الحجّ ثورةٌ على النفس وعلى الظالمين ومظهرٌ لتجلّي العبودية والطاعة لله

الحجّ ثورةٌ على النفس وعلى الظالمين ومظهرٌ لتجلّي العبودية والطاعة لله

الحجّ ثورةٌ على النفس وعلى الظالمين
ومظهرٌ لتجلّي العبودية والطاعة لله


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:

يقول الله سبحانه وتعالى مخاطباً نبيه إبراهيم(ع) بعد أن بنى الكعبة، البيت الحرام: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (الحج:27-28)، {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (الحج:29)، {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} (الحج:32). ويقول سبحانه: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} (آل عمران:97).

الاستجابة لله في مواقع العبودية والطاعة

هذه الأيام هي أيام الوفادة إلى موسم الحج، التي ينطلق فيها الناس من سائر أنحاء العالم ليؤدوا فريضة الحج التي فرضها الله على كل مستطيع، ليلتقي المسلمون عند البيت الحرام، الذي هو المسجد العالمي الأول {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ} (آل عمران:96)؛ المسجد الذي أراد الله للناس أن يقصدوه وأن يتوجهوا إليه في صلاتهم وفي الكثير مما فرضه الله عليهم، ليشعروا بأنهم يتوحدون بالله ويستظلون به ويطوفون ببيته.

وهكذا كانت فريضة الحج فريضةً يستعيد فيها الإنسان علاقته بربه، واستجابته له من موقع العبودية والطاعة له في كل أوامره ونواهيه. ونحن نلاحظ أنّ الله يريد للإنسان عندما يبدأ حجّه، أن يتخفّف من كل ما اعتاده في لباسه من الثياب، ممّا يتنافس الناس فيه من حيث نوعية القماش والخياطة والألوان وما إلى ذلك، لينـزع ذلك كله، ويكتفي منه بثوبي الإحرام في ما قد يُشبه الكفن الذي يقف فيه الإنسان غداً بين يدي الله سبحانه.

وهكذا ينطلق الإحرام بعد أن يغتسل الإنسان غسل الإحرام، وكأنّ الله يريد له أن يتطهَّر من كل ذنوبه، ليقف طاهراً بين يديه سبحانه وتعالى في إحرامه، وليتفكر في أن الله خاطبه بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} (النساء:1)، وبقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} (البقرة:104)، حيث يخاطب الله عباده من موقع إنسانيتهم ومن موقع إيمانهم، ليجعلهم يعيشون العبودية بين يديه، ليخضعوا له، وليطيعوه في ما أمرهم به فيفعلوه، وفي ما نهاهم عنه فيتركوه.

التلبية الدائمة

وهنا يصرخ المُحرم وهو يتوجه إلى ربه: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك"، ليقول لربه ويعاهده من جديد: يا رب، إني هنا من أجل أن ألبيك في كل نداءاتك. والتلبية معناها: إجابة بعد إجابة، كأنك عندما تقول: لبيك، إنما تقول لربك: يا رب، أنا لا أجيبك مرةً واحدةً عمّا أمرتني به ونهيتني عنه، ولكن تبقى الإجابة في كل حياتي، إجابة بعد إجابة؛ إجابة في حياتي الشخصية، وإجابة في حياتي العائلية، وإجابة في حياتي الاجتماعية وفي حياتي السياسية والاقتصادية والأمنية، سأكون يا رب في موقع الإجابة لك. وذلك عهد بينك وبين الله، كأنك تعاهده في إحرامك أن تكون كل حياتك إجابة له. ثم تنطلق بعد ذلك، وتترك كل ما اعتدته من الطيبات، لتنطلق حاسِراً رأسك، تتعرض للشمس، وتتعرض للهواء، لتصل إلى البيت العتيق وتطوف به، {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (الحج:29).

والطواف بالبيت يمثل التزاماً ببيت الله، وبيت الله هو مواقع طاعته، فأنت عندما تطوف ببيت الله، لا تتعبد للأحجار التي بُنِيَ بها البيت، حتى عندما تلمس الحجر، فإنك لا تتعبد له، ولكنك تلمسه للتبرك بما أراد الله لك أن تتبرك به طاعةً له سبحانه وتعالى.

وهكذا، فإنّ من يطوف بالبيت الحرام، يبتعد عن الطواف في بيوت الظالمين وكل مَن تتحرك مواقعهم وبيوتهم في مواقع اللهو والخلاعة والفجور والتعدي على حرمات الناس. من طاف ببيت الله، فإنّ عليه أن لا يجعل بيته العائلي بيتاً للمعصية، يشرب فيه الخمر، ويلعب فيه القمار، ويثير فيه الرذائل، ويظلم فيه أهله من خلال ذلك. فلا بد أن تجعل كل مواقعك في الحياة؛ البيت، محل العمل، وكل مكان تتواجد فيه، أن تجعلها مواقع تتعبَّد فيها لله، فتذكره فيها ذكراً كثيراً، وتسبحه بكرة وأصيلاً.

السعي في طريق الخير والهداية

ثمّ ينطلق الحاجّ إلى الصفا والمروة، {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (البقرة:158)، وقد تعبّدنا الله بأن نطوف بالصفا تارةً وبالمروة أخرى في سبعة أشواط قربةً له وسعياً للسير في طاعته، والذي يسعى بين الصفا والمروة لا يمكن أن يسعى في ظلم إنسان، ولا يمكن أن يسعى إلى بيوت اللهو والفجور والخلاعة، ولا يمكن أن يسعى لإيذاء مؤمن أو لسلب حقه أو أمواله بالباطل. إنَّ السعي بين الصفا والمروة يوحي للإنسان بأنّ عليه أن يسعى في كل حياته بما يحقق الخير والهداية للناس كلهم.

وبعد ذلك يقصّ الحاجّ شيئاً من شعره أو أظافره للإيحاء بأنّه قطع شيئاً من ماضيه.

وهكذا تبدأ حجَّك بإحرام جديد وتلبية جديدة، وتنطلق إلى عرفات لتعيش هناك الابتهال والحساب للنفس والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، وطلب المغفرة منه. وقد ورد أن من كان في عرفات وظن أن الله لن يغفر له، فلن يغفر الله له. عليك أن تحسن ظنّك في الله، وأن تجلس مع نفسك لتدرس كلَّ ماضيك، فتتوب من كل ذنوبك في الماضي، وتعزم على أن تبدأ حياة جديدة.

التوازن بين الدنيا والآخرة

وإذا انطلقت من عرفات إلى المشعر الحرام، فاذكر الله عند المشعر الحرام {فاذكروا الله كذكركم آباءكم...} (البقرة:200). وهناك من الناس من يقول: {ربنا آتنا في الدنيا} أعطني بيتاً وارزقني أولاداً، أو أموالاً، ولكنه لا يتحدث عن الآخرة، عن مغفرة الله وعن رحمته وعن القرب منه، {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق} (البقرة:200)، من نصيب، لأنه استغرق في الدنيا ولم ينفتح على الآخرة، {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار* أولئك لهم نصيب مما كسبوا} (البقرة:201-202).

ثمّ ينطلق بعد ذلك إلى منى، ليرمي جمرة العقبة، ومن ثم يقوم بعملية الأضحية، لأنّ الله أراد له أن يقوم بها، {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} (الحج:28). وبعد ذلك يقصِّر من شعره أو يحلقه، كأنه يريد له بذلك أن يتخلَّص من كل الماضي، لينبت له شعر جديد مرتكز على الطاعة. وهكذا ينطلق الإنسان ليطوف بالبيت من جديد، وليسعى به من جديد، ثم يرجع إلى منى، ليعيش فيها بين يدي الله مبتهلاً خاشعاً خاضعاً له سبحانه وتعالى.

وبعد ذلك يقوم برمي الجمار، كأنه بذلك يريد له أن يرمي كل شياطينه، سواء كانوا كباراً أو صغاراً. وينتهي الحجّ في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجّة، وعند ذلك، إذا كان قد قام بما يريده الله سبحانه وتعالى في حجّه، يقال له: لا ذنب عليك، استأنف العمل من جديد، ابدأ حياتك من جديد، حياة في طاعة الله.

حجٌ في كل مواقع الحياة

وهكذا، أيها الأحبة، ينتهي الحج بإكمال المناسك، ليبدأ الإنسان بعد ذلك حجاً جديداً في كل حياته، حجاً في كل مواقعه وفي كل علاقاته، وفي كل مواقفه ليكون طوافه بكل ما يرضي الله، وسعيه فيما يحبه سبحانه وتعالى، ورفضه لكل شياطين الجن والإنس. وبذلك يستطيع الإنسان أن يجد في حجّه الكثير مما يربي له حياته وأخلاقه. وقد ورد في بعض الأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت(ع): "ما يعبأ الله بمن يؤمّ هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه، وحُسن الصحابة لمن صحبه".

أيها الأحبة، نسأل الله أن يتقبل من الحجَّاج حجّهم، وأن يعيَ كل الحجاج المعنى الحقيقي للحجّ، فلا يعتبروه رحلةً عادية يمارسون فيها حياتهم بشكل مادي، بل ثورةً على النفس فيما كانت فيه من معصية لله، وتمرداً على الشيطان، وإيذاناً بحياة جديدة، ينطلق فيها كل المسلمين ليشعروا بالوحدة الإسلامية التي تجمعهم وتوحّد صفوفهم وتقوي كل مواقعهم، وتحرك كل مواقفهم في سبيل الله في مواجهة كل الكفر والكافرين، والاستكبار والمستكبرين.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله... اتقوا الله، وواجهوا الموقف بالوحدة، وقفوا ضد كل من يريد أن يزرع الفتنة بين المسلمين، أو يثير المشاكل بين اللبنانيين، لأن الاستكبار العالمي المتمثل بأمريكا وحلفائها الإقليميين والدوليين، يعملون على إثارة العصبيات، ليقتل المسلم المسلم، وليهجّر المسلم المسلم، وهذا ما نواجهه على مستوى الواقع الدولي والإقليمي والمحلي، فماذا هناك؟

حذار الانفتاح على الألاعيب الأمريكية

في المشهد الفلسطيني، تحرّكت الكارثة الأمنية التي استنـزفت الدم الفلسطيني بأيدٍ فلسطينية، من خلال بعض الاختلافات الحزبية ذات الطابع السياسي، فيتحدث فيها أحد الأفرقاء هنا عن الشرعية الدستورية أو الخطة الواقعية لحلّ مشاكل الشعب الفلسطيني في قضية التسوية على أساس ملاحظة الأوضاع الدولية.

لقد انطلقت هذه الرؤية من خلال اللقاءات المتنوعة بالرئيس الأمريكي وإدارته، أو ببعض الموفدين الأوروبيين، ولاسيما رئيس وزراء بريطانيا الذي جاء إلى فلسطين ليجرّب حظّه في إحراز بعض التقدم في الصراع العربي ـ الإسرائيلي من دون جدوى، لأنه ربط سياسته بسياسة الولايات المتحدة الأمريكية، في خضوع صارخ لإملاءاتها في مختلف شؤون العالم. وهكذا نجد أن بلير يتحدّث بمناسبة وغير مناسبة عن إيران، باعتبارها الدولة المتطرفة التي تمثل خطراً على المنطقة والعالم، في الوقت الذي يعطي الأولوية لأمن إسرائيل، ويدعو العرب إلى التكامل والتواصل معها، من دون أن يتحدث ولو بكلمة واحدة عن الترسانة النووية التي تملكها، والتي تشكل خطراً على أمن دول المنطقة التي تطالب بخلوّ الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، كما أنه لا يزال مصراً على تأييد حليفه الرئيس بوش في العراق، الذي لا يزال شعبه يعاني من الاحتلال ومن إدارة قواته لأوضاعه السياسية والاقتصادية.

إن بلير يحاول خداع المسؤولين العرب، بمن فيهم الفلسطينيون، في حديثه عن الاعتدال وعن مواجهة الخطر الإيراني الذي لا تأثير له إلا على مصالح الغرب الاستكبارية، أما بالنسبة إلى المنطقة العربية والإسلامية، فالعلاقة بين إيران وبينها هي علاقة صداقة وانفتاح.

إننا نلاحظ أنّ هناك فريقاً فلسطينياً يحاول أن ينفتح على الألاعيب الأمريكية والإسرائيلية وحلفائهما، من خلال بعض المشاريع التي يحرّكها في الواقع السياسي الفلسطيني بشكل انفرادي... بينما نجد فريقاً فلسطينياً آخر ينطلق من القضية الاستراتيجية في المحافظة على أصالتها في خط التحرير، ويرفض ـ من خلال ذلك ـ الاعتراف بالشرعية الإسرائيلية وكل مفاعيلها، الأمر الذي جعله يعيش في حصار عربي أو دولي من النواحي السياسية والاقتصادية والأمنية، في الوقت الذي يطرح مشروع حكومة الوحدة الوطنية، التي قد لا تملك الكثير من الواقعية في الساحة. وهكذا فإنّ الشعب الفلسطيني لا يزال يعيش في دوّامة، ولا يزال يواجه الأفق المسدود، انطلاقاً من التعقيدات التي يتحرك بها بعض السياسيين الذين يريدون السيطرة على الواقع كله...

إنَّ من الخطورة بمكان إثارة الفتنة من خلال هذا التنوّع الحزبي الحركي، واستنـزاف الدم الفلسطيني في حركة هذا الطرف أو ذاك، ما يجعل أي نزاع سياسي يتحوّل، وبشكل تلقائي، إلى قتال يسقط فيه قتلى وجرحى هنا وهناك، من دون الاستماع إلى دعوات الاتفاق على التهدئة ووقف إطلاق النار، وهو ما يدفع بالمخلصين للقضية الفلسطينية إلى مناشدة الجميع بتثقيف قواعدهم الحزبية على احترام أخوانهم في دمائهم وأعراضهم وأموالهم، فلا يتجرَّأون على سفك الدم الحرام أو على القيام بعمليات الخطف التي تزيد الطين بلّة...

إننا نحمّل الجميع المسؤولية عن هذه الذهنية التي يتحول عندها الخلاف السياسي إلى خلاف أمني، في الوقت الذي يتابع العدو الصهيوني عمليات القتل والاعتقال، حتى أصبحنا ننتظر في كل يوم، مع الأسف، أعداد القتلى والجرحى في الداخل الفلسطيني، وفي النتائج الدامية لهذا العدوان الإسرائيلي المتميّز...

إننا نرفع الصوت عالياً من أجل السيطرة على الواقع بمسؤولية، للارتفاع إلى مستوى القضية الكبرى في مواجهة الاحتلال، لتكون البنادق كلها ضد العدو، ولاسيما أن العالم المستكبر لا يزال يدعم الصهاينة في مشروعهم الاستراتيجي لمصادرة القضية كلها.

استهداف أمريكي للإسلام

ومن جانب آخر، فإن الإدارة الأمريكية التي تتخبط في وحول الاحتلال العراقي والأفغاني والواقع اللبناني، لا تزال تمثل الخطر على المنطقة كلها، وعلى سلامة الإسلام بالذات، لأن متابعتنا للسياسة الأمريكية في خططها للواقع الإسلامي، جعلتنا نتأكد أنها تريد تدمير الإسلام فكراً وثقافةً وأمةً، وذلك انطلاقاً من العقدة المتمثلة في حقد المحافظين الجدد، والجماعات اليهودية في أمريكا المهيمنة على الإدارة. وإننا ندعو الشعب الأمريكي، إلى أن لا يقتصر في معارضته للرئيس بوش على سياسته في العراق، بل يجب أن تشمل سياسته المتمثّلة في التأييد المطلق لإسرائيل التي تستغل ذلك في تبرير جرائمها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة والسلم العالمي، بحيث تؤدي هذه السياسات إلى كراهية الشعوب المستضعفة لأمريكا، الأمر الذي يترك تأثيره على مصالحها الاستراتيجية.

إننا لا نحمل عقدةً من الشعب الأمريكي، بل إن العقد انطلقت من سياسة الإدارة الأمريكية الحالية، الأمر الذي نريد للشعب الأمريكي أن يعرفه ليعمل على تغيير الواقع السياسي لتكون هناك صداقة بين الشعب الأمريكي والشعوب الأخرى.

وفي لبنان، لا تزال الدوامة تفرض نفسها على الواقع السياسي الذي ينتقل من اهتزاز إلى اهتزاز، من خلال اللعبة الداخلية التي تتحرك لإجهاض المبادرات الخيرة، التي تعمل على إيجاد أساس للوفاق الوطني، ولتحويل الصراع إلى حال من الواقعية للحلول الوطنية التي تجمع اللبنانيين على قاعدة واحدة من الإخلاص للبنان الوطن والإنسان والانفتاح على العلاقات الوطنية بين أفراد الوطن الواحد بعيداً عن الطائفية والمذهبية والشخصانية وخلفيات الوصايات الدولية والإقليمية.

الحجّ ثورةٌ على النفس وعلى الظالمين
ومظهرٌ لتجلّي العبودية والطاعة لله


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:

يقول الله سبحانه وتعالى مخاطباً نبيه إبراهيم(ع) بعد أن بنى الكعبة، البيت الحرام: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (الحج:27-28)، {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (الحج:29)، {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} (الحج:32). ويقول سبحانه: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} (آل عمران:97).

الاستجابة لله في مواقع العبودية والطاعة

هذه الأيام هي أيام الوفادة إلى موسم الحج، التي ينطلق فيها الناس من سائر أنحاء العالم ليؤدوا فريضة الحج التي فرضها الله على كل مستطيع، ليلتقي المسلمون عند البيت الحرام، الذي هو المسجد العالمي الأول {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ} (آل عمران:96)؛ المسجد الذي أراد الله للناس أن يقصدوه وأن يتوجهوا إليه في صلاتهم وفي الكثير مما فرضه الله عليهم، ليشعروا بأنهم يتوحدون بالله ويستظلون به ويطوفون ببيته.

وهكذا كانت فريضة الحج فريضةً يستعيد فيها الإنسان علاقته بربه، واستجابته له من موقع العبودية والطاعة له في كل أوامره ونواهيه. ونحن نلاحظ أنّ الله يريد للإنسان عندما يبدأ حجّه، أن يتخفّف من كل ما اعتاده في لباسه من الثياب، ممّا يتنافس الناس فيه من حيث نوعية القماش والخياطة والألوان وما إلى ذلك، لينـزع ذلك كله، ويكتفي منه بثوبي الإحرام في ما قد يُشبه الكفن الذي يقف فيه الإنسان غداً بين يدي الله سبحانه.

وهكذا ينطلق الإحرام بعد أن يغتسل الإنسان غسل الإحرام، وكأنّ الله يريد له أن يتطهَّر من كل ذنوبه، ليقف طاهراً بين يديه سبحانه وتعالى في إحرامه، وليتفكر في أن الله خاطبه بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} (النساء:1)، وبقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} (البقرة:104)، حيث يخاطب الله عباده من موقع إنسانيتهم ومن موقع إيمانهم، ليجعلهم يعيشون العبودية بين يديه، ليخضعوا له، وليطيعوه في ما أمرهم به فيفعلوه، وفي ما نهاهم عنه فيتركوه.

التلبية الدائمة

وهنا يصرخ المُحرم وهو يتوجه إلى ربه: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك"، ليقول لربه ويعاهده من جديد: يا رب، إني هنا من أجل أن ألبيك في كل نداءاتك. والتلبية معناها: إجابة بعد إجابة، كأنك عندما تقول: لبيك، إنما تقول لربك: يا رب، أنا لا أجيبك مرةً واحدةً عمّا أمرتني به ونهيتني عنه، ولكن تبقى الإجابة في كل حياتي، إجابة بعد إجابة؛ إجابة في حياتي الشخصية، وإجابة في حياتي العائلية، وإجابة في حياتي الاجتماعية وفي حياتي السياسية والاقتصادية والأمنية، سأكون يا رب في موقع الإجابة لك. وذلك عهد بينك وبين الله، كأنك تعاهده في إحرامك أن تكون كل حياتك إجابة له. ثم تنطلق بعد ذلك، وتترك كل ما اعتدته من الطيبات، لتنطلق حاسِراً رأسك، تتعرض للشمس، وتتعرض للهواء، لتصل إلى البيت العتيق وتطوف به، {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (الحج:29).

والطواف بالبيت يمثل التزاماً ببيت الله، وبيت الله هو مواقع طاعته، فأنت عندما تطوف ببيت الله، لا تتعبد للأحجار التي بُنِيَ بها البيت، حتى عندما تلمس الحجر، فإنك لا تتعبد له، ولكنك تلمسه للتبرك بما أراد الله لك أن تتبرك به طاعةً له سبحانه وتعالى.

وهكذا، فإنّ من يطوف بالبيت الحرام، يبتعد عن الطواف في بيوت الظالمين وكل مَن تتحرك مواقعهم وبيوتهم في مواقع اللهو والخلاعة والفجور والتعدي على حرمات الناس. من طاف ببيت الله، فإنّ عليه أن لا يجعل بيته العائلي بيتاً للمعصية، يشرب فيه الخمر، ويلعب فيه القمار، ويثير فيه الرذائل، ويظلم فيه أهله من خلال ذلك. فلا بد أن تجعل كل مواقعك في الحياة؛ البيت، محل العمل، وكل مكان تتواجد فيه، أن تجعلها مواقع تتعبَّد فيها لله، فتذكره فيها ذكراً كثيراً، وتسبحه بكرة وأصيلاً.

السعي في طريق الخير والهداية

ثمّ ينطلق الحاجّ إلى الصفا والمروة، {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (البقرة:158)، وقد تعبّدنا الله بأن نطوف بالصفا تارةً وبالمروة أخرى في سبعة أشواط قربةً له وسعياً للسير في طاعته، والذي يسعى بين الصفا والمروة لا يمكن أن يسعى في ظلم إنسان، ولا يمكن أن يسعى إلى بيوت اللهو والفجور والخلاعة، ولا يمكن أن يسعى لإيذاء مؤمن أو لسلب حقه أو أمواله بالباطل. إنَّ السعي بين الصفا والمروة يوحي للإنسان بأنّ عليه أن يسعى في كل حياته بما يحقق الخير والهداية للناس كلهم.

وبعد ذلك يقصّ الحاجّ شيئاً من شعره أو أظافره للإيحاء بأنّه قطع شيئاً من ماضيه.

وهكذا تبدأ حجَّك بإحرام جديد وتلبية جديدة، وتنطلق إلى عرفات لتعيش هناك الابتهال والحساب للنفس والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، وطلب المغفرة منه. وقد ورد أن من كان في عرفات وظن أن الله لن يغفر له، فلن يغفر الله له. عليك أن تحسن ظنّك في الله، وأن تجلس مع نفسك لتدرس كلَّ ماضيك، فتتوب من كل ذنوبك في الماضي، وتعزم على أن تبدأ حياة جديدة.

التوازن بين الدنيا والآخرة

وإذا انطلقت من عرفات إلى المشعر الحرام، فاذكر الله عند المشعر الحرام {فاذكروا الله كذكركم آباءكم...} (البقرة:200). وهناك من الناس من يقول: {ربنا آتنا في الدنيا} أعطني بيتاً وارزقني أولاداً، أو أموالاً، ولكنه لا يتحدث عن الآخرة، عن مغفرة الله وعن رحمته وعن القرب منه، {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق} (البقرة:200)، من نصيب، لأنه استغرق في الدنيا ولم ينفتح على الآخرة، {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار* أولئك لهم نصيب مما كسبوا} (البقرة:201-202).

ثمّ ينطلق بعد ذلك إلى منى، ليرمي جمرة العقبة، ومن ثم يقوم بعملية الأضحية، لأنّ الله أراد له أن يقوم بها، {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} (الحج:28). وبعد ذلك يقصِّر من شعره أو يحلقه، كأنه يريد له بذلك أن يتخلَّص من كل الماضي، لينبت له شعر جديد مرتكز على الطاعة. وهكذا ينطلق الإنسان ليطوف بالبيت من جديد، وليسعى به من جديد، ثم يرجع إلى منى، ليعيش فيها بين يدي الله مبتهلاً خاشعاً خاضعاً له سبحانه وتعالى.

وبعد ذلك يقوم برمي الجمار، كأنه بذلك يريد له أن يرمي كل شياطينه، سواء كانوا كباراً أو صغاراً. وينتهي الحجّ في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجّة، وعند ذلك، إذا كان قد قام بما يريده الله سبحانه وتعالى في حجّه، يقال له: لا ذنب عليك، استأنف العمل من جديد، ابدأ حياتك من جديد، حياة في طاعة الله.

حجٌ في كل مواقع الحياة

وهكذا، أيها الأحبة، ينتهي الحج بإكمال المناسك، ليبدأ الإنسان بعد ذلك حجاً جديداً في كل حياته، حجاً في كل مواقعه وفي كل علاقاته، وفي كل مواقفه ليكون طوافه بكل ما يرضي الله، وسعيه فيما يحبه سبحانه وتعالى، ورفضه لكل شياطين الجن والإنس. وبذلك يستطيع الإنسان أن يجد في حجّه الكثير مما يربي له حياته وأخلاقه. وقد ورد في بعض الأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت(ع): "ما يعبأ الله بمن يؤمّ هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه، وحُسن الصحابة لمن صحبه".

أيها الأحبة، نسأل الله أن يتقبل من الحجَّاج حجّهم، وأن يعيَ كل الحجاج المعنى الحقيقي للحجّ، فلا يعتبروه رحلةً عادية يمارسون فيها حياتهم بشكل مادي، بل ثورةً على النفس فيما كانت فيه من معصية لله، وتمرداً على الشيطان، وإيذاناً بحياة جديدة، ينطلق فيها كل المسلمين ليشعروا بالوحدة الإسلامية التي تجمعهم وتوحّد صفوفهم وتقوي كل مواقعهم، وتحرك كل مواقفهم في سبيل الله في مواجهة كل الكفر والكافرين، والاستكبار والمستكبرين.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله... اتقوا الله، وواجهوا الموقف بالوحدة، وقفوا ضد كل من يريد أن يزرع الفتنة بين المسلمين، أو يثير المشاكل بين اللبنانيين، لأن الاستكبار العالمي المتمثل بأمريكا وحلفائها الإقليميين والدوليين، يعملون على إثارة العصبيات، ليقتل المسلم المسلم، وليهجّر المسلم المسلم، وهذا ما نواجهه على مستوى الواقع الدولي والإقليمي والمحلي، فماذا هناك؟

حذار الانفتاح على الألاعيب الأمريكية

في المشهد الفلسطيني، تحرّكت الكارثة الأمنية التي استنـزفت الدم الفلسطيني بأيدٍ فلسطينية، من خلال بعض الاختلافات الحزبية ذات الطابع السياسي، فيتحدث فيها أحد الأفرقاء هنا عن الشرعية الدستورية أو الخطة الواقعية لحلّ مشاكل الشعب الفلسطيني في قضية التسوية على أساس ملاحظة الأوضاع الدولية.

لقد انطلقت هذه الرؤية من خلال اللقاءات المتنوعة بالرئيس الأمريكي وإدارته، أو ببعض الموفدين الأوروبيين، ولاسيما رئيس وزراء بريطانيا الذي جاء إلى فلسطين ليجرّب حظّه في إحراز بعض التقدم في الصراع العربي ـ الإسرائيلي من دون جدوى، لأنه ربط سياسته بسياسة الولايات المتحدة الأمريكية، في خضوع صارخ لإملاءاتها في مختلف شؤون العالم. وهكذا نجد أن بلير يتحدّث بمناسبة وغير مناسبة عن إيران، باعتبارها الدولة المتطرفة التي تمثل خطراً على المنطقة والعالم، في الوقت الذي يعطي الأولوية لأمن إسرائيل، ويدعو العرب إلى التكامل والتواصل معها، من دون أن يتحدث ولو بكلمة واحدة عن الترسانة النووية التي تملكها، والتي تشكل خطراً على أمن دول المنطقة التي تطالب بخلوّ الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، كما أنه لا يزال مصراً على تأييد حليفه الرئيس بوش في العراق، الذي لا يزال شعبه يعاني من الاحتلال ومن إدارة قواته لأوضاعه السياسية والاقتصادية.

إن بلير يحاول خداع المسؤولين العرب، بمن فيهم الفلسطينيون، في حديثه عن الاعتدال وعن مواجهة الخطر الإيراني الذي لا تأثير له إلا على مصالح الغرب الاستكبارية، أما بالنسبة إلى المنطقة العربية والإسلامية، فالعلاقة بين إيران وبينها هي علاقة صداقة وانفتاح.

إننا نلاحظ أنّ هناك فريقاً فلسطينياً يحاول أن ينفتح على الألاعيب الأمريكية والإسرائيلية وحلفائهما، من خلال بعض المشاريع التي يحرّكها في الواقع السياسي الفلسطيني بشكل انفرادي... بينما نجد فريقاً فلسطينياً آخر ينطلق من القضية الاستراتيجية في المحافظة على أصالتها في خط التحرير، ويرفض ـ من خلال ذلك ـ الاعتراف بالشرعية الإسرائيلية وكل مفاعيلها، الأمر الذي جعله يعيش في حصار عربي أو دولي من النواحي السياسية والاقتصادية والأمنية، في الوقت الذي يطرح مشروع حكومة الوحدة الوطنية، التي قد لا تملك الكثير من الواقعية في الساحة. وهكذا فإنّ الشعب الفلسطيني لا يزال يعيش في دوّامة، ولا يزال يواجه الأفق المسدود، انطلاقاً من التعقيدات التي يتحرك بها بعض السياسيين الذين يريدون السيطرة على الواقع كله...

إنَّ من الخطورة بمكان إثارة الفتنة من خلال هذا التنوّع الحزبي الحركي، واستنـزاف الدم الفلسطيني في حركة هذا الطرف أو ذاك، ما يجعل أي نزاع سياسي يتحوّل، وبشكل تلقائي، إلى قتال يسقط فيه قتلى وجرحى هنا وهناك، من دون الاستماع إلى دعوات الاتفاق على التهدئة ووقف إطلاق النار، وهو ما يدفع بالمخلصين للقضية الفلسطينية إلى مناشدة الجميع بتثقيف قواعدهم الحزبية على احترام أخوانهم في دمائهم وأعراضهم وأموالهم، فلا يتجرَّأون على سفك الدم الحرام أو على القيام بعمليات الخطف التي تزيد الطين بلّة...

إننا نحمّل الجميع المسؤولية عن هذه الذهنية التي يتحول عندها الخلاف السياسي إلى خلاف أمني، في الوقت الذي يتابع العدو الصهيوني عمليات القتل والاعتقال، حتى أصبحنا ننتظر في كل يوم، مع الأسف، أعداد القتلى والجرحى في الداخل الفلسطيني، وفي النتائج الدامية لهذا العدوان الإسرائيلي المتميّز...

إننا نرفع الصوت عالياً من أجل السيطرة على الواقع بمسؤولية، للارتفاع إلى مستوى القضية الكبرى في مواجهة الاحتلال، لتكون البنادق كلها ضد العدو، ولاسيما أن العالم المستكبر لا يزال يدعم الصهاينة في مشروعهم الاستراتيجي لمصادرة القضية كلها.

استهداف أمريكي للإسلام

ومن جانب آخر، فإن الإدارة الأمريكية التي تتخبط في وحول الاحتلال العراقي والأفغاني والواقع اللبناني، لا تزال تمثل الخطر على المنطقة كلها، وعلى سلامة الإسلام بالذات، لأن متابعتنا للسياسة الأمريكية في خططها للواقع الإسلامي، جعلتنا نتأكد أنها تريد تدمير الإسلام فكراً وثقافةً وأمةً، وذلك انطلاقاً من العقدة المتمثلة في حقد المحافظين الجدد، والجماعات اليهودية في أمريكا المهيمنة على الإدارة. وإننا ندعو الشعب الأمريكي، إلى أن لا يقتصر في معارضته للرئيس بوش على سياسته في العراق، بل يجب أن تشمل سياسته المتمثّلة في التأييد المطلق لإسرائيل التي تستغل ذلك في تبرير جرائمها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة والسلم العالمي، بحيث تؤدي هذه السياسات إلى كراهية الشعوب المستضعفة لأمريكا، الأمر الذي يترك تأثيره على مصالحها الاستراتيجية.

إننا لا نحمل عقدةً من الشعب الأمريكي، بل إن العقد انطلقت من سياسة الإدارة الأمريكية الحالية، الأمر الذي نريد للشعب الأمريكي أن يعرفه ليعمل على تغيير الواقع السياسي لتكون هناك صداقة بين الشعب الأمريكي والشعوب الأخرى.

وفي لبنان، لا تزال الدوامة تفرض نفسها على الواقع السياسي الذي ينتقل من اهتزاز إلى اهتزاز، من خلال اللعبة الداخلية التي تتحرك لإجهاض المبادرات الخيرة، التي تعمل على إيجاد أساس للوفاق الوطني، ولتحويل الصراع إلى حال من الواقعية للحلول الوطنية التي تجمع اللبنانيين على قاعدة واحدة من الإخلاص للبنان الوطن والإنسان والانفتاح على العلاقات الوطنية بين أفراد الوطن الواحد بعيداً عن الطائفية والمذهبية والشخصانية وخلفيات الوصايات الدولية والإقليمية.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية