ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبة سماحته الأولى :
مواصفات المفلحين
من بين العناوين التي تحدّث عنها القرآن الكريم، وجعلها خطاً ونموذجاً بشرياً يحتذى به، عنوان "الفلاح"، والفلاح يعني النجاح الذي يتمثّل في الدنيا والآخرة، ومن الطبيعي للإنسان المسلم المؤمن أن ينفتح على هذا العنوان الكبير من أجل أن يؤكده في فكره وسلوكه، حتى يستطيع أن يكون من المفلحين في الدنيا والآخرة.
الإيمان بالغيب:
ونحاول أن نستنطق القرآن الكريم في ذلك كله، فنقرأ في قوله تعالى في أول سورة البقرة: {ألم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين* الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * والذين يؤمنون بما أُنزل إليك وما أُنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون * أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون }. فالمفلحون هم الذين أخذوا بأسباب التقوى، ومن صفات المتقين أنهم يؤمنون بالغيب، ولا يقتصرون في إيمانهم على الحس، بل يؤمنون بأن هناك غيباً يستقل الله تعالى بعلمه، سواء كان في عالم الآخرة، أو الغيب الذي ينفتح على عالم الدنيا فيما يُطلع الله تعالى عليه أنبياءه ورسله، وفيما يُفيض الله به على الناس بين وقت وآخر.
وهم الذين يقيمون الصلاة ، فالصلاة هي الأساس في شخصية الإنسان المؤمن الذي يريد أن يفلح في دنياه وآخرته، لأن الصلاة هي العمل الذي يربط الإنسان بربه، فمن لا يصلي فهو إنسان خاسر، لأنه قطع العلاقة مع ربه، فهو لا يقف مع ربه في الصباح ولا في النهار ولا في المساء، بل يقف مع الشيطان في كل وقت، مع شياطين الإنس والجن، ولهذا قال أهل النار وهم يجيبون المؤمنين عن سؤالهم: {ما سلككم في سقر* قالوا لم نك من المصلّين}. فإذا أحبّ الإنسان منكم أباه أو أمه أو زوجته - أو الزوج بالنسبة للمرأة - أو أولاده وكانوا لا يصلّون، فعليه أن يعمل بكل ما عنده من طاقة في سبيل أن يرشدهم إلى الصلاة.
الإنفاق من الرزق:
{ومما رزقناهم ينفقون} وعندما يتحدث الله تعالى عن هذه الكلمة، معنى ذلك أنه ليس هناك جميل للإنسان عندما ينفق، لأنه لا ينفق من ماله بل ينفق من مال الله، فمال الله تعالى هو وديعة عندك تنفق منه على نفسك فيما تحتاجه لحاجاتك، {والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم}..{والذين يؤمنون بما أُنزل إليك - يؤمنون بالقرآن كله، وهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - وما أُنزل من قبلك - يؤمنون بما أُنزل على الرسل من قبلك ممن سبقوك من التوراة والإنجيل وصحف إبراهيم - وبالآخرة هم يوقنون - ويؤمنون بالآخرة ويتيقنون بها ويعملون لها - أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون}، الذين يرزقهم الله تعالى الفلاح والنجاح في الآخرة.
تزكية النفس:
ويحدّثنا الله تعالى عن عنصر آخر من عناصر الفلاح: {ونفس وما سوّاها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكّاها - إن الله تعالى يقول للإنسان: لقد أعطيتك نفسك وهي التي تمثّل كل ذاتك وحياتك، وعرّفتها طريق التقوى وطريق الفجور، طريق الخير وطريق الشر، فحاول أن تقودها إلى طريق الخير، أن تزكّي نفسك وتطهّرها وتنمّيها وتربيها، أن تجلس معها فلا تغفل عنها، فقد أفلح من جلس مع نفسه يذكّرها الله والآخرة ويحرّكها في خط الاستقامة في طريق الله، فكما أنّ الإنسان يعطي كل اهتمامه لتربية أولاده، فإنّ عليه أن يعطي أكثر من ذلك لتربية نفسه وتنميتها وتزكيتها - وقد خاب من دسّاها}، من أخفاها ولم يفتحها على الله وعلى الاستقامة في خط الله.
ونقرأ في آية أخرى: {قد أفلح من تزكّى - من تزكّى في عقله فكان عقل الطهر والإيمان، وتزكّى في قلبه فكان قلب المحبة في الله، وتزكّى في حياته فكانت حياته لله - وذكر اسم ربه فصلّى}، ذكر اسم ربه ليشعر بحضور الله تعالى في حياته، بحيث لا ينسى الله في أيّ موقف من مواقف الفعل أو الترك.
الحفاظ على الصلاة:
كما يحدّثنا الله عن المؤمنين في خط الفلاح، فلا يكفي أن تكون مؤمناً لتفلح، فيقول تعالى: {قد أفلح المؤمنون - الذين عرفوا الله وعاشوا آفاق عظمته، فخشعت قلوبهم له سبحانه من أجل تمثّلهم لهذه العظمة، ولذلك إذا صلّوا كانت صلاتهم صلاة الخاشعين - الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللّغو معرضون - إذا تحدثوا مع الناس أو إذا أرادوا أن يسمعوا ما يتحدث الناس به، فإنهم يتحدثون بالحديث النافع الذي ينتفع به العقل والقلب والحياة، ولا يتحدثون بكلام اللغو الذي لا فائدة منه للإنسان، لا في دين ولا في دنيا، كما يُعرضون عن اللغو عندما يتحدث الآخرون به - والذين هم للزكاة فاعلون - هم الذين يزكّون أموالهم فيُخرجون منها حق الله تعالى، وكلمة الزكاة هنا يُراد منها كل ما فرض الله تعالى على الإنسان من فرائض مالية، فتشمل الخمس والصدقات وغير ذلك - والذين هم لفروجهم حافظون - هم الذين يقتصرون في شهواتهم الجنسية على علاقتهم بأزواجهم، سواء كان النساء أو الرجال، فإن الله أراد للمؤمنين والمؤمنات أن يحفظوا فروجهم من الزنى واللواط والسحاق - إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم - وكان هناك في الماضي ملك اليمين ولا وجود له الآن - فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك - ابتغى إرواء شهوته بغير الطرق الشرعية في علاقة الزواج، بالزنى أو باللواط أو بالسحاق، أو الاستمناء وهو العادة السرية - فأولئك هم العادون * والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون * والذين هم على صلاتهم يحافظون - يحافظون عليها في أوقاتها وأجزائها وشروطها - أولئك هم الوارثون - ليسوا الوارثين للمال، بل الوارثين للجنة - الذين يرثون الفردوس - هل تريدون الجنة؟ من يرد الجنة لا بد أن يأخذ بهذه الأمور في حياته، ولا بد أن يصون نفسه عمّا حرّم الله - هم فيها خالدون}.
تقوى الله:
ويتابع القرآن الكريم الحديث عما يريد الله تعالى للإنسان أن يأخذ فيه بأسباب الفلاح، فيقول: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله - ففي التقوى فلاحكم ونجاحكم في الدنيا والآخرة - وابتغوا إليه الوسيلة - السبل التي تقرّبكم منه في أعمالكم وأقوالكم - وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون}.. ويقول تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون}.. ويقول تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}...{ إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}، فلا تشربوا الخمر ، سواء كان قليلاً أو كثيراً، فإن الله حرّم قليل الخمر وكثيره ، ولا تلعبوا القمار ، سواء في المال الصغير أو الكبير..
الأمر بالمعروف:
ومن أسباب الفلاح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول تعالى: {ولتكن منكم أمة - تحمّلوا مسؤولية إصلاح الإنسان والمجتمع، فلا يكن أحدكم فردياً فيوحي لنفسه بالراحة لأنه لا يريد أن يوجع رأسه بالدعوة إلى الله، لأن الله تعالى أراد للمجتمع كله أن يوجّه بعضه بعضاً ويدعو بعضه بعضاً إلى الخير - يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}..
أما الذين لا يأخذون بأسباب الفلاح فمن هم:{إنه لا يفلح الظالمون}، {إنه لا يفلح المجرمون}، {ولا يفلح الساحرون}، هؤلاء الذين يأخذون بأسباب السحر، ولا واقع للسحر، ويخدعون الناس البسطاء ويغشونهم ليوحوا لهم أنهم يفكون لهم السحر، {أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون}.. ويقول تعالى: {قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون}..
إن الله تعالى يريدنا أن ننفتح عليه ونأخذ بدينه - كل دينه - لا أن نأخذ بعضاً ونترك البعض الآخر، كأولئك الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، إن الله تعالى يريدنا أن نوحّده ونؤكد توحيده بالسير على خطه والاستقامة على دينه، فذلك هو طريق الفلاح، إن الله تعالى يريد للإنسان أن يعيش معه لا مع غيره - كل غيره - فإن معنى أن تعيش مع الله أن يكون أولياء الله هم أولياءك، وأن يكون أنبياء الله هم أنبياءك، بمعنى أن تكون علاقتك مع الناس من خلال الله.. أيها الإنسان: "اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل"، وسوف يُقال لنا: {اقرأ كتابك - ماذا في كتابك؟ هل في كتابك الإيمان بالله والطاعة له والسير معه والمحبة له، أو في كتابك الكفر والانحراف والمعصية وما إلى ذلك - كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً}.
الخطبة الثانية بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله.. اتقوا الله، فإنّ تقوى الله هي المنجاة من النار، وهي السبيل إلى الفلاح في الدنيا والآخرة، وهي مظهر التزكية في العقل عندما تمارسون تقوى العقل، والقلب عندما تمارسون تقوى القلب، والحياة عندما تمارسون تقوى الحياة.. اتقوا الله ولتكن تقواكم في كل مواقعكم في الحياة، وفي كل ساحات الصراع، فلا تكونوا مع الذين خانوا الله ورسوله، أن لا تكونوا مع الذين حادّوا الله ورسوله، ومع الذين يتحركون مع الاستكبار وينطلقون في خطه في الماضي والحاضر، ويخططون لذلك في المستقبل، لأن الله تعالى يريدنا أن نكون مع الصادقين لا مع الكاذبين. ولا بد لنا أن ننفتح على قضايا الإسلام والمسلمين، لنكون مع الإسلام في كل مواقعه، ومع المسلمين في كل قضاياهم، فتعالوا لنعرف ماذا هناك لنتخذ الموقف من خلال ذلك.
الأمّة في طاحونة الحرب والهزيمة
مرّت قبل أيام الذكرى الثانية عشرة لانتهاء الحرب التي شنها النظام العراقي ضد الجمهورية الإسلامية في إيران، بتمويل عربي وبتغطية سياسية وأمنية من قِبَل المحاور الدولية، والتي كانت بمثابة الحرب العالمية ضد إيران الإسلام.. لقد استهدفت هذه الحرب في بدايتها إسقاط الجمهورية الإسلامية، ولما عجز النظام العراقي عن تحقيق هذا الهدف أُوكلت إليه مهمة الاستمرار في استنزافها حتى تسقط داخلياً، وقد تنبّه الإمام الخميني لذلك، فعمل على إيقاف الحرب من خلال قراره الشهير، الذي قَبِل به بقرار الأمم المتحدة 598 قائلاً: "إنني أتجرّع السمّ".
إننا ونحن نشهد في هذه الأيام احتفالات يقيمها النظام العراقي في المناسبة، تحت عنوان "يوم النصر العظيم"، ندرك أكثر كيف أنّ هذا النظام انتقل من هزيمة إلى أخرى باسم النصر، وكيف حوّل العراق إلى ورقة تقذف بها الدول الكبرى إلى حيث تشاء، تارة إلى الحرب على إيران، وأخرى ضد الكويت، وكذلك في الحرب على شعبه، بالطريقة التي أفقدت العراق توازنه، وأدخلت الأمة في طاحونة الحرب والهزيمة بعيداً عن الحرب ضد إسرائيل..
إيران.. الحفاظ على خطّ الوحدة
إننا في الوقت الذي نستشعر فيه أهمية نهوض إيران بعد حرب شرسة مفتوحة شُنت ضدها لسنوات عديدة، لتعود إلى قوتها ومتانتها كقاعدة للإسلام في العالم، نعرف بأن المؤامرة على إيران تسلك في هذه الأيام طرقاً مختلفة، تارة من خلال الحصار الاقتصادي، وطوراً من خلال المحاولات الدولية الساعية للدخول بين الطرفين الأساسيين اللذين يمثلان الثقل السياسي فيها، وخاصة من خلال الدعايات الإعلامية المغرضة التي تعمل على تضخيم صورة الأوضاع، وبأنها على شفير الانفجار، كما يحاول الإعلام الغربي أن يصوّر الوضع الآن..
إننا نريد للشعب الإيراني أن يعي خطورة ما يحيكه الآخرون ضده، ليظل في خط الوحدة الداخلية المنفتحة على الحوار الموضوعي، والمحافظة على النظام الإسلامي في قواعده الفكرية والشرعية، مع مراعاة الحريات المسؤولة، وحماية الأجيال الجديدة من الضياع والانحراف، والعمل على تقديم نموذج إسلامي متقدّم للعالم المعاصر، من موقع الإسلام لا من موقع الغرب.
الصهاينة.. اختراقات سياسية للطوارىء
وفي هذا الجو، بدأنا نسمع - ومنذ انتشار قوات الطوارئ في الجنوب - عن "اختراقات" سياسية صهيونية حيال مهمة هذه القوات، بعد الاختراقات الجغرافية من قبل العدو للأرض اللبنانية، ودعوات من أكثر من مسؤول من مسؤولي العدو لتحويلها إلى قوة تسهر على حماية الإسرائيليين بدلاً من أن تعمل على منعهم من اختراق الحدود اللبنانية - الفلسطينية المحتلة، وممارسة الاعتداءات ضد اللبنانيين مجدداً.
هل الحجارة تمثّل إرهاباً؟!
إن الصهاينة الذين لم يتركوا سلاحاً إلاّ واستخدموه في لبنان طوال احتلالهم وقبل ذلك، حيث جرّبوا كل الأسلحة الأمريكية الحديثة ضد اللبنانيين، وأرادوا للعالم كله أن يسكت عن مجازرهم وإرهابهم، يعلنون في هذه الأيام عن خوفهم وخشيتهم من بعض الحجارة التي تنطلق ضدهم عند "بوابة فاطمة"، ويطلقون النار على اللبنانيين الذين يتجمّعون هناك، ويدعو أحد مسؤوليهم إلى أن ينتشر الجيش اللبناني لا صورياً، "بل أن يمنع الإرهاب والاضطرابات الصادرة من لبنان"، كما قال، فإذا كانت الحجارة اللبنانية إرهاباً، فماذا نقول عن صواريخهم في "قانا" والنبطية وغيرها؟!..
إنّ العدو يريد للأمم المتحدة أن تمارس - عبر قوّاتها - دوراً شبيهاً بالدور الذي كان يمارسه هو ضد شعبنا، بحجة أنّه يعمل لحماية مستوطناته، كما يريد الإيقاع بين الجيش والمقاومة، ولكنه سيفشل كما فشل بالأمس، انطلاقاً من روح المسؤولية التي يعيشها اللبنانيون على مستوى الشعب والدولة، ووعيهم لما يخطط له العدوّ، ومن خلال وعي المقاومة لدورها في إطار الخصوصيات الوطنية..
لماذا لم تستنكر الانتهاكات الإسرائيلية؟
وفي هذا الإطار، نقرأ أن بعض الأصوات الأوروبية تستنكر ما يجري عند "بوابة فاطمة"، وأن "الجنود الإسرائيليين لم يطلقوا النار إلا بعد أن طفح الكيل ودفاعاً عن النفس، وأن هذا الأمر غير مقبول على المستوى الأوروبي والدولي".. ونحن نسأل: هل هي الغيرة من أجل أن يسود الهدوء في المنطقة؟! ولماذا لم نكن نسمع أصواتاً تستنكر الاعتداءات الإسرائيلية التي لا يزال بعضها مستمراً وخاصة انتهاك الأجواء اللبنانية، والاعتداء على المدنيين من قبل جنود العدو بإطلاق النار عليهم، أو أن هذا الكلام هو رسالة على هامش مؤتمر الدول المانحة، ليقال للبنان بأن من شروط الوفاء بالوعود الاقتصادية أو بشيء منها أن يرتاح الصهاينة حتى على مستوى رشق الحجارة، لأنهم لا يريدون رؤية مشهد شبيه بالانتفاضة الفلسطينية في لبنان؟!
إن كل هذه الأصوات تفرض على الجميع الدراسة الدقيقة للخلفيات السياسية الكامنة وراءها، والخطط المرسومة ضد لبنان، وإذا كان الجنوب ينتظر تأكيد الجانب الأمني للمواطنين فيه، فهو كذلك ينتظر أن يتوفر له الأمن الاقتصادي والخدماتي في أوضاعه الصعبة.
الدور للمقاومة السياسية
ونصل إلى الداخل اللبناني، لنلاحظ أن الصورة التي يبرز بها الواقع السياسي في البلد تدل على مدى السقوط الأخلاقي، والانحدار الفكري، وإسقاط الكثير من المحرّمات في عملية التحالفات، فنحن لا نرى في الساحة حديثاً عن الخطوط الاستراتيجية التي يؤمن بها هذا الفريق أو ذاك، بل نجد المسألة خاضعة للمصالح الفئوية في عملية النجاح أو السقوط..
إننا نشاهد سقوطاً للتاريخ لمصلحة الجغرافيا، وخيانة للمستقبل في المحافظة على مكاسب الحاضر.. أيها الناس: راقبوا الله في أمانة الأجيال، وفكّروا جيداً في مسؤولياتكم عن صناعة المستقبل الحر، وليكن للمقاومة السياسية دورها في تحرير السياسة من الكذب والنفاق واللعب على الحبال والتخلّف الذهني، وبالتالي في تحرير الإنسان، كما كان للمقاومة العسكرية دور في تحرير الأرض، فقد بدأت مرحلة التحرير من الداخل، لئلاّ يحتل تخلّف الحاضر ساحة المستقبل. |