اعتبر الإسلام الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، من الواجبات الأساسيَّة في حياة الأمَّة، واعتبر أنَّ تركَ هذا الواجب يشجِّع أهل المنكر، ويضعف أهل المعروف.
فعندما يرتكب النَّاس المنكرات ولا يعترض أحد عليهم، كما عندما تقوم الدَّولة بعمليَّة ظلم النَّاس في مسألة التَّشريعات الضَّرائبيَّة، أو في مسألة تفضيل بعض المواطنين على البعض الآخر في تطبيق القانون، أو في العلاقات بهذه الدَّولة أو تلك الدَّولة مما يضرُّ سياسة البلاد واقتصادها، لو أنَّ الدَّولة انطلقت من خلال مسؤوليها في هذا الخطّ الَّذي يمثِّل ظلم المواطنين، ولم يرتفع هناك صوت، ولم تكن هناك معارضة، فمن الطّبيعيّ أن يقوى خطّ الانحراف والظّلم في الدَّولة، ويضعف خطُّ المستضعفين من النَّاس، ولهذا جاء الحديث الشَّريف: "لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، ولَتَنْهُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُسَلِّطَنَّ اللهُ شِرَارَكُمْ عَلَى خِيَاْرِكُمْ، فَيَدْعُو خِيَارُكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ"، لأنَّ هذه حالة طبيعيَّة، فعندما يمتدُّ الظّلم ولا يقف في وجهه أحد، وعندما تتحرَّك الجرائم ولا ينكرها أحد، وعندما ينحرف النَّاس عن خطِّ الله ورسوله، ولا يأمرهم أحد بالاستقامة، فإنَّ من الطَّبيعيّ أن تتضاعف قوَّة هؤلاء، وأن تضعف قوَّة أهل الحقّ، لذلك يقول رسول الله (ص): "فَيَدْعُو خِيَارُكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ"، لأنَّ من شروط استجابة الله للدّعاء، أن تقوم بكلَّ الأمور الَّتي يمكن أن تحقِّق هذا الشَّيء الَّذي تطلبه من الله، أن تقوم بما عليك، ثمّ بعد ذلك إذا تعقَّدت الأمور، لجأت إلى الدّعاء...
أساسُ القوَّة للأمَّة
وهكذا الأمَّة الَّتي تترك الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر الَّذي هو أساس القوَّة، لأنَّ المعروف يمثِّل الخطَّ المستقيم، والمنكر يمثِّل الخطَّ المنحرف، لأنَّنا إذا لم نقوِّ الخطَّ المستقيم، ونضعف الخطَّ المنحرف، فسيقوى الخطُّ المنحرف ويتسلَّط علينا، ويكون ذلك بأيدينا لأنَّنا لم نفعل شيئاً. وهذا يأتي في القضايا السياسيَّة، فلو أنَّ العرب منذ البداية وقفوا وقفة قويّةً في مواجهة المنكر ومواجهة الاحتلال اليهودي لفلسطين، لم تقو إسرائيل بهذا الشَّكل. لذلك كلّ العرب والمسلمين يتحمَّلون مسؤوليَّة احتلال فلسطين. وهكذا في كلِّ موقف من المواقف الَّذي تُرِكَ فيه لأهل الكفر والضَّلال ولأهل الظَّلم والعدوان، أن يسيطروا على مقدَّرات النَّاس في هذا البلد أو ذاك البلد. هذا هو الأساس.
أهل البيت (ع) كان عندهم أسلوب المقاطعة السلبيَّة، يقول الإمام الصَّادق (ع): "لَوْلا أنَّ بَنِي أميَّةَ وَجَدُوا مَنْ يَكتُبُ لهم، ويَجْبي لَهُمُ الفَيْءَ، وَيُقَاتِلُ عَنْهم، وَيَشْهَدُ جَمَاعَتَهُم، لَمَا سَلَبُونا حَقَّنَا، وَلَوْ تركَهُمُ النَّاسُ ومَا في أيديهم، مَا وَجَدُوا شَيْئاً إلَّا مَا وَقَعَ في أَيْدِيهم"، لأنَّ الظَّالم واحد، كلُّ الظَّلمة شخص؛ ولكن عندما أعطيه صوتي، وأنت تعطيه صوتك، وذاك يعطيه صوته، يصبح الظَّالم عشرة آلاف وعشرين ألفاً، يعني أخذ من قوَّتنا وظلَمَنا واستغلَّنا.
الأشخاص الَّذين تؤيِّدهم النَّاس وتدعمهم، هؤلاء الأشخاص أخذوا قوَّتهم من النَّاس، لا تصدِّق أنَّ الاستكبار العالميَّ يستطيع أن يعطي لأيِّ حاكمٍ ظالمٍ قوَّةً، إذا لم يتحرَّك النَّاس من أجل إعطائه هذه القوَّة، وقد تكون نتيجة فهم سيِّئ، أو نتيجة عقد نفسيَّة أو أطماع أو غيرها.
الآن، بالنِّسبة إلى قضيَّة أمير المؤمنين (ع)، لا أحد من المسلمين ينكر أنَّ عليّاً (ع) هو الإنسان الوحيد الَّذي كان يملك ما يملك من العلم والمعرفة والجهاد والورع والزّهد والتّقوى، فقد كان (ع) ظاهرةً في الواقع الإسلاميّ، ولذلك لم يجدْ أحدٌ من أعدائه، وهم كثر، أيَّ منقصة لعليّ (ع)، لأنَّه كان فوق النَّقص، والإمام عليّ بويع في يوم الغدير، ولكن ذهبوا بعد ذلك إلى خلط الأمور، تحت عنوان "منَّا أمير ومنكم أمير"، وجعلوا النَّاس ينسون القضيَّة، وأدخلوهم في العصبيَّات العائليَّة والفئويَّة، واستغلَّها الآخرون، وسارت القضيَّة بهذا المسار، ومشت النَّاس في غفلاتها...
* من خطبة عاشورائيّة لسماحته، بتاريخ: 12/ 05/ 1997م.
اعتبر الإسلام الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، من الواجبات الأساسيَّة في حياة الأمَّة، واعتبر أنَّ تركَ هذا الواجب يشجِّع أهل المنكر، ويضعف أهل المعروف.
فعندما يرتكب النَّاس المنكرات ولا يعترض أحد عليهم، كما عندما تقوم الدَّولة بعمليَّة ظلم النَّاس في مسألة التَّشريعات الضَّرائبيَّة، أو في مسألة تفضيل بعض المواطنين على البعض الآخر في تطبيق القانون، أو في العلاقات بهذه الدَّولة أو تلك الدَّولة مما يضرُّ سياسة البلاد واقتصادها، لو أنَّ الدَّولة انطلقت من خلال مسؤوليها في هذا الخطّ الَّذي يمثِّل ظلم المواطنين، ولم يرتفع هناك صوت، ولم تكن هناك معارضة، فمن الطّبيعيّ أن يقوى خطّ الانحراف والظّلم في الدَّولة، ويضعف خطُّ المستضعفين من النَّاس، ولهذا جاء الحديث الشَّريف: "لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، ولَتَنْهُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُسَلِّطَنَّ اللهُ شِرَارَكُمْ عَلَى خِيَاْرِكُمْ، فَيَدْعُو خِيَارُكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ"، لأنَّ هذه حالة طبيعيَّة، فعندما يمتدُّ الظّلم ولا يقف في وجهه أحد، وعندما تتحرَّك الجرائم ولا ينكرها أحد، وعندما ينحرف النَّاس عن خطِّ الله ورسوله، ولا يأمرهم أحد بالاستقامة، فإنَّ من الطَّبيعيّ أن تتضاعف قوَّة هؤلاء، وأن تضعف قوَّة أهل الحقّ، لذلك يقول رسول الله (ص): "فَيَدْعُو خِيَارُكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ"، لأنَّ من شروط استجابة الله للدّعاء، أن تقوم بكلَّ الأمور الَّتي يمكن أن تحقِّق هذا الشَّيء الَّذي تطلبه من الله، أن تقوم بما عليك، ثمّ بعد ذلك إذا تعقَّدت الأمور، لجأت إلى الدّعاء...
أساسُ القوَّة للأمَّة
وهكذا الأمَّة الَّتي تترك الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر الَّذي هو أساس القوَّة، لأنَّ المعروف يمثِّل الخطَّ المستقيم، والمنكر يمثِّل الخطَّ المنحرف، لأنَّنا إذا لم نقوِّ الخطَّ المستقيم، ونضعف الخطَّ المنحرف، فسيقوى الخطُّ المنحرف ويتسلَّط علينا، ويكون ذلك بأيدينا لأنَّنا لم نفعل شيئاً. وهذا يأتي في القضايا السياسيَّة، فلو أنَّ العرب منذ البداية وقفوا وقفة قويّةً في مواجهة المنكر ومواجهة الاحتلال اليهودي لفلسطين، لم تقو إسرائيل بهذا الشَّكل. لذلك كلّ العرب والمسلمين يتحمَّلون مسؤوليَّة احتلال فلسطين. وهكذا في كلِّ موقف من المواقف الَّذي تُرِكَ فيه لأهل الكفر والضَّلال ولأهل الظَّلم والعدوان، أن يسيطروا على مقدَّرات النَّاس في هذا البلد أو ذاك البلد. هذا هو الأساس.
أهل البيت (ع) كان عندهم أسلوب المقاطعة السلبيَّة، يقول الإمام الصَّادق (ع): "لَوْلا أنَّ بَنِي أميَّةَ وَجَدُوا مَنْ يَكتُبُ لهم، ويَجْبي لَهُمُ الفَيْءَ، وَيُقَاتِلُ عَنْهم، وَيَشْهَدُ جَمَاعَتَهُم، لَمَا سَلَبُونا حَقَّنَا، وَلَوْ تركَهُمُ النَّاسُ ومَا في أيديهم، مَا وَجَدُوا شَيْئاً إلَّا مَا وَقَعَ في أَيْدِيهم"، لأنَّ الظَّالم واحد، كلُّ الظَّلمة شخص؛ ولكن عندما أعطيه صوتي، وأنت تعطيه صوتك، وذاك يعطيه صوته، يصبح الظَّالم عشرة آلاف وعشرين ألفاً، يعني أخذ من قوَّتنا وظلَمَنا واستغلَّنا.
الأشخاص الَّذين تؤيِّدهم النَّاس وتدعمهم، هؤلاء الأشخاص أخذوا قوَّتهم من النَّاس، لا تصدِّق أنَّ الاستكبار العالميَّ يستطيع أن يعطي لأيِّ حاكمٍ ظالمٍ قوَّةً، إذا لم يتحرَّك النَّاس من أجل إعطائه هذه القوَّة، وقد تكون نتيجة فهم سيِّئ، أو نتيجة عقد نفسيَّة أو أطماع أو غيرها.
الآن، بالنِّسبة إلى قضيَّة أمير المؤمنين (ع)، لا أحد من المسلمين ينكر أنَّ عليّاً (ع) هو الإنسان الوحيد الَّذي كان يملك ما يملك من العلم والمعرفة والجهاد والورع والزّهد والتّقوى، فقد كان (ع) ظاهرةً في الواقع الإسلاميّ، ولذلك لم يجدْ أحدٌ من أعدائه، وهم كثر، أيَّ منقصة لعليّ (ع)، لأنَّه كان فوق النَّقص، والإمام عليّ بويع في يوم الغدير، ولكن ذهبوا بعد ذلك إلى خلط الأمور، تحت عنوان "منَّا أمير ومنكم أمير"، وجعلوا النَّاس ينسون القضيَّة، وأدخلوهم في العصبيَّات العائليَّة والفئويَّة، واستغلَّها الآخرون، وسارت القضيَّة بهذا المسار، ومشت النَّاس في غفلاتها...
* من خطبة عاشورائيّة لسماحته، بتاريخ: 12/ 05/ 1997م.