمة التي اعتمدها الشركاء جبراً أو بالتراضي كان لها وجوه متعددة، وذلك كالأرض التي يراد قسمتها بالإفراز، فإنهـا يمكـن اقتسامهـا ـ مثـلاً ـ أجزاءً مربعة أو مستطيلـة متساويـة المساحة، أو أجزاءً مثلثة ومستطيلة ومربعة متساوية المساحة، أو نحو ذلك؛ فهنا لا بد لهم من التراضي على أحد هذه الوجوه، فإن اتفقوا كان خيراً وإلا أقرِعَ بينها.

ثالثاً: إذا تمت جميع مقدمات القسمة لزم الشروع بتجزأة العين:

فإن كانت حصص الشركاء متساوية في نسبتها إلى المال المشترك لزم جَعْلُ السهام بعدد الرؤوس، فإن كانوا اثنين ولكلٍ منهما النصف، فالسهام اثنان متساويان، وإن كانوا أربعة فالسهام أربعة متساوية، وهكذا لو كانوا ألفاً فإن السهام تكون ألفاً.

وإن كانت حصص الشركاء متفاوتة، بأن كانوا ثلاثة، وكان لأحدهم نصف، وللثاني ثلث، وللثالث سدس، كان المعتمد في التجزأة هو السهام لا عدد الشركاء، فيؤخذ أصغر السهـام منها بخاصـة ـ وهو بحسب المثال المتقدم السدس ـ وتجعل العين ستة سهام متساوية.


المرحلة الثانية: توزيع السهام بالقرعة أو بدونها

ـ إذا تراضى الشركاء على أن يأخذ كل واحد منهم أي سهم منها لم يُحتج إلى شيء سوى أن يختاركل واحد من السهام ما يساوي حصته ويتسلمه، فإذا تسلَّمه ملكه، ولم يجز لغيره منازعته فيه وانتهت به القسمة.

وإن لم يتراض الشركاء على أشخاص السهام رغم تساويها قيمة، بل رغب أكثر من واحد ـ مثلاً ـ بالسهم المثلث من الأرض دون المربع، أو رغب أكثر من واحد منهم بكتاب معين موجود في جملة كتب موزعة سهاماً، أو رغب بعضهم بنفس الطراز من الثياب الذي رغب فيه غيره، فلا بد من (القرعة) لحسم الأمر وتوزيع السهام على أصحاب الحصص.

ـ القرعة في اللغة: فعل ما يُعيَّنُ به نصيبُ أو حصةُ أحد الشركاء. وفي اصطلاح الفقهاء هي: (فعلُ ما ينكشف به خيارٌ عمليٌ للمكلف في أمر مبهم لا واقع له، أو له واقع لا طريقَ لانكشافه من شرع أو عقل).

وإنما وجب الرجوع إلى القرعة هنا لأن عدم تراضي الشركاء على اختصاص كل واحد منهم بسهم بعينه يُبقي الجميع شركاء على نحو الإشاعة في كل سهم قد تم فرزه، وتكون القسمة بمجردها غير كافية في إزالة الشيوع ما لم يرض كل واحد منهم باختصاص كل واحد منهم بسهم بعينه، فحصة كل شريك واقع قائم في العين ولكن تشخيصها أمر مبهم من أصله، أي: لا واقع له، ولا طريق لتعيينه من شرع أو عقل، وحيث لا بد من جلاء الأمر، فلا محيص عن اللجوء إلى القرعة لتعيين حصة كلِّ شريك.

ـ لما كان الهدف من القرعة تعيين الأمر الملتبس وكشف إبهامه، فالظاهر أنه لا يشترط فيها كيفية خاصة مرادة بذاتها، بل يكفي فيها كل طريقة توصل إلى الهدف إذا اجتمع فيها عنصران، الأول: توافق الأطراف عليها. والثاني: عدم تدخل الإرادة البشرية بتعيين الأمر وكشف المبهم، بل يكون الملحوظ فيها تفويض الأمر إلى الله تعالى اتكالاً على دقيق لطفه وجميل اختياره. وفي مقامنا هذا يكفي تسجيل أسماء الشركاء في قطع من الورق متشابهة حجماً ولوناً، ثم تطوى ليَخْفى الإسم على المقترع، ثم تُؤخذ ورقة بعد ورقة، فمن خرج السهم باسمه يعطى له، طبق تفاصيل يتفقون عليها كما سنذكر أنموذجه في المسألة التالية؛ وبناءً عليه فإنه يصح استخدام كل ما يؤدي هذا الغرض ويوصل إلى تلك النتيجة إذا توفر فيها العنصران الآنفا الذكر.

ـ إن الكيفية المناسبة لإقراع السهام المفرزة بين الشركاء عند قسمة المال المشترك على نحو الإشاعة هي كما يلي:

أولاً: جعل علامة على كل سهم مفرز عند عزله على حده، من أجل الإشارة إليه بها حين القرعة، ويكفي في ذلك كل علامة موضحة يتراضون عليها، وذلك باستخدام العدد، مثل: الأول والثاني والثالث، أو الألوان، كالثوب الأحمر والأصفر والأخضر، أو باستخدام الجهة، كالجزء الغربي من الدار ـ أو العقار ـ والجزء الجنوبي، وغير ذلك من العلامات التي لا تحصى كثرة.

ثانياً: يُنظَرُ في حصص الشركاء بعدما عُدِّلتْ السهام، وفُرِز كلُّ سهم على حدة، ومُيِّز كل منها بعلامة:

فإن كانت الحصص متساوية، فهو يعني أن السهام بعدد الشركاء، فيُكتفى لتعيين صاحب كل حصة بالإقراع له مرة واحدة؛ وبيان ذلك: أنه يؤخذ رقاعٌ من ورق ـ مثلاً ـ بعدد الشركاء، إثنتين إن كانوا اثنين، وثلاث إن كانوا ثلاثة، وهكذا، ثم يكتب إسم كل شريك على رقعة، ثم يستر ما كتب بمثل طي الورقة ونحوه، ثم تُشَوَّش كي ينعدم ما يمكن أن تتميز به إحداهما عن الأخرى البتة، ثم يَقصدُ المقترعون أنَّ السهـم الذي عليـه علامـة (الأول) ـ مثـلاً ـ هو الذي يجري عليه الاقتراع، ثم يأخذ المقترعُ رقعة منها، فمن كان فيها إسمه كان ذلك السهم (الأول) له، ثم تكرر القرعـة، فيؤتى بالسهـم الآخر الذي عليه ـ مثـلاً ـ علامة (الثاني)، ويُقصد أنَّ الإقراع عليه، فتؤخذ رقعة أخرى، فمن كان فيها إسمه كان ذلك السهم (الثاني) له، وهكذا نستمر إلى ما قبل الأخير، فإذا بقي سهم واحد وشريك واحد تعين ذلك السهم له دون حاجة إلى القرعة.

هذا، وتصح القرعة في هذا المورد إذا كتب على الرقاع أسماء الأسهم بدلاً لأسماء الشركاء، وقصد حين أخذ كل رقعة إسم واحد من الشركاء، إذ إن النتيجة واحدة.

أما إذا كانت الحصص متفاوتة، وكان عدد السهام أكثر من عدد رؤوس الشركاء، فإنه يمكننا إعتماد طريقة كتابة أسماء الشركاء في الرقاع والإقراع على الأسهم، فإذا كان الشركاء ثلاثة، وكان المال بينهم نصفاً وثلثاً وسدساً، كانت السهام ستـة أخـذاً لهـا علـى أقلهـا ـ وهو السـدس ـ كما سلف القـول فـي (المسألة:40، فقرة «ثالثاً»)؛ فتُوخذ رقاعٌ ثلاث بأسماء الشركاء، وتستر وتشوش، ويقصد أنَّ من خرج اسمه على سهم كان له وحده إن تمت به حصته، وكان له مع ما يليه حتى تتم به حصته، ثم يقرع على السهم الأول، فإن خرج إسم من له السدس كان هذا السهم له واكتفى به، ثم يقرع على السهم الثاني، فإن خرج إسم من له الثلث أعطي ذلك السهم الثاني الذي اقترع عليه مع السهم الثالث الذي يليه، وذلك تبعاً له لإتمام حصته، ثم ما يبقى من السهام، وهي ثلاثة، تدفع إلى من له النصف دون حاجة إلى القرعة، وهكذا نجري على ما يشبه ذلك إذا خرج إسم من له النصف عند الإقراع على السهم الأول، فيعطى ذلك السهم مع السهم الثاني والثالث لإتمام حصته، وهكذا.

ـ لا يشترط في صحة القرعة إجراؤها من قبل الحاكم الشرعي، بل تصح من كل أحد ما دامت موافقة لما يعتبر فيها.

ـ إذا تم تعديل السهام، وتم فرز العين سهاماً، وتم تشخيص كل سهم لصاحبه بالقرعة مع عدم التراضي، أو أخذ كل شريك حصته بدون القرعة مع التراضي، فحيث تصير حصة كل شريك معه يصير مالكاً لها بخصوصها دون أن يحتاج معها إلى التراضي على الاختصاص بما أخذه بإنشائه بصيغة مُفْهمة أو بدونه، ما عدا قسمة الرد، فإنه لما كان فيها تعويضٌ بالمال لبعض حصة الشريك لزم التراضي بينهما عليها بمثل الصلح أو الهبة المعوضة أو نحوهما من عقود المعاوضة.


فائدة فيها مسألتان:

ـ لا ينتفي بالقسمة الحق المتعلق بإحدى الحصتين لصاحب الحصة الأخرى، وذلك كما لو كان لحصة الشريك في الدار أو العقار ممر من حصة الآخر، فليس له منعه من المرور عليه، إلا أن يشترط عليه التخلي عن حقه هذا دون عوض، أو في قبال شيءٍ من حصته أو من غيرها عوضاً له.

ـ إذا ادّعى أحد الشريكين الغلط في القسمة، أو عدم التعديل فيها، وأنكر الآخر، لم تسمع دعواه إلا بالبيّنة، فإن أقام البيّنة على مدّعاه انتقضت القسمة وأعيدت من جديد، وإن لم يكن له بيّنة كان له إحلاف الشريك، فإن لم يحلف حلف هو وانتقضت به القسمة وأعيدت من جديد.

وذلك أنـه ـ بعدمـا بيّنـا أنـواع القسمـة ـ لا بد لإنجاز عملية القسمة واستكمالها من قطع مرحلتين، الأولى: تجزأة العين المشتركة إلى سهام مناسبة لعدد الشركاء وصالحة للتوزيع عليهم، وهي ما يصطلح عليه بـ (تعديل السهام)، أي: تسويتها وفرزها على قدر حصص الشركاء. الثانية: توزيع السهام على الشركاء واختصاص كل شريك بحصته منها، وهي المرحلة الأخيرة والنهائية، وهو ما سوف نبحثه في هذا المطلب تحت هذين العنوانين:


المرحلة الأولى: تعديل السهام

ـ تعديل السهام هو: (قيام المشرف على القسمة بتجزأة العين بأحد أنحاء القسمة وطرقها الآنفة الذكر بما يتناسب مع طبيعة العين، بالإفراز أو التعديل أو الرد؛ وذلك لجهة انحصار القسمة بواحدة منها أو صلاحها لأكثر من واحدة، ولجهة تحديد وجه معين من كل طريقة إذا تعددت الوجوه التي يمكن تجزأة العين بها في كل نحو من أنحاء القسمة، ثم اعتبار كل جزء منها سهماً، والقيام بتمييزه عن سائر الأجزاء، وذلك مقدمة لتسَلُّم كل شريك حُصته).

وهو ما يتم في خطوات نفصلها على النحو التالي:

أولاً: إذا كانت الطريقة منحصرة بأحد أنحاء القسمة، وكانت وجوه الطريقة منحصرة بوجه واحد منها، وكانت القسمة بالإجبار أو التراضي، فلا إشكال.

ثانياً: إذا كان كل شيء واضحاً، غير أن القسمة التي اعتمدها الشركاء جبراً أو بالتراضي كان لها وجوه متعددة، وذلك كالأرض التي يراد قسمتها بالإفراز، فإنهـا يمكـن اقتسامهـا ـ مثـلاً ـ أجزاءً مربعة أو مستطيلـة متساويـة المساحة، أو أجزاءً مثلثة ومستطيلة ومربعة متساوية المساحة، أو نحو ذلك؛ فهنا لا بد لهم من التراضي على أحد هذه الوجوه، فإن اتفقوا كان خيراً وإلا أقرِعَ بينها.

ثالثاً: إذا تمت جميع مقدمات القسمة لزم الشروع بتجزأة العين:

فإن كانت حصص الشركاء متساوية في نسبتها إلى المال المشترك لزم جَعْلُ السهام بعدد الرؤوس، فإن كانوا اثنين ولكلٍ منهما النصف، فالسهام اثنان متساويان، وإن كانوا أربعة فالسهام أربعة متساوية، وهكذا لو كانوا ألفاً فإن السهام تكون ألفاً.

وإن كانت حصص الشركاء متفاوتة، بأن كانوا ثلاثة، وكان لأحدهم نصف، وللثاني ثلث، وللثالث سدس، كان المعتمد في التجزأة هو السهام لا عدد الشركاء، فيؤخذ أصغر السهـام منها بخاصـة ـ وهو بحسب المثال المتقدم السدس ـ وتجعل العين ستة سهام متساوية.


المرحلة الثانية: توزيع السهام بالقرعة أو بدونها

ـ إذا تراضى الشركاء على أن يأخذ كل واحد منهم أي سهم منها لم يُحتج إلى شيء سوى أن يختاركل واحد من السهام ما يساوي حصته ويتسلمه، فإذا تسلَّمه ملكه، ولم يجز لغيره منازعته فيه وانتهت به القسمة.

وإن لم يتراض الشركاء على أشخاص السهام رغم تساويها قيمة، بل رغب أكثر من واحد ـ مثلاً ـ بالسهم المثلث من الأرض دون المربع، أو رغب أكثر من واحد منهم بكتاب معين موجود في جملة كتب موزعة سهاماً، أو رغب بعضهم بنفس الطراز من الثياب الذي رغب فيه غيره، فلا بد من (القرعة) لحسم الأمر وتوزيع السهام على أصحاب الحصص.

ـ القرعة في اللغة: فعل ما يُعيَّنُ به نصيبُ أو حصةُ أحد الشركاء. وفي اصطلاح الفقهاء هي: (فعلُ ما ينكشف به خيارٌ عمليٌ للمكلف في أمر مبهم لا واقع له، أو له واقع لا طريقَ لانكشافه من شرع أو عقل).

وإنما وجب الرجوع إلى القرعة هنا لأن عدم تراضي الشركاء على اختصاص كل واحد منهم بسهم بعينه يُبقي الجميع شركاء على نحو الإشاعة في كل سهم قد تم فرزه، وتكون القسمة بمجردها غير كافية في إزالة الشيوع ما لم يرض كل واحد منهم باختصاص كل واحد منهم بسهم بعينه، فحصة كل شريك واقع قائم في العين ولكن تشخيصها أمر مبهم من أصله، أي: لا واقع له، ولا طريق لتعيينه من شرع أو عقل، وحيث لا بد من جلاء الأمر، فلا محيص عن اللجوء إلى القرعة لتعيين حصة كلِّ شريك.

ـ لما كان الهدف من القرعة تعيين الأمر الملتبس وكشف إبهامه، فالظاهر أنه لا يشترط فيها كيفية خاصة مرادة بذاتها، بل يكفي فيها كل طريقة توصل إلى الهدف إذا اجتمع فيها عنصران، الأول: توافق الأطراف عليها. والثاني: عدم تدخل الإرادة البشرية بتعيين الأمر وكشف المبهم، بل يكون الملحوظ فيها تفويض الأمر إلى الله تعالى اتكالاً على دقيق لطفه وجميل اختياره. وفي مقامنا هذا يكفي تسجيل أسماء الشركاء في قطع من الورق متشابهة حجماً ولوناً، ثم تطوى ليَخْفى الإسم على المقترع، ثم تُؤخذ ورقة بعد ورقة، فمن خرج السهم باسمه يعطى له، طبق تفاصيل يتفقون عليها كما سنذكر أنموذجه في المسألة التالية؛ وبناءً عليه فإنه يصح استخدام كل ما يؤدي هذا الغرض ويوصل إلى تلك النتيجة إذا توفر فيها العنصران الآنفا الذكر.

ـ إن الكيفية المناسبة لإقراع السهام المفرزة بين الشركاء عند قسمة المال المشترك على نحو الإشاعة هي كما يلي:

أولاً: جعل علامة على كل سهم مفرز عند عزله على حده، من أجل الإشارة إليه بها حين القرعة، ويكفي في ذلك كل علامة موضحة يتراضون عليها، وذلك باستخدام العدد، مثل: الأول والثاني والثالث، أو الألوان، كالثوب الأحمر والأصفر والأخضر، أو باستخدام الجهة، كالجزء الغربي من الدار ـ أو العقار ـ والجزء الجنوبي، وغير ذلك من العلامات التي لا تحصى كثرة.

ثانياً: يُنظَرُ في حصص الشركاء بعدما عُدِّلتْ السهام، وفُرِز كلُّ سهم على حدة، ومُيِّز كل منها بعلامة:

فإن كانت الحصص متساوية، فهو يعني أن السهام بعدد الشركاء، فيُكتفى لتعيين صاحب كل حصة بالإقراع له مرة واحدة؛ وبيان ذلك: أنه يؤخذ رقاعٌ من ورق ـ مثلاً ـ بعدد الشركاء، إثنتين إن كانوا اثنين، وثلاث إن كانوا ثلاثة، وهكذا، ثم يكتب إسم كل شريك على رقعة، ثم يستر ما كتب بمثل طي الورقة ونحوه، ثم تُشَوَّش كي ينعدم ما يمكن أن تتميز به إحداهما عن الأخرى البتة، ثم يَقصدُ المقترعون أنَّ السهـم الذي عليـه علامـة (الأول) ـ مثـلاً ـ هو الذي يجري عليه الاقتراع، ثم يأخذ المقترعُ رقعة منها، فمن كان فيها إسمه كان ذلك السهم (الأول) له، ثم تكرر القرعـة، فيؤتى بالسهـم الآخر الذي عليه ـ مثـلاً ـ علامة (الثاني)، ويُقصد أنَّ الإقراع عليه، فتؤخذ رقعة أخرى، فمن كان فيها إسمه كان ذلك السهم (الثاني) له، وهكذا نستمر إلى ما قبل الأخير، فإذا بقي سهم واحد وشريك واحد تعين ذلك السهم له دون حاجة إلى القرعة.

هذا، وتصح القرعة في هذا المورد إذا كتب على الرقاع أسماء الأسهم بدلاً لأسماء الشركاء، وقصد حين أخذ كل رقعة إسم واحد من الشركاء، إذ إن النتيجة واحدة.

أما إذا كانت الحصص متفاوتة، وكان عدد السهام أكثر من عدد رؤوس الشركاء، فإنه يمكننا إعتماد طريقة كتابة أسماء الشركاء في الرقاع والإقراع على الأسهم، فإذا كان الشركاء ثلاثة، وكان المال بينهم نصفاً وثلثاً وسدساً، كانت السهام ستـة أخـذاً لهـا علـى أقلهـا ـ وهو السـدس ـ كما سلف القـول فـي (المسألة:40، فقرة «ثالثاً»)؛ فتُوخذ رقاعٌ ثلاث بأسماء الشركاء، وتستر وتشوش، ويقصد أنَّ من خرج اسمه على سهم كان له وحده إن تمت به حصته، وكان له مع ما يليه حتى تتم به حصته، ثم يقرع على السهم الأول، فإن خرج إسم من له السدس كان هذا السهم له واكتفى به، ثم يقرع على السهم الثاني، فإن خرج إسم من له الثلث أعطي ذلك السهم الثاني الذي اقترع عليه مع السهم الثالث الذي يليه، وذلك تبعاً له لإتمام حصته، ثم ما يبقى من السهام، وهي ثلاثة، تدفع إلى من له النصف دون حاجة إلى القرعة، وهكذا نجري على ما يشبه ذلك إذا خرج إسم من له النصف عند الإقراع على السهم الأول، فيعطى ذلك السهم مع السهم الثاني والثالث لإتمام حصته، وهكذا.

ـ لا يشترط في صحة القرعة إجراؤها من قبل الحاكم الشرعي، بل تصح من كل أحد ما دامت موافقة لما يعتبر فيها.

ـ إذا تم تعديل السهام، وتم فرز العين سهاماً، وتم تشخيص كل سهم لصاحبه بالقرعة مع عدم التراضي، أو أخذ كل شريك حصته بدون القرعة مع التراضي، فحيث تصير حصة كل شريك معه يصير مالكاً لها بخصوصها دون أن يحتاج معها إلى التراضي على الاختصاص بما أخذه بإنشائه بصيغة مُفْهمة أو بدونه، ما عدا قسمة الرد، فإنه لما كان فيها تعويضٌ بالمال لبعض حصة الشريك لزم التراضي بينهما عليها بمثل الصلح أو الهبة المعوضة أو نحوهما من عقود المعاوضة.


فائدة فيها مسألتان:

ـ لا ينتفي بالقسمة الحق المتعلق بإحدى الحصتين لصاحب الحصة الأخرى، وذلك كما لو كان لحصة الشريك في الدار أو العقار ممر من حصة الآخر، فليس له منعه من المرور عليه، إلا أن يشترط عليه التخلي عن حقه هذا دون عوض، أو في قبال شيءٍ من حصته أو من غيرها عوضاً له.

ـ إذا ادّعى أحد الشريكين الغلط في القسمة، أو عدم التعديل فيها، وأنكر الآخر، لم تسمع دعواه إلا بالبيّنة، فإن أقام البيّنة على مدّعاه انتقضت القسمة وأعيدت من جديد، وإن لم يكن له بيّنة كان له إحلاف الشريك، فإن لم يحلف حلف هو وانتقضت به القسمة وأعيدت من جديد.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية