ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ومما جاء في خطبته الأولى:
مراقبة أعضاء الجسد
في الإسلام يريد الله تعالى للإنسان المؤمن أن يراقب كل عضو من أعضائه، لأن العمل الذي يقوم به هذا العضو من الجسد أو ذاك قد يكون خيراً أو شراً، ويريد الله للإنسان أن يوجه كل أعضاء جسده للخير ولا يوجهها للشر، وقد أوحى الله تعالى للإنسان في كتابه أن أعضاءه سوف تتحوّل إلى شهود عليه، {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون}.
ولذلك، لا بدّ للإنسان أن يكون واعياً لحركة جسمه مما تقوده إليه نفسه، لأن ما يحرك الجسم هي النفس في كل وعيها للعمل وقيادتها له، وقد قال الله تعالى: {إن النفس لأمّارة بالسوء إلا ما رحم ربي}، ما يفرض على الإنسان أن يراقب نفسه ويضغط على مواقع جسده.
إمساك اللسان
من بين الأعضاء المهمة التي يمكن أن تلقي الإنسان في النار أو تحمله إلى الجنة اللسان، هذا العضو الذي يتحرك بالإنسان في كل ما يعبّر عن نفسه، أو في كل ما يتحدث به الإنسان عن غيره، أو في كل ما يطلقه الإنسان من أوامر ونواهي وتعليمات وخطط في الحياة، وبذلك فإن اللسان يختصر الكثير من نشاطات الإنسان وحركته. وقد تحدث النبي (ص) والأئمة من أهل البيت(ع) عن حركة هذا العضو سلباً وإيجاباً، ففي الحديث عن رسول الله(ص) قال: "أمسك لسانك فإنها صدقة تصدّق بها على نفسك"، أمسكه بمعنى اضبطه ولا تجعله يأخذ حريته في الهذر من الكلام، أو في الكلام اللامسؤول، فإنك إذا ضبطت لسانك أحسنت إلى نفسك وقدّمت هذا الإمساك باللسان والسيطرة عليه كصدقة تتصدّق بها على نفسك، لأن دور الصدقة هو أن تحسن إلى الإنسان في حاجاته، وأيّ حاجة أعظم من أن يمسك الإنسان لسانه عن كل ما يؤدي إلى غضب الله تعالى.
وعن النبي (ص): "لا يعرف العبد حقيقة الإيمان حتى يخزن من لسانه"، إذا أردت أن تكون مؤمناً في العمق والحقيقة فعليك أن تخزن لسانك، فتبقي في داخله ما لا يرضي الله من الكلمات، وتطلقه فيما يرضي الله تعالى.
وفي حديث آخر عن النبي (ص) قال لرجل أتاه: "ألا أدلك على أمر يُدخلك الله به الجنة"؟ قال: بلى يا رسول الله، قال (ص): "أنل مما أنالك الله"، إن الله رزقك مالاً فأعطِ من مالك لمن يستحق، لا سيما إذا كان هذا العطاء هو مما فرضه الله تعالى، قال: فإن كنت أحوج ممن أنيله؟ قال (ص): "فانصر المظلوم"، إذا كنت صاحب قوة في الجسد أو في الموقع فعليك أن تسخّر هذه القوة لنصرة المظلوم، قال: وإن كنت أضعف ممن أنصره؟ قال (ص): "فاصنع للأخرق"، والأخرق هو القاصر الذي لا يعرف كيف يدبّر نفسه، فأعطه فكرة وخبرة يستطيع من خلالها أن يدبّر أموره، قال: وإن كنت أخرق ممن أصنع له؟ قال (ص): "فأمسك لسانك إلا من خير"، وهذا أمر يستطيعه كل إنسان قوياً كان أو ضعيفاً، غنياً كان أو فقيراً، ثم قال (ص): "أما يسرك أن يكون فيك خصلة من هذه الخصال تجرك إلى الجنة"؟
حفظ اللسان من الإيمان
وعن الإمام جعفر الصادق (ع) قال: "قال رسول الله (ص): من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه وحضر عذابه"، بعض الناس يعتبرون أن الإيمان هو أن لا يزني أو يسرق أو يفعل الحرام، والإمام(ع) يوجه الإنسان إلى أن يحسب كلامه من عمله، لأن الكلام هو عمل اللسان، فإذا لم تحسب كلامك جزءاً من عملك فإنك تعطي لسانك الحرية، وعند ذلك تكثر خطاياك، وعندما تكثر خطاياك يحضر عذابك. وفي الحديث: جاء رجل إلى النبي (ص) فقال: يا رسول الله أوصني، فقال (ص): "احفظ لسانك"، فقال: يا رسول الله أوصني، فقال (ص): "احفظ لسانك"، فقال: يا رسول الله أوصني، فقال (ص): "احفظ لسانك، ويحك وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم"؟
اللسان مفتاح
وعن الإمام الصادق (ع) أنه قال: "قال رسول الله (ص): يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب به شيئاً من الجوارح، فيقول: أي ربي عذّبتني بعذاب لم تعذّب به شيئا؟ فيقال له: خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض ومغاربها، فسُفك بها الدم الحرام، وانتهب بها المال الحرام، وانتهك بها الفرج الحرام، وعزتي وجلالي لأعذبنك بعذاب لا أعذب به شيئاً من جوارحك"، لأن الكلمة تحرق الدنيا، ونحن نعرف أن كلمات الطغاة تحرق العالم بالحروب والفتن وما إلى ذلك. وفي الحديث عن علي بن الحسين (ع): "إن لسان ابن آدم يشرف على جميع جوارحه كل صباح، فيقول كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، ويقولون: الله الله فينا، ويقولون: إنما نثاب ونعاقب فيك"..
وعن "أبي بصير" قال: سمعت أبا جعفر محمد الباقر (ع) يقول: "كان أبو ذر (رحمه الله) يقول: يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر، فاختم على لسانك كما تختم على ذهبك وورقك". وعن أبي عبد الله (ع) قال: "كان المسيح (ع) يقول: لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله، فإن الذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله قاسية قلوبهم ولكن لا يعلمون"، لأن كلام اللغو وكلام البطّالين يوجب قسوة القلب. وفي الحديث عن أحد أصحاب الإمام الصادق (ع) قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: "قال رسول الله (ص): من رأى موضع كلامه من عمله قلّ كلامه إلا فيما يعنيه". وفي حكمة آل داود: "على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه، مقبلاً على شأنه، حافظاً للسانه"..
مواجهة حركة الحياة بمسؤولية
وهكذا نواجه كل هذه الكلمات المضيئة المشرقة عن رسول الله (ص) وعن الأئمة من أهل البيت (ع) لنأخذ منها فكرة واحدة، وهي أن على الإنسان أن يواجه كل حركة حياته بالمسؤولية، بحيث يقف الإنسان عندما يريد أن يتكلم ليدرس هل هذه الكلمة ترضي الله أم أنها لا ترضيه، لا تحركوا سيوفكم في هوى ألسنتكم فتقتل النفس التي حرم الله بدون حق، ويروى عن عليّ (ع) أنه رأى شخصاً يكثر الكلام بغير حق، فقال (ع) له: "يا هذا، إنك تملي على كاتبيك كتاباً إلى ربك"..
أيها الأحبة: سوف نجلس في قبورنا لنحاسب على كلماتنا، إن الناس في الدنيا من حولك هذا يؤيد وذاك يرفض، أما في ذلك اليوم من الذي يقف معك عندما تحاسب كيف قلت هذه الكلمة لزوجتك وولدك ولجارك، كيف أيدت الظالم وخذلت المظلوم، كيف اغتبت، كيف فتنت، كيف آذيت الناس بلسانك، "اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل"، فعلينا أن نعرف كيف نقف عند ما حرّم الله، وكيف نتحرك نحو ما أراد الله، حتى ننجو يوم القيامة، "يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم".
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله.. اتقوا الله في كلماتكم ولتكن كلمات الحق والعدل والخير، التي تبني للمجتمع وحدته، وتؤكد له قوته، وتقف ضد الظالم لمصلحة المظلوم، وضد المبطلين لمصلحة المحقّين، وضد المستكبرين لمصلحة المستضعفين، ولا سيما أننا نعيش في زمن تُستهلك فيه الكلمة لمصلحة الظالمين والمفسدين، وتُمنع فيه الكلمة إذا كانت كلمة حق عند سلطان جائر.. لننطلق لنكون مجتمع الإسلام الذي يريد أن يتحرك ليؤكد أن المسلمين لا يتكلمون إلا بالحق والعدل والخير، لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الشيطان هي السفلى، فتعالوا لنواجه ما يتحرك في مجتمعنا من أوضاع، فماذا هناك؟
الانتفاضة.. طور جديد من الصراع
لقد بدأنا نشهد ما كنا نتوقعه من انتقال الانتفاضة في فلسطين المحتلة إلى مرحلة جديدة من مراحل الصراع والمواجهة مع العدو، في ظل الهجمة الوحشية الإسرائيلية الجديدة التي بدأت أرضيتها السياسية والأمنية تتشكّل من خلال حكومة صهيونية تضم كل السفّاحين الصهاينة من "العمل" و"الليكود".
إن الشعب الفلسطيني لم يُخّيب آمالنا هذه المرة أيضاً، وخصوصاً في العمليات الجهادية أو في هذا النوع الجديد من العمليات ذات الطابع الاستشهادي، التي ينطلق فيها المجاهد وهو لا يملك حتى المتفجرات، بل يملك جسده وإمكانياته الذاتية التي تتحوّل إلى طاقة هائلة تحصد جنود الاحتلال، بفعل هذه الإرادة المندفعة من واقع الآلام ومن معطيات الالتزام بالقضية والدين والماضي والمستقبل..
لقد انتقل المجاهدون الفلسطينيون بالمعركة إلى قلب العدو الذي لا بد أن يستشعر اليأس أمام هذه الاندفاعة التي إن استمرت فسوف تقتل كل أمل للمستوطنين بالأمن، وأن تعويلهم على السفّاح "شارون" لن يفيدهم في شيء، وعندما يتسرّب اليأس أكثر فأكثر إلى نفوس الصهاينة - من خلال عمليات من هذا النوع وغيرها - تكون المسألة قد انفتحت على أفق جديد من الانتصار في حاضر القضية ومستقبلها.
الانتفاضة تسقط وحشية العدو
إننا نعتقد أن الانتفاضة الفلسطينية استطاعت في الأيام الأخيرة أن تسقط حلقة جديدة من حلقات الوحشية الإسرائيلية التي تصاعدت مؤخراً وتجلّت في القصف الوحشي للقرى والمدن الفلسطينية، وفي القنص الذي استهدف الأطفال وهم في طريقهم إلى المدارس، والعمّال وهم في طريقهم إلى العمل، وفي عمليات الاغتيال والهدم التدريجي للمنازل واقتلاع الأشجار..
لقد استطاع الشعب الفلسطيني أن يُثبت مرة جديدة أنه أقوى من كل الآلة التدميرية والوحشية للعدو، وأنه يستطيع بإمكانياته المتواضعة جداً أن يصنع ملحمةً من الجهاد المتواصل التي قلّما رأينا مثيلاً لها عند أي شعب من الشعوب.. إن المسألة ليست في هذا القدر من العطاء وهذا الحجم من التضحيات، بل بأولئك المسؤولين العرب الذين يريدون إعطاء "شارون" الفرصة لإظهار حسن نواياه ، وكأن هذا التلكؤ والسكوت العربي يُمثل الفرصة التي تعطيها الأنظمة للعدو لكي يعمل على إنهاء الانتفاضة قبل أن يأتي موعد انعقاد القمة العربية في أواخر آذار القادم .. ونحن لا ننتظر من هذه الأنظمة أن تشرب "حليب السباع" في وجه العدو، بل أن تفي على الأقل ببعض وعودها بدفع الأموال المتوجبة لدعم الفلسطينيين.
أزمة المناطق المحررة
ونصل إلى لبنان لنلاحظ أن المناطق المحررة لا تزال تعاني من فقدان السياسة الإنمائية والاقتصادية والصحية، التي تجعل أهاليها يقارنون – للأسف - بين عهد الاحتلال وعهد الدولة، في الوقت الذي يرون أن لهم حقاً في ميزانية الدولة التي توقفت عن دفع هذه المستحقات طيلة سنوات الاحتلال، وأعطته للمناطق الأخرى أو ذهب إلى مواقع السرقة والهدر أو نحو ذلك..
إننا نخشى – أمام هذا الواقع الصعب الذي يعيشه أهلنا في تلك المناطق – أن ينفذ العدو من ألف شباك وشباك بعد أن خرج من الباب، كما نؤكد على كل الجهات الفاعلة، أن تلتقي وتقوم بعملية ضغط متحرك لتلبية حاجات الناس، ولا تكتفي باللقاء على الانتخابات البلدية التي لا بدّ أن تخضع لمواقع الثقة لدى المواطنين، بعيداً عن أية حالة خاصة..
الدول المانحة تنكث بالوعود
وهكذا، نلاحظ أن ما يسمى بالدول المانحة – وفي مقدمتها أمريكا – لم تفِ بوعودها في إعمار الجنوب، بل إن أمريكا قامت في نهاية عهد الإدارة السابقة بمنح الكيان الصهيوني أنواعاً من الأسلحة المتقدّمة التي تفسح المجال للعدو ليصعّد من وتيرة اعتداءاته على لبنان بالاختراقات الجوية والبرية، بحجة دعمها للأمن الإسرائيلي الذي تلتزمه في سياستها، وهي تعلم أن إسرائيل هي التي تربك أمن المنطقة لا العكس؟! ولذلك، فإننا ندعو للمسارعة إلى إسقاط أهداف العدو من خلال السعي لملء الفراغ الإنمائي والاجتماعي والصحي في المناطق المحررة، قبل أن تتفاقم الأمور أكثر فيصبح أهلنا مهددين باحتلال جديد، وهو احتلال الإهمال بعد زوال الاحتلال..
وإلى جانب ذلك، فإن العدو يعمل على تهيئة الأجواء الدولية للربط بين الواقع الأمني – من خلال المقاومة – في لبنان وبين واقع الانتفاضة في فلسطين، من خلال ما تحرّكه مخابراته من معلومات كوسيلة لتبرير أيّ عدوان على لبنان، أو للضغط عليه من ناحية سياسية واقتصادية، حتى أن الإدارة الأمريكية تتحدث من خلال الناطق باسم وزارة خارجيتها، أن "مؤتمراً إرهابياً عقد في بيروت أواخر الشهر الماضي ضم بعض التنظيمات الفلسطينية، بالإضافة إلى حزب الله"، على حدّ قوله..
الأزمة الاقتصادية تتفاعل
أما على المستوى الداخلي، فإننا نلاحظ أن البلد لا يزال يتحرك في متاهات الأزمة الاقتصادية التي تتفاعل على أكثر من صعيد، وهي مهيأة للتفاقم أكثر، حيث إننا لم نلمح – إلى الآن – أن في الأفق خطة اقتصادية متكاملة بل مجرد أفكار أو محاولات تدور في دوائر ضيّقة أو في الحلقة المفرغة للأزمة.
ليس هذا فحسب، بل إننا نشهد عملاً خفياً تارة وعلنياً أخرى على توسيع دائرة البطالة، ولا سيما من خلال بعض الشركات الخاصة التي تصرف موظفيها بسبب أو من دون سبب.. إننا نقول للحكومة وللدولة: إذا كانت غير قادرة على إيجاد خطة اقتصادية متكاملة في وقت قصير، فعلى الأقل أن تسارع لحماية العمّال والموظفين الذي باتوا "كبش محرقة" بين سندان الحكومة ومطرقة بعض الشركات الخاصة التي لا تراعي وضع البلد ولا تأخذ مصلحته بعين الاعتبار.
وليس بعيداً من ذلك، ما نسمعه من الأحاديث الدائرة عن تسريح الموظفين من بعض دوائر الدولة ممن وُظّفوا بدون حاجة أو كفاءة.. إننا لا نمانع من تنظيم بعض الدوائر الحكومية، ولكننا ندعو إلى أن لا يقتصر الأمر على موقع دون موقع، وأن لا تتحرك المسألة في دائرة التجاذبات السياسية أو الحسابات الخاصة التي قد يُظلم فيها بعض الناس الذين لا يملكون غطاءً سياسياً من أهل النفوذ لحساب أناس آخرين.. إننا نريد الإصلاح والتطهير في جميع الدوائر وعلى جميع المستويات، بعيداً عن مواقع الفساد ووحول الطائفية.
ذكرى الشهيدين...ترسيخ نهج الجهاد
وأخيراً، إننا نلتقي بذكرى الشهيدين السعيدين الشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي، اللذين عاشا الجهاد بأروع مواقفه ومواقعه ضد العدو، من أجل الوطن كله والإنسان كله، مما يفرض على الأمة كلها الاحتفال بذكراهما على أساس ترسيخ هذا النهج الجهادي، وتحفيز مجتمع المقاومة لمواجهة كل الأخطار المحدقة التي يخطط لها العدو في مستوى المرحلة أو المستقبل.
الجمهورية الاسلامية تجربة رائدة
ولا ننسى الثورة الإسلامية المباركة في إيران التي استطاعت أن تصنع للإسلام تاريخاً جديداً ودولة جديدة.. إننا نرجو أن تستمر الجمهورية الإسلامية في إيران على مبادئها وشعاراتها، وتدرس كل مواقع التجربة لتصويب الخطأ وزيادة فرص الصواب، والانفتاح على كل قضايا الإسلام في العالم.. إن تجربة الجمهورية الإسلامية في إيران هي التجربة الفريدة الرائدة التي لا بدّ من دراستها والاستفادة منها في تجارب جديدة وآفاق جديدة، سائلين الله تعالى أن يحميها من أعدائها ومن بعض أصدقائها.
وفي الختام، نلتقي في هذه الأيام بذكرى أربعين سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، الذي افتقدناه في كل عناصر شخصيته المنفتحة على العلم والعطاء، إننا في ذكرى أربعينه نأمل من الأخوة والأخوات المشاركة في الاحتفال بذكراه، سائلين الله تعالى أن يتغمده برحمته ويسكنه الفسيح من جنته، وأن يلهم الأمة الصبر والسلوان.
ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ومما جاء في خطبته الأولى:
مراقبة أعضاء الجسد
في الإسلام يريد الله تعالى للإنسان المؤمن أن يراقب كل عضو من أعضائه، لأن العمل الذي يقوم به هذا العضو من الجسد أو ذاك قد يكون خيراً أو شراً، ويريد الله للإنسان أن يوجه كل أعضاء جسده للخير ولا يوجهها للشر، وقد أوحى الله تعالى للإنسان في كتابه أن أعضاءه سوف تتحوّل إلى شهود عليه، {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون}.
ولذلك، لا بدّ للإنسان أن يكون واعياً لحركة جسمه مما تقوده إليه نفسه، لأن ما يحرك الجسم هي النفس في كل وعيها للعمل وقيادتها له، وقد قال الله تعالى: {إن النفس لأمّارة بالسوء إلا ما رحم ربي}، ما يفرض على الإنسان أن يراقب نفسه ويضغط على مواقع جسده.
إمساك اللسان
من بين الأعضاء المهمة التي يمكن أن تلقي الإنسان في النار أو تحمله إلى الجنة اللسان، هذا العضو الذي يتحرك بالإنسان في كل ما يعبّر عن نفسه، أو في كل ما يتحدث به الإنسان عن غيره، أو في كل ما يطلقه الإنسان من أوامر ونواهي وتعليمات وخطط في الحياة، وبذلك فإن اللسان يختصر الكثير من نشاطات الإنسان وحركته. وقد تحدث النبي (ص) والأئمة من أهل البيت(ع) عن حركة هذا العضو سلباً وإيجاباً، ففي الحديث عن رسول الله(ص) قال: "أمسك لسانك فإنها صدقة تصدّق بها على نفسك"، أمسكه بمعنى اضبطه ولا تجعله يأخذ حريته في الهذر من الكلام، أو في الكلام اللامسؤول، فإنك إذا ضبطت لسانك أحسنت إلى نفسك وقدّمت هذا الإمساك باللسان والسيطرة عليه كصدقة تتصدّق بها على نفسك، لأن دور الصدقة هو أن تحسن إلى الإنسان في حاجاته، وأيّ حاجة أعظم من أن يمسك الإنسان لسانه عن كل ما يؤدي إلى غضب الله تعالى.
وعن النبي (ص): "لا يعرف العبد حقيقة الإيمان حتى يخزن من لسانه"، إذا أردت أن تكون مؤمناً في العمق والحقيقة فعليك أن تخزن لسانك، فتبقي في داخله ما لا يرضي الله من الكلمات، وتطلقه فيما يرضي الله تعالى.
وفي حديث آخر عن النبي (ص) قال لرجل أتاه: "ألا أدلك على أمر يُدخلك الله به الجنة"؟ قال: بلى يا رسول الله، قال (ص): "أنل مما أنالك الله"، إن الله رزقك مالاً فأعطِ من مالك لمن يستحق، لا سيما إذا كان هذا العطاء هو مما فرضه الله تعالى، قال: فإن كنت أحوج ممن أنيله؟ قال (ص): "فانصر المظلوم"، إذا كنت صاحب قوة في الجسد أو في الموقع فعليك أن تسخّر هذه القوة لنصرة المظلوم، قال: وإن كنت أضعف ممن أنصره؟ قال (ص): "فاصنع للأخرق"، والأخرق هو القاصر الذي لا يعرف كيف يدبّر نفسه، فأعطه فكرة وخبرة يستطيع من خلالها أن يدبّر أموره، قال: وإن كنت أخرق ممن أصنع له؟ قال (ص): "فأمسك لسانك إلا من خير"، وهذا أمر يستطيعه كل إنسان قوياً كان أو ضعيفاً، غنياً كان أو فقيراً، ثم قال (ص): "أما يسرك أن يكون فيك خصلة من هذه الخصال تجرك إلى الجنة"؟
حفظ اللسان من الإيمان
وعن الإمام جعفر الصادق (ع) قال: "قال رسول الله (ص): من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه وحضر عذابه"، بعض الناس يعتبرون أن الإيمان هو أن لا يزني أو يسرق أو يفعل الحرام، والإمام(ع) يوجه الإنسان إلى أن يحسب كلامه من عمله، لأن الكلام هو عمل اللسان، فإذا لم تحسب كلامك جزءاً من عملك فإنك تعطي لسانك الحرية، وعند ذلك تكثر خطاياك، وعندما تكثر خطاياك يحضر عذابك. وفي الحديث: جاء رجل إلى النبي (ص) فقال: يا رسول الله أوصني، فقال (ص): "احفظ لسانك"، فقال: يا رسول الله أوصني، فقال (ص): "احفظ لسانك"، فقال: يا رسول الله أوصني، فقال (ص): "احفظ لسانك، ويحك وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم"؟
اللسان مفتاح
وعن الإمام الصادق (ع) أنه قال: "قال رسول الله (ص): يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب به شيئاً من الجوارح، فيقول: أي ربي عذّبتني بعذاب لم تعذّب به شيئا؟ فيقال له: خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض ومغاربها، فسُفك بها الدم الحرام، وانتهب بها المال الحرام، وانتهك بها الفرج الحرام، وعزتي وجلالي لأعذبنك بعذاب لا أعذب به شيئاً من جوارحك"، لأن الكلمة تحرق الدنيا، ونحن نعرف أن كلمات الطغاة تحرق العالم بالحروب والفتن وما إلى ذلك. وفي الحديث عن علي بن الحسين (ع): "إن لسان ابن آدم يشرف على جميع جوارحه كل صباح، فيقول كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، ويقولون: الله الله فينا، ويقولون: إنما نثاب ونعاقب فيك"..
وعن "أبي بصير" قال: سمعت أبا جعفر محمد الباقر (ع) يقول: "كان أبو ذر (رحمه الله) يقول: يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر، فاختم على لسانك كما تختم على ذهبك وورقك". وعن أبي عبد الله (ع) قال: "كان المسيح (ع) يقول: لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله، فإن الذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله قاسية قلوبهم ولكن لا يعلمون"، لأن كلام اللغو وكلام البطّالين يوجب قسوة القلب. وفي الحديث عن أحد أصحاب الإمام الصادق (ع) قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: "قال رسول الله (ص): من رأى موضع كلامه من عمله قلّ كلامه إلا فيما يعنيه". وفي حكمة آل داود: "على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه، مقبلاً على شأنه، حافظاً للسانه"..
مواجهة حركة الحياة بمسؤولية
وهكذا نواجه كل هذه الكلمات المضيئة المشرقة عن رسول الله (ص) وعن الأئمة من أهل البيت (ع) لنأخذ منها فكرة واحدة، وهي أن على الإنسان أن يواجه كل حركة حياته بالمسؤولية، بحيث يقف الإنسان عندما يريد أن يتكلم ليدرس هل هذه الكلمة ترضي الله أم أنها لا ترضيه، لا تحركوا سيوفكم في هوى ألسنتكم فتقتل النفس التي حرم الله بدون حق، ويروى عن عليّ (ع) أنه رأى شخصاً يكثر الكلام بغير حق، فقال (ع) له: "يا هذا، إنك تملي على كاتبيك كتاباً إلى ربك"..
أيها الأحبة: سوف نجلس في قبورنا لنحاسب على كلماتنا، إن الناس في الدنيا من حولك هذا يؤيد وذاك يرفض، أما في ذلك اليوم من الذي يقف معك عندما تحاسب كيف قلت هذه الكلمة لزوجتك وولدك ولجارك، كيف أيدت الظالم وخذلت المظلوم، كيف اغتبت، كيف فتنت، كيف آذيت الناس بلسانك، "اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل"، فعلينا أن نعرف كيف نقف عند ما حرّم الله، وكيف نتحرك نحو ما أراد الله، حتى ننجو يوم القيامة، "يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم".
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله.. اتقوا الله في كلماتكم ولتكن كلمات الحق والعدل والخير، التي تبني للمجتمع وحدته، وتؤكد له قوته، وتقف ضد الظالم لمصلحة المظلوم، وضد المبطلين لمصلحة المحقّين، وضد المستكبرين لمصلحة المستضعفين، ولا سيما أننا نعيش في زمن تُستهلك فيه الكلمة لمصلحة الظالمين والمفسدين، وتُمنع فيه الكلمة إذا كانت كلمة حق عند سلطان جائر.. لننطلق لنكون مجتمع الإسلام الذي يريد أن يتحرك ليؤكد أن المسلمين لا يتكلمون إلا بالحق والعدل والخير، لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الشيطان هي السفلى، فتعالوا لنواجه ما يتحرك في مجتمعنا من أوضاع، فماذا هناك؟
الانتفاضة.. طور جديد من الصراع
لقد بدأنا نشهد ما كنا نتوقعه من انتقال الانتفاضة في فلسطين المحتلة إلى مرحلة جديدة من مراحل الصراع والمواجهة مع العدو، في ظل الهجمة الوحشية الإسرائيلية الجديدة التي بدأت أرضيتها السياسية والأمنية تتشكّل من خلال حكومة صهيونية تضم كل السفّاحين الصهاينة من "العمل" و"الليكود".
إن الشعب الفلسطيني لم يُخّيب آمالنا هذه المرة أيضاً، وخصوصاً في العمليات الجهادية أو في هذا النوع الجديد من العمليات ذات الطابع الاستشهادي، التي ينطلق فيها المجاهد وهو لا يملك حتى المتفجرات، بل يملك جسده وإمكانياته الذاتية التي تتحوّل إلى طاقة هائلة تحصد جنود الاحتلال، بفعل هذه الإرادة المندفعة من واقع الآلام ومن معطيات الالتزام بالقضية والدين والماضي والمستقبل..
لقد انتقل المجاهدون الفلسطينيون بالمعركة إلى قلب العدو الذي لا بد أن يستشعر اليأس أمام هذه الاندفاعة التي إن استمرت فسوف تقتل كل أمل للمستوطنين بالأمن، وأن تعويلهم على السفّاح "شارون" لن يفيدهم في شيء، وعندما يتسرّب اليأس أكثر فأكثر إلى نفوس الصهاينة - من خلال عمليات من هذا النوع وغيرها - تكون المسألة قد انفتحت على أفق جديد من الانتصار في حاضر القضية ومستقبلها.
الانتفاضة تسقط وحشية العدو
إننا نعتقد أن الانتفاضة الفلسطينية استطاعت في الأيام الأخيرة أن تسقط حلقة جديدة من حلقات الوحشية الإسرائيلية التي تصاعدت مؤخراً وتجلّت في القصف الوحشي للقرى والمدن الفلسطينية، وفي القنص الذي استهدف الأطفال وهم في طريقهم إلى المدارس، والعمّال وهم في طريقهم إلى العمل، وفي عمليات الاغتيال والهدم التدريجي للمنازل واقتلاع الأشجار..
لقد استطاع الشعب الفلسطيني أن يُثبت مرة جديدة أنه أقوى من كل الآلة التدميرية والوحشية للعدو، وأنه يستطيع بإمكانياته المتواضعة جداً أن يصنع ملحمةً من الجهاد المتواصل التي قلّما رأينا مثيلاً لها عند أي شعب من الشعوب.. إن المسألة ليست في هذا القدر من العطاء وهذا الحجم من التضحيات، بل بأولئك المسؤولين العرب الذين يريدون إعطاء "شارون" الفرصة لإظهار حسن نواياه ، وكأن هذا التلكؤ والسكوت العربي يُمثل الفرصة التي تعطيها الأنظمة للعدو لكي يعمل على إنهاء الانتفاضة قبل أن يأتي موعد انعقاد القمة العربية في أواخر آذار القادم .. ونحن لا ننتظر من هذه الأنظمة أن تشرب "حليب السباع" في وجه العدو، بل أن تفي على الأقل ببعض وعودها بدفع الأموال المتوجبة لدعم الفلسطينيين.
أزمة المناطق المحررة
ونصل إلى لبنان لنلاحظ أن المناطق المحررة لا تزال تعاني من فقدان السياسة الإنمائية والاقتصادية والصحية، التي تجعل أهاليها يقارنون – للأسف - بين عهد الاحتلال وعهد الدولة، في الوقت الذي يرون أن لهم حقاً في ميزانية الدولة التي توقفت عن دفع هذه المستحقات طيلة سنوات الاحتلال، وأعطته للمناطق الأخرى أو ذهب إلى مواقع السرقة والهدر أو نحو ذلك..
إننا نخشى – أمام هذا الواقع الصعب الذي يعيشه أهلنا في تلك المناطق – أن ينفذ العدو من ألف شباك وشباك بعد أن خرج من الباب، كما نؤكد على كل الجهات الفاعلة، أن تلتقي وتقوم بعملية ضغط متحرك لتلبية حاجات الناس، ولا تكتفي باللقاء على الانتخابات البلدية التي لا بدّ أن تخضع لمواقع الثقة لدى المواطنين، بعيداً عن أية حالة خاصة..
الدول المانحة تنكث بالوعود
وهكذا، نلاحظ أن ما يسمى بالدول المانحة – وفي مقدمتها أمريكا – لم تفِ بوعودها في إعمار الجنوب، بل إن أمريكا قامت في نهاية عهد الإدارة السابقة بمنح الكيان الصهيوني أنواعاً من الأسلحة المتقدّمة التي تفسح المجال للعدو ليصعّد من وتيرة اعتداءاته على لبنان بالاختراقات الجوية والبرية، بحجة دعمها للأمن الإسرائيلي الذي تلتزمه في سياستها، وهي تعلم أن إسرائيل هي التي تربك أمن المنطقة لا العكس؟! ولذلك، فإننا ندعو للمسارعة إلى إسقاط أهداف العدو من خلال السعي لملء الفراغ الإنمائي والاجتماعي والصحي في المناطق المحررة، قبل أن تتفاقم الأمور أكثر فيصبح أهلنا مهددين باحتلال جديد، وهو احتلال الإهمال بعد زوال الاحتلال..
وإلى جانب ذلك، فإن العدو يعمل على تهيئة الأجواء الدولية للربط بين الواقع الأمني – من خلال المقاومة – في لبنان وبين واقع الانتفاضة في فلسطين، من خلال ما تحرّكه مخابراته من معلومات كوسيلة لتبرير أيّ عدوان على لبنان، أو للضغط عليه من ناحية سياسية واقتصادية، حتى أن الإدارة الأمريكية تتحدث من خلال الناطق باسم وزارة خارجيتها، أن "مؤتمراً إرهابياً عقد في بيروت أواخر الشهر الماضي ضم بعض التنظيمات الفلسطينية، بالإضافة إلى حزب الله"، على حدّ قوله..
الأزمة الاقتصادية تتفاعل
أما على المستوى الداخلي، فإننا نلاحظ أن البلد لا يزال يتحرك في متاهات الأزمة الاقتصادية التي تتفاعل على أكثر من صعيد، وهي مهيأة للتفاقم أكثر، حيث إننا لم نلمح – إلى الآن – أن في الأفق خطة اقتصادية متكاملة بل مجرد أفكار أو محاولات تدور في دوائر ضيّقة أو في الحلقة المفرغة للأزمة.
ليس هذا فحسب، بل إننا نشهد عملاً خفياً تارة وعلنياً أخرى على توسيع دائرة البطالة، ولا سيما من خلال بعض الشركات الخاصة التي تصرف موظفيها بسبب أو من دون سبب.. إننا نقول للحكومة وللدولة: إذا كانت غير قادرة على إيجاد خطة اقتصادية متكاملة في وقت قصير، فعلى الأقل أن تسارع لحماية العمّال والموظفين الذي باتوا "كبش محرقة" بين سندان الحكومة ومطرقة بعض الشركات الخاصة التي لا تراعي وضع البلد ولا تأخذ مصلحته بعين الاعتبار.
وليس بعيداً من ذلك، ما نسمعه من الأحاديث الدائرة عن تسريح الموظفين من بعض دوائر الدولة ممن وُظّفوا بدون حاجة أو كفاءة.. إننا لا نمانع من تنظيم بعض الدوائر الحكومية، ولكننا ندعو إلى أن لا يقتصر الأمر على موقع دون موقع، وأن لا تتحرك المسألة في دائرة التجاذبات السياسية أو الحسابات الخاصة التي قد يُظلم فيها بعض الناس الذين لا يملكون غطاءً سياسياً من أهل النفوذ لحساب أناس آخرين.. إننا نريد الإصلاح والتطهير في جميع الدوائر وعلى جميع المستويات، بعيداً عن مواقع الفساد ووحول الطائفية.
ذكرى الشهيدين...ترسيخ نهج الجهاد
وأخيراً، إننا نلتقي بذكرى الشهيدين السعيدين الشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي، اللذين عاشا الجهاد بأروع مواقفه ومواقعه ضد العدو، من أجل الوطن كله والإنسان كله، مما يفرض على الأمة كلها الاحتفال بذكراهما على أساس ترسيخ هذا النهج الجهادي، وتحفيز مجتمع المقاومة لمواجهة كل الأخطار المحدقة التي يخطط لها العدو في مستوى المرحلة أو المستقبل.
الجمهورية الاسلامية تجربة رائدة
ولا ننسى الثورة الإسلامية المباركة في إيران التي استطاعت أن تصنع للإسلام تاريخاً جديداً ودولة جديدة.. إننا نرجو أن تستمر الجمهورية الإسلامية في إيران على مبادئها وشعاراتها، وتدرس كل مواقع التجربة لتصويب الخطأ وزيادة فرص الصواب، والانفتاح على كل قضايا الإسلام في العالم.. إن تجربة الجمهورية الإسلامية في إيران هي التجربة الفريدة الرائدة التي لا بدّ من دراستها والاستفادة منها في تجارب جديدة وآفاق جديدة، سائلين الله تعالى أن يحميها من أعدائها ومن بعض أصدقائها.
وفي الختام، نلتقي في هذه الأيام بذكرى أربعين سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، الذي افتقدناه في كل عناصر شخصيته المنفتحة على العلم والعطاء، إننا في ذكرى أربعينه نأمل من الأخوة والأخوات المشاركة في الاحتفال بذكراه، سائلين الله تعالى أن يتغمده برحمته ويسكنه الفسيح من جنته، وأن يلهم الأمة الصبر والسلوان.