مدرسة إسلامية علمية شاملة:
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}(الأحزاب/33). من أهل هذا البيت، من أئمتهم، الإمام جعفر الصادق(ع) الذي تصادف ذكرى وفاته في الخامس والعشرين من شهر شوَّال. والحديث عن هذا الإمام، هو حديثٌ عن المدرسة الإسلامية العلمية العقلانية الموضوعيَّة الواسعة، الّتي اتّسعت لتشمل الجميع، فلم تضق بأحد. فقد عمل الإمام(ع) في تلك المرحلة على الدعوة إلى الإسلام، وعلى تثقيف الناس وتصحيح المفاهيم التي طرأ عليها الانحراف من هنا وهناك، وعلى توجيه المجتمع الإسلامي إلى المنهج الأخلاقي الذي لم يترك (ع) أيّ موقع من مواقعه إلا وتحدَّث عنه ووجّه الناس إليه.
وهكذا كانت أحاديث الإمام الصَّادق(ع) العميقة التي ركَّزت القواعد الفكرية العقيدية لهذه الفلسفة الإسلامية، وكان(ع) يوجّه الناس إلى أن يأخذوا بمنطق العقل، وأن لا يسقطوا أمام موقع العاطفة، لأنَّ العاطفة لا ضوابط لها، فقد تنفتح على هوى النفس وشهواتها، وعلى ما يحيط بها من حالات طارئة هنا وهناك، أما العقل، فله قواعده ومعادلاته وعمقه، وقد جعل الله تعالى العقل حجَّةً بينه وبين عباده، ودعا الناس إلى أن يخضعوا له، لما يمثّله من طاقة قدسية في تكوين الإنسان، وقد جاء في الحديث، أن العقل هو الذي يتلقى الأوامر من الله ليوجّه الناس إلى الالتزام بها، ويتلقى النواهي منه ليوجِّههم إلى الابتعاد عنها، وليرتفع بالإنسان، إذا كان يملك قوة العقل، للحصول على الثواب في عمله.
إمام الحوار:
وركَّز الإمام(ع) على الحوار، واعتبر أن لا مقدَّسات في الحوار، فقد كان (ع) يحاور الذين يختلفون معه في المذهب، على أساس ما يقدّمه من براهين وحجج، وكان يحاور من يختلفون معه في الدين من الزنادقة والملاحدة، حيث كان عقله يتَّسع لما يقدّمونه من شبهات، وكان قلبه ينفتح على كلِّ الأساليب الإنسانية التي تعطيهم الحرية في أن يتحدَّثوا بما يشاؤون دون تحفّظ، حتى بالكلمات التي قد تكون مسيئةً، لأنه(ع) كان يريد لمن يحاوره أن يتحدث عن كل ما يفكر فيه، ليناقشه في كل ذلك، ليمنحه الاقتناع من خلال الحجة والدليل.
وقد كان الإمام الصادق(ع) ـ فيما يروى من تاريخه ـ يجلس في البيت الحرام، والناس يطوفون ويصلّون، وكان(ع) يستقبل الملاحدة والزنادقة الذين كانوا يسخرون ممّا يفعله المسلمون في عبادتهم، حتى كان البعض منهم يقول له في حواره: «إلى كم تدوسون هذا البيدر»؟ (ويقصدون ساحة الطواف) وكان(ع) يجيبهم بكل عقلانية وإنسانية وهدوء، على طريقة جده رسول الله(ص) بالكلمة الطيبة والأسلوب الأحسن.
وهكذا كان الإمامُ الصَّادق(ع) ينطلق بالحوار مع كلِّ من خالفه في الفكر أو الرَّأي، وقد كان رائد الحوار، وهو ما يجب أن يكون عليه كلُّ الدعاة إلى الله، لأنَّ الداعية، ولا سيَّما إذا كان إماماً، ينبغي أن لا يتعقّد من الرأي الآخر، بل عليه أن يخطِّط من أجل أن يجذبه إليه بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، حتى إنّ أحد هؤلاء الذين كانوا يجتمعون حول الإمام الصادق(ع)، قال عنه: «ما رأيت أحداً يستحقّ اسم الإنسانية إلا هذا الشّيخ الجالس، وأشار إلىجعفر بن محمد»، لأن إنسانيته كانت إنسانية العقل والقلب الذي ينفتح على الإنسان كله، وكانت إنسانية الفكر والحياة.
إمام العلم والعلماء:
كان الإمام الصادق(ع) معلّم تلك المرحلة، وكان العلماء من مختلف المذاهب يرجعون إليه ويتعلّمون منه، وقد كان من تلاميذه أبو حنيفة؛ إمام المذهب الحنفي، الذي تلمّذ عليه في مدى سنتين، وكان يقول: «لولا السنتان لهلك النعمان»، لأنه أخذ من الإمام الصادق(ع) مختلف العلوم في هاتين السنتين، وإن لم يلتزم مذهب الإمام الصادق(ع). وينقل أبو حنيفة، أن أبا جعفر المنصور ـ الخليفة العباسي آنذاك ـ قال له: «يا أبا حنيفة، إنّ النّاس قد افتتنوا بجعفر بن محمّد، فهيّئ له من المسائل الشّداد»، فحضّر له أربعين مسألةً، وكان(ع) يجيب: «أنتم تقولون كذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا»، حتى أتى على المسائل كلِّها، وقال أبو حنيفة: «إنه أعلم الناس، لأن أعلم الناس أعرفهم باختلاف الناس».
وذكر بعض الرُّواة أنه دخل مسجد الكوفة، قال: «فرأيت فيه تسعمائة شيخ ـ أستاذ ـ كلٌّ يقول: «حدّثني جعفر بن محمّد الصّادق»، لأنّه كان أستاذ كل تلك المرحلة؛ كان أستاذاً لمن يتّفق معه أو لمن يختلف معه في الرأي، فقد كان يمثل الوحدة الإسلامية العلمية، حتى إنه كان يستقبل كل علماء المذاهب، ولثقتهم به، كانوا يرجعون إليه في المسائل كلها، وقد أحصى العلماء من الرواة الذين رووا حديثه أربعة آلاف راوٍ.
دعوته(ع) إلى الانفتاح علىالآخرين:
وكان(ع) أيضاً يمثِّل في تلك المرحلة الدرجة العليا من الروحانية في عبادته لله وابتهالاته له سبحانه، وعندما نقرأ أدعيته وابتهالاته، نجد أنه كان الإنسان الذي أحبّ الله فأحبّه الله، وأخلص لله تعالى كلَّ روحه وكلَّ عقله وكلَّ حياته، وكان(ع) ينفتح في مجالسه على كل الناس، فيتحدث إليهم ويوصيهم ويعظهم، كان(ع) يريد للشيعة أن يتفقَّهوا في الدين، وأن لا يكونوا جهلةً لا يفهمون من الدين شيئاً، وكان(ع) يقول: «ليت السِّياط على رؤوس أصحابي حتى يتفقَّهوا في الحلال والحرام»، وكان(ع) يريد لهم أن لا يسيئوا إلى الناس، حتى إلى الذين يختلفون معهم في الرأي، وكان يقول: «ما أيسر ما رضي الناس به منكم، كفّوا ألسنتكم عنهم»، لا تلعنوا ولا تسبُّوا الذين يختلفون معكم في المذهب والرأي، لأن الخلاف في الرأي يفرض الحوار والجدال بالتي هي أحسن، لا أن نسبَّ ونلعن، وقد نهانا الله تعالى عن أن نسبّ الذين يدعون من دون الله، لأن ذلك سوف يؤدي إلى ردّ فعل: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ}(الأنعام/108).
وهكذا، كان الأئمة(ع) يسيرون على ما سار عليه عليّ(ع) الذي كان كل همَّه أن يحمي المسلمين، وهو يقول: «لأسلمنَّ ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا عليَّ خاصة»، وكان(ع) يقول لشيعته: «إني أكره لكم أن تكونوا سبّابين، ولكنّكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم،كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبّكم إياهم: اللّهمّ احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحقَّ من جهله، ويرعوي عن الغيِّ والعدوان من لهج به».
هذه هي سيرة أئمة أهل البيت(ع)، وهذا هو منهجهم الأخلاقي، ولقد أرادوا أن يجذبوا الناس إليهم ليقدّموا لهم الحكمة والموعظة الحسنة، وقد ورد عن أحد أئمة أهل البيت(ع): «أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا»، وعندما سئل: كيف نحيي أمركم؟ هل بضرب الرؤوس بالسيوف والظُّهور بالسلاسل؟ قال(ع): «حدّثوا الناس بأحاديثنا، فإنهم إذا عرفوا محاسن أخلاقنا أحبّونا». حدّثوا الناس بأخلاق الأئمَّة(ع) وعلومهم ونصائحهم وروحانيَّتهم، لأن الناس إذا عرفوا هذا المستوى الرائع أحبّوهم، وهذا ما نوجّهه لكل المشايخ وقرّاء التعزية، أن لا يحدّثوا الناس بالخرافة بل بالحقيقة.
لقد أرادنا الإمامُ الصَّادقُ(ع) أن نؤكِّد الوحدة الإسلامية، وقد سئل: ماذا نفعل مع عشائرنا وخلطائنا من الناس؟ فقال(ع): «عودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم، وصلّوا في مساجدهم». كان الإمام(ع) يريد للمسلمين الشيعة أن ينفتحوا على المسلمين السنّة من دون أن يقدّموا تنازلات من عقيدتهم ومذهبهم، وهو الذي كان يقول: «ولدني أبو بكر مرتين»، باعتبار أن أبا بكر جدّه لأمّه، ولكن هذا لا يعني أنه يسلم بالخلافة، التي هي من حق علي(ع)، ولكنه كان يريد للناس أن يأخذوا بهذا الجانب الإنساني الأخلاقي.
إن ولايتنا لأهل البيت(ع) هي جزء من رسالتنا وخطنا الإسلامي، فهم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وهم الذين يجسّدون الرسالة ويحفظونها، فهم أوصياء رسول الله(ص)، وصلاة الله وسلامه على الإمام الصادق(ع) وعلى آبائه وأبنائه يوم وُلد ويوم مات ويوم يُبعث حياً.
الخطبة الثانية
بسم الله الرَّحمن الرحيم
عباد الله... اتقوا الله، وواجهوا الموقف بالوحدة الإسلامية التي تقف ضد الكفر وأهله، وضد الاستكبار وأهله، دفاعاً عن الإسلام الذي أراد الله للناس أن يأخذوا به كله.
دعم أمريكي مطلقاً لإسرائيل:
في خطّ سياسة الإدارة الأمريكية، كان الرئيس بوش قد أعطى إسرائيل الضوء الأخضر لقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وهدم منازل المدنيين في بيت حانون تحت عنوان الدفاع عن النفس، ولذا لم يكن مستغرباً استخدام المندوب الأمريكي في مجلس الأمن حق النقض "الفيتو" ضد مشروع القرار الذي يدين إسرائيل، وإن في شكل بسيط على مجازرها، ليكون هذا الفيتو هو الأربعين الذي تستخدمه أمريكا في مجلس الأمن تأييداً للعدو وتشجيعاً له على عدوانه التاريخي على الشعب الفلسطيني، وامتهاناً للعالم العربي والإسلامي الذي تخضع معظم دوله للإدارة الأمريكية التي تحتقر هؤلاء، لأن أمريكا لا تحترم الذين يخضعون لها ويسقطون أمام تأثيراتها السياسية...
ومن جانب آخر، فإن زيارة رئيس الوزراء الصهيوني لواشنطن جدَّدت التأييد الأمريكي لمطالب الدولة العبرية في توسيع عدوانها على الشعب الفلسطيني، من خلال مواقف الرئيس الأمريكي، التي ترى في مصالح إسرائيل العدوانية الاستراتيجية، الأساس الذي تقوم عليه السياسة الأمريكية، حتى إن بوش قد منح أولمرت الوعد بمعارضة فكرة المؤتمر الدولي.
ومن اللافت والمثير أنَّ الرئيس بوش طلب من الرئيس الصهيوني أن يدرِّب الإسرائيليون قوّاتهم، حتى لا تتكرّر هزيمتهم التي واجهوها في الحرب على لبنان من قِبَل المجاهدين، ووعدهم بإرسال الأسلحة المتطوّرة التي تقتل المزيد من اللبنانيين والفلسطينيين، بعدما ساهمت أمريكا بأسلحتها المدمرة المحرمة في قتل الآلاف من الشعبين اللبناني والفلسطيني، وقد صرّح المسؤولون الصهاينة أن القنابل العنقودية التي ألقاها العدو على القرى اللبنانية في جبل عامل، والتي لا تزال تقتل وتجرح في كل يوم الأطفال والمزارعين والمدنيين الأبرياء، هي من صنع أمريكي، وممّا ساعدت به أمريكا الجيش الإسرائيلي، الذي امتنع ـ حتى الآن ـ عن تسليم خرائط هذه القنابل إلى الجيش اللبناني أو القوات الدولية.
ولا يزال العدوّ الصهيوني يتابع القتل اليومي للفلسطينيين تحت سمع أمريكا وبصرها، ويتحرك من أجل إرباك مشروع حكومة الوحدة الفلسطينية الوطنية، لإبقاء الأوضاع القلقة المعقدة على حالها.
عجز عربي مستمر:
أما مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة، فقد قرّر رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني من ناحية المساعدات، مع تحفّظ بعض الدول العربية. وقد كان ذلك أضعف الإيمان، لأنهم لم يستخدموا الضغوط التي يملكونها ضد أمريكا وإسرائيل، خوفاً من النتائج السلبية على أوضاعهم الخاصة والعامة، ما يجعل حال الضعف العربي مستمرّةً في قرارات العرب السياسية، ليبقى الواقع العربيّ على هامش السياسة الدولية في قضاياهم المصيرية، من دون أيّ شعور حقيقي بالإحباط والسقوط.
النَّتائج الكارثيَّة للاعتداء على إيران:
أما إيران، فإن الرئيس الأمريكي الذي يمثّل الحقد الأسود العامل لحساب الحقد الإسرائيلي، تعهّد لرئيس حكومة العدو، بأنه لا يزال في وسعه كرئيس ـ بالرغم من خسارة الجمهوريين في الانتخابات النصفية ـ المضيَّ في تنفيذ ما أعلنه سابقاً، وهو عدم السماح لإيران بالتحوّل إلى دولة نووية تملك الخبرة العلمية النووية حتى للأغراض السلمية، وسوف يستخدم الأمم المتحدة لفرض عقوبات متعددة على إيران إذا لم تخضع للخطة الأمريكية الأوروبية...
ونحن نعتقد أن الجمهورية الإسلامية في إيران تملك القدرة التي تمكّنها من الدفاع عن نفسها ضد أي عدوان إسرائيلي وأمريكي قد يأخذ المنطقة إلى أكثر من كارثة عسكرية واقتصادية، ليكون العالم ـ في الوقت المتبقي لإدارة بوش ـ أقل أمناً وأكثر عنفاً وأشد إرهاباً، ما قد يؤدي إلى تعقيدات فوق العادة على المصالح الأمريكية، فيما قد تتحرك به الشعوب الحرة التي تعارض السياسة الأمريكية الضاغطة على مصالح المستضعفين. حتى إننا نتصور أن الشعب الأمريكي سوف يتابع رفضه للخطط الأمريكية في حربها على العراق ولبنان وأفغانستان. ولعل من الطريف، أن رئيس حكومة العدو يطالب الدول العربية "المعتدلة" بالوقوف ضد إيران في مشروعها النووي، لأنها تمثل خطراً عليهم وعلى العالم، ولكنه لا يتحدث عن سلاحه النووي.
أمريكا تقترح تقسيم العراق:
أما العراق، فإنه يتحرك في أجواء الكارثة الفظيعة التي أصابت الشعب العراقي الذي يسقط منه في كل يوم العشرات أو المئات من خلال قوات الاحتلال من جهة، وقوات فرق الموت الوحشية وجماعات التكفير من جهة أخرى، بينما لا يسقط فيه إلا القليل من قوات الاحتلال.
لقد كنّا ولا نزال نؤكِّد أنَّ سرّ المأساة الأمنية والاقتصادية للعراقيين ينطلق من الاحتلال الذي هو السبب في وجود الحالة الوحشية التي يتابع فيها الحاقدون حربهم على المدنيين الأبرياء، تحت عناوين طائفية أو حزبية معقّدة، وبمختلف الألوان قتلاً وجرحاً وخطفاً وتهجيراً... فضلاً عمّا يروّجه بعض الإعلام الأمريكي حول تقسيم العراق، فقد كتبت مجلة تايم الأمريكية، أنّ فكرة تقسيم العراق هي الفكرة الواقعية والحل الأمثل للجميع، وأن الحل الواقعي بالنسبة إلى أمريكا هو التخلّي عن فكرة إنشاء عراق جديد موحّد، وذلك بالسماح للبلد بالتفتّت، ما يسمح لكلِّ من الجماعات الثلاث ـ وتقصد الشيعة والسنة والأكراد ـ باختيار حكومتها وضمان أمنها الخاص، ليتحوّل العراق إلى بضعة دويلات خاضعة لإسرائيل ومحكومة أمريكياً، ما يحلّ مشكلة الهزيمة الأمريكية في العراق، ويمنح إسرائيل الفرصة لإضعاف العراق والتدخّل في شؤونه، كما صرّح به بعض المسؤولين الصهاينة.
لبنان: بين التعقيدات الطائفية والكهوف الدولية:
أما لبنان، فقد كنّا نتصوّر أن يرتفع اللبنانيون إلى مستوى الانتصار الكبير على العدو الصهيوني الذي اعترف بالهزيمة العسكرية في ساحة الحرب، ولكن التعقيدات الطائفية السياسية لدى أكثر من فريق، أدّت إلى إدخال لبنان في كهوف الخطط الدولية للمنطقة، ولاسيما الخطَّة الأمريكية التي جعلت من لبنان ساحة لحركتها الضاغطة على أكثر من وضع داخلي أو إقليمي، مستغلةً الأوضاع القلقة في الانقسام الداخلي الذي يصادر القضايا الحيوية للشعب على مستوى الاقتصاد والأمن، بما يمارسه أكثر من طرف من عملية خداع في التصريحات، ونفاق في المواقف، ما يجعل من الحوار الذي يطالب به الكثيرون، حواراً ترتفع فيه الأصوات من دون مضمون...