قبل أكثر من أربعة عشر قرناً، تبنَّى المسلمون التَّقويم الهجريّ الَّذي قام على اعتبار السّنة الّتي هاجر فيها الرّسول (ص) من مكَّة إلى المدينة بدايةً لاحتساب الشّهور الّذي يعتمد على دورة القمر، ومن هنا جاء اسم التّقويم الهجريّ. وقد ارتبط هذا التّقويم ببعض الفرائض الّتي فرضها الله تعالى على المسلمين، ومنها فريضتا الحجّ والصَّوم، كما يتمّ الاعتماد عليه في تحديد عيدي الأضحى والفطر.
والشَّهر القمريّ هو المدَّة الَّتي يتمّ فيها القمر دورة كاملة حول الأرض، ويبدأ في اليوم الَّذي يولد فيه الهلال، وينتهي في اليوم الَّذي يسبق الهلال الَّذي يليه. ويبلغ عدد أيّامه إمَّا 29 يوماً وإمَّا 30 يوماً.
وبما أنَّ الاعتماد عند المسلمين في العبادات على الأشهر الهجريَّة، فإنَّ ذلك يرتبط بشكلٍ مباشرٍ بتحديد ولادة هلال كلِّ شهر من أشهر السَّنة الهجريَّة.
وتبلغ دورة القمر حول الأرض 27.321 يوماً، ثم يدخل القمر في طور المحاق، ومن ثمَّ يحدث الاقتران، ثمَّ يكون الإهلال، ويبدأ الشَّهر الجديد.
وبما أنَّ بعض العبادات في الإسلام تترتّب على ولادة القمر، فإنَّ الاعتماد في الشّهر القمريّ الشّرعيّ يكون على خروج القمر من المحاق، وابتدائه بالتحرّك بعد أن يصبح بين الأرض والشَّمس، وهذا يعني مواجهة جزء من نصفه المضيء للأرض. والآخر: أن يكون هذا الجزء مما يمكن رؤيته بالعين الاعتياديَّة المجرّدة، أو بالوسائل المقرِّبة، وإن لـم يُر فعلاً. وعليه، فإذا أثبت العلم بوسائله التقنيَّة الدَّقيقة إمكان رؤيته، لولا وجود بعض الأمور الطَّارئة المانعة من الرّؤية، فإنَّه يمكن الحكم بالهلال حينئذٍ.
فالحكم بولادة القمر الشَّرعيّ لا يتمّ بمجرَّد ولادة القمر، وإنّما بخروج القمر من مرحلة المحاق، وأن يكون قد مرَّ وقت كاف على خروجه، بحيث يكون الهلال قد اختزن كميَّة من الضَّوء تتيح رؤيته.
أمّا وجود حاجب يحول دون الرؤية، كالغيم والضَّباب، فلا يضرُّ بالمقياس، لأنَّ المقياس هو إمكان الرّؤية في حالة عدم وجود حاجب من هذا القبيل. ولذا فإنَّه يصحّ في هذه الحالة وفي غيرها الاعتماد على قول الفلكيّ الخبير الثّقة بخروج القمر من المحاق، إلى الدَّرجة التي يمكن رؤيته فيها بالعين المجرَّدة، ويكفي ذلك في ثبوت الهلال الشَّرعيّ، حتَّى لو لـم يقدر أحد على رؤيته، لوجود الموانع، أو لعدم استهلال النّاس.
وهنا شرح لبعض المصطلحات الفقهيَّة:
المحاق: وهو عندما يبلغ القمر في آخر يوم من الشَّهر نقطة الصّعود، ويصبح بين الأرض والشَّمس على استقامة واحدة، ويغمر الظَّلام كامل وجهه، ويغيب تحت الأفق مع مغيب الشَّمس.
وعندما يبدأ بالخروج من مرحلة المحاق، ويختزن كميَّة من الضّوء تسمح برؤيته، تكون ولادة هلال الشَّهر الجديد بالمعنى الفقهيّ.
فالشَّهر القمري الشَّرعي تتوقَّف بدايته على مجموع عاملين: أحدهما كوني، وهو الخروج من المحاق، والآخر أن يكون الجزء المنير المواجه للأرض ممكن الرؤية.
ويحدِّد علماء الفلك المختصّون ذلك بين 13 – 14 ساعة، بحيث تستحيل رؤيته بأقلّ من ذلك.
وتتنوّع آراء الفقهاء بالنّسبة إلى تحديد ولادة الهلال، بين من يقول
بوحدة الأفق، مع الاشتراك بجزء من اللّيل مع المناطق الّتي يظهر فيها القمر، وبين من يتحدَّث عن تعدّد الأفق، والحكم بولادته بحسب ظهوره.
أمَّا المرجع السيِّد محمَّد حسين فضل الله (رض)، فقد اعتمد على وحدة الأفق، فإذا رؤي الهلال في بلد، سواء بالعين المجرَّدة، أو بالعين المسلَّحة، ثبتت ولادة الشَّهر في سائر البلاد الَّتي تشترك مع بلد الرؤية في جزء من اللَّيل.
* للتّفاصيل، يراجع "فقه الشَّريعة"، ج1، ص441. و"فقه الشَّريعة"، ج1، باب الصَّوم والاعتكاف، مبحث ثبوت الهلال.
قبل أكثر من أربعة عشر قرناً، تبنَّى المسلمون التَّقويم الهجريّ الَّذي قام على اعتبار السّنة الّتي هاجر فيها الرّسول (ص) من مكَّة إلى المدينة بدايةً لاحتساب الشّهور الّذي يعتمد على دورة القمر، ومن هنا جاء اسم التّقويم الهجريّ. وقد ارتبط هذا التّقويم ببعض الفرائض الّتي فرضها الله تعالى على المسلمين، ومنها فريضتا الحجّ والصَّوم، كما يتمّ الاعتماد عليه في تحديد عيدي الأضحى والفطر.
والشَّهر القمريّ هو المدَّة الَّتي يتمّ فيها القمر دورة كاملة حول الأرض، ويبدأ في اليوم الَّذي يولد فيه الهلال، وينتهي في اليوم الَّذي يسبق الهلال الَّذي يليه. ويبلغ عدد أيّامه إمَّا 29 يوماً وإمَّا 30 يوماً.
وبما أنَّ الاعتماد عند المسلمين في العبادات على الأشهر الهجريَّة، فإنَّ ذلك يرتبط بشكلٍ مباشرٍ بتحديد ولادة هلال كلِّ شهر من أشهر السَّنة الهجريَّة.
وتبلغ دورة القمر حول الأرض 27.321 يوماً، ثم يدخل القمر في طور المحاق، ومن ثمَّ يحدث الاقتران، ثمَّ يكون الإهلال، ويبدأ الشَّهر الجديد.
وبما أنَّ بعض العبادات في الإسلام تترتّب على ولادة القمر، فإنَّ الاعتماد في الشّهر القمريّ الشّرعيّ يكون على خروج القمر من المحاق، وابتدائه بالتحرّك بعد أن يصبح بين الأرض والشَّمس، وهذا يعني مواجهة جزء من نصفه المضيء للأرض. والآخر: أن يكون هذا الجزء مما يمكن رؤيته بالعين الاعتياديَّة المجرّدة، أو بالوسائل المقرِّبة، وإن لـم يُر فعلاً. وعليه، فإذا أثبت العلم بوسائله التقنيَّة الدَّقيقة إمكان رؤيته، لولا وجود بعض الأمور الطَّارئة المانعة من الرّؤية، فإنَّه يمكن الحكم بالهلال حينئذٍ.
فالحكم بولادة القمر الشَّرعيّ لا يتمّ بمجرَّد ولادة القمر، وإنّما بخروج القمر من مرحلة المحاق، وأن يكون قد مرَّ وقت كاف على خروجه، بحيث يكون الهلال قد اختزن كميَّة من الضَّوء تتيح رؤيته.
أمّا وجود حاجب يحول دون الرؤية، كالغيم والضَّباب، فلا يضرُّ بالمقياس، لأنَّ المقياس هو إمكان الرّؤية في حالة عدم وجود حاجب من هذا القبيل. ولذا فإنَّه يصحّ في هذه الحالة وفي غيرها الاعتماد على قول الفلكيّ الخبير الثّقة بخروج القمر من المحاق، إلى الدَّرجة التي يمكن رؤيته فيها بالعين المجرَّدة، ويكفي ذلك في ثبوت الهلال الشَّرعيّ، حتَّى لو لـم يقدر أحد على رؤيته، لوجود الموانع، أو لعدم استهلال النّاس.
وهنا شرح لبعض المصطلحات الفقهيَّة:
المحاق: وهو عندما يبلغ القمر في آخر يوم من الشَّهر نقطة الصّعود، ويصبح بين الأرض والشَّمس على استقامة واحدة، ويغمر الظَّلام كامل وجهه، ويغيب تحت الأفق مع مغيب الشَّمس.
وعندما يبدأ بالخروج من مرحلة المحاق، ويختزن كميَّة من الضّوء تسمح برؤيته، تكون ولادة هلال الشَّهر الجديد بالمعنى الفقهيّ.
فالشَّهر القمري الشَّرعي تتوقَّف بدايته على مجموع عاملين: أحدهما كوني، وهو الخروج من المحاق، والآخر أن يكون الجزء المنير المواجه للأرض ممكن الرؤية.
ويحدِّد علماء الفلك المختصّون ذلك بين 13 – 14 ساعة، بحيث تستحيل رؤيته بأقلّ من ذلك.
وتتنوّع آراء الفقهاء بالنّسبة إلى تحديد ولادة الهلال، بين من يقول
بوحدة الأفق، مع الاشتراك بجزء من اللّيل مع المناطق الّتي يظهر فيها القمر، وبين من يتحدَّث عن تعدّد الأفق، والحكم بولادته بحسب ظهوره.
أمَّا المرجع السيِّد محمَّد حسين فضل الله (رض)، فقد اعتمد على وحدة الأفق، فإذا رؤي الهلال في بلد، سواء بالعين المجرَّدة، أو بالعين المسلَّحة، ثبتت ولادة الشَّهر في سائر البلاد الَّتي تشترك مع بلد الرؤية في جزء من اللَّيل.
* للتّفاصيل، يراجع "فقه الشَّريعة"، ج1، ص441. و"فقه الشَّريعة"، ج1، باب الصَّوم والاعتكاف، مبحث ثبوت الهلال.