وفيه مسائل:
ـ القسمة هي: (فعلُ ما يؤدي إلى تعيين الحصة المشاعة من المال المشترك في جزء معين منه)، وذلك إما بغرض إزالة الشيوع وانفراد كل شريك بحصته، أو بغرض تضييق دائرته، والأول واضح، والثاني: كما في المال المشترك بين أربعة، فيقسم إلى قسمين ويجعل لكل إثنين منهم قسماً معيناً منه.
وهي (إجراء) بالتراضي أو الإجبار يترتب عليه بنفسه تعيين الحق ولو بمعونة القرعة عند الاختلاف، فلا حاجة لتصحيح وضع كل من الشريكين ـ أو الشركاء ـ يده على هذه الحصة المفرزة من المال دون غيرها بأن يقال: (إن القسمة في حقيقتها نوع من تبادل الأجزاء، بحيث يكون كل جزء منها لهذا هو في مقابل كل جزء منها للآخر)، أو بما يشبه ذلك من المعاوضة. نعم، قد يستلزم تعديل السهام في بعض أنواع القسمة تعويض بعض الحصة المشاعة بما هو خارج عن المال المشترك فتحتاج إلى المصالحة أو نحوها كما سيأتي تفصيله لاحقاً.
والقسمة لازمة إذا وقعت عن تراض، فضلاً عما لو كانت قسمة إجبار، إلا إذا تبين خطؤها كما سيأتي؛ بل الظاهر أنه لا يصح الرجـوع عنهـا ـ أيضاً ـ بالتقايل، فلو تراضى المتقاسمون على إلغاء القسمة وإعادتها من جديد لم يرجع المال إلى الإشاعة، بل تكون إعادة تقسيمه معاملةً أخرى لا تجري عليها أحكام القسمة التي نذكرها هنا، بل تجري عليها أحكام المعاملة الجديدة، كالصلح أو غيره من المعاملات.
ـ تتقوم القسمة ـ من حيث الغـرض منها ـ بإعطاء كل شريك كامل حصته من العين، أو من المنفعة وحدها إذا كانت هي المشتركة دون العين، وفصلها عن حصص الآخرين، وهو أمر لا يتم إلا مع إمكان تجزأة العين في الأعيان، وكذا تجـزأة الانتفـاع في المنفعـة؛ فإن لـم يمكـن تجـزأة العيـن ـ بل ولا الانتفاع ـ وجب اللجوء إلى بيع العين بما يمكن قسمته، ثم قسمة الثمن، وهو أمر سوف نعرض له في مسألـة مستقلة لاحقاً. أما عندما تكون قسمة المال ـ عيناً أو منفعة ـ ممكنة ـ فإننا نلاحظ أنها تختلف في الأعيان عنها في المنافع، كما أنها تختلف في بعض الأعيان عنها في البعض الآخر، فهنا أمران:
الأمر الأول: في قسمة الأعيان
تختلف قسمة الأعيـان بحسب اختلافهـا ـ مـن حيـث طبيعتهـا ـ في كيفية الانقسام على أنحاء ثلاثة:
النحو الأول: قسمة الإفراز، وموردها ما كان من الأعيان قابلاً للإنقسام إلى سهام متساوية الكمية مما يُقَدَّر بالكيل أو الوزن أو العَدِّ أو المساحة، ومتساوية ـ أيضاً ـ بالقيمة والمالية، وذلك كالصنف الواحد من الحبوب والأدهان والألبان واللحوم والنقود، وما صنع بالآلات الحديثة من آلات وأواني ومنسوجات ونحوها، والأراضي المنبسطة المتساوية الأجزاء في الصفات المرغوبة، كنوع التربة والموقع ونحوهما؛ فإن كان في بعض هذه الأعيان ما يوجب اختلاف أجزائها في المالية، وذلك كأن:
أ ـ اختلفت مواقع أجزاء الأرض من حيث انبساطها وارتفاعها، أو من حيث قربها من الطريق العام أو بعدها عنه، أو من حيث جودة تربتها أو رداءتها، وما أشبه ذلك.
ب ـ اختلفت هيئة العين الصناعية، كالسجادة الواحدة، أو السيارة أو الطشت أو نحو ذلك مما ينظر إليه بما هو عليه من شكل خارجي ناتج عن الصنعة واجتماع الأجزاء.
فإن العين في هذين الموردين ـ وما شاكلهما من الموارد التي تشتمل فيها العين على بعض الاعتبارات التي تجعل أجزاءها مختلفة المالية ـ لا تكون قسمتها قسمة إفراز، بل تنقسم بواحد من النحوين الآخرين للقسمة اللذين سنذكرهما.
النحو الثاني: قسمة التعديل، وموردها ما إذا كان المال المشترك مشتملاً على أشياء متحدة في الجنس مختلفة في القيمة والمالية، كما إذا اشترك اثنان في ثلاثة أثواب أو أغنام أو كتب؛ أو كانت الأشياء مختلفة جنساً وقيمة، كما لو اشتركا في سيارة وسجادة وكتاب وكرسي، وكانت بحيث يمكن جمع بعضها بما يساوي في قيمته حصة أحد الشركاء، والباقي حصة الشريك الآخر، دون أن يبقى شيء منها مشتركاً بينهما. (والتعديل) مأخوذ من (عَدّل الشيء) بمعنى: أقامه وسواه وجعله عِدلين، أي شيئين متماثلين ومتساوين. وبناءً عليه فإنه إذا كانت قيمة كتابين في المثال الأول تعادل وتساوي قيمة كتاب واحد، أعطي أحد الشريكين الذي له نصف هذه الكتب الثلاثة كتاباً وأعطي الآخر كتابين؛ وفي المثال الثاني: لو فرض أن قيمة السيارة تساوي قيمة السجادة والكتاب والكرسي، أعطي أحد الشريكين مقابل حصته التي هي نصف هذه الأغراض السيارة وأعطي الآخر سائر الأغراض. وهكذا.
النحو الثالث: قسمة الرد، وموردها نفس مورد النحو الثاني، غير أنه إذا جمعت بعض الأشياء مع بعضها الآخر لتُعدَّل قِيَمُها بما يساوي حصة أحد الشريكين يبقى فيها ما هو أزيد أو أنقص من حصة الآخر، بنحو لا يمكن تعديله إلا ببذل مال خارج عن المال المشترك لتتعادل به الحصص، وذلك كما إذا كانت بين اثنين سيارتان، قيمة إحداهما ألفا دولار وقيمة الأخرى ألف دولار، أمكنت القسمة بينهما بأن يأخذ أحدهما مقابل حصته ـ وهي النصف ـ السيارة التي قيمتها ألفا دولار على أن يدفع للآخر مع السيارة الثانية خمسمئة دولار لتعادل حصته.
الأمر الثاني: في قسمة المنافع
تصح قسمة المنافع المشتركة بما يصطلح عليه بـ (المُهاياة) أو: (المُهايأَة) وهي بمعنى الموافقة؛ وذلك بأن يتراضى المشتركون في منفعة الدار على أن يسكنها كل منهم حسب حصته في وقت محدد بالأيام أو الأسابيع أو نحوهما، أو أن ينفردكل واحد بجزء منها إذا كان محققاً لغرضه، أو أن يستخدموها جميعاً في الغرض المشترك، أو نحو ذلك من وجوه التوافق على الانتفاع بالمال المشترك التي تختلف باختلاف طبيعته وباختلاف الأغراض المرادة منه.
ثم إنه إن كان الاشتراك في المنفعة وحدها دون العين، كما في الدار أو السيارة أو الشجرة إذا استأجرها أكثر من واحد للانتفاع بها، انحصرت قسمتها بالمهايأة نظراً لكون المنفعة أمراً اعتبارياً قائماً بالعين لا يقبل القسمة بدونها، فلا محيص للشركاء من التوافق على الانتفاع بها بالنحو الذي يرغبون؛ فإن لم يتراضوا وطلب بعضهم حل الشركة، أو تراضوا على حلها، أمكنهم ذلك بتأجيرها لغيرهم وتقاسم أجرتها بالنحو الذي يصلح للقسمة إذا أذن لهم المالك، وإلا رفعوا أمرهم للحاكم الشرعي الذي يحق له إجبارهم على ما يراه مصلحة لهم في تقاسم المنفعة.
وأما إن كانوا شركاء في العين والمنفعة معاً، ورغبوا في تقاسم المنفعة وحدها بطريقة المهايأة صح منهم ذلك ما داموا متراضين عليها؛ فإنْ منع بعضُهم منها ورَفَع الإذن عنهم، بطلت، إلا أن يكون ملزماً بها بشرط ونحوه؛ وحيث يرغب بعضُهم في الانتفاع بالعين ـ أو يُضطر إليه ـ ولا يأذن له شركاؤه، فإنَّ بإمكانه طلبَ قسمة العين وحلِّ الشركة من أصلها ما دامت العين مشتركة أيضاً.
ـ لما كان المناط في اقتسام العين بواحد من تلك الأنحاء الثلاثة هو ما تقتضيه طبيعة العين، فإنها كما تقتضي انحصار قسمتها بواحد من الأنحاء الثلاثة بخصوصه، قد تقتضي صلاحيتها للإنقسام بأكثر من نحو واحد منها، وذلك كما لو اشتركا في ثلاث سيارات، قيمة إحداها ألفا دولار وقيمة كل من الآخريتين ألف دولار، فتصح فيها قسمة التعديل، بأن يأخذ أحدهما السيارة التي قيمتها ألفا دولار والآخر السيارتين اللتين قيمتهما ألفا دولار؛ كما تصح فيها قسمة الرد، بأن يأخذ أحدهما السيارة التي قيمتها ألفا دولار مع سيارة قيمتها ألف دولار ويأخذ الآخر السيارة الثانية التي قيمتها ألف دولار أيضاً مع ألف دولار نقداً.
أو كما لو اشتركا في حاصل موسم زراعي متنوع، وكان حاصله مئة كيلو حُمُّصاً بقيمة ثلاثين دولاراً، مع مئة كيلو قمحاً بعشرين دولاراً، مع مئة كيلو شعيراً بعشرة دولارات، فإذا أخذ كل واحد منهما نصف كل نوع من الحاصل كان ذلك قسمة إفراز، وإذا أخذ أحدهما الحمص والآخر القمح والشعير كان ذلك قسمة تعديل، وإذا أخذ أحدهما الحمص والشعير والآخر القمح مع عشرة دولارات نقداً كان ذلك قسمة رد؛ وهكذا.
ـ لا يشترط في قسمة الإفراز العلم بمقدار كل حصة، فلو أخذ كل واحد نصف القمح الموجود بمكيال مجهول صحٍّ؛ وكذا يصح فرز قطعة أرض إلى أجزاء متساوية بحبلٍ أو خشبة مجهولي المقدار. فيما لا بد لتعديل الحصص في قسمتي التعديل والرد من العلم بمقدار حصة كل منهما بما يكفل إعطاء كل ذي حق حقه.
وفيه مسائل:
ـ القسمة هي: (فعلُ ما يؤدي إلى تعيين الحصة المشاعة من المال المشترك في جزء معين منه)، وذلك إما بغرض إزالة الشيوع وانفراد كل شريك بحصته، أو بغرض تضييق دائرته، والأول واضح، والثاني: كما في المال المشترك بين أربعة، فيقسم إلى قسمين ويجعل لكل إثنين منهم قسماً معيناً منه.
وهي (إجراء) بالتراضي أو الإجبار يترتب عليه بنفسه تعيين الحق ولو بمعونة القرعة عند الاختلاف، فلا حاجة لتصحيح وضع كل من الشريكين ـ أو الشركاء ـ يده على هذه الحصة المفرزة من المال دون غيرها بأن يقال: (إن القسمة في حقيقتها نوع من تبادل الأجزاء، بحيث يكون كل جزء منها لهذا هو في مقابل كل جزء منها للآخر)، أو بما يشبه ذلك من المعاوضة. نعم، قد يستلزم تعديل السهام في بعض أنواع القسمة تعويض بعض الحصة المشاعة بما هو خارج عن المال المشترك فتحتاج إلى المصالحة أو نحوها كما سيأتي تفصيله لاحقاً.
والقسمة لازمة إذا وقعت عن تراض، فضلاً عما لو كانت قسمة إجبار، إلا إذا تبين خطؤها كما سيأتي؛ بل الظاهر أنه لا يصح الرجـوع عنهـا ـ أيضاً ـ بالتقايل، فلو تراضى المتقاسمون على إلغاء القسمة وإعادتها من جديد لم يرجع المال إلى الإشاعة، بل تكون إعادة تقسيمه معاملةً أخرى لا تجري عليها أحكام القسمة التي نذكرها هنا، بل تجري عليها أحكام المعاملة الجديدة، كالصلح أو غيره من المعاملات.
ـ تتقوم القسمة ـ من حيث الغـرض منها ـ بإعطاء كل شريك كامل حصته من العين، أو من المنفعة وحدها إذا كانت هي المشتركة دون العين، وفصلها عن حصص الآخرين، وهو أمر لا يتم إلا مع إمكان تجزأة العين في الأعيان، وكذا تجـزأة الانتفـاع في المنفعـة؛ فإن لـم يمكـن تجـزأة العيـن ـ بل ولا الانتفاع ـ وجب اللجوء إلى بيع العين بما يمكن قسمته، ثم قسمة الثمن، وهو أمر سوف نعرض له في مسألـة مستقلة لاحقاً. أما عندما تكون قسمة المال ـ عيناً أو منفعة ـ ممكنة ـ فإننا نلاحظ أنها تختلف في الأعيان عنها في المنافع، كما أنها تختلف في بعض الأعيان عنها في البعض الآخر، فهنا أمران:
الأمر الأول: في قسمة الأعيان
تختلف قسمة الأعيـان بحسب اختلافهـا ـ مـن حيـث طبيعتهـا ـ في كيفية الانقسام على أنحاء ثلاثة:
النحو الأول: قسمة الإفراز، وموردها ما كان من الأعيان قابلاً للإنقسام إلى سهام متساوية الكمية مما يُقَدَّر بالكيل أو الوزن أو العَدِّ أو المساحة، ومتساوية ـ أيضاً ـ بالقيمة والمالية، وذلك كالصنف الواحد من الحبوب والأدهان والألبان واللحوم والنقود، وما صنع بالآلات الحديثة من آلات وأواني ومنسوجات ونحوها، والأراضي المنبسطة المتساوية الأجزاء في الصفات المرغوبة، كنوع التربة والموقع ونحوهما؛ فإن كان في بعض هذه الأعيان ما يوجب اختلاف أجزائها في المالية، وذلك كأن:
أ ـ اختلفت مواقع أجزاء الأرض من حيث انبساطها وارتفاعها، أو من حيث قربها من الطريق العام أو بعدها عنه، أو من حيث جودة تربتها أو رداءتها، وما أشبه ذلك.
ب ـ اختلفت هيئة العين الصناعية، كالسجادة الواحدة، أو السيارة أو الطشت أو نحو ذلك مما ينظر إليه بما هو عليه من شكل خارجي ناتج عن الصنعة واجتماع الأجزاء.
فإن العين في هذين الموردين ـ وما شاكلهما من الموارد التي تشتمل فيها العين على بعض الاعتبارات التي تجعل أجزاءها مختلفة المالية ـ لا تكون قسمتها قسمة إفراز، بل تنقسم بواحد من النحوين الآخرين للقسمة اللذين سنذكرهما.
النحو الثاني: قسمة التعديل، وموردها ما إذا كان المال المشترك مشتملاً على أشياء متحدة في الجنس مختلفة في القيمة والمالية، كما إذا اشترك اثنان في ثلاثة أثواب أو أغنام أو كتب؛ أو كانت الأشياء مختلفة جنساً وقيمة، كما لو اشتركا في سيارة وسجادة وكتاب وكرسي، وكانت بحيث يمكن جمع بعضها بما يساوي في قيمته حصة أحد الشركاء، والباقي حصة الشريك الآخر، دون أن يبقى شيء منها مشتركاً بينهما. (والتعديل) مأخوذ من (عَدّل الشيء) بمعنى: أقامه وسواه وجعله عِدلين، أي شيئين متماثلين ومتساوين. وبناءً عليه فإنه إذا كانت قيمة كتابين في المثال الأول تعادل وتساوي قيمة كتاب واحد، أعطي أحد الشريكين الذي له نصف هذه الكتب الثلاثة كتاباً وأعطي الآخر كتابين؛ وفي المثال الثاني: لو فرض أن قيمة السيارة تساوي قيمة السجادة والكتاب والكرسي، أعطي أحد الشريكين مقابل حصته التي هي نصف هذه الأغراض السيارة وأعطي الآخر سائر الأغراض. وهكذا.
النحو الثالث: قسمة الرد، وموردها نفس مورد النحو الثاني، غير أنه إذا جمعت بعض الأشياء مع بعضها الآخر لتُعدَّل قِيَمُها بما يساوي حصة أحد الشريكين يبقى فيها ما هو أزيد أو أنقص من حصة الآخر، بنحو لا يمكن تعديله إلا ببذل مال خارج عن المال المشترك لتتعادل به الحصص، وذلك كما إذا كانت بين اثنين سيارتان، قيمة إحداهما ألفا دولار وقيمة الأخرى ألف دولار، أمكنت القسمة بينهما بأن يأخذ أحدهما مقابل حصته ـ وهي النصف ـ السيارة التي قيمتها ألفا دولار على أن يدفع للآخر مع السيارة الثانية خمسمئة دولار لتعادل حصته.
الأمر الثاني: في قسمة المنافع
تصح قسمة المنافع المشتركة بما يصطلح عليه بـ (المُهاياة) أو: (المُهايأَة) وهي بمعنى الموافقة؛ وذلك بأن يتراضى المشتركون في منفعة الدار على أن يسكنها كل منهم حسب حصته في وقت محدد بالأيام أو الأسابيع أو نحوهما، أو أن ينفردكل واحد بجزء منها إذا كان محققاً لغرضه، أو أن يستخدموها جميعاً في الغرض المشترك، أو نحو ذلك من وجوه التوافق على الانتفاع بالمال المشترك التي تختلف باختلاف طبيعته وباختلاف الأغراض المرادة منه.
ثم إنه إن كان الاشتراك في المنفعة وحدها دون العين، كما في الدار أو السيارة أو الشجرة إذا استأجرها أكثر من واحد للانتفاع بها، انحصرت قسمتها بالمهايأة نظراً لكون المنفعة أمراً اعتبارياً قائماً بالعين لا يقبل القسمة بدونها، فلا محيص للشركاء من التوافق على الانتفاع بها بالنحو الذي يرغبون؛ فإن لم يتراضوا وطلب بعضهم حل الشركة، أو تراضوا على حلها، أمكنهم ذلك بتأجيرها لغيرهم وتقاسم أجرتها بالنحو الذي يصلح للقسمة إذا أذن لهم المالك، وإلا رفعوا أمرهم للحاكم الشرعي الذي يحق له إجبارهم على ما يراه مصلحة لهم في تقاسم المنفعة.
وأما إن كانوا شركاء في العين والمنفعة معاً، ورغبوا في تقاسم المنفعة وحدها بطريقة المهايأة صح منهم ذلك ما داموا متراضين عليها؛ فإنْ منع بعضُهم منها ورَفَع الإذن عنهم، بطلت، إلا أن يكون ملزماً بها بشرط ونحوه؛ وحيث يرغب بعضُهم في الانتفاع بالعين ـ أو يُضطر إليه ـ ولا يأذن له شركاؤه، فإنَّ بإمكانه طلبَ قسمة العين وحلِّ الشركة من أصلها ما دامت العين مشتركة أيضاً.
ـ لما كان المناط في اقتسام العين بواحد من تلك الأنحاء الثلاثة هو ما تقتضيه طبيعة العين، فإنها كما تقتضي انحصار قسمتها بواحد من الأنحاء الثلاثة بخصوصه، قد تقتضي صلاحيتها للإنقسام بأكثر من نحو واحد منها، وذلك كما لو اشتركا في ثلاث سيارات، قيمة إحداها ألفا دولار وقيمة كل من الآخريتين ألف دولار، فتصح فيها قسمة التعديل، بأن يأخذ أحدهما السيارة التي قيمتها ألفا دولار والآخر السيارتين اللتين قيمتهما ألفا دولار؛ كما تصح فيها قسمة الرد، بأن يأخذ أحدهما السيارة التي قيمتها ألفا دولار مع سيارة قيمتها ألف دولار ويأخذ الآخر السيارة الثانية التي قيمتها ألف دولار أيضاً مع ألف دولار نقداً.
أو كما لو اشتركا في حاصل موسم زراعي متنوع، وكان حاصله مئة كيلو حُمُّصاً بقيمة ثلاثين دولاراً، مع مئة كيلو قمحاً بعشرين دولاراً، مع مئة كيلو شعيراً بعشرة دولارات، فإذا أخذ كل واحد منهما نصف كل نوع من الحاصل كان ذلك قسمة إفراز، وإذا أخذ أحدهما الحمص والآخر القمح والشعير كان ذلك قسمة تعديل، وإذا أخذ أحدهما الحمص والشعير والآخر القمح مع عشرة دولارات نقداً كان ذلك قسمة رد؛ وهكذا.
ـ لا يشترط في قسمة الإفراز العلم بمقدار كل حصة، فلو أخذ كل واحد نصف القمح الموجود بمكيال مجهول صحٍّ؛ وكذا يصح فرز قطعة أرض إلى أجزاء متساوية بحبلٍ أو خشبة مجهولي المقدار. فيما لا بد لتعديل الحصص في قسمتي التعديل والرد من العلم بمقدار حصة كل منهما بما يكفل إعطاء كل ذي حق حقه.