أقامت مؤسَّسات العلَّامة المرجع الراحل السيِّد محمَّد حسين فضل الله (رض) احتفالاً حاشداً في قاعة الزهراء (ع) في مجمع الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، في الذكرى الرابعة عشرة لرحيله، بحضور حشد من الشخصيّات والفاعليَّات الدينية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية والحزبية والثقافية والبلدية والإعلامية والاجتماعية والبلدية، على رأسها الشيخ حسن المصري ممثلاً رئيس مجلس النوَّاب نبيه بري، النَّائب قاسم هاشم ممثّلاً رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، نائب الأمين العام لحزب الله الشَّيخ نعيم قاسم ممثّلاً الأمين العام لحزب الله السيِّد حسن نصرالله، الشَّيخ بلال الملا ممثّلاً مفتي الجمهوريَّة الشَّيخ عبد اللّطيف دريان، الخوري سليم مخلوف ممثّلاً البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الشيخ عامر زين الدين ممثّلاً شيخ عقل طائفة الموحِّدين الدروز الشيخ سامي أبو المنى، منير سعادة ممثّلاً الرئيس سعد الحريري، وزير الماليَّة يوسف خليل، السَّفير أسامة خشَّاب ممثّلاً وزير الخارجيَّة عبدالله بو حبيب، النوَّاب: أسامة سعد، علي عمّار، إبراهيم الموسوي، ملحم خلف، زاهر رعد ممثَّلاً الرئيس السَّابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الأستاذ ربيع عوّاد ممثّلاً رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، الأستاذ طوني الحاج ممثلاً رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل، السفير الإيراني مجتبى أماني، عبد الرحمن العتيبي ممثّلاً السَّفير السعودي وليد البخاري، السَّفير الياباني، السّفير الفلسطيني أشرف دبّور، العميد فراس ترشيشي ممثّلاً قائد الجيش، العقيد حيدر قبيسي ممثّلاً مدير أمن العام اللّواء الياس البيسري، الوزير السَّابق غازي العريضي، الوزير السَّابق محمَّد فنيش، الأستاذ صلاح سلام، ممثّل المرجع اليعقوبي الشَّيخ حسين التميمي، هيثم أبو غزلان ممثّلاً عن حركة الجهاد الإسلامي، وفد من "المرابطون" ضمَّ محمَّد قليلات وفؤاد حسن، وحشود شعبيَّة غصَّت بهم القاعة.
بدأ الاحتفال بتلاوة آيات من القرآن الكريم للقارئ الشَّيخ محمود المقداد، فالنَّشيد الوطني اللّبناني، ثمَّ قصيدة للشَّاعر العراقي الدكتور جابر الجابري، تلاها فيلم وثائقي عن المرجع فضل الله (رض)، وقدَّم للحفل مدير المركز الإسلامي الثقافي، السيِّد شفيق الموسوي.
وفي الختام، ألقى العلَّامة السيِّد علي فضل الله كلمةً جاء فيها:
نأتي اليوم لنشهد على حضورك في الجرح النَّازف في غزَّة، وفي الضفَّة الغربيَّة، وفي كلِّ فلسطين، في هذه القضيَّة الَّتي أخذت منك الكثير وأعطيتها الكثير، وكنت واعياً لخطورة القبول باحتلال فلسطين وشرعنته وطرد شعبها، وقد رأيت أنّ قضيَّة فلسطين هي قضيَّة أن تكون الأمَّة أو لا تكون، وأنَّ فلسطين تختصر كلَّ آلام الأمَّة وأحلامها.
وأضاف: لقد كنت واعياً لارتباط احتلال فلسطين بالمشروع الاستعماري الَّذي أريد منه الهيمنة على المنطقة، والحؤول دون وحدتها وامتلاكها عناصر القوَّة، لكنَّك كنت تثق بالشَّعب الفلسطيني، بقدراته وصبره واستعداده للتَّضحية، وتصميمه على مواجهة هذا العدوّ، ومنعه من الاستقرار في أيّ مكان يصل إليه.
وتابع: وقضيَّة أخرى من قضايا أمَّتك عشتها وعشت لها، ونشهد عليها اليوم، ويشهد معنا كلّ المعنيّين؛ إنها مسيرة الوحدة الإسلاميَّة الَّتي آمنت بها، ولم تكن فيها مجاملاً للآخر المختلف معك مذهبياً، أو ساعياً لإرضائه لكسبٍ يحصل عليه المذهب أو لاختراق ساحة، بل كنت تؤمن بها وتراها ديناً تدين الله به...
وقال: لقد كنت ترى أنَّ التفرقة هي السّلاح الأمضى الَّذي لجأ إليه أعداء هذه الأمَّة، ومع الأسف، وجدوا لدينا أرضاً خصبة، ما أدّى إلى بعثرة قوانا وتشتيت جهودنا، وجعلنا على هامش الأمم، بدلاً من أن نكون في مقدَّمها ولنا كلّ الحضور فيها.
ولذلك، دعوتهم مذاهبَ واتجاهاتٍ ودولاً إلى أن يتَّحدوا، ومن دون التَّنازل عن مذاهبهم واجتهاداتهم وولاءاتهم وأوطانهم، بل بالعمل المشترك على ما يلتقون عليه، وهو كثير، وأنت عندما دعوت إليها، لم تكن تريدها في مواجهة الآخر الدّيني، أو في مقابل الاتجاهات الأخرى، فليس هذا ما أردته.
لقد رفعت شعار: يا أيّها المسلمون اتحدوا، وكنت واعياً لمدى القوَّة الَّتي تتحصل إن توحَّد المسلمون والعرب، دولاً وشعوباً ومذاهب وفرقاً، وأزالوا الهواجس الَّتي تعصف بهم، وتجعلهم يخاف بعضهم من بعض، لذلك دعوتهم إلى أن يصغي بعضهم إلى بعض، وأن يقاربوا خلافاتهم وما يعصف بهم من أزمات بطريقة وحدويَّة، وإلى الوقوف معاً في القضايا المصيريَّة...
وتابع: قضيَّة أخرى عشتها بكلِّ كيانك، عندما قدَّمت الدِّين برحابته وإشراقته وأصالته، وحرصت على تنقيته من كلِّ الشَّوائب وما يخل بإنسانيَّته، ولأجل ذلك، دعوت إلى الأخذ بروح الدِّين وجوهره، والّذي يتجلَّى في القيم الروحيَّة والأخلاقيَّة والإنسانيَّة، والدعوة إلى العدالة الَّتي هي عنوان اللّقاء بين الديانات السماويَّة، وأن لا نكتفي من الدّين بالطّقوس والتركيز على الشَّكل دون المضمون، كنت ترى أن لا قيمة لصلاة أو صيام أو حجّ إن لم تؤدِّ إلى تعزيز الصّدق والأمانة والوفاء بالعهد والنّظام والعدالة بين النَّاس والحريَّة وإذابة الأحقاد والنزاعات.
أمَّا على صعيد الوطن الَّذي أحببته للتنوّع الَّذي يتميَّز به، فقد عملت على أن يكون هذا التنوّع نعمة لا مشكلة، ورسالة تقدَّم إلى العالم تؤكِّد قدرة الأديان لا على مستوى التَّعايش في ما بينها فحسب، بل على التكامل والتكافل والتعاون والتآلف فيما بينها...
وأردف:كم آلمك إدخال الدّين في لعبة المصالح، وتحويله إلى موقع للوصول، وباب للتَّنازع على الحصص، الأمر الَّذي لا يمتّ إلى الأديان بصلة، وهو ما دعاك إلى إعطاء الإنسان حقَّه لإنسانيَّته، بعيداً من طائفته أو مذهبه، وهو ما عمل له الرّسل، فهم لم يطالبوا بحقوق من معهم، بل بحقوق الإنسان، كلّ الإنسان، لقد كنت تخشى على لبنان من أن يكون ساحةً للصّراع والتَّنازع بين الطَّوائف، ما يحوِّله إلى ميدان وساحة يستثمر فيها من لا يريدون الخير لهذا الوطن...
وأضاف: لقد كنت واعياً لخطورة الكيان الصهيوني، وكنت تخشى على لبنان منه، ولذلك رفعت شعار الدَّعوة إلى الحذر من هذا العدوّ، وبناء كلّ عناصر القوَّة، والاستعدادات الكفيلة بمواجهة عدوانه وأطماعه، ولذلك رفضت مقولة قوَّة لبنان في ضعفه، وأنَّ العين لا تقاوم المخرز، ودعوت إلى تسليح الجيش اللّبناني للقيام بواجبه الوطني، ولكن مع الأسف، لم يسمح له بأن يمتلك السِّلاح الَّذي يؤهِّله لمواجهة هذا العدوّ.
لقد كنت سنداً وملهماً للمقاومة منذ انطلاقتها، لا ببعدها الطائفي، بل لأنَّ قوَّتها قوّة للبنان، كلّ لبنان، ولحسابه، كنت تراها جيش لبنان الشَّعبي الَّذي ينبغي لا أن يكون نداً للجيش اللّبناني أو سبباً لإضعافه، بل أن يقوم بواجبه إلى جانبه حيث يحتاج إليه، وقد احتضنتها ورعيتها، وقدَّمت عصارة فكرك لتعزيزها في وجدان الأمَّة والرّهان عليها، كسبيل رئيس لتحرير الأرض وحماية الوطن، وتلقَّيت بصدرك الكثير من الطَّعنات الَّتي شككت فيها، فكنت الدّرع الَّتي حمتها، والصّوت الهادر والحكيم في وجه من أرادوا تشويه صورتها، ممن لم يعوا دورها ومنطلقاتها وأهدافها وما تسعى إليه، والقيام بواجبها الإنسانيّ في مساندة الشَّعب الفلسطيني...
وها هي المقاومة تقف اليوم بكلِّ ثبات وقوَّة، وعلى رغم كلّ التهديدات، حتى بات العدوّ الصّهيوني يحسب لها ألف حساب قبل أن ينفِّذ تهديداته بالحرب الشَّاملة على هذا الوطن، ما يدعو اللّبنانيّين إلى الاعتزاز بها، وعدم التَّفريط بها، لكونها سنداً وحضناً لهذا الوطن مع جيشه.
وإلى جانب ذلك، كنت تعمل، وبكلِّ قوّة، لتوفير الظروف لبناء دولة عادلة قويَّة، تضمن لمواطنيها العيش الكريم والمساواة بين أبنائه، وتضمن استقلال البلد، دولة خالية من الفساد والارتهان للخارج، ومن عبث العابثين بها...
ونحن اليوم نطلق الصَّوت باسمك يا سيِّدي، لندعو إلى ما كنت تدعو إليه، إلى الوحدة والعمل المشترك لبناء هذا الوطن الَّذي لن يبنى ويقوم ويزدهر إلَّا بكلِّ أبنائه وطوائفه ومذاهبه ومواقعه السياسيَّة، لا يعزل فيه أحدٌ.
وختم: نعدك بأنَّنا سنكون أمناء على كلِّ ما عملت له ولن نفرِّط فيه، بالعمل على تعزيز الوحدة الداخليَّة، وإبقاء أيدينا ممدودةً إلى الآخر، كلّ الآخر، لا نعادي إلَّا من هم أعداء هذا الوطن، وأن نكون روّاداً في التَّواصل والحوار الَّذي عملت له ونظَّرت، وحريصين على أمن هذا البلد وسيادته واستقلاله، وسنداً لكلِّ المظلومين في هذا العالم في مواجهة من يريدون لهذا العالم أن يكون بقرة حلوباً لهم...
أقامت مؤسَّسات العلَّامة المرجع الراحل السيِّد محمَّد حسين فضل الله (رض) احتفالاً حاشداً في قاعة الزهراء (ع) في مجمع الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، في الذكرى الرابعة عشرة لرحيله، بحضور حشد من الشخصيّات والفاعليَّات الدينية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية والحزبية والثقافية والبلدية والإعلامية والاجتماعية والبلدية، على رأسها الشيخ حسن المصري ممثلاً رئيس مجلس النوَّاب نبيه بري، النَّائب قاسم هاشم ممثّلاً رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، نائب الأمين العام لحزب الله الشَّيخ نعيم قاسم ممثّلاً الأمين العام لحزب الله السيِّد حسن نصرالله، الشَّيخ بلال الملا ممثّلاً مفتي الجمهوريَّة الشَّيخ عبد اللّطيف دريان، الخوري سليم مخلوف ممثّلاً البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الشيخ عامر زين الدين ممثّلاً شيخ عقل طائفة الموحِّدين الدروز الشيخ سامي أبو المنى، منير سعادة ممثّلاً الرئيس سعد الحريري، وزير الماليَّة يوسف خليل، السَّفير أسامة خشَّاب ممثّلاً وزير الخارجيَّة عبدالله بو حبيب، النوَّاب: أسامة سعد، علي عمّار، إبراهيم الموسوي، ملحم خلف، زاهر رعد ممثَّلاً الرئيس السَّابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الأستاذ ربيع عوّاد ممثّلاً رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، الأستاذ طوني الحاج ممثلاً رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل، السفير الإيراني مجتبى أماني، عبد الرحمن العتيبي ممثّلاً السَّفير السعودي وليد البخاري، السَّفير الياباني، السّفير الفلسطيني أشرف دبّور، العميد فراس ترشيشي ممثّلاً قائد الجيش، العقيد حيدر قبيسي ممثّلاً مدير أمن العام اللّواء الياس البيسري، الوزير السَّابق غازي العريضي، الوزير السَّابق محمَّد فنيش، الأستاذ صلاح سلام، ممثّل المرجع اليعقوبي الشَّيخ حسين التميمي، هيثم أبو غزلان ممثّلاً عن حركة الجهاد الإسلامي، وفد من "المرابطون" ضمَّ محمَّد قليلات وفؤاد حسن، وحشود شعبيَّة غصَّت بهم القاعة.
بدأ الاحتفال بتلاوة آيات من القرآن الكريم للقارئ الشَّيخ محمود المقداد، فالنَّشيد الوطني اللّبناني، ثمَّ قصيدة للشَّاعر العراقي الدكتور جابر الجابري، تلاها فيلم وثائقي عن المرجع فضل الله (رض)، وقدَّم للحفل مدير المركز الإسلامي الثقافي، السيِّد شفيق الموسوي.
وفي الختام، ألقى العلَّامة السيِّد علي فضل الله كلمةً جاء فيها:
نأتي اليوم لنشهد على حضورك في الجرح النَّازف في غزَّة، وفي الضفَّة الغربيَّة، وفي كلِّ فلسطين، في هذه القضيَّة الَّتي أخذت منك الكثير وأعطيتها الكثير، وكنت واعياً لخطورة القبول باحتلال فلسطين وشرعنته وطرد شعبها، وقد رأيت أنّ قضيَّة فلسطين هي قضيَّة أن تكون الأمَّة أو لا تكون، وأنَّ فلسطين تختصر كلَّ آلام الأمَّة وأحلامها.
وأضاف: لقد كنت واعياً لارتباط احتلال فلسطين بالمشروع الاستعماري الَّذي أريد منه الهيمنة على المنطقة، والحؤول دون وحدتها وامتلاكها عناصر القوَّة، لكنَّك كنت تثق بالشَّعب الفلسطيني، بقدراته وصبره واستعداده للتَّضحية، وتصميمه على مواجهة هذا العدوّ، ومنعه من الاستقرار في أيّ مكان يصل إليه.
وتابع: وقضيَّة أخرى من قضايا أمَّتك عشتها وعشت لها، ونشهد عليها اليوم، ويشهد معنا كلّ المعنيّين؛ إنها مسيرة الوحدة الإسلاميَّة الَّتي آمنت بها، ولم تكن فيها مجاملاً للآخر المختلف معك مذهبياً، أو ساعياً لإرضائه لكسبٍ يحصل عليه المذهب أو لاختراق ساحة، بل كنت تؤمن بها وتراها ديناً تدين الله به...
وقال: لقد كنت ترى أنَّ التفرقة هي السّلاح الأمضى الَّذي لجأ إليه أعداء هذه الأمَّة، ومع الأسف، وجدوا لدينا أرضاً خصبة، ما أدّى إلى بعثرة قوانا وتشتيت جهودنا، وجعلنا على هامش الأمم، بدلاً من أن نكون في مقدَّمها ولنا كلّ الحضور فيها.
ولذلك، دعوتهم مذاهبَ واتجاهاتٍ ودولاً إلى أن يتَّحدوا، ومن دون التَّنازل عن مذاهبهم واجتهاداتهم وولاءاتهم وأوطانهم، بل بالعمل المشترك على ما يلتقون عليه، وهو كثير، وأنت عندما دعوت إليها، لم تكن تريدها في مواجهة الآخر الدّيني، أو في مقابل الاتجاهات الأخرى، فليس هذا ما أردته.
لقد رفعت شعار: يا أيّها المسلمون اتحدوا، وكنت واعياً لمدى القوَّة الَّتي تتحصل إن توحَّد المسلمون والعرب، دولاً وشعوباً ومذاهب وفرقاً، وأزالوا الهواجس الَّتي تعصف بهم، وتجعلهم يخاف بعضهم من بعض، لذلك دعوتهم إلى أن يصغي بعضهم إلى بعض، وأن يقاربوا خلافاتهم وما يعصف بهم من أزمات بطريقة وحدويَّة، وإلى الوقوف معاً في القضايا المصيريَّة...
وتابع: قضيَّة أخرى عشتها بكلِّ كيانك، عندما قدَّمت الدِّين برحابته وإشراقته وأصالته، وحرصت على تنقيته من كلِّ الشَّوائب وما يخل بإنسانيَّته، ولأجل ذلك، دعوت إلى الأخذ بروح الدِّين وجوهره، والّذي يتجلَّى في القيم الروحيَّة والأخلاقيَّة والإنسانيَّة، والدعوة إلى العدالة الَّتي هي عنوان اللّقاء بين الديانات السماويَّة، وأن لا نكتفي من الدّين بالطّقوس والتركيز على الشَّكل دون المضمون، كنت ترى أن لا قيمة لصلاة أو صيام أو حجّ إن لم تؤدِّ إلى تعزيز الصّدق والأمانة والوفاء بالعهد والنّظام والعدالة بين النَّاس والحريَّة وإذابة الأحقاد والنزاعات.
أمَّا على صعيد الوطن الَّذي أحببته للتنوّع الَّذي يتميَّز به، فقد عملت على أن يكون هذا التنوّع نعمة لا مشكلة، ورسالة تقدَّم إلى العالم تؤكِّد قدرة الأديان لا على مستوى التَّعايش في ما بينها فحسب، بل على التكامل والتكافل والتعاون والتآلف فيما بينها...
وأردف:كم آلمك إدخال الدّين في لعبة المصالح، وتحويله إلى موقع للوصول، وباب للتَّنازع على الحصص، الأمر الَّذي لا يمتّ إلى الأديان بصلة، وهو ما دعاك إلى إعطاء الإنسان حقَّه لإنسانيَّته، بعيداً من طائفته أو مذهبه، وهو ما عمل له الرّسل، فهم لم يطالبوا بحقوق من معهم، بل بحقوق الإنسان، كلّ الإنسان، لقد كنت تخشى على لبنان من أن يكون ساحةً للصّراع والتَّنازع بين الطَّوائف، ما يحوِّله إلى ميدان وساحة يستثمر فيها من لا يريدون الخير لهذا الوطن...
وأضاف: لقد كنت واعياً لخطورة الكيان الصهيوني، وكنت تخشى على لبنان منه، ولذلك رفعت شعار الدَّعوة إلى الحذر من هذا العدوّ، وبناء كلّ عناصر القوَّة، والاستعدادات الكفيلة بمواجهة عدوانه وأطماعه، ولذلك رفضت مقولة قوَّة لبنان في ضعفه، وأنَّ العين لا تقاوم المخرز، ودعوت إلى تسليح الجيش اللّبناني للقيام بواجبه الوطني، ولكن مع الأسف، لم يسمح له بأن يمتلك السِّلاح الَّذي يؤهِّله لمواجهة هذا العدوّ.
لقد كنت سنداً وملهماً للمقاومة منذ انطلاقتها، لا ببعدها الطائفي، بل لأنَّ قوَّتها قوّة للبنان، كلّ لبنان، ولحسابه، كنت تراها جيش لبنان الشَّعبي الَّذي ينبغي لا أن يكون نداً للجيش اللّبناني أو سبباً لإضعافه، بل أن يقوم بواجبه إلى جانبه حيث يحتاج إليه، وقد احتضنتها ورعيتها، وقدَّمت عصارة فكرك لتعزيزها في وجدان الأمَّة والرّهان عليها، كسبيل رئيس لتحرير الأرض وحماية الوطن، وتلقَّيت بصدرك الكثير من الطَّعنات الَّتي شككت فيها، فكنت الدّرع الَّتي حمتها، والصّوت الهادر والحكيم في وجه من أرادوا تشويه صورتها، ممن لم يعوا دورها ومنطلقاتها وأهدافها وما تسعى إليه، والقيام بواجبها الإنسانيّ في مساندة الشَّعب الفلسطيني...
وها هي المقاومة تقف اليوم بكلِّ ثبات وقوَّة، وعلى رغم كلّ التهديدات، حتى بات العدوّ الصّهيوني يحسب لها ألف حساب قبل أن ينفِّذ تهديداته بالحرب الشَّاملة على هذا الوطن، ما يدعو اللّبنانيّين إلى الاعتزاز بها، وعدم التَّفريط بها، لكونها سنداً وحضناً لهذا الوطن مع جيشه.
وإلى جانب ذلك، كنت تعمل، وبكلِّ قوّة، لتوفير الظروف لبناء دولة عادلة قويَّة، تضمن لمواطنيها العيش الكريم والمساواة بين أبنائه، وتضمن استقلال البلد، دولة خالية من الفساد والارتهان للخارج، ومن عبث العابثين بها...
ونحن اليوم نطلق الصَّوت باسمك يا سيِّدي، لندعو إلى ما كنت تدعو إليه، إلى الوحدة والعمل المشترك لبناء هذا الوطن الَّذي لن يبنى ويقوم ويزدهر إلَّا بكلِّ أبنائه وطوائفه ومذاهبه ومواقعه السياسيَّة، لا يعزل فيه أحدٌ.
وختم: نعدك بأنَّنا سنكون أمناء على كلِّ ما عملت له ولن نفرِّط فيه، بالعمل على تعزيز الوحدة الداخليَّة، وإبقاء أيدينا ممدودةً إلى الآخر، كلّ الآخر، لا نعادي إلَّا من هم أعداء هذا الوطن، وأن نكون روّاداً في التَّواصل والحوار الَّذي عملت له ونظَّرت، وحريصين على أمن هذا البلد وسيادته واستقلاله، وسنداً لكلِّ المظلومين في هذا العالم في مواجهة من يريدون لهذا العالم أن يكون بقرة حلوباً لهم...