ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين، ومما جاء في خطبته الأولى:
الإرادة طريق الاستقامة
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلّكم تتقون}. في هذا الشهر ـ شهر رمضان المبارك ـ أرادنا الله تعالى أن نربّي شخصيتنا الإسلامية على أساس تقوية الإرادة أمام كل التحديات التي تواجه الإنسان في مواقفه والتزاماته، وفي كل الواقع الإنساني، لأن المعرفة وحدها لا تكفي إذا لم تنضم إليها الإرادة، وقد ورد في بعض كلمات أهل البيت(ع)، أن الإرادة كلّما قويت كلما قوي البدن معها حتى لو كان ضعيفاً، وقد جاء عن الإمام جعفر الصادق(ع) قوله: "ما ضعف بدن عما قويت عليه النيّة"، إذا كنت تملك الإرادة القوية والنية الحاسمة، فإنها تعطي بدنك قوّة لتنفيذ ما نويته وأردت أن تعمله.
فالإرادة هي من الأمور التي تتصل باستقامة الحياة أمام كل نقاط الضعف والتحديات، وهذا ما نلاحظه في الانحرافات التي تحدث للإنسان، سواء كان ذلك في عاداته السلبية، كالإدمان على التدخين أو المخدرات، أو بعض العادات التي يمارسها الكثيرون من المراهقين أو غيرهم، وذلك من قبيل العادة السرية، هذا مع علمهم بضررها، وهم المصلّون الصائمون.
فقد تلتقي بمدمن هنا ومدمن هناك وأنت تطلب منه أن يمتنع عن إدمانه لأنه يُضعف صحته أو ربما يؤدي به إلى التهلكة، فيكون الجواب: "إني لا أقدر"، والواقع أنه قادر على ذلك، ولكن إغراءات الشيء الذي يدمنه أضعفت إرادته، فإذا جاء وقت المزاج، فإنه يستحضر أمامه كلّ المرغّبات، وقد ذكر بعض المحللين إجابة عن سؤال: لماذا نجد الإنسان الذي يدمن عادة سيئة فيتركها، ثم يعود إليها بعد ذلك؟ وكان الجواب: لأن الإنسان يستحضر الأشياء التي ترغّبه أكثر مما يستحضر الأشياء التي تنفّره، ولكي يقوي الإنسان إرادته، لا بد له أن يستحضر عنصري الترغيب والترهيب معاً، لكي يتوازن في نظرته للأشياء، فيحكم على نفسه أو لنفسه من خلال هذا التوازن.
الصوم مدرسة الحرية
على ضوء ذلك، أراد الله تعالى للإنسان أن يمر بهذه الدورة التدريبية خلال هذا الشهر، من أجل أن يقول لنفسه: "لا"، فعندما يأتي شهر رمضان، فإنه يمتنع عن كل ما اعتاده أثناء النهار من شرب القهوة وتناول الإفطار الصباحي وما إلى ذلك، فلماذا يترك كل هذه الأمور؟ لأن الله تعالى نهاه عن أن يتناول هذا المفطر أو ذاك، وعندما تتطوّر هذه الحالة، فإنه تولد لديه حالة جديدة تنطلق من قوة الإرادة. فالقضية هي أن لا يمارس الإنسان شهر رمضان كعادة، بل أن يتحرك فيه كشهر يتحرر فيه من العادة، بحيث يصبح في تجربته هذه ووعيه لمعناها إنساناً يواجه بالرفض كل شيء سيىء وبالقبول كل شيء خيّر، وهذا الذي يرتفع بإنسانية الإنسان.
ما الذي يجعلك حراً وتمارس حريتك أمام الذين يحاولون أن يستعبدوك، وهم يملكون القوة والمغريات ويهددوك في الكثير من أوضاعك؟ هي إرادة القوة في شخصيتك، لأنك عندما تؤمن بأن الله خلقك حراً، عند ذلك تكون حريتك أقوى من رغباتك.. وقيمة الإنسان إنما هي بمقدار أن يقول "لا" في ما يرفضه وأن يقول "نعم" في ما يقبله، ولكن بعض الناس دائماً يقول "نعم"، والبعض دائماً يقول "لا"، والأساس أن يكون هناك توازن في الـ"نعم" والـ"لا".
وهذا ما يجعل الشعوب قادرةً على أن تتحدّى وتتمرّد على المستكبرين الذين يصادرونها في السياسة والأمن والاقتصاد، لأنها ترى في حريتها معنى عزتها وكرامتها وإنسانيتها، وإلا ما الذي يغري المجاهدين في سائر أنحاء العالم بالتضحية بأنفسهم وتحمّل المصاعب والمشقات؟ الذي يغريهم هو إيمانهم بالحرية وتأكيدها في إرادتهم. لذلك نجد أن الشعوب التي تعطي قيادها للظالمين والمستكبرين هي شعوب لا تعيش إنسانيتها. وقد ربط الإمام الصادق(ع) الحرية بالصبر على الحرمان، يقول(ع): "إن الحر حرٌ في جميع أحواله، إن نابته نائبة صبر لها، وإن تداكّت عليه المصائب لم تكسره ولم تقهره وإن استُعبد واُسر".
لا بد لنا أن ندخل إلى الصوم دخولاً واعياً، أن نعتبر أننا ندخل مدرسة تتصل بتنمية إنسانيتنا وتقوية إرادتنا، وتؤكد على حريتنا، حتى نستطيع أن نصنع من أنفسنا أمة تقف بقوة إلى جانب أمم العالم، لتتعاون معها تعاون القوي مع القوي. أتعرفون لماذا أغلب حكام العالم الإسلامي لا يقفون الوقفة القوية أمام تحديات المستكبرين؟ لأنهم يهددونهم في عروشهم ومواقعهم وثرواتهم، ويفرضون عليهم العبودية إذا أرادوا أن يحتفظوا بمراكزهم، وقد اختاروا هذه العبودية وفضّلوها على حرية شعوبهم.
ليست القضية هي أن تعيش طعامك وشرابك، ولكن أن تكون حراً في لقمتك، وحراً في الماء الذي تشربه. هذا الجانب ينبغي لنا أن نرفده في أنفسنا عندما نصوم. مثلاً هناك بعض الناس الذي يعيش حالة الغضب والغيظ في نفسه خارج الصيام، يعنف ويغضب على أهله وعلى موظّفيه وعماله، أو على الكثير من الناس الذين هم أضعف منه، فإذا جاء شهر رمضان ارتفعت درجة الغضب عنده، والعذر بالنسبة إليه أنه صائم؟! ومن المفروض أن تصوم عن كلِّ هذا الغضب، وأن تخشى الله في ذلك، فإذا أفطرت على طعام وشراب فسوف يعاقبك الله، فهناك إفطار معنوي أخطر من الإفطار على الطعام والشراب، وهو الظلم.
فعلى الذين يعيشون الغضب، أن يعيشوا في شهر رمضان حالة الطمأنينة والسكون، لأن ما تقرأه من أدعية في شهر رمضان، من المفروض أن يربي لك طباعك ومزاجك، وهكذا في الأمور الأخرى.
الإحساس بمعاناة الآخرين
وهناك صيام إنساني اجتماعي تحدثت عنه بعض الأحاديث عن النبي (ص) وأهل بيته(ع)، يبين فيه فوائد الصوم، ومنها أن الله أراد للغني ـ والقادر بشكل عام ـ يستشعر ألم الجوع والعطش، ليتحسس جوع الآخرين الذين لا يجدون ما يأكلون، فالغني ـ عادة ـ كلما أراد شيئاً وجده، فإذا عاش ألم الجوع والعطش في شهر رمضان، فإنه لا بد أن ينتقل إلى الإحساس بجوع الآخرين وعطشهم، لأن بعض الناس لا يعرف ما معنى أن يجوع الناس أو يعطشوا، كما في الحادثة التي تروى عن ملكة فرنسا ماري أنطوانيت، عندما نظرت إلى الناس وهم يتظاهرون فسألت: ماذا يريدون؟ قالوا: يريدون الخبز، فقالت: فليأكلوا البسكويت.
دور الصوم هو أن يجعل منك إنساناً متجدداً حراً قوي الإرادة، رابط الجأش، ثابت الأقدام، أن تستطيع أن تقول "لا" أمام كل ما ترفضه، وأن تقول "نعم" أمام كل ما تقبله، وإلا سيكون صيامك كفطرك. وقد ورد في بعض الأحاديث عن رسول الله (ص): "ربّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، وربّ قائم ليس له من قيامه إلا التعب والسهر"، وجاء في بعض الأدعية اليومية في شهر رمضان: "اللهم اجعل صيامي فيه صيام الصائمين، وقيامي فيه قيام القائمين"، أن يصوم عقلك عن الباطل، وقلبك عن الحقد، وأن تكون مواقفك مع الحقِّ ضد الباطل.
إن هذا هو موسم الرحمة والمغفرة والتمحيص والمحاسبة والمجاهدة، تعالوا لنقم بحالة طوارئ أخلاقية روحية اجتماعية، لنخرج من هذا الشهر ونحن أقرب إلى الله وأقرب إلى الناس الذين يحتاجون إلينا. نسأل الله تعالى أن يوفقنا لصيامه وقيامه وتلاوة كتابه وقبول توبتنا، وأن يرحمنا برحمته إنه أرحم الراحمين.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله.. اتقوا الله وتحملوا المسؤولية في وحدة أمتكم وقوتها وعزتها وكرامتها، في مواجهة الذين يريدون أن يفرضوا استكبارهم عليها، أن تكون إرادتكم الإرادة الصلبة القوية التي تؤكد عزتكم وكرامتكم ووحدتكم كالبنيان المرصوص، لأن المشكلة التي يواجهها العالم الإسلامي كله، هي هذا الضعف الذي يصيب الكثيرين على مستوى القيادات والقاعدة، لذلك لا بد أن نقوّي بعضنا بعضاً، وأن نعمل على التخفف من كل نقاط الضعف التي قد توحي بها العصبيات والطائفيات، وأن نئِد الفتنة التي يُراد زرعها في كل مواقعنا في الحياة.
إن التحدي لا يزال كبيراً وعظيماً في كل قضايا الأمة على المستوى الثقافي والسياسي والأمني، وعلينا أن نكون في مستوى هذا التحدي، لأن القوم يكيدون لنا، وعلينا أن نكيد لهم، بأن نفكر ونخطط لكشف كل الألاعيب والمخططات التي يحيكها الآخرون ضد الأمة كلها.
المجتمع الصهيوني في حالة احتقان
في فلسطين، لا تزال إسرائيل تدمر البنية التحتية، وتشرد العائلات، لتفترش الأرض بأطفالها ونسائها وشيوخها، وتغلق المدارس وتقتل المجاهدين وتلاحق دور رعاية الأيتام والفقراء والمعوقين، وتجرف المزارع، لتمنع الفلسطينيين من أية فرصة لسد حاجاتهم اليومية، وتواصل بناء الجدار العنصري الفاصل، وتعمل على توسيعه إلى الشرق، لتصادر الأراضي الفلسطينية أو تفصل القرى عن محيطها الطبيعي.. وما يشجعها على ذلك هو الصمت الأمريكي، ما عدا بعض الكلمات للرئيس الأمريكي في تعليقه السلبي على بناء الجدار، تخففاً من الإحراج، وخداعاً للعرب والمسلمين، وهروباً من الأسئلة المحرجة حول تفاصيل الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين..
ومن اللافت أنه حتى قيادة جيش العدو بدأت تنتقد حكومة "شارون" على سياستها الكارثية المتشددة تجاه الفلسطينيين، ما يدلِّل على أن الاحتقان الداخلي يتفاعل حيال عجز الحكومة اليمينية المتطرفة في إحداث ثغرات في الجمود السياسي وانسداد الأفق أمامها، وغياب بوادر الانفراج بين إسرائيل والفلسطينيين، في ظل الصمود الفلسطيني الذي أدى إلى إرباك في العلاقة بين "شارون" ورئيس أركان جيش الاحتلال الذي انتقد "شارون" وحكومته حيال السياسة المعتمدة ضد الفلسطينيين..
وهكذا، يعترف هذا المسؤول الصهيوني الذي كان اليد اليمنى لحكومة "شارون" المجرمة في وحشية سلوكها ضد الشعب الفلسطيني، بالسياسة الهدامة للحكومة التي سوف تؤدي إلى تعبئة كل الشعب الفلسطيني مع فصائل الانتفاضة المجاهدة ضدها.. ولكن أمريكا لم تتحرك للضغط على حكومة القتل والتدمير، لأنها ـ بحسب المنطق الأمريكي ـ في موقع "الدفاع عن النفس".. وهكذا، يفهم الرئيس "بوش" معنى حرية تقرير المصير للشعوب، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، ومؤكداً شرعنة الاحتلال الصهيوني في نفاق سياسي يختلف فيه الظاهر عن الباطن.
صمود فلسطيني رائع
إننا أمام هذه المأساة المتحركة التي تحل بالشعب الفلسطيني من قِبَل قوات الاحتلال الصهيوني، نؤكد على صمود هذا الشعب الرائع على الرغم من الجراح التي لم تنل من قوته وإرادة الحرية في قراره.. ونحذِّر من تصريح "شارون" في حديثه مع اليهود بأن هناك "ضوءاً في آخر النفق" يرفع فيه المجاهدون أيديهم بـ"الرايات البيضاء"، لأنه يراهن على تعب الشعب الفلسطيني وبداية النشاط السياسي للانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث تنشغل الإدارة هناك عن خارطة الطريق، ما يفسح المجال للإدارة الصهيونية لتوسيع سياساتها الاستيطانية والإجرامية في خطتها التوسعية في إبادة الشعب الفلسطيني.. إن على الشعب الفلسطيني المجاهد الصامد أن يواجه هذه الخطة بالتخطيط السياسي الذي يطل على آفاق المستقبل، والتخطيط الجهادي الذي يقوي مواقع الحاضر.
العراق: الاحتلال في المأزق
أما في العراق، فإن العمليات العسكرية لا تزال تلاحق القوات المحتلة، لتصطاد في كل يوم أكثر من قتيل أو جريح، ما جعل الاحتلال مشغولاً بالدفاع عن جنوده بعيداً عن معالجة مشاكل الشعب العراقي، لأن العراق ـ بحسب تصريح الإدارة الأمريكية ـ تحوَّل إلى ساحة مواجهة ضد القوات الأمريكية من قِبَل المعارضين للاحتلال وللسياسة الأمريكية في الداخل والخارج، وقد بلغ الأمر بالرئيس "بوش" ووزير دفاعه وخارجيته إلى التعبير الصارخ عن الصعوبات غير المنتظرة، وعن المأزق الذي وقعوا فيه، في محاولة لإظهار التأكيد على متابعة احتلالهم تحت شعار تحرير العراقيين الذين بدأوا يرون في هذا الشعار كذبة كبرى، من خلال التعقيدات القاسية التي تحيط بهم من كل جانب.. ولذلك، رأينا شعار المطالبة بإزالة الاحتلال يتحول إلى شعار عراقي شبه شامل، يؤكد على أن الشعب العراقي قادر أن يقرر مصيره ويحكم نفسه بنفسه من دون وصاية أمريكية..
ومن جهة أخرى، فإننا نرفض استهداف المؤسسات الدولية الصحية والخدماتية ومراكز الشرطة العراقية وإصابة المدنيين، لأن هذه الأعمال قد يسعى المحتل إلى تشجيعها، لأنها تمنحه الحجّة في البقاء طويلاً في العراق تحت عنوان توفير الأمن للعراقيين وحماية المؤسسات الدولية، وهذا ما ينبغي الانتباه إليه، كما أننا نؤكد على الوحدة الوطنية العراقية التي تمثل الصخرة القوية في مواجهة الاحتلال.
إدارة بوش: عدائية الإسلام
وفي جانب آخر، أقام الرئيس الأمريكي "بوش" في البيت الأبيض مائدة إفطار للمسلمين للتهنئة بهذا الشهر الذي يحمل لهم مزيداً من التوجه إلى الإيمان وطاعة الله، وللإعلان بأن الإسلام دين السلام، وأن المسلمين ساهموا بشكل واسع في رفاه الولايات المتحدة والعالم، كما قال.. وقد خاطب المدعوين أن أمريكا "ترفض جميع أشكال التعصب الديني"، في الوقت الذي حوّل إدارته المحافظة إلى عقيدة سياسية وسلوك يومي يخصُّ الإسلام بقدر عالٍ من الكراهية والحقد، الذي لم يعد مجرَّد زلة لسان صادرة عن الرئيس وإدارته، بل أصبحت في خلفيات السياسة الداخلية والخارجية التي تخضع للتحالف الحاضر بين اليمين المسيحي المتشدد والتيار اليهودي المتطرف الذين لا يبذلون جهداً لإخفاء ميولهم ومواقفهم العدائية من الإسلام والمسلمين..
وقد كان المسلمون المدعوون إلى مائدة الرئيس الأمريكي يأملون أن يقدم إليهم هدية شهر رمضان، وهي إقالة المسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية الذي أهان العقيدة الإسلامية علناً، واستفزّ الكثير من المسلمين وغير المسلمين..
إننا نقول للرئيس الأمريكي: أيها الرئيس الذي قد يؤمن بما قاله هذا الجنرال الذي هو من فريقه الديني المتصهين، لماذا تعتبر المسلمين أغبياء ساذجين يبحثون عن مائدة إفطار رئاسية، في الوقت الذي يحضِّر فيه رجال إدارتك لمذابح جديدة ضد المسلمين، لا سيما في فلسطين، من أجل أن يفطروا على هذا "الطعام الشهي" لديهم؟؟ لماذا تكذب في ذلك كله؟
لبنان: المستقبل مسؤولية الجميع
أما في لبنان، فإن التهديدات الإسرائيلية تواجهه بطريقة استعراضية، وإن كنا نرى أن الغالب فيها هو العنصر الوقائي، لأنّ إسرائيل تعرف أن فتح الجبهة اللبنانية الذي قد يلتقي ـ بحسب التصريحات الإسرائيلية ـ مع فتح الجبهة السورية، لن يكون نزهةً مريحةً، فقد جربت المقاومة في لبنان، وهي تدرك أن الحدود اللبنانية قد تُفتح بالعدوان الإسرائيلي بشكل واسع، فيلتقي المجاهدون في لبنان وفي فلسطين لتكبر خطة المواجهة، وهذا هو الذي لا تتحمّله الظروف السياسية والأمنية الداخلية هناك، حتى في مرحلة الانتخابات الأمريكية التي قد ترى فيها إسرائيل فرصة ذهبية لممارسة حريتها في العدوان..
وهناك حديث عن اختراق أمريكي للضغط على الدولة اللبنانية في مسألة تفكيك المقاومة ووضع الجيش على الحدود لحماية إسرائيل، وهو ما ينبغي على اللبنانيين التنبّه له، وذلك بالوعي لمواجهة هذه الخطة بطريقة حكيمة وواقعية، وذلك بالتلاحم الشعبي الوطني، وبالتكامل بين مؤسسات الدولة وإبقائها في نطاقها المؤسساتي بعيداً عن ضغط الأشخاص عليها..
إن المرحلة لا تزال تحمل الاهتزاز إلى المنطقة كلها، في خطة تهويلية تحمل الترهيب والترغيب، ومن واجب اللبنانيين ـ دولةً وشعباً ـ أن يدرسوا الأمور بدقة وحذر، لأننا لا نريد للبنان أن يعود إلى التجربة الصعبة في الفتنة السياسية التي حاولت الأجهزة أن تمنحها صفة الفتنة الطائفية للمزيد من إثارة الحساسيات.. أيها اللبنانيون: إن المستقبل هو مسؤوليتكم، فلا تضيّعوه بخلافاتكم الاستهلاكية. |