يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ - فالله يطلب من النَّبيِّ (ص) أن يقول لعباده أن يختاروا في حديث بعضهم مع بعض أو مع الآخرين، الكلمة الأحسن. لماذا؟ لأنَّ الشَّيطان يدخل في داخل الكلمات - إنَّ ٱلشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ - ألا نقول في المثل الشَّعبيّ، والأمثال تمثِّل تجارب تاريخيَّة وواقعيَّة: "كلمة تحنِّن، وكلمة تجنِّن"؟! ألا تجرِّبونها عندما يكون هناك خلاف بين الزَّوجة وزوجها؟ فكلمة قد تجنِّن وتخرب البيت، وكلمة قد تحنِّن وتحافظ على البيت. فالله يقول لكَ اخترِ الكلمةَ الّتي تحنِّن، والّتي تقرِّب ولا تبعِّد، والَّتي تفتح قلب الإنسان لا الَّتي تغلقه - إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا}[الإسراء: 53].
وبعد ذلك، عندما تحدث مشكلةٌ بينك وبين أحدٍ آخر، سواء كانت مشكلة ثقافيَّة أو سياسيَّة أو عقيديَّة، أو أيّ مشكلة أخرى، فالله يقول لك: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ - بالأسلوب الأحسن الطيِّب اللَّائق. لماذا؟ - فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصِّلت: 34].
ليكن أسلوبك في مواجهة الإنسان الآخر الَّذي تختلف معه، الأسلوبَ الَّذي يحوِّل عداوتَهُ إلى صداقة. ولكنَّ أسلوبنا، أيُّها الأحبَّة، هو الأسلوب الَّذي يحوِّل أصدقاءنا إلى أعداء، والله سبحانه يقول لك، عندما تريد أن تدعو النَّاس إلى دينك، وإلى طريقتك ورأيك: {ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ}[النَّحل: 125].
كم من الفرق بيننا وبين اليهود والنَّصارى؟! {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ}[التّوبة: 30]، {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}[المائدة: 73]، {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}[المائدة: 72]، ومع ذلك، أوصانا الله من خلال نبيِّه، أن لا نجادلهم إلَّا بالَّتي هي أحسن {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ - مثل اليهود الَّذين يحاربوننا ويظلموننا، والنَّصارى الَّذين يحاربوننا ويظلموننا أيضاً. فالظَّالم له حساب آخر، أمَّا الإنسان الَّذي يختلف معك بالفكر، فعليك أن تتكلَّم معه بالكلام الطيِّب. ولكن كيف نحاور اليهود والنَّصارى ونجادلهم؟ - وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا – نؤمن بالتَّوراة والإنجيل والقرآن - وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[العنكبوت: 46].
نحن دائماً عندما نختلف حتَّى في القضايا الصَّغيرة، ما الأسلوب الشَّعبيّ عندنا في الجدال؟ دائماً نستخدم الأسلوب السَّلبيَّ مع الآخر، ونركِّز على ما يفرِّق لا على ما يجمع، فنقول له: أنت شيء ونحن شيء آخر، أنت في طريق ونحن في طريق آخر، حتَّى فيما بيننا نحن المؤمنين، حتَّى أتباع أهل البيت (ع). الله يأمر النَّبيَّ (ص) ويأمرنا أيضاً مع النَّبيّ (ص)، أن نقول لمن نختلف معهم، تعالوا نلتق على ما اجتمعنا عليه، ونتفاهم على ما نتفرَّق حوله {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}، وفي الآية الأخرى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ - هناك أرض مشتركة بيننا وبينكم، فلنقف عليها معاً، ثمَّ بعد ذلك، عندما نصل إلى مفارق الطّرق، فإمَّا أن نبقى مفترقين، وإمَّا أن يقنع الواحد منَّا الآخر - أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ}[آل عمران: 64].
*من محاضرة عاشورائيَّة لسماحته، بتاريخ: 10/05/1997م.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ - فالله يطلب من النَّبيِّ (ص) أن يقول لعباده أن يختاروا في حديث بعضهم مع بعض أو مع الآخرين، الكلمة الأحسن. لماذا؟ لأنَّ الشَّيطان يدخل في داخل الكلمات - إنَّ ٱلشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ - ألا نقول في المثل الشَّعبيّ، والأمثال تمثِّل تجارب تاريخيَّة وواقعيَّة: "كلمة تحنِّن، وكلمة تجنِّن"؟! ألا تجرِّبونها عندما يكون هناك خلاف بين الزَّوجة وزوجها؟ فكلمة قد تجنِّن وتخرب البيت، وكلمة قد تحنِّن وتحافظ على البيت. فالله يقول لكَ اخترِ الكلمةَ الّتي تحنِّن، والّتي تقرِّب ولا تبعِّد، والَّتي تفتح قلب الإنسان لا الَّتي تغلقه - إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا}[الإسراء: 53].
وبعد ذلك، عندما تحدث مشكلةٌ بينك وبين أحدٍ آخر، سواء كانت مشكلة ثقافيَّة أو سياسيَّة أو عقيديَّة، أو أيّ مشكلة أخرى، فالله يقول لك: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ - بالأسلوب الأحسن الطيِّب اللَّائق. لماذا؟ - فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصِّلت: 34].
ليكن أسلوبك في مواجهة الإنسان الآخر الَّذي تختلف معه، الأسلوبَ الَّذي يحوِّل عداوتَهُ إلى صداقة. ولكنَّ أسلوبنا، أيُّها الأحبَّة، هو الأسلوب الَّذي يحوِّل أصدقاءنا إلى أعداء، والله سبحانه يقول لك، عندما تريد أن تدعو النَّاس إلى دينك، وإلى طريقتك ورأيك: {ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ}[النَّحل: 125].
كم من الفرق بيننا وبين اليهود والنَّصارى؟! {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ}[التّوبة: 30]، {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}[المائدة: 73]، {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}[المائدة: 72]، ومع ذلك، أوصانا الله من خلال نبيِّه، أن لا نجادلهم إلَّا بالَّتي هي أحسن {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ - مثل اليهود الَّذين يحاربوننا ويظلموننا، والنَّصارى الَّذين يحاربوننا ويظلموننا أيضاً. فالظَّالم له حساب آخر، أمَّا الإنسان الَّذي يختلف معك بالفكر، فعليك أن تتكلَّم معه بالكلام الطيِّب. ولكن كيف نحاور اليهود والنَّصارى ونجادلهم؟ - وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا – نؤمن بالتَّوراة والإنجيل والقرآن - وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[العنكبوت: 46].
نحن دائماً عندما نختلف حتَّى في القضايا الصَّغيرة، ما الأسلوب الشَّعبيّ عندنا في الجدال؟ دائماً نستخدم الأسلوب السَّلبيَّ مع الآخر، ونركِّز على ما يفرِّق لا على ما يجمع، فنقول له: أنت شيء ونحن شيء آخر، أنت في طريق ونحن في طريق آخر، حتَّى فيما بيننا نحن المؤمنين، حتَّى أتباع أهل البيت (ع). الله يأمر النَّبيَّ (ص) ويأمرنا أيضاً مع النَّبيّ (ص)، أن نقول لمن نختلف معهم، تعالوا نلتق على ما اجتمعنا عليه، ونتفاهم على ما نتفرَّق حوله {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}، وفي الآية الأخرى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ - هناك أرض مشتركة بيننا وبينكم، فلنقف عليها معاً، ثمَّ بعد ذلك، عندما نصل إلى مفارق الطّرق، فإمَّا أن نبقى مفترقين، وإمَّا أن يقنع الواحد منَّا الآخر - أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ}[آل عمران: 64].
*من محاضرة عاشورائيَّة لسماحته، بتاريخ: 10/05/1997م.