ونريد به حرمة أحد الزوجين على الآخر بسبب حدوث الرضاع المحرِّم، وذلك أن الرضاع كما يسبب الحرمة قبل الزواج فلا يجوز معه التزوج ممن سبق ذكرهم في المطلب الثاني من المبحث الثاني من الفصل الأول، فإنه يسبب الحرمة بنفس الكيفية إذا حدث بعد الزواج، فيبطل به ـ حينئذ ـ زواج المرضعة، كما لو أرضعت الزوجة زوجها الرضيع، أو يبطل به زواج المرتضعة، كما إذا أرضعت الزوجة الكبيرة ضُرَّتها الرضيعة، أو يبطل به زواج غيرهما، كما إذا أرضعت المرأة طفلاً لزوج بنتها، فإن المورد من موارد حرمة الزوجة التي هي بنت المرضعة، إجمالاً، وتفصيل ذلك يقع في مسائل:
ـ إذا كانت الزوجة صغيرة فأرضعتها واحدة من أقارب الزوج بنحو صارت فيه تلك الزوجة من محارمه، وذلك كما لو أرضعتها أمه أو بنته أو أخته أو بنت أخيه أو بنت أخته أو زوجة أخيه من لبن أخيه، فإنها بالرضاع الشرعي الكامل تصير تلك الزوجة بنته أو أخته أو بنت أخيه أو بنت أخته، فتحرم عليه مؤبداً.
ـ إذا كان الزوجان وَلدَيْ عم، وكانا كلاهما رضيعين أو أحدهما، فأرضعت جدتهما لأبويهما أو لأمهما أحدهما بطل نكاحهما؛ لأن المرتضع إن كان هو الزوج، وكانت المرضعة جدته لأبيه، فإنه يصير عماً لزوجته، وإن كان المرتضع من الجدة للأب هو الزوجة فإنها تصير عمة لزوجها؛ وأما إذا كانت المرضعة هي جدته لأمه، فإن الرضيع الزوج يصير خالاً لزوجته، والرضيعة الزوجة تصير خالة لزوجها.
ـ إذا أرضعت أم الزوجة النسبية أحد أولاد زوج إبنتها، فقد ذهب المشهور إلى حرمة بنتها على زوجها، سواء كان الرضيع ولداً لبنتها أو لضرتها، وسواءً أرضعته من لبن والد بنتها المزوجة هذه أو من لبن زوج آخر للأم غير والدها، لأنه لما صار الزوج بهذا الرضاع والداً للمرتضع، وكانت الزوجة بنتاً للمرضعة، صارت هذه الحالة من موارد القاعدة التي مفادها أنه: «لا ينكح أبو المرتضع في أولاد المرضعة النسبيين»؛ وهذا هو الأحوط، وإن كان لا يبعد القول بعدم نشر الحرمة في مفروض هذه المسألة.
ـ إذا أرضعت زوجةُ رجلٍ بلبنه إبن أو بنت زوج بنته النسبية أو الرضاعية، فالأفضل الاحتياط بمفارقة البنت لزوجها بعدما صار المورد من موارد: (نكاح أبي المرتضع في أولاد صاحب اللبن)، مع الالتفات إلى أن ذلك الاحتياط يقتضي ـ أيضاً ـ أن لا تتزوج من غيره إلا بعد طلاقها منه ومضي عدتها، وذلك من دون فرق بين ما لو كان الطفل من بنت زوج المرضعة أو من ضرتها.
ـ إذا أرضعت المرأة أحد أولاد إبنها الذكور أو الإناث لم يترتب عليه حرمة زوجة الإبن عليه، رغم أن ولده يصير أخاه. ورغم ترتب آثار القرابة بالنحو الذي ذكرناه سابقاً، وذلك من قبيل حرمة تزوج الولد المرتضع من أبناء أو بنات عمه وعمته لأنه يصير عماً أو عمة لأولاد عمه، وخالاً أو خالة لأولاد عمته.
ـ يحدث بالرضاع علاقات قربى غير مضرة بالعلاقة الزوجية لعدم انطباق شيء من عناوين المحارم الرضاعيين التي ذكرناها في الفصل الأول في إطار موجبات حرمة التزوج في (المسألة: 585، وما بعدها)، فحيث لا يكون أحد الزوجين من أولئك (المحارم)، لا يتأثر زواجهما بالقرابة الناشئة من الرضاع، ويتفرع على ذلك أنه لا تحرم المرأة على زوجها إذا أرضعت بلبنه أشخاصاً نذكرهم على النحو التالي:
1 ـ أخاها أو أختها، وإن صارت بذلك أختاً لولد زوجها.
2 ـ ولد أخيها أو أختها، وإن صارت بذلك عمة أو خالة لولد زوجها.
3 ـ ولد ولدها، وإن صارت بذلك جدة لولد زوجها، ومثله أن ترضع إحدى زوجتي الشخص ولد ولد الأخرى، فإن الأخرى تصير جدة لولد زوجها.
4 ـ عمها أو عمتها، وإن صار الزوج بذلك أباً لعمها أو عمتها.
5 ـ خالها أو خالتها، وإن صار الزوج بذلك أباً لخالها أو خالتها.
6 ـ ولد عمها أو خالها، وإن صار الزوج بذلك أباً لابن عمها أو ابن خالها، وأما لو أرضعت ولد عمتها أو خالتها فلا تحرم عليه بلا إشكال؛ لأن الزوج يصبح أباً لابن عمتها أو لابن خالتها فيكون بمنزلة زوج عمتها أو خالتها وزوج العمة أو الخالة غير محرم على المرأة ذاتاً.
7 ـ أخا الزوج أو أخته، وإن صارت بذلك أماً لأخي زوجها أو أخته.
8 ـ ولد إبن الزوج، وإن صارت بذلك أماً لولد إبنه.
9 ـ ولد بنت الزوج، وإن صارت بذلك أماً لولد بنته.
10 ـ ولد أخت زوجها، وإن صارت بذلك أماً لولد أخته، وأما لو أرضعت ولد أخي زوجها فلا تحرم عليه بلا إشكال؛ لأنها تصبح أماً لولد أخيه فتكون بمنزلة زوجة أخيه، وزوجة الأخ غير محرمة على الزوج ذاتاً.
11 ـ عم الزوج أو عمته، وإن صارت بذلك أم عم الزوج أو عمته.
12 ـ خال الزوج أو خالته، وإن صارت بذلك أم خال الزوج أو أم خالته.