وفيه مسائل:
ـ لا يكون المال لقطة إلا بأمرين:
الأول: ضياع المال من مالكه بعد ما كان تحت سلطانه، وإحراز الواجد له لضياعه ولو من خلال الظروف والملابسات التي يظهر منها ضياعه، كمثل كونه في غير حرز، وملقى على الطريق أو غيرها مبعثراً أو مكبوباً، أو نحو ذلك من القرائن التي تشير إلى غفلة صاحبه عنه وفقدانه له، مما يصطلح عليه بـ (شاهد الحال).
فلا يعدّ من اللقطة المال المأخوذ من يد الغاصب والسارق، ولا المال المستعار إذا نسي المستعيرُ صاحبَه وجهله، ولا الحذاء المتبدل بغيره، ولا مال غيره الذي يأخذه غفلة واشتباهاً، ولا ما أشبه ذلك من الحالات التي يكون فيها المال (مفقوداً) لا (ضائعاً)، إذ ليس كل مفقود ضائعاً، بل غير الضائع إذا جُهلَ مالكه صار مجهول المالك، وأخْتَصَّ بأحكام أخرى تختلف عن أحكام اللقطة.
الثاني: أن يتحقّق بفعله عنوان الأخذ والإلتقاط ولو لم ينو به تحقيق عنوان اللقطة؛ فتجري أحكام اللقطة على ما لو أَخذَ مالاً بتوهم أنه له فتبيّن كونه ضائعاً من غيره؛ وعلى ما لو وَجدَ المال الضائع فطلب من غيره أن يناوله إياه فأخذه المأمور لنفسه، فإن الملتقط هو المأمور لأنه هو الآخذ لا الآمر رغم أنه سبب معرفته به، بل يعتبر المأمور هو الملتقط حتى في صورة ما لو ناوله للآمر وأخذه الآمر منه؛ هذا، ولا يأثم المأمور إذا أخذه لنفسه، لعدم تعلق حقٍ به للآمر، كما أنه يصح له انتزاعه منه بعد مناولته إياه إن شاء.
وعليه، فإنه لا يكفي في اللقطة ما لو وَجَدَ المال الضائع ورآه فدلَّ غيره عليه فأخذه، بل يكون الملتقط هو الآخذ لا الدالّ. وكذا لا يكفي فيها ما لو رآه فقلَّبهُ بعصاه أو برجله ليتعرف عليه ثم تركه، أو نحَّاه من جانب إلى جانب آخر، لكنَّ المال في هذا الفرض الأخير ـ وإن لم يكن لقطة ـ مضمون عليه إذا حدث عليه تلف أو نقص بسبب هذه التنحيـة، وعليـه ـ علـى كـل حـال ـ إعادته إلى مكانه.
ـ يعتبر في اللقطة كون الملتقط بالغاً عاقلاً لترتيب آثارها على الملتقط نفسه، لكن لو التقط الصبي أو المجنون لزم الوليَّ حفظها وترتيب الأثر عليها، وليس له التحلل منها بإرجاعها إلى موضعها أو أمره بإرجاعها، بل يأثم بذلك ويضمن.
ـ كل مال مملوك غير (ضائع) بالمعنى المتقدم، إذا جُهلَ مالكه ولم يكن عليه يد لأحد، لا يجوز لأحد أخذه، فإن أخذه كان غاصباً له ومضموناً عليه، إلا أن يكون في معرض التلف فيجب عليه أخذه بقصد حفظه، ويكون ـ عندئذ ـ أمانة شرعية في يد آخذه، فلا يضمن إلا مع التعدي أو التفريط. ثم إنه إذا أخذه ـ حيث يجوز أخذه أو لا يجوز ـ وجب عليه الفحص عن مالكه إذا احتمل الوصول إليه، فإن يئس من معرفته تصدق به، والأحوط وجوباً استئذان الحاكم الشرعي بالتصدق؛ هذا إذا كانت عينه مما يبقى، فإن كانت مما يسرع إليه الفساد سقط وجوب الحفظ والتعريف ولزم التصدق به أو بثمنه بعد الاحتياط الوجوبي بمراجعة الحاكم الشرعي، ولو تبين المالك بعد التصدّق ولم يرض به ضمن المتصدق مثله أو قيمته ـ علـى الأحـوط وجوبــاً ـ حتى في مورد جواز الأخذ أو وجوبه. (
أنظر ـ لمزيد من التفصيل ـ الجزء الأول، ص: 542).
ـ كما لا تجري أحكام اللقطة على المال المجهول مالكه إذا لم يكن لأحد يد عليه، كذلك فإنها لا تجري على المال المذخور في الأرض، بل إن له أحكاماً خاصة تقدم ذكرها في باب الخمس من الجزء الأول ص: 534. وأما ما يوجد مطروحاً على الأرض ونحوها في القرى الدارسة والبيوت الخربة مما ليس مدفوناً فيها: فإنْ عُلم من بعض القرائن أنه لأهل العصور القديمة، بحيث صار يعدّ ـ عرفاً ـ بدون مالك، جاز تملكه لواجده؛ وإن ظهر من بعض القرائن أنه لبعض أهل العصور المتأخرة القريبة من زمن الواجد، وأنه مما يحتمل معرفة من كان مالكاً له، وجب عليه أن يفحص عنه، فإن عرفه وعرف له وارثاً دفعه إليه بالنحو الموافق لأحكام الميراث، وإن لم يعرف مالكه كان مالاً مجهول المالك، فيتصدّق به بعد الاحتياط الوجوبي بمراجعة الحاكم الشرعي؛ وإن ظهر له من القرائن أنه لأهل زمن الواجد، فإن أحرز كونه ضائعاً عن مالكه فهو لقطة، وإلاَّ جرى عليه حكم مجهول المالك.
ـ
إذا وجد مالاً في منزله، ولم يعلم أنه له أو لغيره، فهو على نحوين:
الأول: أن يجده في واحدة من غرف المنزل، وله صورتان:
الأولى: أن يكون المكان مما لا يدخله غيره، أو يدخله غيره قليلاً، كغرفة نومه الخاصة به أو غرفة جلوسه العائلية، فالمال الملتقط له.
الثانية: أن تكون من الغرف التي يدخلها أناس كثيرون، كغرفة استقبال ضيوفه، فالمال لقطة.
الثاني: أن يجده في درجه الخاص مثلاً، وله ـ أيضاً ـ صورتان:
الأولى: أن يكون خاصاً به بحيث لا يستخدمه غيره، فالمال له.
الثانية: أن يكون مما تمتد إليه أيدٍ أخرى، فهو على وجهين:
1 ـ أن يكون المشارك له في الدرج واحداً؛ وحكمه أن يعرِّفه عليه، فإن عرفه وادّعى أنه له دفعه له، وإن أنكره فالمال لصاحب الدُرج، وإن تحير فلم يدر أنه له أو لغيره، فإن تصالحا عليه فهو خير، وإلا اقترعا عليه، فمن خرجت القرعة باسمه فهو له.
2 ـ أن يكون المشارك له فيه متعدداً، وهو ـ أيضاً ـ على وجهين:
أ ـ أن يكون العدد محصوراً؛ وعليه أن يعرِّفهم عليه، فإن أنكروه جميعاً فهو لواجده، وإن إدّعاه واحد دون غيره دفعه إليه، وإن ادّعوه جميعاً وتصالحوا فيما بينهم فهو خير، وإن لم يتصالحوا رجعوا إلى الحاكم الشرعي، وإن تحير الجميع فلم يعرفوا إن كان لهم أو ليس لهم اقترعوا عليه.
ب ـ أن يكون العدد غير محصور، وعليه أن يتعامل معه معاملة المال المجهول مالكه.
نعم إذا ترجح عنده احتمال كونه له بنسبة يعتد بها، بحيث يخرج العدد غير المحصور عن إبهامه وتضيق دائرته لزمه التعاطي معه على النحو التالي:
إذا كانت نسبة الاحتمال ـ مثلاً ـ خمسة من مئة، فذلك يعني وجود آخرين يحتمل أنه لهم بعدد هذه النسبة إلى المئة، وهم عشرون، (أي: 100 ÷ 5 = 20)، فيجعل عشرين ورقة، ويكتب إسمه على واحدة منها ثم يقترع، فإن خرج إسمه فالمال له، وإن خرجت ورقةٌ بيضاءٌ فالمال ليس له، فيصير المالك مجهولاً؛ وهكذا نمضي على هذا النحو، فلو كانت نسبة كونه له هي عشرة من مئة، فعدد أوراق القرعة عشرة، وإن كانت ثلاثين فعدد الأوراق ثلاثة أو أربعة، وهكذا.
ـ إذا دخل داراً يسكنها غيره فوجد مالاً مطروحاً فيها بنحو يظهر منه أنه مفقود من صاحبه، فإذا التقطه عرَّفه ساكن الدار فإن ادّعاه أو تحير في أمره دفعه إليه بدون بيّنة حتى لو كان غاصباً للدار، وإن أنكره وكانت العين في موضع يدخله كثيرون فهو لقطة، وإلا فهو مال مجهول المالك. (
أنظر في مجهول المالك المسألة: 346).
ـ لا يعتبر من اللقطة المال الذي يعرض عنه صاحبه، والإعراض هو: (العزم المقترن بالفعل على إخراج المالك شيئاً عن ملكه)، فيخرج بالإعراض عنه عن ملكه ويرجع إلى الإباحة، فإذا وجده واجد فأخذه ملكه، وليس للمالك ـ حينئذ ـ الرجوع به من آخذه؛ وذلك بدون فرق بين ما أعرض عنه اختياراً، كالأثاث الذي يستبدل غيره به فيستغني عنه ويجعله على قارعة الطريق ليأخذه من يرغب به، والسيارة التي يستهلكها صاحبها فيدعها، ونحو ذلك، وبين ما اضطُر للإعراض عنه، كالدابة التي تعجز عن المسير فيدعها المسافر، وكالسيارة التي تتحطم بحادث فتصير كلفة نقلها إلى محل إقامته أكثر من ثمنها، فيدعها ويعرض عنها، ونحو ذلك.
هذا، ولا بد من إحراز الواجد إعراض المالك عن المال، ولو من خلال القرائن الدالة على ذلك، ومنها وضعه في أماكن طرح النفايات، أو وجود السيارة المحطمة في برّية وقد تقادم عليها العهد، ونحو ذلك مما يختلف باختلاف الأشياء المُعرَض عنها.
ـ إذا كان المال مما تجري عليه أحكام اللقطة جاز لواجده التقاطه وأخذه، لكن يكره التقاط ما يكون له قيمة معتد بها ويطلبه صاحبه من أجلها، وتشتد الكراهة فيما يلتقط منها في مكة المكرمة وما جاورها من الأمكنة الداخلة في حد ما يصطلح عليه بـ (حرم مكة)، فإن كان المال من القلة بحيث يتضاءل احتمال طلب صاحبه له، ويعرض عنـه ـ عـادة ـ بعد ضياعـه، فلا كراهة في التقاطه ولو كان بمقدار الدرهم أو أكثر.
وفيه مسائل:
ـ لا يكون المال لقطة إلا بأمرين:
الأول: ضياع المال من مالكه بعد ما كان تحت سلطانه، وإحراز الواجد له لضياعه ولو من خلال الظروف والملابسات التي يظهر منها ضياعه، كمثل كونه في غير حرز، وملقى على الطريق أو غيرها مبعثراً أو مكبوباً، أو نحو ذلك من القرائن التي تشير إلى غفلة صاحبه عنه وفقدانه له، مما يصطلح عليه بـ (شاهد الحال).
فلا يعدّ من اللقطة المال المأخوذ من يد الغاصب والسارق، ولا المال المستعار إذا نسي المستعيرُ صاحبَه وجهله، ولا الحذاء المتبدل بغيره، ولا مال غيره الذي يأخذه غفلة واشتباهاً، ولا ما أشبه ذلك من الحالات التي يكون فيها المال (مفقوداً) لا (ضائعاً)، إذ ليس كل مفقود ضائعاً، بل غير الضائع إذا جُهلَ مالكه صار مجهول المالك، وأخْتَصَّ بأحكام أخرى تختلف عن أحكام اللقطة.
الثاني: أن يتحقّق بفعله عنوان الأخذ والإلتقاط ولو لم ينو به تحقيق عنوان اللقطة؛ فتجري أحكام اللقطة على ما لو أَخذَ مالاً بتوهم أنه له فتبيّن كونه ضائعاً من غيره؛ وعلى ما لو وَجدَ المال الضائع فطلب من غيره أن يناوله إياه فأخذه المأمور لنفسه، فإن الملتقط هو المأمور لأنه هو الآخذ لا الآمر رغم أنه سبب معرفته به، بل يعتبر المأمور هو الملتقط حتى في صورة ما لو ناوله للآمر وأخذه الآمر منه؛ هذا، ولا يأثم المأمور إذا أخذه لنفسه، لعدم تعلق حقٍ به للآمر، كما أنه يصح له انتزاعه منه بعد مناولته إياه إن شاء.
وعليه، فإنه لا يكفي في اللقطة ما لو وَجَدَ المال الضائع ورآه فدلَّ غيره عليه فأخذه، بل يكون الملتقط هو الآخذ لا الدالّ. وكذا لا يكفي فيها ما لو رآه فقلَّبهُ بعصاه أو برجله ليتعرف عليه ثم تركه، أو نحَّاه من جانب إلى جانب آخر، لكنَّ المال في هذا الفرض الأخير ـ وإن لم يكن لقطة ـ مضمون عليه إذا حدث عليه تلف أو نقص بسبب هذه التنحيـة، وعليـه ـ علـى كـل حـال ـ إعادته إلى مكانه.
ـ يعتبر في اللقطة كون الملتقط بالغاً عاقلاً لترتيب آثارها على الملتقط نفسه، لكن لو التقط الصبي أو المجنون لزم الوليَّ حفظها وترتيب الأثر عليها، وليس له التحلل منها بإرجاعها إلى موضعها أو أمره بإرجاعها، بل يأثم بذلك ويضمن.
ـ كل مال مملوك غير (ضائع) بالمعنى المتقدم، إذا جُهلَ مالكه ولم يكن عليه يد لأحد، لا يجوز لأحد أخذه، فإن أخذه كان غاصباً له ومضموناً عليه، إلا أن يكون في معرض التلف فيجب عليه أخذه بقصد حفظه، ويكون ـ عندئذ ـ أمانة شرعية في يد آخذه، فلا يضمن إلا مع التعدي أو التفريط. ثم إنه إذا أخذه ـ حيث يجوز أخذه أو لا يجوز ـ وجب عليه الفحص عن مالكه إذا احتمل الوصول إليه، فإن يئس من معرفته تصدق به، والأحوط وجوباً استئذان الحاكم الشرعي بالتصدق؛ هذا إذا كانت عينه مما يبقى، فإن كانت مما يسرع إليه الفساد سقط وجوب الحفظ والتعريف ولزم التصدق به أو بثمنه بعد الاحتياط الوجوبي بمراجعة الحاكم الشرعي، ولو تبين المالك بعد التصدّق ولم يرض به ضمن المتصدق مثله أو قيمته ـ علـى الأحـوط وجوبــاً ـ حتى في مورد جواز الأخذ أو وجوبه. (
أنظر ـ لمزيد من التفصيل ـ الجزء الأول، ص: 542).
ـ كما لا تجري أحكام اللقطة على المال المجهول مالكه إذا لم يكن لأحد يد عليه، كذلك فإنها لا تجري على المال المذخور في الأرض، بل إن له أحكاماً خاصة تقدم ذكرها في باب الخمس من الجزء الأول ص: 534. وأما ما يوجد مطروحاً على الأرض ونحوها في القرى الدارسة والبيوت الخربة مما ليس مدفوناً فيها: فإنْ عُلم من بعض القرائن أنه لأهل العصور القديمة، بحيث صار يعدّ ـ عرفاً ـ بدون مالك، جاز تملكه لواجده؛ وإن ظهر من بعض القرائن أنه لبعض أهل العصور المتأخرة القريبة من زمن الواجد، وأنه مما يحتمل معرفة من كان مالكاً له، وجب عليه أن يفحص عنه، فإن عرفه وعرف له وارثاً دفعه إليه بالنحو الموافق لأحكام الميراث، وإن لم يعرف مالكه كان مالاً مجهول المالك، فيتصدّق به بعد الاحتياط الوجوبي بمراجعة الحاكم الشرعي؛ وإن ظهر له من القرائن أنه لأهل زمن الواجد، فإن أحرز كونه ضائعاً عن مالكه فهو لقطة، وإلاَّ جرى عليه حكم مجهول المالك.
ـ
إذا وجد مالاً في منزله، ولم يعلم أنه له أو لغيره، فهو على نحوين:
الأول: أن يجده في واحدة من غرف المنزل، وله صورتان:
الأولى: أن يكون المكان مما لا يدخله غيره، أو يدخله غيره قليلاً، كغرفة نومه الخاصة به أو غرفة جلوسه العائلية، فالمال الملتقط له.
الثانية: أن تكون من الغرف التي يدخلها أناس كثيرون، كغرفة استقبال ضيوفه، فالمال لقطة.
الثاني: أن يجده في درجه الخاص مثلاً، وله ـ أيضاً ـ صورتان:
الأولى: أن يكون خاصاً به بحيث لا يستخدمه غيره، فالمال له.
الثانية: أن يكون مما تمتد إليه أيدٍ أخرى، فهو على وجهين:
1 ـ أن يكون المشارك له في الدرج واحداً؛ وحكمه أن يعرِّفه عليه، فإن عرفه وادّعى أنه له دفعه له، وإن أنكره فالمال لصاحب الدُرج، وإن تحير فلم يدر أنه له أو لغيره، فإن تصالحا عليه فهو خير، وإلا اقترعا عليه، فمن خرجت القرعة باسمه فهو له.
2 ـ أن يكون المشارك له فيه متعدداً، وهو ـ أيضاً ـ على وجهين:
أ ـ أن يكون العدد محصوراً؛ وعليه أن يعرِّفهم عليه، فإن أنكروه جميعاً فهو لواجده، وإن إدّعاه واحد دون غيره دفعه إليه، وإن ادّعوه جميعاً وتصالحوا فيما بينهم فهو خير، وإن لم يتصالحوا رجعوا إلى الحاكم الشرعي، وإن تحير الجميع فلم يعرفوا إن كان لهم أو ليس لهم اقترعوا عليه.
ب ـ أن يكون العدد غير محصور، وعليه أن يتعامل معه معاملة المال المجهول مالكه.
نعم إذا ترجح عنده احتمال كونه له بنسبة يعتد بها، بحيث يخرج العدد غير المحصور عن إبهامه وتضيق دائرته لزمه التعاطي معه على النحو التالي:
إذا كانت نسبة الاحتمال ـ مثلاً ـ خمسة من مئة، فذلك يعني وجود آخرين يحتمل أنه لهم بعدد هذه النسبة إلى المئة، وهم عشرون، (أي: 100 ÷ 5 = 20)، فيجعل عشرين ورقة، ويكتب إسمه على واحدة منها ثم يقترع، فإن خرج إسمه فالمال له، وإن خرجت ورقةٌ بيضاءٌ فالمال ليس له، فيصير المالك مجهولاً؛ وهكذا نمضي على هذا النحو، فلو كانت نسبة كونه له هي عشرة من مئة، فعدد أوراق القرعة عشرة، وإن كانت ثلاثين فعدد الأوراق ثلاثة أو أربعة، وهكذا.
ـ إذا دخل داراً يسكنها غيره فوجد مالاً مطروحاً فيها بنحو يظهر منه أنه مفقود من صاحبه، فإذا التقطه عرَّفه ساكن الدار فإن ادّعاه أو تحير في أمره دفعه إليه بدون بيّنة حتى لو كان غاصباً للدار، وإن أنكره وكانت العين في موضع يدخله كثيرون فهو لقطة، وإلا فهو مال مجهول المالك. (
أنظر في مجهول المالك المسألة: 346).
ـ لا يعتبر من اللقطة المال الذي يعرض عنه صاحبه، والإعراض هو: (العزم المقترن بالفعل على إخراج المالك شيئاً عن ملكه)، فيخرج بالإعراض عنه عن ملكه ويرجع إلى الإباحة، فإذا وجده واجد فأخذه ملكه، وليس للمالك ـ حينئذ ـ الرجوع به من آخذه؛ وذلك بدون فرق بين ما أعرض عنه اختياراً، كالأثاث الذي يستبدل غيره به فيستغني عنه ويجعله على قارعة الطريق ليأخذه من يرغب به، والسيارة التي يستهلكها صاحبها فيدعها، ونحو ذلك، وبين ما اضطُر للإعراض عنه، كالدابة التي تعجز عن المسير فيدعها المسافر، وكالسيارة التي تتحطم بحادث فتصير كلفة نقلها إلى محل إقامته أكثر من ثمنها، فيدعها ويعرض عنها، ونحو ذلك.
هذا، ولا بد من إحراز الواجد إعراض المالك عن المال، ولو من خلال القرائن الدالة على ذلك، ومنها وضعه في أماكن طرح النفايات، أو وجود السيارة المحطمة في برّية وقد تقادم عليها العهد، ونحو ذلك مما يختلف باختلاف الأشياء المُعرَض عنها.
ـ إذا كان المال مما تجري عليه أحكام اللقطة جاز لواجده التقاطه وأخذه، لكن يكره التقاط ما يكون له قيمة معتد بها ويطلبه صاحبه من أجلها، وتشتد الكراهة فيما يلتقط منها في مكة المكرمة وما جاورها من الأمكنة الداخلة في حد ما يصطلح عليه بـ (حرم مكة)، فإن كان المال من القلة بحيث يتضاءل احتمال طلب صاحبه له، ويعرض عنـه ـ عـادة ـ بعد ضياعـه، فلا كراهة في التقاطه ولو كان بمقدار الدرهم أو أكثر.